كتبه مرسل الكسيبي
بعد أن أعلنت رسميا نبأ تجميد عضويتي في حركة النهضة يوم الأربعاء الحادي عشر من ماي 2005 الموافق للثالث من ربيع الثاني 1426 للهجرة , تهافتت علي مجموعة من ردود الأفعال عبر الهاتف وأخرى عبر البريد الأليكتروني مسدية بكثير من النصح والتقدير لما اعتبره البعض شيئا متوقعا على ضوء ماكتبته من مقالات ورسائل نشرت على صفحات تونس نيوز الغراء وموقعي الحوار نت ونواة الذين أتوجه للقائمين عليهم بالتحية والتقدير وأتمنى على بقية المواقع أن تنسج على منوالهم وخاصة موقع النهضة نت اللذي يبدو أن أصحابه مع احترامي لهم وتقديري لهم الخاص من موقع الأخوة الاسلامية والوطنية لا يزالون يتعاملون مع الرأي العام التونسي من زاوية سياسة صحيفة البرافدا الروسية!
أحببت أيها الاخوة الأفاضل أن أحيطكم علما بمجمل ومحصلة هذه الردود عسى أن يكون الاخوة اللذين تعهدوا لي بمواصلة العمل من داخل النهضة حتى تحقيق الاصلاح والمصالحة والحفاظ على دور المؤسسات وتفعيلها في مواجهة احتكار صناعة القرار السياسي وشرنقته في اطار الولاء للأشخاص على حساب المبادئ والقيم ,عساهم يستخلصون جملة من العبر والدروس التي تساعدنا وتساعدهم على الوصول الى بر الأمان .
الاخوة الأحباب أجمع عدد كبير من المتصلين على أن أزمة النهضة التونسية في مهاجرها هي :
أولا : أزمة حوار نادر أو متعسر أحيانا نظرا لتباعد المسافات وقلة وتكلفة فرص الالتقاء في كثير من الأحيان.
ثانيا: ارتأى البعض أن شخصية القائمين على مؤسسات الحركة وماسلكوه من سياسات سابقة لن يساعد فعليا على حل الأزمة في ظرف زمني وجيز وهم يقترحون تصورا مستقبليا للمسألة الانتخابية يلحون بموجبها على ضرورة افراز قيادات شابة ومخضرمة تساعد على حلحلة الأزمة مع السلطة وتعجل بحل الملفات العالقة.
ثالثا: هاتفني مسؤول سياسي سابق على عهد الرئيس الحبيب بورقيبة مؤكدا لي أن شخص رئيس الحركة لايمكن أن يكون في المراحل القادمة رجلا مناسبا لادارة الحوار مع السلطة, وانه ان الأوان لحركة النهضة أن تحاول الاستفادة من تجاربه السابقة وهي جد ثرية دون جعله بشكل مباشر يقوم على ادارة الملفات السياسية.
رابعا: ان حالة الجمود والانعزال التي أصابت كثيرا من أبناء النهضة في مهاجرهم تعود لغياب المبادرة السياسية من قبل أبناء الحركة داخل البلاد وانه ان الأوان بالنسبة لنشطاء الداخل أن يقتنعوا بأن الكرة قد غدت في ملاعبهم الان.
خامسا: يتفق الجميع على أن خيار المصالحة مع سلطة الاشراف وكل أطياف المنتظم السياسي التونسي بات الخيار الأفضل والأمثل والاستراتيجي للنهضة كتيار وطني ,وان كان البعض يعتب على سلطة الاشراف ويحملها كثيرا من المسؤولية في اعطاء رسائل رابحة ومرجحة لكفة أنصار المعارضة الاحتجاجية.(الاعتقالات الحاصلة مؤخرا أومحاكمة الأساتذة عبو وبن مراد أو الضغوطات المسلطة على نقابة المحامين أو دعو ة شارون لزيارة تونس.)
سادسا: ألح البعض على أن خيار تأسيس حزب جديد يؤسس لفكرة التعددية داخل الصف الاسلامي مازال خيارا غير ناضج وأنه مازال على المنتظمين في صف النهضة أن يمارسوا صلاحياتهم الفعلية في الضغط على القيادة من أجل اجراء حوار هادئ ومتزن مع سلطة الاشراف وتجاوز مراحل التشنج الداخلي في حل القضايا التنظيمية والسياسية.
سابعا: على قيادة الحركة الحالية فيما تبقى من عمرها بحكم المؤتمر القادم, وعلى القيادة الجديدة المقبلة أن تتوخى سبيل المرونة الشديدة في ادارة المفاوضات مع سلطة الاشراف وأن تقبل بالسياسات المرحلية وتتخلى عن الشروط التي يمكن أن تساهم في تقويض مساعي الاصلاح والمصالحة من قبيل القبول بخطوة العفو الرئاسي في انتظارأن تتهيأ المناخات السياسية الأفضل لسن عفو تشريعي عام.
ثامنا: يتخوف الكثيرون من اطلال ظاهرة العنف على البلاد التونسية في ظل تعطل المسار السياسي الاصلاحي الذي يكفل للشباب مناخات التعبير وينوء بهم عن مناخات التطرف الممجوج,ويرى الكثيرون أن من مصلحة السلطة والنخب المعارضة تفعيل التعاطي الايجابي مع تيار النهضة قطعا للطريق على محاولات اكتساح الساحة من قبل بعض العناصر الشيعية أو غيرها من العناصر المتعاطفة مع ظاهرة السلفية المتشددة.
تاسعا: لم يتفهم الكثيرون من أبناء النهضة من الشيخ راشد الغنوشي كل هذا الاصرار على تأخير موقف معلن من بياني الأخ د.الهاشمي الحامدي فيما يخص رغبته في طي صفحة الماضي في اطار علاقته بالحركة وبناء علاقات أخوية تنبني على عرى الاسلام في بعد عن كل تشنج أو حساب شخصي يلقي بظلاله على واقع الحركة والبلاد ,ولا أملك مرة أخرى وبكل وضوح الا أن أقول لفضيلته وللاخوة المسؤولين معه في القيادة : ” اتقوا الله في اخوانكم ودعوا أمر النوايا لخالقها ولا تدعوا سبيلا للشيطان كي ينزغ بينكم فتضيعوا بذلك أم القضايا ألا وهي وحدة الصف الوطني والاسلامي وقضية اخوانكم المساجين ومستقبل البلاد والعباد !”.
عاشرا: يدعو الكثيرون الى ايقاف حملات التشويه ضد المخالفين في الرأي واستبدال ذلك بروح الحديث عن متطلبات المستقبل والوحدة الوطنية في تناسق تام مع ما رسمته النهضة لنفسها من خطط وتقييمات ,ويؤكد البعض على أن مثل هذا المسلك قد يؤدي في نهاية المطاف اما الى استقالات جديدة وغير محدودة أو انشقاقات داخل الحركة .
وقبل أن أودع القراء الكرام ألح على الاخوة الكرام بأنني لست طوباويا ولامثاليا ولاتسعني باذن الله اتهامات الغباء السياسي فيما أقدمه للناس وأحسب أنني بهذا الجهد اللذي أقدمه للناس أبتغي الارتفاع بواقع الحالة السياسية التونسية الى ماهو أفضل وأرقى وأظنني عندما أسعى الى ابراز مثالب الحركة وعيوبها لست بذلك أقصد التشهير أو التجريح في اخوة الأمس القريب والغد القادم ان شاء الله وانما أردت أن أهدي للنهضة بعضا من عيوبها كي تتجاوزها وتعود الى ساحة الوفاق الوطني وأرض الوفاء والمحبة وهي أشد عودا وأصلب جسما وأقوى على مواجهة تحديات العصر والأمة في تناسق وانسجام بين الحاكم والمحكوم لمواجهة أعظم تحديات العولمة وأعتى رياح الأطماع الخارجية.
والى مصافحة أخرى نعالج فيها مزيدا من عيوبنا ونلقي فيها الضوء على مزيد من تحدياتنا دمتم في حفظ الله ورعايته.
أخوكم مرسل الكسيبي
ألمانيا الاتحادية في 5 ربيع الثاني من سنة 1426 ه الموافق ل13 ماي2005
الهاتف القار: 00496112054989
الهاتف المنقول: 00491785466311
reporteur2005@yahoo.de
iThere are no comments
Add yours