سبق أن قلنا هنا كتحية لهذه السنة في عمر تونس الجمهورية الجديدة أنه مما يمكن أن يعدّ من النواة الصلبة للثورة التونسية، هذا الإنقلاب الشعبي على نظام فاسد لا يريد الشعب له عودة، أن يقع تحصين الثورة لحفظ مكتسباتها من الضياع، خاصة وأن رموز النظام السابق لم ينتهوا عن المناورة للعودة للحكم، مستعملين في ذلك جميع الوسائل، بما فيها الكلام الفضفاض باسم الثورة ومبادئها.
وقلنا أيضا أن هذا الدافع النبيل والضروري في نفس الوقت لا يجب أن يكون هدفه الانتقام والتشفي فينقلب إلى تصفية حسابات، ولا يجب أن يكون، خاصة، الفرصة السانحة لدكتاتورية جديدة لفرض نفسها على الشعب، وهو السيد الوحيد في هذه البلاد اليوم.
فالخطر كبير أن البعض ممن يرى نفسه حاضنا اليوم للثورة أن يدعي حمايتها من أعدائها بأن يخنق في الآن نفسه الحريات التي اكتسبها الشعب، فيتصرف في أحسن الحالات كالأم الحنون التي تخنق بحبها المبالغ فيه أنفاس ابنها وتقضي عليه. فمن الحب ما يقتل !
لذا، وجب الإعلان بكل شجاعة، صراحة وبكل قوة : نعم لتحصين الثورة، ولكن لا وألف لا لتحضينها وتدجينها لفائدة ديكتاتورية جديدة.
ونحن نأمل حقا ولا نشك في الحال الراهن من أن من دعى وساند مشروع القانون المتعلق بالتحصين السياسي للثورة ما كان هدفهم إلا القيام للتصدي المخلص النزيه لكل عودة إلى الوراء بما في ذلك إقامة ديكتاتورية جديدة أيا كانت مرجعيتها.
وبما أننا لا نحكم بالظنة، وأن النية لا تكفي وحدها في السياسة، إذ يجب دوما أن تعتمد على العمل الصادق والفعل الواضح الشفاف دون تلاعب أو خزعبلات، فمن الواجب مطالبة أصحاب المشروع تأكيد نيتهم الحسنة ومشروعية دأبهم لصالح الشعب حقا.
لذا، ها أنا أقترح مثالا لما يجب أن تُدخل من تعديلات ضرورية على نص المشروع الحالي لتحصين الثورة حتى يكون فيه كل الخير للشعب فلا ينقلب وبالا على الثورة بالتحضين لها، وشعبنا بالغ راشد.
وأرى أنه من واجب كل ثوري حقيقي اليوم بتونس أن يدعم مشروع تحصين الثورة هذا بعد تنقيحه حسب التعديلات المقترحة هنا أو على الأقل حسب توجهاتها وذلك للتدليل على حسهم الديمقراطي الحق وعدم ظلم أي أحد مما اضطرُ للخدمة تحت ظل النظام السابق مع حفاظه على وازعه الوطني ونظافة يديه وثبوت عمله على الإصلاح من الداخل قدر المستطاع لصالح الشعب.
وإليكم النص المعدل لمشروع القانون الأساسي للتحصين السياسي للثورة التونسية وقد ورد فيه ما نقترحه من تعديلات بالخط الغليظ وتحته سطر للمزيد من الإيضاح. ونأمل أن يحظى بانتباه أصحاب القرار حتى يكونوا بحق في مستوى الآمال الديمقراطية للبلاد التي نطمح إليها جميعا.
مشروع القانون الأساسي المعدّل المتعلق بالتحصين السياسي للثورة
الفصل 1
يهدف هذا القانون الى ارساء التدابير الضرورية لتحصين الثورة تفاديا للالتفاف عليها من قبل الفاعلين من رموز النظام السابق
.
الفصل 2
الفاعلون من رموز النظام السابق المشمولون بالتدابير الهادفة للتحصين السياسي للثورة هم كل من تولى بين 2 أفريل 1989 و14 جانفي 2011 في الدولة أو في حزب التجمع الدستوري الديمقراطي المحلول مسؤوليات عليا وكان لهم اختصاص القرار في أحد المهام التالية :
ـ وزير أول أو وزير أو كاتب دولة أو مدير أو عضو بديوان رئيس الجمهورية أو مدير ديوان رئيس مجلس النواب.
ـ مرشح الحزب المذكور لمجلس النواب أو رئيس مجلس بلدي ممن ترشح على قائمات الحزب المذكور.
ـ مدير ادارة أمن الدولة أو مدير فرقة الارشاد على المستوى الوطني أو رئيس لفرقتها الجهوية او مدير الفرقة المختصة على المستوى الوطني او رئيس لفرقتها الجهوية.
ـ رئيس أو أمين عام أو أمين عام مساعد أو عضو الديوان السياسي أو اللجنة المركزية أو كاتب عام أو عضو لجنة تنسيق (باستثناء ممثل المقاومين) أو كاتب عام أو عضو جامعة ترابية أو مهنية (باستثناء ممثل المقاومين)
ـ رئيس أو عضو الهيكل المركزي أو رئيس الهيكل الجهوي لـمنظمة الشباب الدستوري الديمقراطي أو منظمة طلبة التجمع الدستوري الديمقراطي.
ـ كل من ناشد زين العابدين بن علي للترشح لانتخابات 2014 ممن كانت له وظائف قرار.
ولا يكون الإقصاء لهؤلاء إلا بقرار قضائي لانعدام نزاهتم في خدمة البلاد قبل خدمة النظام وذلك في حال رفضهم لهذا الإقصاء. ولكن لا مجال لقرار قضائي للوظائف التالية لرمزيتها العالية :
ـ وزير اول او وزير.
ـ مدير ادارة امن الدولة.
ـ رئيس او امين عام.
ـ رئيس الهيكل المركزي لـمنظمة الشباب الدستوري الديمقراطي او منطمة طلبة التجمع الدستوري الديمقراطي.
الفصل 3
لا يجوز لأي شخص ممن وردت أسماؤهم بالقائمة النهائية لمتولي المهام المذكورة بالفصل الثاني من هذا القانون في أجل عشر سنوات من تاريخ دخول هذا القانون حيز التنفيذ أن:
1) يترشح لرئاسة الجمهورية أو لعضوية مجلس الشعب أو لعضوية أو رئاسة المجالس البلدية أو أي مجالس لها صفة الجماعات العمومية.
2) يتولى رئاسة الحكومة أو عضويتها.
3) يتولى إدارة ديوان رئيس الجمهورية أو ديوان رئيس الحكومة أو ديوان رئيس مجلس الشعب.
4) يتولى مهمة المحافظ أو المحافظ المساعد للبنك المركزي التونسي.
5) يتولى مهمة سفير أو قنصل عام أو قنصل أو وال أو معتمد
6) يكون رئيسا أو عضوا في الهياكل المركزية في أي من الهيئات الدستورية المعتمدة في الدستور الجديد.
7) يكون رئيسا أو عضوا في أي من الهياكل القيادية المركزية أو الجهوية في الأحزاب السياسية أو عضوا في هيئاتها المؤسسة.
الفصل 4
تتولى هيئة مختصة ضمن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ضبط قائمة أولية للاشخاص الذين تولوا على الأقل إحدى المهام المنصوص عليها بالفصل الثاني من هذا القانون ويكون ذلك في اجل لا يتجاوز ثلاثة اشهر من دخول هذا القانون حيز النفاذ. وفي حال ضرورة القرار القضائي، لا فاعلية للقائمة في خصوص الأشخاص المعنيين إلا بعد صدور القرار القضائي.
كل الادارات والمصالح العمومية ملزمة بتقديم المعلومات التي تطلبها الهيئة المختصة حال تلقي الطلب وفي كل الأحوال في أجل لايتجاوز أسبوعا من تلقيه.
لكل مواطن في أجل شهر من تاريخ دخول هذا القانون حيز النفاذ طلب إدراج أو رفع اسم شخص بالقائمة المذكورة مع تحديد المهمة التي تولاها ذلك الشخص من بين المهام المذكورة بالفصل الثاني من هذا القانون، ولا عبرة بالطلب غير المعلل والمرفق بالمؤيدات القانونية الشافية التي يقع وجوبا التأشير عليها من طرف القضاء وأعوانه.
الفصل 5
تعلن هيئة الانتخابات المختصة عن استكمال ضبط القائمة الأولية ببلاغ تتولى نشره في موقعها الألكتروني وتضعه على ذمة وسائل الاعلام مع وجوب إيراد القرارات القضائية حين وجودها مع أسماء الأشخاص المعنيين.
الفصل 6
تعلم الهيئة المختصة وجوبا الأشخاص الوارد إسمهم بالقائمة الأولية بمكتوب مضمون الوصول مع ثبوت التسليم.
ولكل شخص ورد اسمه ضمن القائمة الأولية أن يطلب بمكتوب مضمون الوصول مع ثبوت التسليم من الهيئة المختصة تجميد تفعيل إقصائه في انتظار القرار القضائي في تأكيد ورود اسمه أو شطبه.
ويتضمن طلب التجميد وجوبا الإسم واسم الأب واسم الجد للأب وعدد بطاقة التعريف الوطنية. وعدم احترام هذه التنصيصات أو عدم صحتها في الطلب يترتب عنه آليا رفض الطلب شكلا.
تكون الهيئة المختصة ملزمة حال توصلها بالمطلب بالرد الآلي على تجميدها لاسم الشخص من قائمتها في انتطار القرار القضائي
.
الفصل 7
لكل شخص تلقى إعلاما من الهيئة المختصة يفيد بورود اسمه ضمن القائمة أن يطعن في ذلك أمام المحكمة الإدارية بعريضة يحررها بنفسه أو بواسطة محام ويتولى إيداعها رفقة مؤيداتها لدى كتابة المحكمة الإدارية في أجل لا يتجاوز أسبوعا من تلقي الإعلام.
تعلم المحكمة الإدارية الهيئة المختصة بالطعن فور تلقيه وتمهلها خمسة أيام للرد عليه، ثم تحيل رد الهيئة المختصة فورا على الطاعن للجواب عليه وتمهله أسبوعين من تاريخ إعلامه به بمكتوب مضمون الوصول مع الإعلام بالتسليم. ويختم بذلك الطور التحقيقي في الملف.
تصدر المحكمة قرارها في أجل لا يتجاوز شهرا من تاريخ ختم التحقيق. ويكون قرارها إما :
– برفض الطعن شكلا، فتبقى القائمة على حالها في خصوص موضوع الطعن.
– بقبول الطعن شكلا ورفضه أصلا، فتبقى القائمة على حالها في خصوص موضوع الطعن.
– بقبول الطعن شكلا وأصلا وشطب اسم الطاعن من القائمة الأولية.
قرار المحكمة في خصوص الطعن قرار بات لا يقبل الطعن وينفذ على المسودة ولا يخضع لأي معاليم أو أداءات.
تعلم المحكمة الطرفين بحكمها في أجل يومين من صدوره.
الفصل 8
على الهيئة المختصة ضبط القائمة النهائية للأشخاص الذي تولوا المهام المشار إليها بالفصل الثاني من هذا القانون في أجل أسبوع من تلقيها آخر إعلام من المحكمة الإدارية.
الفصل 9
تسلم الهيئة المختصة نظيرا من القائمة النهائية لرئيس الجمهورية وآخر لرئيس الحكومة وثالث لرئيس المجلس الوطني التأسيسي.
الفصل 10
كل جهة من الجهات الأربع الماسكة لهذه القائمة مؤتمنة عليها ومن واجبها تنفيذ مقتضياتها بالنسبة لكل متولي المهام المذكورة بالفصل الثالث من هذا القانون في أجل لا يتجاوز شهرا من تاريخ تلقي القائمة النهائية من هيئة الانتخابات المختصة ويسري نفس الأجل على هيئة الانتخابات المختصة ذاتها من تاريخ إرسال القائمة النهائية لأول جهة من الجهات الثلاث الأخرى.
سي فرحات ، الثورة عنوان فرعي مع عناوين فرعيةأخرى تستظل تحت العنوان الأكبر ألاوهو الوطن. الثورة الشعبية هي انقلاب على نضام حكم في لحظة تاريخية معينة غايتها البحث عن بديل وهذا البديل تطمح الجماهير أن لايخيّب آمالها وأن يحقق طموحاتها وهو الهدف من الثورة .غير أنه في مرحلة البحث هذه (تجربة الانتقال الديمقراطي الحالية)، يكثر الهرج وتتعدّد الأفكار تحت مسميات، الدفاع عن الثورة ،حمايتها تحصينها ،ترشيدها، تحديد أولوياتها ،تحقيق أهدافها ،تصحيحها ،تخليدها ،الخ ..كل ذلك يتّم بغايات سياسية لن تنتهي مالم يحزم السّاسة أمرهم وذلك باختيارهم لنظا م الحكم المرتقب والذي يُفترض فيه أن يتناسب مع رغبة الجماهير،وليتمكن سياسيونا من ذلك على الوجه المطلوب ودون السّقوط في هاوية الفوضى وفي فخّ التّربص بعضهم ببعض وفي ممارسة لعبة العبث المدمّر للوطن ومستقبله ،عليهم أن يعدلوا بوصلتهم في اتجاه العنوان المناسب للمرحلة -ودائما- ألا وهو الوحدة الوطنية وأن يعتبروا أنّ الثّورة هي عنوان فرعي هامّ جدّا ولكنّه لايعلو على العنوان الأكبر وهو الوطن. فبدون وحدة وطنية حقيقية لن تنجح الثورة، هكذا هي عبر التّاريخ في مجمله .الرّسول االأعضم صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه عليهم رضوانه ، تعرّض لمالم يتعرّض له بشر،خنقوه وهو يصلّى في الكعبة وألقوا عليه الأوساخ وهو بها يصلي حاصروه بشعاب مكة في أقسى مقاطعة عرفتها البشرية ،حتى كان صلى الله عليه وسلم يربط الحجر على بطنه لليالي عديدة من شدة الجوع، هُجّر من موطنه ولما عاد له بعد 10 سنوات وهو في قوة لم تعرفها العرب ،لم ينتقم وعفى عن قريش كلّها وحقّق بذلك نصرا باهرا فمالت له قلوب المشركين فأسلموا وكان الواحد منهم بعد ذلك يعمل ضعف عمل المسلم مرتين ،كل ذلك للتكفير عن ذنوبه السابقة والدّافع الحقيقي هو إيمان صادق منهم بثورة الإسلام سببه ذلك العفو الذي أصدره لهم النبي الأكرم “إذهبوا فأنتم الطّلقاء” هو الذي وحّد ولم يفرق لان ذلك هو التّحصين الحقيقي لثورة الاسلام ،أشاع الإطمئنان بدل زرع الخوف وتونس تحتاج اليوم الى اطمئنان يوحّدها في مجابهة الأخطار المحدقة بها والتّحديات المطروحة عليها ،وكلّها عديدة متعدّدة متشعّبة.إقرأوا من القرآن ،إن شئتم” سورة الصفّ.”
حمى الله تونس واهلها ووحد صفوف ابنائها
نعم، يا أخي، أنا معك في أن تونس الحبيبة بحاجة إلى من يوحد صفوفها للرقي نحو الأفضل الذي يستحقه شعبها العظيم. وقد قلت ذلك بعد وسأعيد قوله عن قريب : إن تونس لبحاجة ماسة لمن يحبها كما أحبها ابنها البار فرحات حشاد العظيم، إن تونس لبحاجة إلى فرحات جديد…