ammar-rachdi.jpg

بقلم عبد الله الزواري

المصدر: مدونة “المواطن الزواري

السيد عمار بن علي الصغير الراشدي صاحب بطاقة تعريف رقم03167875 و الصادرة بتاريخ 16 أفريل 1998 يعمل في قطاع البناء منذ سنوات طويلة و برع في فرع منه فاتخذه اختصاصا له…. و بحثا عن لقمة العيش هجر بلدته و استقر بالجنوب الشرقي… متنقلا من حظيرة بناء إلى أخرى، و لعل إحساسه بالظلم و القهر دفعه إلى الانخراط في حزب معترف به رأى في الشعارات التي يرفعها و يناضل من أجلها ما ينشده من قيم…

تعارفنا منذ ما يزيد عن سنتين… كنت مضربا عن الطعام فرأى من الواجب عليه زيارتي تعبيرا عن مساندته و مساندة حزبه لي في إضرابي…. و لم تنقطع اتصالاتنا بعد ذلك…

ساقه البحث عن الرزق إلى جرجيس…. و باشر العمل في نزل لا يزال في طور البناء وسط إعجاب زملائه في العمل و رئيسه المباشر بمهارته… سألته قبل أيام متى يزور طفليه و زوجته؟؟ فقال إن شاء الله يكون ذلك في يوم العاشر من الشهر الجاري…

في اليوم العاشر من الشهر تعود عمال البناء على أخذ قسط من مستحقاتهم المالية…

كان عمار يحلم بالعودة إلى طفليه و زوجته بشيء من عرق جبينه يدخل به السرور عليهم و يعوضهم بعده عنهم طيلة نصف شهر تقريبا…

و كان ما لم يكن في الحسبان..

في اليوم التاسع من مباشرة عمله أي الخامس من جويلية و بعد انتهاء حصة العمل المسائية و عودة عمار إلى مقر سكناه، يبلغه رئيسه المباشر قرارا جديدا… ” قدم عونا أمن و طلبا من صاحب النزل طردك من العمل، و قد طلب مني تنفيذ هذا القرار، و رغم أني حدثته عن مهارتك فإنه أصر على طردك”… و أصر عمار على سماع هذا الخبر من صاحب النزل مباشرة و تجشم من أجل ذلك عناء العودة إلى النزل…

و أعاد صاحب النزل على مسمع عمار ما كان سمعه من رئيسه المباشر…

اتصل عمار بأحد قادة حزبه لإحاطتهم علما بما تعرض له…

و قرر الذهاب من الغد إلى معتمد المكان و منطقة الأمن الوطني لاستجلاء الأمر…

” ليس لدينا أعوان أمن يمنعون الناس من العمل”

هذا ما سمعه عمار في الإدارتين… بل زاد معتمد المكان: ” عد إلى عملك و إن كانت هناك إشكاليات فعد إلي يوم الاثنين…

أسرع عمار إلى عمله مزودا بما سمعه من مسؤولي البلدة…

و أبلغ رئيسه المباشر ما سمعه من المسؤولين…

ويبلغ الخبر صاحب النزل…

فيصر على تنفيذ ما طلبه منه عونا أمن قدما إليه بالأمس…

لم يكن عمار صاحب مشاريع كبرى كي يكون مرتهنا لبنك أو لمؤسسة أخرى…

لم يكن صاحب بيت كي يكون مرتهنا لتجار مواد البناء…

و لم يكن صاحب سيارة شعبية اشتراها بالتقسيط…

و بقدر ما كانت أحلامه في الشأن العام كبيرة: مجتمع العدل و المساواة و الحرية، كانت أحلامه الخاصة صغيرة: شيء من الخبز، شيء من الزيت، شيء …

في حين كانت أحلام غيره في الشأن العام حقيرة صغيرة: مجتمع الفساد و الإفساد و الظلم و القمع و المحسوبية و الذلة و الهوان و يقابلها تضخم جلي لأحلامهم الخاصة…

…..

عمار خير بين الجوع أو الخنوع ….

فاختار الجوع….

جرجيس في 6 جويلية 2007

عبدالله الــــــــــزواري


الإعلان العالمي لحقوق الإنسان:

المادة 23

1- لكل شخص حق العمل، و في حرية اختيار عمله، و في شروط عمل عادلة

و مرضية و في الحماية من البطالة.

…………..

الإعلان العربي لحقوق الإنسان

المادة 30

تكفل الدولة لكل مواطن الحق في عمل يضمن له مستوى معيشيا يؤمن المطالب الأساسية للحياة كما تكفل له الحق في الضمان الاجتماعي الشامل.

المادة 31

حرية اختيار العمل مكفولة والسخرة محظورة ولا يعد من قبل السخرة إرغام الشخص على أداء عمل تنفيذا الحكم قضائي.

المادة 32

تضمن الدولة للمواطنين تكافؤ الفرص في العمل والأجر العادل والمساواة في الأجور عن الأعمال المتساوية القيمة