rtci-censure-cfe-noir

إلي السيّدات والسادة أعضاء الهيئة العليا المستقلّة للاتصال السمعيّ البصريّ

الموضوع: تقرير حول صنصرة وإيقاف صحفية بإذاعة تونس الدولية على خلفية تدخّل في المضمون.

السيدات والسادة،

إنّي الممضية أسفله نادية الهدّواي …. أقدم في هذا التقرير عرضا موجزا لما تعرضت إليه منذ يوم 06 جويلية 2012، من منع غير مبرر لأداء واجبي المهني كصحفية بإذاعة تونس الدولية بطريقة أعتبرها غير قانونية وتعسفية وذلك بعد مضايقات تتّصل بحريّة العمل الصحفيّ وأخلاقيّات المهنة.

وقد دخلت الإذاعة في شهر ماي من سنة 2011 إثر اختبار أمام لجنة تركبت من السادة مدير إذاعة تونس الدولية ورؤساء التحرير بالإذاعات الوطنية. وقد تم بعد ذلك إلحاقي بإذاعة تونس الدولية مع مجموعة من الزملاء في إطار تسوية وضعية صحفيي دار العمل (جريدتي الحرية ولورونوفو) الناطقتين باسم التجمع المنحلّ في إطار مساع قامت بها نقابة الصحفيين واتفاقات أبرمتها مع الوزارة الأولي ووزارة أملاك الدولة لإدماج العاملين في الصحف الحزبية مثلما تمت تسوية وضعية العاملين في وزارة الإعلام سابقا ووكالة الاتصال الخارجي.

وقد تم قبولي كصحفية بإذاعة تونس الدولية. وبعد شهرين من التربّص في قسم الأخبار، وبإيعاز من السيد الحبيب بلعيد المدير العام للإذاعات، كلّفني السيد عصام المرزوقي مدير إذاعة تونس الدوليّة آنذاك، بإعداد تصور لبرنامج إخباري صباحي أسميته “كافي نوار” ِسرعان ما وافق عليه وشرعت في إنجازه، منذ شهر جويلية 2011، بنجاح يشهد عليه السادة المديرون ومستمعو البرنامج. ولكن عند

تعيين السيّد محمّد المؤدّب مديرا عاما للإذاعات الذي عيّن بدوره السيّدة دنيا الشاوش مديرة لإذاعة تونس الدوليّة برزت سلسلة من المشاكل التي أدّت إلى صنصرة البرنامج المذكور وطردي تعسّفيا دون احترام أيّ إجراء إداريّ.

فيوم 25 جوان 2012 كان الفنان بندير مان ( بيرم الكيلاني) ضيفا على برنامج ” كافي نوار” فسخر، في بداية الحصّة، من نيّة إدارة إذاعة تونس الدوليّة تغيير عنواني برنامجي وبرنامج الزميلة نجوى زهير ” شكولا شو” في رمضان. وكان قد قرأ على صفحات الفايسبوك ما نشرته الزميلة من احتجاج على ذلك. فقد سبق للسيّدة المديرة في اجتماع مضيّق بحضور السيّد المدير العام ورئيسة تحرير قسم الأخبار بالفرنسيّة سنية العطّار، دعيت إليه صحبة زميلتي نجوى زهير، أن أعلنت تغيير عنواني البرنامجين بتعلّة أنّ شهر الصيام على الأبواب ومثل هذه العناوين قد يثير شهيّة الصّائمين.؟!

ولكنّ المفاجأة تمثّلت في اقتحام السيّدة مديرة إذاعة تونس الدوليّة، يوم 25 جوان 2012 الأستوديو لتكذّب على المباشر المعلومة التي أوردها بنديرمان. ولم يخل تدخّلها من حدّة وتشنّج واجههما الضيف بكثير من السخرية كعادته. وأسجّل هنا أنني وجدت نفسي في مأزق أخلاقي فلم أجرؤ على تكذيب المديرة ( وقد كانت بالفعل تكذب) ولم أطلب منها مغادرة الأستوديو رغم اقترافها لخطإ يمسّ من أخلاقيّات المهنة.

والخلاصة أنّ السيّدة المديرة اعتدت، على المباشر وأمام الضيف وعلى مسمع من الجميع، اعتداء واضحا على صحفيّ أثناء أدائه لمهمّته. ومن الطبيعيّ أن يكون للسيّدة المديرة رأي أو نقد أو لوم أو غير ذلك ولكن لهذا كلّه إجراءاته وأساليبه ووسائله القانونيّة والمهنيّة.

بيد أنّها استغلّت موقعها الإداريّ لتقترف تبعا لذلك خطأين آخرين لا يقلاّن خطورة. فبعد أن فهمت أنّها أساءت استخدام سلطتها بالاعتداء عليّ وعلى ضيفي قامت بصنصرة ” البودكست ” وإعطاء التعليمات بمنع نشره في بوّابة الإذاعة في الركن المخصّص لتسجيلات ” كافي نوار”. وقد راسلت السيّد المدير العام في الأمر عبر التسلسل الإداري (أي بالمرور بالسيّدة المديرة ) ولم أتلقّ ردّا. فبالعودة إلى التسجيل الممنوع الذي تسلّمت نقابة الصحفيّين نسخة منه يمكن تحديد المسؤوليّات والأخطاء: أهي الصحفيّة التي لم تكذّب مديرتها على المباشر ولم تطلب منها مغادرة الأستوديو أم بنديرمان الذي يسخر من كلّ شيء وانطلق من معلومة صحيحة كذّبتها المديرة على غير وجه حقّ أم المديرة الموكول إليها حماية حرّيّة التعبير والحفاظ على فصل الإدارة عن التحرير؟

وإمعانا في التشفّي منّى ومن البرنامج الذي بدأ يلقى صدى لدى المستمعين قامت جهة مّا مجهولة ( من الواضح أنّها تخضع لتعليمات الإدارة) بفسخ الحساب الشخصيّ لنادية الهدّاوي من المنظومة التقنيّة ” ناتيا” التي تخزّن فيها الأغاني والتسجيلات التي يختارها الصحفيّ أو المنشّط لحصّته.وقد اكتشفت ذلك أمام ضيفي في حصّة يوم 29 جوان 2012 القاضي مختار اليحياوي وكان الحوار حول ” الهيئة الوقتيّة لحماية المعطيات الشخصيّة”. فراسلت السيّد المدير العام عبر التسلسل الإداريّ مرّة أخرى ولم أتلقّ كذلك ردّا.

وإضافة إلى الأخطاء الثلاثة المرتكبة في حقّ البرنامج ومعدّته أضافت السيّدة المديرة خطأ رابعا يخالف ضرورة الفصل بين الإدارة والتحرير، وهو ما ينصّ عليه المرسوم 115.

فقد قامت السيّدة المديرة بتغيير عنوان الحصّة من ” كافي نوار” إلى ” ضيف الأخبار” دون استشارتي ودون إعلامي مسبقا إذ اكتشفت العنوان الجديد مع المستمعين في بداية حصّة يوم 02 جويلية 2012 وكان الضيف فيها السيّد عزيز كريشان الوزير المستشار لدى السيّد رئيس الجمهوريّة المؤقّت.

وفي يوم 06 جويلية 2012، على الساعة الثامنة صباحا أي قبيل بداية البرنامج بنصف ساعة وكنت برفقة ضيفتي لذلك اليوم السيّدة نزيهة رجيبة شهرت “أمّ زياد”، فوجئت بمنعي من دخول المؤسّسة للقيام بواجبي المهنيّ بتعليمات من السّيد مدير الإذاعات على حدّ ما أعلمني به الحاجب في مدخل مقرّ الإذاعة الوطنية وكانت “أمّ زياد” شاهدة على ذلك. مع الإشارة إلى أنّني لم أتلقّ أيّ إشعار ولا أيّ استجواب ولم أُدع إلى أيّ تحقيق أو مساءلة في خصوص أيّ موضوع.

وإذا سلمنا بأنّ قرار إيقافي عن العمل يعود إلى ما تلفّظ به بندرمان في حصّة يوم 25 جوان 2012 وأنّ المسألة تتعلّق بإجراء تحقيق، فإنّ الغريب هو أنّني استقبلت بعد تلك الحصّة السّادة عزيز كريشان مستشار رئيس الجمهورية ومختار اليحياوي بصفته رئيس اللّجنة الوطنية لحماية المعطيات الشّخصية والسيّد خالد عبد الجواد عضو اللّجنة المركزية للمسار والدكتور رياض دغفوس المسؤول في الصيدليّة المركزيّة. مع العلم أنّ هؤلاء الضيوف جميعا لم يدخلوا مقرّ الإذاعة إلاّ بعد موافقة السيّدة المديرة وإمضائها على الترخيص بدخولهم. فاعتبرت منعي من دخول المؤسّسة أمرا خطيرا يمسّ من كرامتي أمام ضيفي ومن حقّي الطبيعيّ في العمل وهو ما عاينه وسجّله عدل منفّذ.

لقد حُرمت من العمل بطريقة مُهينة ومُنعت من دخول مؤسّسة عموميّة أشتغل فيها دون إعلام ودون أيّ إجراء عقابي أو غير ذلك من الإجراءات القانونية. إنّه ببساطة إيقاف عن العمل لا يحترم قانون الشّغل. مع الإشارة أنّه لم يقع إعلامي إلى حدّ كتابة هذه المراسلة ( بعد سنة) إن كان إيقافي عن العمل من قبيل الطّرد أو أو إنهاء إلحاق.

وإذا تركنا جانباً مفاوضات نقابة الصحفيين مع إدارة الإذاعة، خصوصا ما قامت به السيّدة النّقيبة نجيبة الحمروني، فإنّ التوضيح الوحيد الصادر من إدارة الإذاعات، على بوّابة الإذاعة الوطنية يتمثّل في بلاغ لم يكن مُمضى من أيٍّ كان واكتُفي فيه بختم الإذاعة لا غير. وقد ورد فيه ما يلي:” إنّ ما أتّخذ في شأن الصحفية المذكورة من إجراءات تأديبية ناتج عن جملة من الأخطاء المهنية الفادحة التي ارتكبتها هذه الصحفية ولعلّ أبرزها عدم احترام توقيت العمل ومدّته واستغلال المصدح للإساءة إلى زملائها وعدم الالتزام بواجب التّحفّظ، تبعا لذلك فإنّ الإدارة وهي تتّخذ هذه الإجراءات قد مارست صلاحياتها في إطار قانون الوظيفة العمومية والنظام الأساسي للإذاعة التّونسية، وقد استندت إلى معطيات دقيقة تُثبت الخطأ ونوعه”.

إنّ هذه الاتهامات لا تستند إلى أيّة حجّة أو دليل: فكيف لا يسأل موظّف عن ” الأخطاء المهنية الفادحة” مهما كانت في الإبّان ؟ فالثّابت أنّني لم أتلقّ، طيلة وجودي في مؤسّسة الإذاعة، أيّ استجواب أو مراسلة في خصوص ” التوقيت” المزعوم أو ” استغلال المصدح للإساءة إلى الزملاء ” أو غير ذلك. فكلّ من يعرف أبسط قواعد العمل الإداري و العلاقات المهنية وقانون الوظيفة العمومية يعلم أنّ ” الإجراءات التّأديبية ” المُتحدّث عنها في البيان لا تتّخذها إلا الهياكل المكلّفة بذلك ( مجالس التّأديب ) بعد تمكين العون العمومي من حقّه في الدّفاع عن نفسه.

وإنّني إذ أتوجّه إلى الهيئة العليا المستقلّة للاتّصال السمعيّ البصريّ فلأنّني رأيت أنّ ما وقع يدخل في جانب كبير منه في مشمولاتها المنصوص عليها في المرسوم المحدث لها حتّى لا يتكرّر مثل هذا الخرق للقانون وهذا المساس الخطير بأخلاقيّات المهنة.

نادية الهدّاوي

صحفية مطرودة من” إذاعة تونس الدّولية ”