سنة من المحاكمات الجائرة وتوظيف القضاء لقمع المعارضة
ملف خاص
سنة من المحاكمات الجائرة وتوظيف القضاء لقمع المعارضة
Mahdi Jlassi

مهدي الجلاصي

لم تكن سنة 2025 سنة اعتيادية خاصة في مجال الحريات العامة وحرية العمل السياسي والمحاكمات السياسية، ورغم أن محاكمة السياسيين في قضية التآمر على أمن الدولة انطلقت منذ فيفري 2023 إلا أن أطوار المحاكمة استمرت لأكثر من سنتين قبل أن تصدر أحكام مشددة بالسجن في حق أبرز القيادات الحزبية والسياسية. لم تكن قضية التآمر هي الوحيدة فيما يتعلق بالقضايا السياسية، ويمكن القول إن هذا العام اتسم بتصفية المعارضة بمختلف توجهاتها الفكرية والسياسية عن طريق المحاكمات السياسية التي أثارت موجة من الانتقادات داخليا وخارجيا. ختاما لهذه السنة تقدم لكم نواة ملفا من مقالاتها وأعمالها الصحفية التي تكشف الحالة التي أصبح عليها القضاء ومرفق العدالة عموما في تونس

أصدرت الدائرة المتخصصة في قضايا الإرهاب بمحكمة الاستئناف بتونس العاصمة، موفى نوفمبر الماضي، أحكاما مشددة بالسجن فيما يعرف بقضية التآمر على أمن الدولة، تراوحت هذه الأحكام بين خمس سنوات وخمسة وأربعون سنة. كما تم بموجب هذه الأحكام إيقاف عدد من الشخصيات المُحالة بحالة سراح على غرار أحمد نجيب الشابي والعياشي الهمامي وشيماء عيسى.

اعتمد القضاء في مختلف القضايا السياسية على فصول في قانون مكافحة الإرهاب وغسيل الأموال، أبرزها الفصل 72 المتعلق بجريمة الاعتداء المقصود به تبديل هيئة الدولة، هو أحد الفصول التي اعتمدت عليها المحكمة لإصدار أحكامها في قضية التآمر وفي قضايا أخرى أبرزها قضية رئيسة الحزب الدستوري عبير موسي. وفي 26 نوفمبر الماضي أصدر القضاء حكما بالسجن لمدة 19 سنة في حق المنذر الزنايدي بتهم تكوين وفاق ارهابي والتحريض على الانضمام إليه والتآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي والاعتداء المقصود منه تغيير هيئة الدولة وحمل السكان على مهاجمة بعضهم بعضا وإثارة الهرج بالتراب التونسي.

هذه الأحكام الخيالية لم تكن حكرا على الشخصيات السياسية البارزة والمعارضة لنظام قيس سعيد، فقد صُدم الرأي العام المحلي والعالمي بحكم بالإعدام الصادر عن المحكمة الابتدائية بنابل في حق المواطن صابر شوشان على خلفية إعادة نشره تدوينات على فيسبوك. هذا الحكم بالإعدام جاء بعد اتهامه بنشر أخبار زائفة تستهدف موظفاً عموميا وإتيان أمر موحش تجاه رئيس الجمهورية، والاعتداء المقصود به تبديل هيئة الدولة، وتم الإفراج عنه بطريقة غريبة اعتبرها المحامون المتابعون للقضية سابقة في تاريخ المحاكم، وذلك قبل انقضاء آجال الاستئناف في إطار عفو خاص تجنبا للانتقادات الواسعة التي طالت النظام في الداخل والخارج.. لقد كان الأمر صادما للجميع، أي أن صابر شوشان مثل أمام باحث البداية الذي باشر في حقه التحقيقات بناء على إذن من النيابة العمومية ثم أمام قاضي التحقيق ودائرة الاتهام وجلسة المحكمة، وفي جميع مراحل التقاضي واجه تهمة تصل عقوبتها الإعدام رغم أن “جريمته” الوحيدة هي إعادة نشر تدوينات.

لم يقتصر التعسف على إصدار أحكام قاسية في قضايا سياسية وقضايا رأي أغلب ملفاتها لا ترتكز على قرائن مادية تثبت أي جرم، بل على عبارات فضفاضة لا تدين المتهمين في شيء. تعسف ضرب أدنى مقومات المحاكمة العادية، ولا نقول المحاكمة العادلة لأننا بعيدون عن ذلك كثيرا. فغالبية القضايا السياسية تمت دون حضور المتهمين في قاعة المحكمة عبر محاكمات عن بعد لا مبرر لها سوى حرمان المتهمين من حقهم الطبيعي والبديهي في الحضور في قاعة الجلسة، صدرت الاحكام في قضية التآمر مثلا ابتدائيا واستئنافيا دون مرافعات الدفاع ودون مكافحة الشهود. وهو نفس المبدأ الذي طبقته المحكمة في جلسة أحمد صواب الذي حوكم بالسجن خمس سنوات في محاكمة دامت سبع دقائق!! دون مرافعات ودون حضور المتهم، ذلك المتهم الذي يحاكم بتكوين وفاق إرهابي بمفرده، دون وجود متهمين آخرين يكونون هذا الوفاق.

لقد كانت القضايا السياسية والكيدية سيفا مسلطا على المجتمع بهدف فرض مناخ من الخوف والترهيب، جعلت من انتقاد السلطة أو رئيس الجمهورية جرما يعاقب عليه القانون ويعرض مرتكبه إلى احكام سجنية مشددة وأحيانا خيالية.

فيما يلي مجموعة من الاعمال الصحفية التي انجزتها نواة على امتداد السنة والتي تكشف الحالة التي اصبح عليها القضاء ومرفق العدالة عموما في تونس.

المقالات:


أحمد صواب يتحدى سجّانيه ويرفض المحاكمة عن بعد
– 30 سبتمبر 2025 –

بعد مرور 163 يوما على إيقاف المحامي أحمد صواب، لم تُعين جلسة لمحاكمته رغم صدور قرار ختم البحث في قضيته منذ 2 جويلية 2025 وتوجيه تهم وفق قانون مكافحة الإرهاب ومجلة الاتصالات والمرسوم 54. وتعبر هيئة الدفاع عن صواب عن مخاوفها من أن عدم تعيين الجلسة هو تنكيل متعمد بمنوبها، خاصة مع توجه بعقد المحاكمة عن بعد باعتبارها قضية ذات صبغة ارهابية حسب مراسلة وجهتها وزارة العدل لفرع المحامين بتونس، وهو ما يرفضه أحمد صواب ويرفضه لسان الدفاع تمسكا بمبدأ المحاكمة الحضورية والعلنية.


أحكام قضية التآمر هدفها ضرب المعارضة، حوار مع الأستاذة هيفاء الشابي
– 28 أفريل 2025 –

بعد صدور الأحكام الابتدائية في قضية التآمر على أمن الدولة الدولة، عبرت عديد الأطراف الحقوقية والسياسية ومن هيئات المحامين عن إدانتها للأحكام المشددة التي تراوحت بين 4 سنوات و 74 سنة، واستنكرت التعاطي القضائي من عقد جلسة المحاكمة عن بعد وعدم جلب المتهمين الموقوفين في القضية ومنع الصحافة من مواكبة الجلسة الأخيرة، بالإضافة إلى المرور إلى المفاوضة والتصريح بالحكم دون استنطاق ومرافعات في الأصل ومكافحة الشهود. في هذا السياق التقت نواة الاستاذة هيفاء الشابي عضوة هيئة الدفاع عن الموقوفين في ما يعرف بقضية التآمر.


Inscrivez-vous

à notre newsletter

pour ne rien rater de nawaat

iThere are no comments

Add yours

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *