dette-tunisie-manif

بقلم فريد الرحالي،

نظم الملتقى المواطني لمقاومة دكتاتورية المديونية (و هو تحالف يضم كل من راد اتاك والاتحاد العام لطلبة تونس واتحاد أصحاب الشهائد المعطلين عن العمل والشباب العامل وجمعية المحافظة على التعليم العمومي والمنظمة التونسية للمواطنة و التجمع من أجل بديل عالمي للتنمية) إجتماعا يوم السبت الفارط حول ميزانيّة 2014 والتقشّف والمديُونيّة والبدائل المُمْكنة في إطار ما يسعى إليه هذا الفضاء منذ تأسيسه لحمل الحكومات التونسية المتعاقبة والجهات المتدخلة في قضية المديونية على إتخاذ ما توجب من اجراءات عملية بداية من التدقيق إلى إلغاء للديون الكريهة. وينظم الملتقى المواطني هذه الأيام دورات تكوينية للعموم لتحسيس الراي العام أن قضية المديونية من المفاتيح الأساسية للخروج من ألازمة التي تتخبط فيها البلاد.

إلغاء المديونية بدعة أم إمكانية رهينة الإرادة السياسة

ألقى كلود كيمار الأمين العام للجنة إلغاء دين العالم الثالث مداخلة بين فيها أن “إلغاء الدين الكريه ليس بدعة بل يوجد في التاريخ و خصوصا في أمريكا اللاتينية أمثلة تثبت أنه أينما توفرت الإرادة السياسة أمكن إلغاء الدين وفرض شروط تفاوضية أفضل حولها”. استطاعت الأرجنتين على سبيل المثال أن توقف سداد ديونها سنة 2001 و كان لها ذلك بل أكثر من ذلك عندما قررت أن تستأنف السداد أربع سنوات بعد ذلك و لم تعترف إلى ب45% من القيمة الإجمالية لتلك الديون ولم يكن ممكنا للمقرضين إلا الانصياع لهاته الإرادة. يشبه توماس سنكرة في خطاب أمام الأمم المتحدة سنة 1987 العملية بالقمار حيث توجب أن تستوعب البنوك العالمية الرابحة في معظم الأحيان فكرة الخسارة عندما يرفض شعب ما دفع الدين. لقد استطاعت الأرجنتين أن تحقق نسبة نمو فاقت 08% ما بين 2003 و 2010 مكنت من توفير 5 مليون موطن شغل وألغى كيرشنر الضريبة على الدخل المقدرة ب12%. في نفس السياق استطاعت الأكواتور سنة 2007 من تشكيل لجنة تدقيق في الديون استنتجت بعد 14 شهرا من العمل أن أغلبية الديون غير شرعية بعد أن اطردت ممثل البنك العالمي من البلاد.

المديوينة دواء وهمي لحمى الإقتصاد أو سموم السرقة الموصوفة

إستغرب الجامعي فتحي الشامخ المتحدث باسم “راد أتاك” في مستهل حديثه أن “يبقى الشعب التونسي الذي صار اليوم حر الإرادة مرهون المصير لدى المؤسسات المالية العالمية”، ردا على ما وصفه تضليلا للراي العام من طرف الحكومات حول ما تم الإدلاء به من ضرورة إيفاء تونس بسداد ديونها، وأن العجز المالي راجع إلى تضاعف أعباء الدعم بأكثر من 3 مرات والزيادات في الأجور.
مضيفا أنه “تم إعداد الميزانية وفق الشروط والمقاييس التي نصت عليها الإتفاقيات غير المتكافئة التي وقعتها حكومة النهضة مع الإتحاد الاوروبي(إتفاق الشراكة والمعمقة والشاملة)، ومع صندوق النقد الدولي و البنك العالمي (برنامج أعادة الهيكلة)، فيما تمثل “شراكة دوفيل” التي أقرتها قمة القوى الرأسمالية الثماني الكبرى بفرنسا في ماي 2012، الإطار الدولي الأشمل الذي تنخرط فيه هذه الميزانية”.

و قد إعتبر الشامخ أن ما يروج على أن التداين هو العلاج الملائم للوضع المالي المحلي هو من قبيل الضحك على الذقون حيث لا يزال التونسيون منذ أكثر من ربع قرن يعانون من صعوبات إجتماعية تتفاقم بشكل مطرد في حين تستثري المؤسسات المالية ورجال الأعمال المحليون و الأجانب بشكل منقطع النظير.

إن الإلتزام الحقيقي يجب أن يكون إلى جانب الشعب لا إلى جانب هذه الأطراف خاصة وأن القانون الدولي يسمح لتونس بأن تأخذ قرارا احادي الجانب في هذا الصدد.
فتحي الشامخ

من المفيد التذكير أن تونس قد استوفت تسديد ديون بن علي والتي بلغت قيمتها 41000 م.د “لكن حكومة علي لعريض قد دفعت من أموال الاجراء مبلغ 4445 م.د من ميزانية 2013. ولو قمنا بمقارنة هذا المبلغ بما رصد للتشغيل والتنمية لوجدنا أنه يفوقه… إذا فالحديث عن أن الدين يعتبر بمثابة الدواء كلام مردود عليه، كما أنه يفتقد إلى المنطق و لا يصمد أمام الحجة والبرهان. إن الاقتراض لا يعدو أن يكون سما يتم بموجبه شل الإقتصاديات المحلية. لقد تمتعت الشركات الأجنبية بتخفيض ضريبي على نسبة الأرباح فهي بالتالي ميزانية تأخذ من الفقراء وتعطي للاثرياء”.

إلغاء المديونية والتخفيف من حدة البطالة

الأمين العام لاتحاد المعطلين عن العمل كان حاضرا بدوره في هذا الملتقى حيث “إتهم حكومة بن جمعة والحكومات التي سبقته أنها لا تعدوا أن تكون وكيلا من وكلاء الإستعمار في تونس وأنها اجبن من أن تطرح منوالا إقتصاديا وإجتماعيا جديدا يخدم المعطلين والمعطلات”، هذا و إعتبر حمة الهمامي خلال الملتقى أن “المديوينة بمثابة الوثاق الذي يعيق التنمية الإقتصادية و الإجتماعية ولن يكون من الممكن أن تحل معضلة البطالة ما لم يتم على الأقل تعليق المديونية وبعث لجنة في التدقيق فيها”. وقد قدمت الجبهة الشعبية في الأيام الفارطة بديلا لميزانية الترويكا الجاري بها العمل شملت نقاطا تحث على ضرورة مراجعة سداد الديون. وقد قال الهمامي في مداخلته “أن المدخل لمراجعة تعاطي الحكومة مع التداين يستوجب كسب الشعب إلى صف هاته القضية الحساسة التي يمكن أن تفتح آفاقا جديدة لتونس”.

لقد بلغت نسبة البطالة في تونس حسب المعهد الوطني للاحصاء 15.7 وتشمل 620 ألف شخص (85% منهم لا يتجاوز عمرهم 34 سنة)، أغلبيتهم من أصحاب الشهائد العليا. ويقترح الشامخي في هذا الصدد جملة من الحلول العاجلة والبسيطة. “فعلى سبيل المثال يكفي حظر الساعات الإضافية في المرحلة الثانية من التعليم الأساسي والثانوي لتوفير ما يناهز 30 ألف خطة أستاذ جديدة في مستهل السنة الدراسية القادمة لحاملي الشاهدات المعطلين عن العمل تتوزع على النحو التالي :

  • توفير 8000 خطة جديدة تحك بحذف ساعة العمل الإضافية (باعتبار معدل ساعتين اضافيتين فقط بحسب 70 ألف أستاذ)
  • توفير حوالي 2000 خطة جديدة بفضل تخفيض سن التقاعد للاساتذة بنسة واحدة.
  • توفير حوالي 18000 خطة جديدة بفضل بعد التخفيض في معدل التلامذة في ألفصل الواحد في مستواه الحالي (32 تلميذا) إلى مستوى 25 تلميذ “.