قالت الأستاذة ايناس الطرابلسي، محامية الدفاع عن آمنة الشرقي، لنواة أن حضور المتهمة أمام النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس العاصمة دام حوالي نصف ساعة دون حضور الدفاع، وتم إحالتها في حالة سراح على الدائرة الجناحية بتونس يوم 28 ماي الجاري.

نصائح تحسيسية بأسلوب ساخر وشكل قرآني

بالعودة إلى أطوار القضية، فإن آمنة الشرقي نشرت يوم 3 ماي صورة وجدتها في إحدى الصفحات على فيسبوك وهي عبارة على مجرد جمل عادية فيها نقد لأفكار معينة. بعد ذلك تفاعل رواد الفيسبوك مع الصورة وتلقت آمنة رسائل تهديد وتم نشر حسابها في مجموعات مغلقة للتحريض عليها. وتتمثل التدوينة موضوع القضية في نص يتحدث عن وباء كورونا كُتب بطريقة تشبه القرآن من خلال استعمال نفس القافية وترقيم الجمل، وأيضا من حيث التصميم. ومضمون النص هو حديث عن الكورونا ومعاناة الناس بسبب انتشار هذا الفيروس بالإضافة إلى دعوة إلى الالتزام بإجراءات النظافة والتعقيم.

ونشرت آمنة الشرقي، في صفحتها على فيسبوك، صورا لرسائل تهديد بالقتل وصلتها من قبل عديد الأشخاص الذين كفروها وهددوا صراحة بقتلها. ودعت في تدوينة لها إلى ضرورة حماية مواطنيها سواء كانوا مسلمين أو يهودا أو ملحدين بالإضافة إلى ضرورة التمسك بحرية التعبير قولا وفعلا. وقالت آمنة إنها لم تصنع محتوى التدوينة بل إنها اكتفت بإعادة نشرها فقط، ثم تستدرك لتعتبر أنه من حقها نشر كل ما تريد وهي حرة في ذلك ومتمسكة بحريتها، وأضافت ”رأيي وكلامي ونقدي وسخريتي ونقاشي لن يعتدي عليكم جسديا، أنا لا أدعو للعنف وضد كل من يدعون للعنف“.

بوادر تعسف قضائي

بعد نشر التدوينة بيوم واحد تلقت الشابة بتاريخ 4 ماي استدعاء من الإدارة الفرعية للأبحاث الاجتماعية للحضور لدى باحث البداية وهناك علمت أنه قرر فتح بحث وإثارة الدعوى بطلب من النيابة العمومية التي اعتمدت على الفصل السادس من الدستور المتعلق بحماية المقدسات، بالإضافة إلى فقرة أخرى تعتبر أن ما أقدمت عليه المتهمة هو اعتداء على الأخلاق الحميدة.

آمنة الشرقي رفقة المحامية ايناس الطرابلسي

وفي هذا السياق، أوضحت المحامية ايناس الطرابلسي أن ”الدستور لا يجرم أبدا وإنما ينص على مبادئ عامة ولا يمكن رفع دعوى بناء على فصل من فصول الدستور بل على قوانين“، مشيرة إلى أن الفصل السادس من الدستور التونسي نص على حرية المعتقد والضمير قبل أن ينص على حماية المقدسات حسب قولها. واستغرب الدفاع عن المتهمة من سرعة استجابة النيابة العمومية لفتح بحث في حق المنوبة خاصة وأن المحاكم لم تعد إلى العمل بعد إلا فيما يخص القضايا المستعجلة، حيث نشرت آمنة الشرقي التدوينة المثيرة للجدل وتلقت دعوة للحضور أمام إدارة الأبحاث الاجتماعية ومثلت أمامها ثم مثلت أمام النيابة العمومية وكل ذلك في ظرف ثلاثة أيام فقط، مما يعني أن النيابة العمومية اعتبرت أن القضية استعجالية. وذكرت المحامية ايناس الطرابلسي أن النيابة العمومية منعت لسان الدفاع من الحضور خلال الاستماع الذي تم بحضور 7 من ممثلي النيابة والذين بدورهم استنطقوا المتهمة ”بطريقة عنيفة تم خلالها إلقاء أحكام مسبقة عوض الالتزام بتحري الحقيقة مع المتهمة“.

”مؤشر خطير“

اعتبر نقيب الصحفيين التونسيين ناجي البغوري أن ما حدث مع المدونة آمنة الشرقي ”فضيحة دولة ومؤشر خطير لعودة سياسة القمع وتكميم الأفواه“، مضيفا أن ”حكومة الفخفاخ تخضع لمجلس شورى النهضة“. ونشرت المتحدثة السابقة باسم رئاسة الجمهورية سعيدة قراش تدوينة ذكرت فيها بالسياق الذي كُتب فيه الفصل السادس من الدستور وموجة تكفير النواب والسياسيين آنذاك، ودعت إلى إطلاق سراح آمنة الشرقي وعدم العودة إلى مربع التكفير والتضييق على حرية الضمير.

من جهته استنكر المرصد الوطني للدفاع عن مدنية الدولة في بيان له ”استدعاء المدونة للتحقيق معها حول نص نشرته على صفحتها الخاصة رغم أنه لا يتضمن اعتداء على المقدسات أو الذات الالاهية“، مذكرا بوجوب احترام حرية التعبير وعدم قلب مجرى القضية من التحريض على القتل ضد مدونة الى الاعتداء على المقدسات حسب نص البيان.