بسم الله الرحمن الرحيم
وددت في عجالة والنوم يداعب مقلا مثقلة وعيونا يصارعها المرض الذي نزل بي منذ أيام ولم ير له الطبيب دواء الا تناول المضاد الحيوي ,وددت أن أنوه الى أن وفائي لمشروع الاسلام الوسطي والمعتدل الذي يعالج قضايا الناس ومشكلاتهم في لين ورفق ومحبة ولايقطع مع الخير في كل ثنايا بلدنا الحبيب تونس…ان هذا الوفاء يأبى عل! ي أن أتنكر الى ماأنجزته النهضة كحركة من خير عميم نجد أثره في كل ربوع الخضراء برغم ماحل بها من قمع وقهر وظلم وسوء فهم بين فرقائها ,ولعل أقل مايخلده المرء لهذه الحركة هو ترسيخها لقيم السلم المدني ونأيها بشباب الصحوة الأولى وشباب تونس عموما عن مزالق العنف ومخاطره ومحرقته التي لاتبقي ولاتذر ,أضف الى ذلك احياءها لروح النضال والعطاء بين شرائح واسعة من شباب تونس الشيء الذي خلد لها ولتونس عموما ملحمة أجيال ترفض الخنوع والانطواء والاستسلام لسلطان القهر والجور
الدفاع عن الهوية وترسيخها وجعلها في مهج شباب تونس وجزء من نخبها هو بلا شك أيضا مما يحسب لهذه الحركة برغم ماحل بالمجتمع من حالات انهيار أخلاقي وسلوكي ونفسي ترجع أسبابه الى الغزو الثقافي الخارجي والى التلاعب الرسمي بمسألة الهوية في اطار من تسييس الصراع مع بعض قوى المجتمع المدني…
خصال كثيرة يمكن احصاؤها للنهضة بلا شك ومن عزف عن ذكرها فهو أعمى أو مكابر أو عدو لدود لاينشد الحق والحقيقة
ولكن ماأردنا أن نطرحه في هذا الحوار لم يقصد أبدا التشهير أو احتراف الذم بقدر ماهدف الى اعمال العقل والبصيرة فيما وقعت ف! يه الحركة من أخطاء وذلك قصد تلافيها ثم النصح من أجل التجاوز والبناء والتشييد في رحاب تونس التي تحتضن كل المهج والطاقات
اسف مرة أخرى أن التجربة لم تقع في قطر اخر يكون فيه النظام أكثر تفهما وليونة وانفتاحا وتعاطيا سياسيا ايجابيا مع هذه الحركة ,ولكن تلك مشيئة الله تعالى في أن تكون النهضة من حظ التونسيين ويكون التجمع كحزب حاكم من نصيب السلطويين ويكون الأمن في ساحات الخضراء مفهوما معكوسا لما يمكن أن تحمله هذه الكلمة من أمان وطمأنينة في قلوب الناس!
أملي أخيرا أن تحمل الأيام القادمة لحمة وطنية أكبر بين أبناء هذا البلد وأن يتم تجاوز أيام الحصاد المر لفائدة فضاء أرحب يتسع الى كل التونسيين في مختلف المواقع
أملي أن تنجح المعارضة في اعادة التوازن الهادئ والدافئ الى جنبات المجتمع ,وأملي أن تقوم السلطة بمراجعات كبرى لمصلحة الوطن وأن تضع بذلك وبعد كل هذا البلاء والشقاء الذي حل بنا جميعا مسألة الاستقلال وشهداء تونس الأبرار وتضحياتهم العظام في ميزان العقل والضمير ,فتكف بذلك عن سياسة فرق تسد والاستخفاف الملحوظ بمكونات المجتمع الأهلي وممثليه
أملي أن نتعايش جميعا في ظل وطن واحد بل! ا سجن لأصحاب الرأي وبلا سجان يدمر أحلامنا الجميلة وبلا واش يحمل الناس على الدخول وراء القضبان
أملي أن يعود المنفيون الى وطنهم أحرارا مكرمين وتوضع حدود نهائية لمأساة أخرى لايدركها الا من ذاق فجيعة الغربة والنفي وفراق تراب هذا الوطن الذي عشقناه!
أملي أن يستعيد المظلومون حقوقهم ويعوض لضحايا حقبة الحصاد التراجيدي حتى بكلمات طيبة تخفف عنهم ماأصابهم من بلاء!
ولو حصل هذا لن يضير بعدها أن يستمر التجمع في الحكم ويحافظ الخائفون على ماحققوه من مصالح مادية عظيمة…!ولكن الأهم أن يكون في تونس اصلاح كما يحصل اليوم في المغرب الأقصى وموريتانيا والجزائر ومصر وحتى ليبيا وكثير من بلاد الخليج العربي…
المهم في الأخير هو أن يجد الجميع ملاذه في الوطن دون خوف أو رعب أو اقصاء أو ظلم …فهل تتوقف عجلة التاريخ حصريا عندنا في تونس !!!
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوكم مرسل الكسيبي
الثالثة صباحا بتوقيت ش.أ
ذو القعدة 1426 ه الموافق ل23 ديسمبر 2005 م
iThere are no comments
Add yours