تعكس ملامح  وجوه عاملات النظافة هناك، الإرهاق والتعب ترسمها كل صباح رحلة طويلة وشاقة يخضنها للوصول  إلى مقر العمل في الوقت المحدد، حيث يبدأ دوامهن من الساعة السابعة صباحا وينتهي على الساعة الثالثة مساء، وتلتزم كل واحدة فيهن بالإمضاء في ورقة الحضور عند الدخول والخروج ، إلا أن بعض الدقائق من التأخير قد تعصف بأجرة إحداهن اليومية، في حال تخلّفت عن موعد وسيلة النقل التي اعتادت انتظارها صباحا، أو تأخرت الحافلة دون سابق إنذار.

 تعمل مجموعة عاملات النظافة ضمن عقود مناولة، وهو ما يعني وضعية مهنية هشة وأجورا أقل من أجور زميلاتهن المنتدبات من قبل صندوق الضمان الاجتماعي رغم أنهن يقضين ساعات عمل متساوية.

عدالة غير مضمونة

على امتداد سنوات، لم تنقطع أصوات المهمشين في تونس للمطالبة بتحقيق العدالة الاجتماعية وتسوية ملفات وضعت في رفوف مكاتب المسؤولين لسنوات والتي كان من بينها ملف عمال المناولة في القطاع العام. ورغم منع العمل بهذا الإجراء منذ سنة 2011 في اتفاق وصف بالإنجاز الثوري بعد سقوط نظام بن علي،  إلا أنه تواصل العمل ضمن هذا الإجراء في التعاقد، خصوصا مع عاملات النظافة، في كل الفترات التي أعقبت إلغاءه، بما في ذلك حقبة حكم قيس سعيد المصر على القطع النهائي مع عقود الرق المقنّع، ليواصل المسؤولون في المؤسسات العمومية إبرام هذه الصفقات وعدم الاكتراث بالتعهدات السابقة.

بنظرات استغراب وابتسامة خفيفة، تستقبل مجموعة عاملات النظافة في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي،أسئلة  نواة  وتُجبن بجمل مقتضية تكاد لا تسمع خوفا من الوشاية بهن.

لا يتشابه حال صاحبات الميدعات البيضاء العاملات في مكاتب الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي،  ولا تتطابق قصة إحداهن مع الأخرى، فبين قصة من تشعر بالرضا عن عملها السهل وافتخارها بما حققته من إنجازات مالية، و قصة عاملة أخرى تواجه صعوبة التصرف في دخل شهري لا يكفي لتغطية حاجياتها البسيطة لأيام قليلة، تتجلّى ثنائية متضادة، وهي العمل ضمن عقد المناولة وعقد الإنتداب.

اختارت العاملات اللواتي تحدثت معهن نواة عدم كشف هوياتهن، وإخفاء كل التفاصيل التي من شأنها أن تضعهن تحت طائل  المسائلة أو أن تجعلهن عرضة للطرد التعسفي من قبل الشركة المشغلة المتعاقدة مع الصندوق ووزارة الشؤون الاجتماعية.

تعمل  فاطمة -اسم مستعار-  منذ ما يزيد عن سنة في أحد مكاتب الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، عبر شركة مناولة لا تعرف اسمها أو مقرها أو صاحبها، كما أنها لم تزر الشركة أو تتواصل معها منذ إلتحاقها بالعمل في صندوق الضمان الاجتماعي. علمت فاطمة  بوجود وظيفة عن طريق امرأة تقطن بحيّها، واكتفت بتقديم نسخة من بطاقة تعريفها الوطنية فقط لتقدمها جارتها بدورها لشخص آخر يتولى التواصل مع شركة المناولة. تقول فاطمة:

يصل أعلى  أجر تحصلت عليه كعاملة نظافة بعقد مناولة في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، إلى 400 دينار تقريبا، أي بأجرة يومية لا تتجاوز 15دينارا، علما  أنني أم لثلاثة أبناء يزاولون دراستهم.

تتشابه قصة حصول فاطمة على الوظيفة مع قصص زميلاتها العاملات معها في المكتب ذاته، فجميعهن لا يملكن معلومات عن شركة المناولة التي قامت بتوظيفهن، كما أن تواصلهن مع الشركة يكون عبر شخص بدا كما لو أنه حلقة وصل بينهن وبين الشركة، حيث يقوم بزيارة تفقدية من وقت إلى آخر ليراقب التزامهن بالحضور بهذه المكاتب وذلك بمراجعة دفتر الحضور وتقارير المسؤول التابع للصندوق.

ترتدي عاملات النظافة بمكتب الضمان الاجتماعي ميدعات بيضاء كُتب عليها عبارة SPS وهي التي تميّزهن عن بقية عاملات النظافة المنتدبات عن طريق عقود عمل مباشرة مع صندوق الضمان الاجتماعي، وتحيل تلك الحروف إلى شركة PEGAS التي تقدم نفسها، وفق موقعها الرسمي، على أنها شركة تنظيف و تعقيم، وهي الشركة المتعاقدة مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لتوفير عاملات نظافة في عدد كبير من مكاتبه.

مصالح مالية لتبرير الحقوق المهضومة

رغم تعاقب الاتفاقيات والقرارات الصادرة عن الجهات الرسمية منذ سنة 2011 والتي كان من بينها اتفاقيات 22 أفريل 2011  و 2 نوفمبر 2013، إلا أن المؤسسات العمومية واصلت إبرام عقود مع شركات المناولة، على غرار الصندوق الوطني للتأمين على المرض و ديوان التطهير و شركة السكك الحديدية وغيرها، وفق البيانات المتوفرة على الموقع الرسمي للشركة، والتي تنشرها كإنجازات تسويقية لها.

تواصلت نواة  مع وسام محمد، وهو صاحب الشركة المشغلة، ولا ينكر محدث نواة توظيف عاملات نظافة في مكاتب الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي قائلا إن الشركة  لا تخالف القانون في أي جزء من تفاصيله وأنها  تبرم صفقات قانونية مع المؤسسة أو غيرها بطلب منها. يقول مؤسس الشركة لنواة ”أنا لا أعرض عليهم خدماتي، الوزارة هي من تبحث عنا لتوفير اليد العاملة في مجال التنظيف ونحن نقوم بواجبنا فقط. في النهاية هذا عملنا“ ويضيف في نفس السياق أن شركته هي الأفضل على الإطلاق من ناحية الأجور و ضمان حقوق العملة التابعين لها بمختلف وظائفهم دون استغلال أو تمييز، وفق قوله.

تحصلت نواة على نسخ و أمثلة من بطاقات أجور عدد من عاملات النظافة لدى الشركة المذكورة، يبرز في إحداها أجرة إحدى العاملات التي لم تتجاوز  304 دينارا كأجر شهري لفترة عمل  بلغت 119 ساعة.

يقول صاحب الشركة إن أجر هذه العاملة يعتبر أجرا مرتفعا، حيث توفّر الشركة  مبالغ و تحفيزات إضافية تتمثل أساسا في ”مكافأة خاصة“  تقدر ب 25 دينارا ومكافأة نُقدّرب 1400 مليم وهي ”مكافأة حضور“ و 24 دينارا منحة للنقل، ويضيف أنّ أجر هذه العاملة متدنّ لأنها لم تشتغل كل الساعات المطلوبة لكي تتحصل على راتبها الكامل الذي قد يصل  إلى 400 دينار تقريبا وفق قوله، مؤكّدا أن الاتفاقية مع الصندوق تجعله أمام حتمية توفير هذه الرواتب أو أقل منها في بعض الأحيان للحفاظ على  التوازنات المالية لشركته وهو ما يضمن لها تحقيق بعض المرابيح مقارنة بما يقدمه له الصندوق  على كل عقد عمل.

 في المقابل يرفض وسام محمد رفضا قطعيا الإجابة عن أي سؤال يتعلق بمداخيله وأرباحه من هذه الصفقة معللا الأمر بالتدخل في شؤونه الخاصة والذي لا يندرج ضمن العمل الصحفي، حسب قوله، حتى لو تعلق الأمر بالصفقات العمومية و المال العام، مرددا نفس الإجابة عند طرح سؤال بخصوص مرابيحه  المادية على كل عقد عمل ”إسألوا الوزارة أو مدير الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي  هم من يجيبونكم .. أنا لن أقدم أية تفاصيل تخصّ مرابيحي”، ويؤكّد أنه يحقق هامشا صغيرا جدّا من الربح مقارنة بما يجنيه من العمل مع المؤسسات الخاصة والأجنبية، ويرجع ذلك إلى أن مؤسسات الدولة تقدّم مبالغ صغيرة في هذه الصفقات، حيث  يكون فيها الأجر الأدنى المحدد قانونا، معيارا لإبرامها.

حُدّد الأجر الأدنى للعمال غير الفلاحيين في تونس ب417,558 دينارا لنظام العمل ب 40 ساعة أسبوعيا إنطلاقا من يوم 1 أوت 2024، في المقابل تتقاضى عاملات النظافة ممن أسعفهن الحظ للحصول على عمل  بعقود مباشرة مع صندوق الضمان الاجتماعي، أجورا لا تقل على 1000د و ترتفع حسب سنوات العمل و التي قد تصل إلى 1600د وفق معلومات من إحدى الموظفات بالصندوق المسؤولة عن عاملات النظافة.

عقود مبهمة وغياب الحماية

تحصلت نواة على وثيقة صادرة عن الرئيس المدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي متعلقة ببعض تفاصيل إبرام الصفقة مع الشركة المشغلة لعاملات النظافة وأعوان الحراسة، التي تستوجب أساسا توفير عاملات وعمال متخصصين و حاصلين على شهادات و مستوى علمي يخول لهم القيام بالمهمات الموكولة إليهم بشكل جيد، إلا أن جميع  العاملات التي تحدثت معهن نواة،  يؤكدن عدم حصولهن على أي تكوين في هذا المجال، بل إن عددا منهن لم يزاولن التعليم أو انقطعن عن الدراسة في سن مبكرة، إضافة إلى ذلك، لا تطلب الشركة من عاملات النظافة توفير أي شهادة علمية أو شهادة تكوين في الغرض، وهو ما يتعارض مع مقتضيات العقد و تعهدات الشركة.

تفيد شهادات كل العاملات أنهن  قدمن فقط نسخة من  بطاقة التعريف الوطنية أثناء فترة التوظيف، من جهة أخرى تجهل جميعهن حقوقهن التي ينص عليها  العقد المبرم  مع الشركة. وتتقاطع شهادات العاملات في حديثهن لنواة بالقول إن المراقب التابع للشركة في المكتب الذي يعملن فيه، لا يقدّم لهن عقود الشغل في وقتها المحدد في غياب لأي تفاوض بخصوص تفاصيل العقود المحددة بشهرين، بل إنهن يقضين في بعض الأحيان أكثر من شهر ونصف في العمل دون عقود وتقوم الشركة بتجديدها يومين أو ثلاث فقط قبل انتهائها دون معرفة سبب ذلك التأخير.

 تقول  فاطمة إنها لا تعلم كيف تدافع عن نفسها أمام التجاوزات التي تقوم بها الشركة ولا تجد أي طرف نقابي للدفاع عن حقوقها نيابة عنها، ووصل بها الأمر في بعض الأحيان إلى عدم الإكتراث بهذه التفاصيل التي قد تبدو غير مهمة مقارنة بمشاغلها اليومية وهاجس ضمان دخل قار يوفر لقمة العيش لها و لأبنائها، وتضيف فاطمة ”نحن لا نملك مكانا للأكل أو لتغيير ملابسنا، فلولا تعاون موظفة في المكتب، التي تفتح لنا مكتبها للأكل وتغيير ملابسنا ووضع أغراضنا الخاصة فيه، كنا سنضطر للقيام بكل ذلك في البهو أو في سلم المكتب، وهو أمر يمكن أن يحدث مع زميلاتنا في مكاتب أخرى“.

لا تنتهي مشاكل النساء العاملات في مكتب الصندوق وفق حديثهن، في غياب أية حماية لهن أو في ظل غياب ظروف عمل لائقة أو غطاء نقابي يكفل لهن ضمان أبسط حقوقهن بدءا  بحوادث الشغل وصولا إلى  توفير حماية قانونية لهن أمام ما قد يتعرضن له في فترة العمل من استغلال وتشغيل هش أو إهانة أو تحرش جنسي يكاد لا ينقطع يوميا خاصة لصغيرات السن.

صفقات تحت الطاولة

على الموقع الرسمي للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، خصص ركن لنشر الصفقات الخاصة به تكريسا لثقافة النفاذ إلى المعلومة،  إلا أنه لا وجود لأية إشارة إلى صفقات مع شركات المناولة التي توفر عاملات نظافة وأعوان حراسة، كما لا تتوفر أي معلومات حول هذه الصفقات في موقع الصفقات العمومية، خاصة منها الصفقة عدد 05/ 2023 التي أشارت إليها المراسلة الداخلية الصادرة عن مدير عام الصندوق، وهي خطوة يمكن تفسيرها بنية التعتيم الممنهج من قبل مؤسسات الدولة عبر إخفاء هذه الصفقات التي تكاد تكون ”سرية للغاية“ و لا تخرج للعلن.

 تواصلت نواة مع مكتب الإعلام و الاتصال التابع للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي للحصول على  معلومات في هذا الشأن ولتوضيح ما ورد على لسان العاملات وصاحب الشركة المشغلة لهن، إلا أنه  تملص من المسؤولية بحجة أن هذا الأمر يخص وزارة الشؤون الاجتماعية التي تعتبر مرجع نظر الصناديق الاجتماعية وهي الوحيدة التي لها الحق في الإجابة و توضيح مثل هذه الملفات.

في إطار ضمان حق الرد و تحميل المسؤوليات واصلنا رحلة البحث عن رد من يمثل ”الدولة“  في هذا الموضوع أملا في تقديم معطيات أو تفاصيل توضح وضعية العاملات في مؤسسة حكومية بموجب عقد مناولة،  إلا أن الأبواب الموصدة كانت السياسة المنتهجة من قبل مكاتب وزارة الشؤون الاجتماعية رغم  التواصل معها بشكل يومي على امتداد أسبوع عبر المراسلات والاتصالات الهاتفية الموثّقة، أملا في الحصول على معلومة أو تصريح صحفي ليأتي الرد من قبل أحد موظفي مكتب الإعلام فيها قائلا ”لا داعي للانتظار، لن تتحصل على إجابة واصل عملك و قم بنشره“، ما يبرز تهرب الوزارة و صناديقها الاجتماعية من الإجابة وتوضيح ما تقترفه من تجاوز للقانون ومخالفة  للاتفاقيات والمراسيم الصادرة عنها والتي تتعهد فيها بحماية ”المهمشين“ من الاستغلال، وهي اتفاقيات ممضاة مع اتحاد الشغل الذي مثل على امتداد سنوات  الطرف المفاوض في ملف عمال المناولة، إلا أن المنظمة الشغيلة ومنذ فترة، تعتمد سياسة مماثلة لوزارة الشؤون الاجتماعية والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، حيث يرفض قياداتها من الوجوه البارزة التي اعتادت الظهور مطولا في المنابر الإعلامية، الحديث والرد على الرسائل والاتصالات الهاتفية رغم المحاولات المتكررة والوساطات دون تقديم أي تبرير أو سبب لهذا الرفض الذي تنتهجه عادة الدولة لا منظمة نقابية.

قيس سعيد وحقوق عملة المناولة ..تجارة سياسية رابحة

كان ملف عمال المناولة في الصف الأول لكل من جلسوا على كرسي الحكم بعد الثورة، حيث تم استغلال ذلك الملف من أجل رفع  رصيدهم السياسي والانتخابي،  ففي الأشهر الأولى التي تلت الثورة، سارعت حكومة السبسي الانتقالية إلى إبرام اتفاقية منع عقود المناولة في المؤسسات العمومية سنة 2011 وسارت على نهجها حكومة الترويكا  لتكرر منع ما مُنع سابقا في 2014، كما لم يضيع رئيس الجمهورية قيس سعيد الفائز بولاية ثانية، مؤخرا الفرصة ليقدم تعليماته لرئيس حكومته بإعادة منع إبرام عقود المناولة في الوظيفة العمومية للمرة الثالثة خلال عقد من الزمن.

”إن المناولة هي نوع من أنواع العبودية و يجب أن تلغى في تونس“، كانت هذه كلمات قيس سعيد لإحدى النساء المتواجدات في حديقة ساحة باستور بالعاصمة بعد أن تحدثت بحرقة عن عملها تحت غطاء المناولة طيلة سنوات، كلمات تلك المرأة ومن معها من الذين تمكنوا من عبور حواجز الحرس المحيط بالرئيس، تعكس واقعا مريرا لآلاف العاملين في مؤسسات عمومية بعقود مع شركات مناولة تبرم صفقات رق كما يحلو لسعيد تسميتها مع مؤسسات الدولة الملتزمة على الورق بعدم الانخراط في هذا المسار.

كلمات الرئيس الأخيرة تكررت على امتداد سنوات من الحكم، فكانت بطاقة عملة المناولة والتشغيل الهش نقطة لا تفارق بلاغاته وخطبه المنشورة على صفحة الرئاسة قبل الموعد الانتخابي، فتارة يوصي بعمليات جرد للشركات المسؤولة عن هذا الملف وأخرى يعيب فيها على الدولة التي يسيّرها عدم تحمل مسؤوليتها في حماية العمال ومنع المناولة، وهي عبارات تدغدغ مشاعر المساندين و المتشبثين بأمل تحقيق العدالة الاجتماعية، لكنها تبقى حبيسة بلاغ رئاسي أو خطابات سعيد.

لم يكتف سعيد بترديد العبارات الاحتجاجية نصرة لمن يعتبرهم ضحايا العبودية والإتجار بالبشر، بل واصل في استغلال الملف مهاجما اتحاد الشغل الذي طالبه بالدفاع عن تلك الفئة قائلا ”المناولة بدعة و من المفروض أن يدافع النقابيون عنكم. أنا أتبنى مطالبكم للنهاية”  وذلك بعد أن أعلن في لقاء سابق برئيس الحكومة كمال المدوري خلال شهر جوان الماضي نيته تنقيح مجلة الشغل ”للقطع نهائيا للعمل بمناولة اليد العاملة وعقود الشغل المحدودة في الزمن وذلك تكريسا للدور الاجتماعي للدولة وتجسيدا لحق العمال في العمل في ظروف لائقة وبأجر عادل لأن الأحكام التي لازالت سارية المفعول ترتقي إلى مرتبة جرائم الاتجار بالبشر”، وفق ما جاء في بلاغ رئاسة الجمهورية.

قيس سعيد يتحدث إلى عاملة نظافة بالمناولة في ساحة باستور (المصدر صفحة رئاسة الجمهورية)

تواصلت نواة مع زينة جاب الله عضو مجلس النواب التي تحدثت مرات كثيرة عن ملف المناولة تحت قبة البرلمان،  وأكّدت جاب الله لنواة  وجود مبادرة تشريعية تحظى بدعم من عدد كبير من النواب جاهزة للطرح، إلا أنها أجلت تقديمها ”احتراما لشخص رئيس الجمهورية الذي وعد بتسوية الملف دون اللجوء إلى البرلمان” حسب قولها، وتضيف إن القانون قد يكون جاهزا نهاية السنة لينهي معاناة آلاف العاملين تحت غطاء المناولة في القطاع العام مثلما وعد الرئيس، كما أنه سيشمل العاملين أيضا في القطاع الخاص عبر تعديلات في قانون الشغل تهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية و القطع النهائي مع التشغيل الهش والاستغلال.

تؤكّد زينة جاب الله في حديثها لنواة أنه لا يمكن حاليا إنهاء العمل بنظام المناولة نهائيا أو إيقاف عمل هذه الشركات مباشرة، لأن ذلك قد يؤدي إلى إيقافهم عن العمل إلى  أن يتم حل ملفاتهم و إنتدابهم في المؤسسات العاملين بها، وتضيف أنها تثق في التزام  رئيس الجمهورية بوعوده في القريب العاجل،  وأنه إذا لم يتم طرح حلول لهذا المشكل فإنه سيتم الالتجاء إلى تقديم هذه المبادرة إلى  رئاسة المجلس وعرضها على التصويت تكريسا لدور المجلس التشريعي الحامي للعدالة الاجتماعية، حسب تعبيرها.

يقبع ملف المناولة منذ سنوات في رفوف مكاتب كل المسؤولين الذين تعاقبوا على الحكم، بما في ذلك الرئيس الحالي قيس سعيّد الذي يعتبر ذلك الملف تركة الحكومات السابقة، لكن  يبدو أن ذلك الملف لم يكن من أولويات سعيّد مقارنة بمشاريع تهيئة الساحات العامة والمحطات، رغم أن الرئيس وضع يده منذ أكثر من ثلاث سنوات على  كل السلطات، بما في ذلك السلطة التشريعية.