بقلم الهادي بريك

أساء السيد صحابو لصديقه العجمي الوريمي من حيث يوهم نفسه أنه يحسن إليه . وذلك لما إدعى له أنه مغرر به إذ زج به في معركة بين طرفين في تونس وقبل ذلك بقليل كان يوحي لنا السيد صحابو بأن الرجل ـ صديقه هيثم ـ حكيم ذكي …

لاشك أن السيد صحابو يتوفر على رسالة أخرى لطرف آخر ولكن لم يجد لها بدا من زرعها هنا فكانت بدون مناسبة أصلا ولو إكتفى بتذكيرنا بالسجين هيثم ومن معه فرج الله كربهم أجمعين ثم تناول موضوع التغرير والزج في مكان آخر لكان أولى به وبنا

لو زج بي أنا أو غرر يا سيد صحابو لفرط أميتي لكان الامر مفهوما رغم عدم القبول به ولكن كيف يزج برجل في مثل وزن العجمي شاب مثقف خريج أعرق الجامعات العربية كرع من مناهل الفلسفة والحكمة حتى إشتد ساعده وإستد رأيه وبعد ذلك وقبله هو مناضل لعقود طويلة ضمن حركة معروفة وضمن جامعة معروفة ومناخ معروف ؟

لو غرر بي أو بأمثالي من الاميين لكان الامر عجبا فكيف يكون إذ غرر بمن يفوقني ـ وربما يفوقك أنت بالذات يا سيد صحابو ـ حكمة وخبرة فنحن أسن ولكنه أكبر ؟

كيف إستطاعت هذه الالة الحزبية الجهنمية خطف رجل في ريعان شبابه وعنفوان عطائه من أحضان أهله وشواطئ سوسه الجميلة ومغالبات الجامعة المغرية لتودعه السجن المؤبد وكان قبل قليل جدا لا يعبأ بأحضان الغانيات وهو الجميل الوسيم ذو العينين الزرقاوين الخضراوين والقد الممشوق والبسمة الساحرة كأنما خلق كما يشاء ؟

إذا كان ذلك كذلك فلا بد أن من غرر به وزج به في السجن ساحر ماهر أو خادع شاطر .

ترى هل غرر بهيثم وزج به لوحده أم ذاك هو مصير آلاف مؤلفة من سجناء الرأي في بداية التسعينيات مازالت مئات منهم تقبع في ذات القبو المظلم الذي يقبع فيه الشاب المغرر به ؟

أكيد أن ذلك الساحر الاشر قد غرر بهم جميعا فليس منهم طبيب واحد ولا محام واحد ولا أستاذ واحد ولا طالب واحد ولا مثقف واحد . كلهم أميون التغرير بهم أيسر من شربة ماء بارد في يوم قائظ زمهرير .

إذا كان قد غرر بهيثم ومن معه فكيف يمكثون عقدا ونصفا كاملا غير منقوص دون إسداء بسمة لسجان بمناسبة فسحة الصباح القصيرة يحملها إلى رئيسه وهذا إلى ولي نعمته فيدرك أن السجين قد تاب وخلصت توبته ونصحت أوبته فيعفو عنه ؟

لا شك أن هيثم ومن معه لم يدركوا الحقيقة المرة إلى يوم الناس هذا . أكيد أنهم ينتظرون حلا سحريا من ذلك الساحر المارد الذي أوهمهم بالسعادة وغرر بهم وزج بهم في غياهب السجون.

لابد أنهم مقطوعون عن العالم الخارجي بالكلية فأنى لثورة الانترنت الهادرة أن تصل إليهم . ربما سمعوا أصواتا تلهج بذكر بن علي أو أيد تصفق لمهرجانه فظنوا أن الجامعة التونسية ثائرة من أجلهم أو أن السيد صحابو الذي خلفوه وراءهم نحريرا إعلاميا لا يشق له غبار ملأ الارض تحت أقدام الطغاة عاصفة إحتجاجية .

إذا كنت يا سيد صحابو صادقا في قولك عن صديقك هيثم فإنك قد أسأت إليه من حيث تظن أنك محسن وإذا كنت غير ذلك فإتق الله سبحانه وأعلم أنك محاسب على كل حرف يخطه حاسوبك أما إذا كانت لك حسابات أخرى مع طرف آخر أو شخص آخر فلا تثريب عليك أن تهجم عليه بمقالاتك وأقلامك وجندك وخيلك ورجلك وجمهور القراء يحكم لك أو عليك أو لك وعليك في الان ذاته

ذكرتنا بصديقنا هيثم وبمعاناته فحمدنا لك ذلك وذكرته بما فيه من خصال حميدة وبما حباه الرحمان بوسامة وجمال وكمال كأنه من طينة يوسف عليه ا لسلام ففعلنا ذات الحمد ثم فاجأتنا بأن الرجل مغرر به زج به في متاهة لا ناقة له فيها ولاجمل فخاصمناك خصومة شديدة وحجتنا في ذلك أن ذلك بخس للرجل من حيث تريد الاحسان إليه وأنت لبيب أريب حصيف تعرف من يسيء إلى صديقه من حيث يريد الاحسان إليه . هل تعرف من يفعل ذلك يا صديقي ؟ حاشاك على كل حال فأنت مخطئ زلت به قدم القلم وحننت إلى تونس كما يحن كل مغترب .

خاصمناك وسنخاصمك على قولك ذاك يا صديقي وتلك حجتنا أثبتناها أعلاه فهلا أفدتنا بالسر الذي جعلك تكتشف اليوم أن هيثم مغرر به ومزجوج به في غياهب السجن كالطفل الابكم والسفيه الاكمه وقع بين رحى ذلك الساحر الماهر الشاطر الباهر وبين طاحونة الاستبداد في تونس .

أليس جديرا بي وبك وبكل تونسي يا سيد صحابو بأن نزف رسالتك هذه إلى كل سجين وهم بالمئات غرر بهم في معركة ظنوا أن نهايتها قريبة بل ومبشرة واعدة ؟

أليس جديرا بي وبك وبكل تونسي يا سيد صحابو أن نعلم هيثم بأن القضية التي من أجلها زج به في السجن ماتت ومات أهلها وقضى أحفادهم كمدا فلا الكهف الذي آواهم وقع إكتشافه ولا كلبهم الرابض بالوصيد نبح ليلفت إنتباه المارة ولا السبات العميق الذي حاق بهم قطعه حلم مزعج .

حرام علي وعليك وعلى كل تونسي يا سيد صحابو أن ندع المسكين الامي المغرربه هيثم تأكله فئران القبو المظلم وهو يأمل كما يأمل كل حي أن تكون له رفيقة وعشيرة أعرض عنها في الحرام كما شهدت له أنت بنفسك بذلك على مدى عقود .

أملي يا سيد صحابو أن يجمعك ” المكتوب ” مع صديقك هيثم في السنوات القليلة القادمة على أرض تونس فتسلمه مقالك هذا بعينه لحما ودما بعد حرارة السلام عليه لعله لم يعد حييا كما عهدته في مكتبك من قبل . حياؤه ذاك يا صديقي في مكتبك أمر لن تفقه سره ولن تكنه أمره حتى تنخرط في المعركة التي إنخرط فيها صديقك بقلبك وعقلك معا . حياؤه ذاك يا صديق هيثم هو الذي جعله فارسا مغوارا لا يشق له غبار في قيافة التفكير وقيادة الناس والصبر على لأواء الطريق مهما إدلهمت خطوبه .

اللهم إجعلني من المغرر بهم على درب الحريات الطويل ولا تجعلني من المغرر بهم لظنهم أن درب الحريات الطويل قصير ممهد معبد لا يتجاوز عاما وعامين وخمسا وعشرا سجنا .

إرحمني اللهم في غرري ذاك لاني أمي بالقياس إلى عبدك هيثم ومن معه . اللهم عليك بعبدك صحابو إجعله ممن يقول خيرا ويصيب الحكمة وفصل الخطاب .

والسلام الهادي بريك ــ ألمانيا

طالع أيضا :