الهامـر في لغة الانقليز تعني المطرقة. وهو كذلك اسم صنف من السيارات بالغة الضخامة التي يشبه شكلها السندان. وثمنها يبلغ مئات آلاف الدنانير.

الهامـر في لغة الانقليز تعني المطرقة. وهو كذلك اسم صنف من السيارات بالغة الضخامة التي يشبه شكلها السندان. وثمنها يبلغ مئات آلاف الدنانير. من كان في مثل وضعنا نحن الصحفيين يعيش بين المطرقة والسندان، فليس بإمكانه أن يطمع بأكثر من يرى صور هذه السيارة الماسيّة في أغلفة المجلات أو شاشة التلفزة.

لكن شباب “أولاد الحلال” من الأقرباء المبجّلين وأصهارهم وحتى أصهار أصهارهم المتنفّذين، قدمّوا لنا ولأمثالنا من أهالي وطننا السعيد خدمة العمر. لقد جلبوا لنا هذه الس يارات الحلم حتى نمتّع بها أنظارنا فيسرح بمرآها خيالنا وتنسينا جانبا من هموم حياة تزداد مصاعبها بمرور الأيام. بل هي تلهينا عن التفكير في راتب تبخّر قبل أن تنتهي الخمس الأوائل من الشهر، وتشحذ أذهاننا للبحث عمّن يمكنه أن يقرضنا قرضا حسنا بدنانير معدودات على حساب راتب الشهر القادم أو الذي يليه.

الإشكالية الوحيدة التي تنغّص صفو أحلامنا وتقطعها بشكل حادّ هي أن يتصوّر الواحد منّا بأن إحدى هذه السيارات يمكن أن تصدمه هو أو أحد أطفاله!؟ وقتها لن يمكنه أن يطمع في تعويض مجز قد يسمح له بفتح حانوت كفتاجي يحسّن به دخله ووضعه الاجتماعي!؟ والسبب بسيط، فهذه السيارات لا تحمل لوحات معدنية مثل ما يفرضه القانون علينا نحن معشر المواطنين (حاشاكم بهيم وقدم قرعة). والشكوى عندها لن تكون لغير للّه مع التسليم بقضائه مرّه ومرّه.


لكن عزاءنا حتى في هذه الحالة يبقى قائما.. أي نعم! يكفي أن نتذكر بأنه لا أعوان الأمن ولا السيد وكيل الجمهورية، ولا حتّى الانتربول يمكنه أن يوقف “أولاد الحلال” أو يحاسبهم، لنشعر بالراحة.

طبعا وبكلّ تأكيد..

تصوّروا مثلا لو يُطلب منّا باسم القانون والمؤسسات التي تحمينا وتظلّل علينا في بلادنا تقبيل عجلة السيارة التي دهستنا، وطلب غفرانها حتّى لا نكون عرضة للتبّع من أجل تعكير صفو جولانها العامّ!؟

هل تتصوروننا قادرين على أن نقول لا!؟

تصوّروا أن سائق السيارة كان مثلا بصدد تدخين سيجارة حشيش أو استنشاق مخدّر من الطراز الراقي كالهيرووين، وتسبّب صدمه لنا، عفوا بل صدمُنا لسيارته الغالية، في سقوط جزء من الغبار المخدّر على ثيايه الراقية، هل سيقبل تحجّجنا بأن بلّور سيارته الداكن المخالف للقانون حجب عنّا رؤية طلعته البهيّة؟ هل تراه سيقبل عذرنا بأننا لم نقدّر غلاء ثيابه حق قدره، نحن الذين لم نعد نلبس غير ثياب (الفريب) منذ سنوات عديدة!؟

وحتّى لو افترضنا أنه سيغفر لنا ذلك كلّه، هل تراه يغفر لنا أنّا عكّرنا مزاجه!؟ ألم أقل أن جولان هذه السيارات دون لوحات معدنية على مرأى من أعوان الأمن والديوانة والحرس الوطني، أفضل لنا جميعا!؟

أليست الضربة دون معقّب غير الشكوى للّه أفضل من ضربة تتبعها إهانة، وتظلّم تعقبه إدانة!؟

إضحك..إنّك في تونس دولة القانون والمؤسسات، وبلد التسامح وحقوق الإنسان؟

زياد الهاني – 12 فيفري 2008