راج أن تلك الوثيقة قد عُلقت في أحد شبابيك اقتطاع التذاكر في محطة سيارات الأجرة بباب عليوة بالعاصمة، تثبت موقع نواة من عدم صحة وجودها في المحطة المذكورة، الّتي تخضع إلى شركة الامتياز للخدمات لا شركة التجديد. كما توصل موقع نواة إلى أن الوثيقة التي تدعو إلى الامتناع عن اقتطاع تذاكر للمهاجرين غير النظاميين، عُلقت في محطة سيارات الأجرة بالقصرين التي تشرف عليها شركة التجديد للخدمات صاحبة الختم الموجود على تلك الوثيقة.
يقول هيثم وهو سائق سيارة أجرة في خط القصرين-تونس في تصريح لموقع نواة إنه شاهد تلك الوثيقة معلقة في محطة القصرين وأنه تمت إزالتها. فيما نفى وكيل شركة التجديد للخدمات بالقصرين في تصريح لنواة صحة تلك الوثيقة قائلا إنّ الوثيقة مدلّسة وإن البعض حوّر مضمونها من الدعوة إلى إلزام المسافرين بارتداء كمامة في فترة انتشار كوفيد إلى نص مزيف يدعو أصحاب سيارات الأجرة إلى منع الأفارقة. مضيفا:
نحن شركة خدمات مهمتها الإشراف على المحطة ولا دخل لنا في المسافرين. صحيح أن هناك وفودا كثيرة من الأفارقة تصل إلى القصرين بحكم أنها منطقة حدودية، لكن لا أحد يمنعهم من الصعود على متن سيارات الأجرة إلا في صورة عدم اقتطاع تذاكر السفر .
أما عدنان علوش، رئيس الغرفة الوطنية لأصحاب سيارات الأجرة التابعة للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، فقد قال في تصريح لموقع نواة إنه لا علم له بقرار الامتناع عن اقتطاع التذاكر للأفارقة من جنوب الصحراء وإن أصحاب سيارات الأجرة لا دخل لهم في أي جدل سياسي، مؤكّدًا أنّ ”كل المسافرين سواسية بالنسبة إلينا ولا شأن لنا بأي جدل خارج نطاق مهنتنا“.
التقى موقع نواة بعدد من سائقي الأجرة بمحطة المنصف باي. تحدث إلينا أحد المسؤولين بالمحطة عن تفاصيل تلك الوثيقة التي أثارت جدلا، قائلا إنه استفسر بطلب من اتحاد الأعراف عن صحة وجودها في محطة باب عليوة التي تشرف عليها شركة الامتياز للخدمات، فتبين أنها وُضعت بشباك اقتطاع التذاكر في محطة القصرين التي تشرف عليها شركة التجديد للخدمات. ويضيف :
أصل القضية هي أن الشرطة طلبت من أصحاب سيارات الأجرة عدم نقل الأفارقة قبل التثبت من جوازات سفرهم لكنهم لم يستجيبوا لتلك التعليمات فحُجزت سيّارتا أجرة في مستودع الحجز وأُجبر وكيل شركة التجديد على توقيع التزام بتطبيق التعليمات، ووسط ذلك الخوف قام بتعليق تلك الوثيقة داخل شباك اقتطاع التذاكر.
يجمع أصحاب سيارات الأجرة في محطتي باب عليوة والمنصف باي على رواية واحدة وهي قيام الشرطة بحملة تستهدفهم بسبب وجود ركاب أفارقة من جنوب الصحراء. يقول فوزي العلوي، رئيس الجامعة الوطنية للنقل العمومي غير المنظم، في تصريح لنواة، إن حملة أمنية بدأت منذ أواخر الصيف الماضي، مضيفا: ”هناك حملات أمنية كثيفة تستهدف سيارات الأجرة. في الطريق، أصبح هناك خوف لدى السواق من الخطايا والعقوبات ومن تعطيل عملهم“. ويقول صاحب سيارة أجرة بخط تونس نابل إنه أصبح يمتنع عن حمل ركاب أفارقة وذلك بسبب خوفه من تعرّضه للإيقاف، مفسّرًا:
في السابق لم يكن لديّ مانع من نقلهم. أما الآن فأفضّل عدم السماح لهم بالصعود وأنصحهم بامتطاء الحافلة لأنها أكثر أمانا بالنسبة إليهم. سيارات الأجرة أكثر عرضة للتفتيش. أحد زملائي كان يحمل أفارقة وأوقفه الأمن في الطريق السيارة وبقي قرابة ساعة ونصف في الانتظار قبل السماح له بمواصلة الطريق. خياري بمنعهم ليس من منطلق عنصري بل بالعكس هو تجنب لأي مشكل. منذ أيام، نقص عددهم وتقريبا لم يعد لهم وجود في المحطة كما في السابق.
يروي هشام وهو سائق أجرة بخط سوسة القصرين لنواة قصة اعتقاله مدة أسبوع بسبب نقله مسافرين أفارقة، ويقول: ”منذ قرابة أربعة أشهر، حملت أفارقة من محطة القصرين نحو سوسة غير أنه تم إيقافي من قبل قوات الشرطة مدة أسبوع واحتجزت سيارتي مدة 12يوما ثم أطلق سراحي ومازالت القضية جارية حيث وُجهت لي تهمة تكوين وفاق إجرامي من أجل المساعدة على اجتياز الحدود خلسة رغم أنني استظهرت بالتذاكر الذي اقتطعها المسافرون الأفارقة من محطة القصرين“.
هذه الحادثة أكّد تكررها صالح (اسم مستعار) وهو سائق أجرة بخط تونس-القصرين، حيث يروي لنواة أن عشر سيارات أجرة على الأقل احتُجزت في مستودعات الحجز البلدي بعد أن أوقف أعوان الشرطة سواقها في الطريق وذلك بسبب نقلهم أفارقة، مضيفا: ”هناك تضييق على سائقي سيارات الأجرة ”لواج“ في القصرين من أجل إجبارهم على عدم نقل أفارقة في سياراتهم، في السابق لم يكن هناك مشكل لكن منذ أسبوع أو أكثر أصبح سائقو سيارات الأجرة عرضة للتضييقات الأمنية ويحتمل أن يكونوا عرضة للملاحقة القضائية بتهمة المساعدة على اجتياز الحدود خلسة. ليس من دورنا التثبت في وثائق هويات المسافرين فتلك من مهام الشرطة. أما سائق سيارة الأجرة فلا يجمعه بالمسافر سوى التذكرة التي يقتطعها“.
ينفي فاكر بوزغاية، المسؤول عن مكتب الاتصال بوزارة الداخلية، وجود تعليمات لأصحاب سيارات الأجرة بعدم نقل الأفارقة من جنوب الصحراء ويقول في تصريح لموقع نواة : ”لم تطلب وزارة الداخلية من سائقي سيارات الأجرة عدم نقل الأفارقة. الوزارة تلتزم بمعاملتهم طبقا لمقتضيات القوانين الدولية والمحلية وهي قوانين تطبق على الجميع وعلى القدر نفسه من المساواة باستثناء من تعلقت بهم مخالفة قانونية أو جريمة. يمكن أن تستوقف دوريات الشرطة سيارات الأجرة وأن تتثبت من امتلاك المسافرين الأفارقة وثائق قانونية لإقامتهم في تونس وإذا ثبت أنهم مهاجرون غير نظاميين يُفتح بحث لمعرفة ما إذا كان صاحب سيارة الأجرة متورطا في تهريبهم عبر الحدود أو لا، بغض النظر عن الاستظهار بتذاكر السفر التي تثبت نقلهم من المحطة، والقضاء هو الكفيل بتبرئتهم أو اتهامهم بالمشاركة لا الشرطة“.
تكاد تخلو محطّتا النقل البري المنصف باي وباب عليوة من المسافرين الأفارقة الذين اعتاد سائقو سيارات الأجرة رؤية عدد كبير منهم، بعد أن كانت صفاقس ونابل من أكثر الوجهات التي يرتادونها، في الوقت الذي اختار عدد كبير منهم وجهة أخرى وهي مطار تونس قرطاج لركوب طائرات تنتظر إجلاءهم، هربا من الأحياء التي طردتهم وسيارات الشرطة التي حملت المئات منهم إلى المحاكم ومراكز الإيواء في انتظار تحديد مصيرهم.
iThere are no comments
Add yours