هذه الخاطرة هي ما نزٌ مني على هامش الأقصوصة الجميلة التي نشرتها السيدة رانا بموقع نواة بعنوان ” يزي”، والتي ردتني فيها الى ركن ساخن في الذاكرة، تسكنه حكايات حقيقية أبطالها هم نفسهم أبطال قصتها، ذكريات مع مآسي أخوة وأخوات تداعت صورهم أمامي وحاصرت ليلي وهدتني بألم المسؤول عن …. والعاجز على……
إلى رانا أهدي الخاطرة والى نور الهدى وبلال وأخريات وآخرين من جيل جديد، أقبل على بيت الحرية بريح طيبة أنعشتنا وفتحت لنا معهم أفاقا أخرى، هي أفاق أرحب لوطن يسع الجميع وطن قادم يحمله جيل مازلنا نـتـلمس خيوط التواصل معه
جيل التجاوز المعرفي والمنهجي والتاريخي مع كلمة التكوين الأولى التي حملها جيلي جيل المتون الاديولوجية الكبرى ..
الى جيل جاءنا يشاركنا هما ويحمل عنا حملا، ناء عنا حمله…….
جيل لابد ان نؤانسه، ونأنس له حتى نسلمه الأمانة بأ قصى حدود الأمانة مع النفس،وبأقصى حدود المسؤولية أمام المستقبل علنا ننهي يومنا على حسنة …
عبر نوافذ الفجر أراه، ويداه تجودان بالفل، وعيناه تحلم بالميعاد الأخضر أراه….
يذهلني، ويذهلني أكثر يصارع ضياعنا، ومخلب قطة سوداء تحاول عبثا ان تخدش القمر الساطع جبينُه..
أحاول استفزاز احتفالات وجهه، وجهه مدن دهشة وهلاميات حلاج لا افهمها، وفرار معنى في أقبية سؤال، ويحرجني موعد مع براءة كبرنا في أعماقها، و يحرجني أكثر موعد مع حلمه ودمعها ورحيلي.. مع شهود القضية يحرجني الموعد، يغامر نحوي وجهه الصبح، يحاصرني، يجمع ما كان مني قد توزع ..وأحلامه وأشواقه ودمعها عجين داكن في منديل الدولة ويرفعه … يرفعه المنديل ولسانه لم يتقدد على شرائط الطغاة، عاليا يرفعه …..
وأهديه ما أملك، وردة الروح، ونهر عظيم الشوق للأرض والزرع وأعطيه، أعطيه كل الميراث: لعنتي على من سمر لساني وسلمني الحقيبة سكنا…. وهناك وقلت وقال ومشينا والخطو رمل ينثال، وغاص الخطو وغصنا في ورد، وشوكه في دربنا وسمّـاره عسس ودموع غلابي نوافير ماء على مقاطع طرق، وأغاني أو مراثي، وأعياد أو مآتم ومدينة وداخلها مقبرة، ومدرسة، ومزبلة، وسمسار، وصريخ ينهشه بعد المسافات والليل والأرق، وسوس الذاكرة ينخر عمرا….
وهنا يمضي وأمضي وقال وقلت وخضراء تميس على جفون بليــلة، وأرضا تبقى ولا ادري ضاعف ألمي أم هونه، ذاك الطفل يطلب خبزا، وهذا الكلب يطلب عطلة والأنيق يحرسه، مهيلا… مهيلا يغتسل بمائي ونصف سحابي…. مهيلا.يغتسل الكلب والأرض عطشى
وذاك القادم هدية قدر، كبرياءه تشمخ في القلب تفتح الصدر ممرا لمياه الجبل
خيوط شمسه تهتك سر المدينة، تتكور في صمت المدينة، تذرف دمعها النخيل ولا تبكي، وتلك التلال أمامي، وورود الجيل القادم من الفرح شابت، ومن الحزن شابت ورودي ، وذاك المتباكي في المأتم يضحكك حينا وتبكيك الجريمة أحيانا…..
يا شوق المسافات البعيدة للمسافات القريبة، ويا شوق المسافر للمسافر، يمشي وأمشي وقلت وقال، وعقبة لو علم أن الحجاج سيحكمها ساعة لما سور القيروان، لوعلم أن المساجد ستمضغ الحسرات لما سور المدينة، عقبة لوعلم ان الوحيدة ستقف بين أصواتهم وسياطهم، زهرة من نار تحتضن قيدها في سكون، و عبراتها صلاة السجين إلينا …. لوعلم عقبة لما بُنيت قيروان …….
جرح تورد والخبز مالح، نظرة تتدفق، و عبرات تتوحد، يفيض نهرلله يفيض… باللفظ وبالمعنى يفيض النهر
” أدخلوها بسلام آمنين” وأمضي، ويأتي، ويمضي بعيدا
أوصيه: لا حاجة لك برب تعرفه……
نورالدين ختروشي
باريس في 24أكتوبر2005
iThere are no comments
Add yours