بقلم سمير ساسي/ باحث جامعي في الفكر السياسي

شكلت لنا تجربة عشر سنوات كاملة داخل السجون التونسية من سنة 1991 إلى سنة 2001 على خلفية محاكمة سياسية، فرصة لطرح الأسئلة الحارقة حول مستقبل الاجتماع المدني في تونس بناءً على ما بدا لنا من نقائص جوهرية لدى المواطن السجين تعوقه عن المساهمة في إنجاح النموذج المواطني للاجتماع، مع التسليم جدلا بأن نموذج الاجتماع القائم هو نموذج مواطني، أو على الأقل هو كذلك على مستوى الخطاب الرسمي لدولة الاستقلال. ونحن ننبه إلى هذا الافتراض الجدلي حتى لا يضيع منا الخيط الناظم لهذه المقاربة، بما أن موضوع الاجتماع المدني شكله ومعالمه يمكن أن يكون موضوعا مستقلا يستفيض فيه الحديث في غير هذا الموضع، ولكن يهمنا الآن أن نبحث عن آثار السجن السلبية والمهددة لهذا الاجتماع، وهي آثار نبحث فيها من خلال الأسئلة التالية: كيف نظرت دولة الاستقلال إلى النظام التأديبي في علاقته بالإنسان المواطن؟ ما أثر النموذج التنموي في الوعي المواطني لدى التونسي؟ وما هي أهم الاستنتاجات حول نموذج الاجتماع المدني في تونس التي توفرها لنا دراسة حالة السجين التونسي؟.

تنطلق مقاربتنا إذن من التسليم بأن نموذج الاجتماع السائد في تونس هو نموذج مواطني أي أنه “تعاقد بين أفراد أحرار”، وهؤلاء الأفراد الأحرار يشتركون في الولاء لدولة وقانون وحيدين، ومتساوون أمام هذا القانون وأمام مؤسسات الدولة التي يفترض أنها تسهر على حماية هذه “الحرية”، التي هي بالتعريف جوهر المواطنة على حسب تعبير عالم الاجتماع السوري برهان غليون.

وبناء على مبدأ حماية الحرية، من المفروض أن يكون النظام التأديبي للمنظومة القانونية لكل دولة -والدولة التونسية معنية بذلك- محافظا على هذه الروح، وهذا التوجه نحو حماية حرية الأفراد الذين يشكلون عصب الاجتماع المدني، مما يعني ألا تكون غاية النظام التأديبي الذي لا يجادل أحد في ضرورته استهداف قيمة الحرية والسعي إلى سلبها أو تدمير الإحساس بها لدى المواطن. فهل كان النظام القانوني التأديبي في تونس مراعيا لهذا الاعتبار؟ تفترض الموضوعية العلمية منا أن تكون الإجابة عن هذا السؤال معتمدة على قراءة مفصلة ومدققة في هذا النظام التأديبي المذكور، ولأن المجال لا يتسع لمثل هذا الشكل من البحث، فإننا نعتمد سبيلا آخر نحسب أنه يتوفر على قدر لا بأس به من الموضوعية العلمية، وهو سبيل التجربة الميدانية المعتمدة في بحوث علم الاجتماع، مع إشارة أولى قد تكون عينة دالة على غياب التوجه نحو حماية قيمة الحرية أو عدم مراعاتها في النظام الجزائي التونسي، هذه الإشارة تتعلق بالتعديل الذي وقع إقراره في المجلة الجزائية التونسية في السنوات الأخيرة، والذي يهدف إلى إبدال عقوبة السجن بالعمل للمصلحة العامة، وهو تعديل يعبر عن إقرار ضمني من المشرع التونسي بأن الحفاظ على قيمة الحرية لم يكن مراعى بالشكل المطلوب، لأن العقوبات التي استهدفها التعديل مناط الخلاف فيها قضايا من المفترض ألا تكون محل سلب للحرية أصلا كقضايا التخاصم بين الأفراد وقضايا النفقة.

أما التجربة الميدانية فإن معتمدنا فيها كما قلنا هو تجربة عقد من الزمن قضيناه داخل السجون التونسية، ونحن نسلم بعلمية اعتمادها منطلقا للبحث بناء على أننا زرنا خلالها كل السجون التونسية إلا قليلا لا يغير من الأمر شيئا، وعايشنا فيها مختلف أصناف المساجين من حيث الانتماء الجهوي ونوعية المخالفات المرتكبة والأحكام الصادرة في حقهم والمستوى العلمي والتنشئة الاجتماعية، وهي كلها عناصر مطلوبة لتحديد علمية النتائج المستخلصة في هذه المقاربة.

ولا بد من الإشارة قبل البدء في استعراض مفاصل هذه المقاربة إلى أننا لا نهدف إلى البحث النظري المجرد في إشكالاتها، بقدر ما نحاول أن نفهم من خلالها الأسباب التي منعت وما زالت المجتمع عموما والفرد خصوصا من التحرر من الهيمنة والاستبداد، مساهمة منا في البحث عن سبل واقعية وقيمية للتغيير لأن أي تغيير لا ينطلق من قاعدة ثقافية محكوم عليه بالفشل مسبقا.

شكلت تجربة الدولة الوطنية أو دولة الحداثة والاستقلال في تونس بداية التأسيس لنمط اجتماع مرتبط بالثقافة الغربية، بحكم ثقافة زعيمها الحبيب بورقيبة المرتبط ارتباطا وثيقا بالمدرسة الغربية، وشهدت محاولات التأسيس هذه صدامات جزئية أرادت القيادة السياسية الجديدة اختبار الموازين بينها وبين الأنماط السائدة أو العقلية الموجهة للمجتمع، ونجحت هذه القيادة في ترسيخ نمطها الثقافي المستورد، مع شيء من الخبث السياسي الذي يجنبها الوقوع في صدامات لا طائل من ورائها، غير أن عقلية التملك أو التبني التي كانت توجه الزعيم بورقيبة في سياسته ويعتبر بموجبها أن تونس ملك خاص له وأن الشعب أبناؤه دفعت به إلى توخي سياسة الأبوة القائمة على ما يسميه “بشد الأذن”، كأن المسألة شأن عائلي بحت. لكن هذه السياسة بدأت تلقى معارضة من هنا وهناك بحكم أن المسألة تتعلق بقضية فكرية حضارية وليست مسألة خاصة. ولم ترق للزعيم محاولات الخروج عن السلطة الأبوية التي سعى إلى تركيزها، فكان السجن لكل من شق عصا الطاعة عن “أبو الشعب” كما يسمي نفسه، ولكنه سجن لم يخرج عن ثقافة الأبوة التي تحكم الزعيم، فلم يكن دخوله أو الخروج منه خاضعا لاعتبارات قانونية بل لمزاج الزعيم الذي “يعفو متى شاء ويغضب متى شاء”، مما جعل قوى المجتمع المدني المعارضة وأفراد المجتمع عموما في وضع انتظار مواقف الزعيم غالبا، وما برر أيضا قصر الفترات الزمنية التي تستغرقها الأزمات السياسية التي عرفتها تونس في تلك الفترة، باستثناء تجربة سجن أصحاب المبادرة الانقلابية في 1962.

لم تستمر هذه السياسة بعد رحيل زعيمها عن الحكم والحياة، إذ تحول نمط الدولة من النمط الأبوي إلى النمط البوليسي، وإن اظهر الخطاب الرسمي أنه متمسك بنموذج الاجتماع المواطني، لكن التجربة الواقعية تبرز أن لا حضور لهذه القيمة في الممارسة الميدانية للسلطة تجاه المجتمع وأن تجربة السجن وحدها تكشف عن عمق التناقض بين الخطاب والممارسة، كما أنها أيضا تشترك مع تجربة الزعيم المؤسس في جملة من النقاط، أو بالأحرى حافظت على ما كان قد كرسه الزعيم المؤسس من تغييب متعمد للعنصر الثقافي في النظرة إلى المواطن، ومحاولة قصر التعامل معه في الجانب “الحيواني” له، أو ما تحاول أجهزة الدعاية الرسمية الترويج له تحت يافطة “الرخاء الاقتصادي والبعد التنموي”، وفي الحقيقة لم يكن ذلك إلا استتباعا لنظرية المواطن الصالح للزعيم بورقيبة التي تنبني على فهم يقصر دور الفرد في السعي وراء لقمة العيش، دون الاهتمام بالشأن العام أو مخالفة سياسة الدولة الراعية والاحتجاج عليها.

هذا النمط من التنمية الذي كرسته الدولة الحديثة أدى إلى تقسيم المجتمع إلى فئة ذات علاقة بالحكم لا تنفك عنه، وهي فئة أصحاب الأموال الذين يهمهم رضا النظام عنهم لتحقيق أكثر ما يمكن من الربح المادي على حساب كل قيمة مدنية، ولم تخل هذه الفئة من عناصر لم تكن ذات حظ كبير من المال والنفوذ، ولكنها رضيت أن تكون تابعة للسلطة راضية عن سياسة النظام راضية بما قسم لها، ويمثل هذه العناصر موظفو الدولة والمؤسسات العمومية الذين تعبر أمثلة شعبية تونسية عن حقيقة مواقفهم من قبيل “كل خبزك مسارقة” “خصيمك الحاكم اشكون بش تخاصم”.

الفئة الثانية التي أنتجها هذا النموذج من الاجتماع السياسي هي الفئة المهمشة التي لم تحظ بأدنى ثمار التنمية الاقتصادية، والتي كانت تنتمي إلى ما يسمى بتونس غير الصالحة، حسب ما كشف ذلك أستاذ الجغرافيا الحضرية بالجامعة التونسية عمر بالهادي (في حوار مع جريدة الموقف التونسية)، وهي الفئة التي كانت معرضة أكثر للسجن أو مهددة به، نظرا إلى أن واقع التهميش يفضي إما إلى الانحراف والخروج عن نواميس المجتمع، ويكون صاحبه معرضا لعقوبات تأديبية، أو إلى الخروج عن منطق النظام القائم، وهذا بدوره لم يكن محل قبول لدى القيادة السياسية التي فرضت نظام الحزب الواحد ولا تزال.

شكل إذن دخول عدد هام من هذه الفئات إلى السجن فضحا للإخلالات التي شابت العملية التنموية لدولة الاستقلال، فكيف تجلى ذلك من خلال الحياة اليومية في السجن.

تتسم الحياة السجنية بغلبة الطابع الفردي في بعده الأناني على شخصية السجين، فبالإضافة إلى العامل الموضوعي الذي يفرض هذا النمط والمتمثل في القانون الداخلي للسجون الذي يمنع أي تحرك جماعي (الفصل 14)، فإن النزلاء لا يميلون إلى نمط الحياة الجماعية رغم وجودهم في غرف جماعية تفوق أحيانا الثلاثمائة نزيل، وذلك لسببين:

الاستلاب الذي تعاني منه شخصية نزيل الحق العام تجاه سلطة السجن: فهي شخصية لا تحاول أن تقاوم، وتعتبر أنه لا جدوى من الرفض وتختلق المبررات لحالة الاستكانة التي تعيشها، وهي نتيجة حتمية لنمط من التربية تلقاها المواطن التونسي طيلة عقود من الزمن.

تأثير العامل الاقتصادي: ويبرز من خلال ما يدفع إليه التفاوت بين النزلاء في المستوى المعيشي من حرص النزيل “المترف نسبيا” إلى الاستئثار بما عنده دون الآخرين من منطلق أنه ليس مسؤولا عن إعالة الآخرين، وهو ما أثر على نمط الاجتماع عندهم، إذ هو اجتماع يقوم على أساس الالتقاء على الطعام، أو ما يسمى بلغة السجن “أولاد ماكلة”، وهي حالة قائمة لدى الطرفين الميسورين والمعدمين، وتنبني أساسا على رفض القبول بالمعدم من جهة الميسورين، والمعدم هنا هو الذي لا يزوره أهله ولا يتلقى القفة ولا مال عنده في “قنوة” السجن. أما مجموعات الطعام التي يلتقي فيها المعدمون فهي ترفض دخول الميسورين إليها من منطلق حرصها على “كرامتها” حتى لا تكون في وضع المستخدم، وهي وضعية يستغلها عادة الميسورون من النزلاء ليستخدموا من لا يُزار ولا قفة له في أداء بعض المهام الروتينية اليومية كغسل الأواني واللباس مقابل الطعام. والملاحظة الأهم في هذا الإطار -والتي تمس قيمة المواطنة- هي أن الانتماء داخل هذه المجموعات يقوم في أحسن حالات توسعه على أساس الانتماء الجهوي الضيق، أو ما يسمى بلغة السجن “أولاد الحومة” (أبناء الحي) وليس أبناء المدينة أو الولاية.

السمة الكبرى الثانية لحياة السجن بين نزلاء الحق العام هي التمييز بين ما يسمى بالبلدي والآفاقي أو “ولد البلاد” و”الجبري”، ولا بد من التنبيه هنا إلى أن هذا التمييز ليس حكرا على نزلاء السجن من الحق العام، وإنما هي ثقافة لها جذورها في المجتمع التونسي منذ القدم (وجد هذا النوع من الصراع داخل جامع الزيتونة بين مشايخ العاصمة ومشايخ المناطق الداخلية، وقصة الإمام ابن عرفة أصيل غمراسن من الجنوب دليل على ذلك)، وهي ثقافة ما زالت تفعل فعلها داخل المجتمع لكنها أكثر وضوحا داخل السجن، وفي هذا الإطار نشير إلى أن التفرقة بين البلدي والجبري هي في مستويين، مستوى أول يفرق فيه بين ساكن العاصمة وغيره من أبناء الوطن ليكون هذا الأخير “جبري” مهما كان مستواه وفعله، ومستوى ثان مستمد من التقسيم الأول ولكن بين أبناء الجهة الواحدة، أي بين سكان المدينة وسكان الريف من المنطقة الواحدة. وهذه التقسيمات تقوم على مجرد ادعاءات يشترك فيها الجميع، إذ الكل يعتبر نفسه “ولد بلاد” وغيره “جبري”، واللافت للانتباه أن صفة “الجبري” يطلقها مساجين الحق العام على كل من ليس مواكبا للزمن بحسب فهمهم، فمن لم يكن يعرف العاصمة المكان فهو جبري، ومن لم يكن مواكبا لموضة اللباس وأخبار الرياضة والفن فهو جبري لا يفقه شيئا، “فالجبورية” عندهم هي انعدام الثقافة، ولكن ليس بمعناه العلمي المعروف وإنما هي ثقافة أشياء وجماد تعبر بوضوح عن أثر التنمية المنقوصة، التي تتعبر أن الحل الاقتصادي وحده هو هدفها وتنسى النهوض بالإنسان وتنميته الثقافية والاجتماعية، وتدعيم مشاركته العميقة والواسعة في الشأن العام، أي تنمية مواقفه وحوافزه وميوله وتطلعاته حتى يقوم بوظيفته الاجتماعية على أحسن وجه.

وتستغل سلطات السجن هذا التقسيم في العلاقات لتحافظ على الأمن والهدوء في السجن بدرجة أولى، ثم إنها تدعمه من خلال تدعيم هيمنة “أولاد البلاد” على كل الوظائف التي يسمح بها للسجين، كناظر الغرفة مثلا أو الناظر المساعد (وظيفة يتولى بموجبها سجين ما الإشراف على الغرفة وتنظيم السجناء نيابة عن الحراس).

الاهتمامات
يتركز اهتمام السجين التونسي على توفير الأكل بدرجة أولى، نظرا لأن مستوى التغذية الذي تتولاه الإدارة هو دون المطلوب كماًّ وكيفاً، وهو إجراء مقصود يهدف إلى التحكم في السجين وجعله تحت رحمة الإدارة التي تعرف بحكم خبرتها عقلية هذا النزيل الذي يستبيح كل القيم من أجل توفير الأكل، وعوضا عن مواجهة الإدارة في هذا الشأن ومطالبتها بتحسين الأكل ونظام الغذاء، يعمد نزيل الحق العام إلى حلول سهلة بالنسبة إليه ولكنها مكلفة على مستوى القيم، فهو يلجأ إما إلى السقوط في فخ الوشاية ويصبح عينا للإدارة ينقل أخبار المساجين مقابل الزيادة في كمية الطعام اليومي، أو يسقط في الفاحشة ضمن دائرة المفعول به مقابل حصوله على طعام مدني أي الطعام المجلوب من العائلات، وهي ظاهرة منتشرة داخل السجون التونسية وعادة ما يكون فيها “الآفاقي” ضحية بحكم سياسة الإبعاد عن الأهل التي تمارسها ضده إدارة السجون، مع الإشارة هنا إلى أن فاحشة اللواط داخل السجون التونسية ليست نتيجة النقص في التغذية فقط وإنما هي موجودة بفعل حالة الكبت والحرمان التي يعيشها السجين طيلة ‘محكوميته’ التي تطول عادة، وغياب سياسة تربوية واضحة لدى إدارة السجن التي تغض الطرف عما يأتيه السجناء في هذا المجال. ويتداول سجناء الحق العام كلمة تعبر عن حقيقة وعيهم بقيمة الرجولة والمبادئ، هذه الكلمة هي “الرجولة في l’objet” أي أنه استودعها الإدارة مع جملة الأثاث حين دخل السجن. مما يعني أن “التمسك بالمبدأ” عموما هو آخر اهتمامات سجين الحق العام، والمصلحة هي وحدها التي تحدد تصرفها إزاء الإدارة وإزاء السجناء الآخرين، فيمكن له أن يكون عنيفا جدا ضد الإدارة ويسترجع “رجولته” التي أودعها الأثاث إذا أدرك أنه لن يجني شيئا من الإدارة، وأنها قد صنفته ضمن المغضوب عليهم، وهذه حالة نادرة تشمل عادة المرحلين من سجن إلى آخر أبعد عن مقر سكناهم، خاصة إذا كان السجين ممن اكتسب اسما وشهرة بين النزلاء، كما يمكن للشخص نفسه أن يكون أكبر “واش” لديها رغم شهرته السجنية، وكذلك الشأن في العلاقة مع النزلاء، خاصة مع مساجين حركة النهضة في تسعينيات القرن الماضي الذين حاولت الإدارة بكل جهدها أن تجرم التعامل معهم، رغم أنها حشرتهم في غرف الحق العام نكاية بهم، وقد عايشنا في فترة سجننا كيف أن سجين الحق العام حتى وإن كان ناظر غرفة أو ناظرا مساعدا (أعلى مرتبة يحظى بها السجين) يمكنه أن يوفر لنا الأخبار والجرائد وكل الممنوعات مقابل طعام أو تبغ أو غير ذلك، رغم أنه يعلم أن ذلك في عرف الإدارة جرم يعاقب عليه أشد العقاب، كما يمكن ألا تكون بيننا وبينه أي علاقة عدائية بل قد يكون موضع تكريم منا، لكنه يتطوع للوشاية بك طمعا في ما عند الإدارة.

تتوزع بقية اهتمامات السجين بين متابعة شاشة التلفاز، وفيها يركزون على محاولة التقاط القنوات المشفرة التي تبث أفلاما جنسية، رغم أن الإدارة لا تسمح بتثبيت اللاقط في غرف السجن، ولكن يستغل هؤلاء أوقات الليل الأخيرة وصفاء الجو صيفا، خاصة إذا كانوا في منطقة ساحلية كسجن برج الرومي ببنزرت والمنستير وسوسة… ليتتبعوا هذه القنوات وغالبا ما ينجحون. والملاحظ في هذا الإطار أنه تكون محل توافق ضمني داخل الغرفة، فحتى الذين لا يرضونها يسكتون عنها مقابل منافع أخرى يغض ناظر الغرفة عنها الطرف باعتبار الطرفين يمارسان عملا ممنوعا في عرف الإدارة.

وباستثناء الوقت المخصص للفسحة اليومية والذي لا يتجاوز في أحسن الحالات عشرين دقيقة، يقضي السجين يومه في استنباط بعض الألعاب أو تذكر حياته قبل السجن ومغامراته، وإن لزم الأمر أن يكررها في اليوم أكثر من مرة وعلى سامع واحد فذلك أيضا من حقائق السجن في تونس.

يفرض واقع السجن على كل نزلائه مثل هذه البساطة في الاهتمام، وتزيد الإدارة بإجراءاتها التعسفية تهميش اهتمام السجين، فلا يلتف إلى أي قضية ذات بال خاصة أنه مهيأ لذلك بحكم محدودية تعليمه واطلاعه، واللافت أن مساجين حركة النهضة رغم خصوصية قضيتهم ومستوى اهتماماتهم لم يسلموا أحيانا كثيرة من وطأة هذا التهميش في الاهتمام، لكن ذلك لم يكن دأبهم بل كان مسايرة لواقع ليس لهم بد من مسايرته بحكم طول مدة “محكوميتهم”، والقمع المتواصل الذي مارسته ضدهم الإدارة، لكن وعيهم السياسي وتمسكهم بحقوق مواطنتهم وما تفرضه عليهم جعلت تجربتهم تتميز مقارنة بحياة المساجين الآخرين، فكيف تجلى ذلك؟.

السجناء الإسلاميون
لم يكن السجناء الإسلاميون إلا مواطنين تونسيين تربوا ضمن النمط الذي كرسته دولة الاستقلال وتأثروا به وأثر فيهم، لكن انتماءهم للحركة الإسلامية قلص إلى حد كبير هذا التأثير ولم ينفه كليا، ويبرز ذلك من خلال نظام حياتهم داخل السجن، وهو نمط مخالف تماما لنظام حياة بقية السجناء.

الاختلاف الأول في هذه الحياة برز من خلال الجهد الذي بذله الإسلاميون في كسر قانون العيش الفردي الذي تفرضه الإدارة على السجناء حسب الفصل 14 من القانون الداخلي الذي سبق أن أشرنا إليه، وقد تحمل الإسلاميون من أجل ذلك الكثير من التعذيب والتنكيل الذي كان يستهدف تنظمهم جماعيا داخل السجن، لكنهم استطاعوا بفضل تحملهم لكل تلك المعاناة أن يفرضوا على الإدارة أسلوب عيشهم الخاص، رغم أن الإدارة لم تستسلم وظلت إلى آخر لحظة تحاول من خلال تصرفات فردية لمديري السجون أن تعود بالسجناء الإسلاميين إلى وضع مساجين الحق العام في طريقة عيشهم. ويجب التنبيه هنا إلى أن الإسلاميين لم ينجحوا بصفة مطلقة في تحقيق ما يرغبون فيه، لكن بمقاييس السجن يعد إنجازهم نصرا ضد الإدارة، فقد كانوا يجتمعون على الطعام بشكل ثنائي في الظاهر لكنه يخضع “لتنظيم سري”، أي لإدارة منتخبة من قبل النزلاء الإسلاميين فيما بينهم أن تختار “أميرا للغرفة” ومعه مجلس يعاونه يهتم بتدبير شؤون النزلاء الموجودين في الغرفة، ومحاولة التنسيق مع الغرف المجاورة حسب الإمكان، وذلك في ما يتعلق بشؤون الطعام واللباس و”القنوة” والتعامل مع الإدارة ومع النزلاء الآخرين. ويتسم هذا التنظيم الذي نجح في إقامته الإسلاميون داخل السجن بكونه قضى على عقلية البلدي والآفاقي التي كانت تميز علاقة النزلاء الآخرين، كما كانوا يتقاسمون في ما بينهم كل ما يأتيهم من خارج السجن إلى درجة بلغت حد التطرف في التطبيق، ولم تمنع من وجود بعض الخلافات بينهم في النظر إلى ما سماه البعض “تعميم الاشتراكية”، لكنها في كل الحالات منعت الأقل فقرا فيهم من الوقوع تحت وطأة الجوع لاستجداء الإدارة مثل ما كان شأن نزلاء الحق العام. ولم يمنع هذا التكافل بينهم من سعيهم الدائم لدى الإدارة للمطالبة بتحسين ظروف عيشهم في المأكل والاغتسال وسقف ما هو مسموح بدخوله من الخارج.

تجسد التجربة الأولى إذن نموذجا لمواطن همشه المشروع التنموي لدولة الاستقلال فجعله سجينا لاهتمامات لا ترتقي إلى المستوى الأدنى للفعل المواطني، بما هو مساهمة في الشأن العام بحسب الممكنات المتاحة وكل حسب قدراته، وانحرف فتلقفه السجن مما زاد في تعميق جهله بواجبات المواطنة، وكان شخصية سلبية تجاه الظلم الذي مارسته إدارة السجون، مع استثناء بعض الحالات النادرة التي لا يمكن القياس عليها، والتي شكلت خروجا عن مألوف هذه الشخصية الأولى، مع التنبيه هنا إلى أن هذه الاستثناءات وجدت بعد احتكاكها بتجربة النموذج الثاني من المواطنين، وهو سجناء الرأي من الإسلاميين.

التجربة الثانية إذن المتعلقة بالإسلاميين أعطتنا نموذجا لمواطن تحدى تأثيرات المشروع التنموي لدولة الاستقلال على امتداد تجربته خارج السجن، وحاول داخل السجن فرض نموذج آخر ينطلق من قناعاته السياسية التي حوكم من أجلها.

وبما أن السجن كغيره من مؤسسات البلاد يخضع للنسق التنموي العام الذي تنتهجه الدولة، واعتبارا لكون النموذج التنموي لدولة الاستقلال نظر إلى الإنسان في بعده المادي فقط، فقد كان النظام الداخلي للسجون مكرسا بدوره لهذا النقص، ذلك أنه دفع بالسجين بنموذجيه اللذين تعرضنا لهما (سجين الحق العام والسجين السياسي) إلى حالة من عبثية أعمال العقل، مع اختلاف بسيط بين النموذجين، ذلك أن العقل البشري داخل السجن يمر بفترة فراغ رهيب تشتد إذا اقترنت بنظام مساعد مثل النظام الداخلي للسجون التونسية.

ورغم أن إدارة السجن في تونس تسمى “إدارة السجون والإصلاح” فإنها لا تمتلك الضمانات للقيام بهذا الإصلاح، فالقانون الداخلي الذي صاغه مشرع دولة الاستقلال يذيل كل بنوده بملاحظة “إذا توفرت الإمكانات” أو “حسب ما تقتضيه التعليمات والتراتيب”، وهما ملاحظتان تضربان الأسس الضامنة للقانون، ولنا هنا عدة أمثلة منها مثال البند المنظم للإقامة الذي ينص على أن السجين يصنف حسب الحالة الجزائية له وحسب السن، إلا أنه بناءً على عدم توفر “الإمكانات” الذي هو نتيجة حتمية لنموذج تنموي قاصر لا يراعي القيمة الإنسانية الثابتة للمواطن حتى وإن كان سجينا، بناءً على هذا يحشر المساجين بمختلف حالاتهم الجزائية وعلى اختلاف أعمارهم في غرف لا يسمح البيطري المختص بجعلها مأوى لبعض البقرات، فالسجين التونسي لا يتمتع بمتر مربع من المساحة داخل الغرفة، وهي وضعية تجعل السجين خاضعا لضغوط نفسية وعصبية تفقده الإعمال الواعي لعقله، خاصة إذا علمنا أنه في نظام توزيع “الفرش” -وإن كان يخضع في الظاهر للترتيب الزمني حسب الأولية- المحسوبية والعلاقة مع الحاكم وإدارة السجن ومع ناظر الغرفة الممثل للإدارة هي التي تحدد الحصول على “فراش”، فترى السجين يعمل جاهدا في توفير “الجعالة” اللازمة لدفعها إلى ناظر الغرفة أو للعون المسؤول عن الجناح، حتى يحصل على حق يوفره له القانون (الفصل 10)، وهو ما يثبت بوضوح أثر التنمية القاصرة في هذا المجال.

هذه الممارسات رفضها مساجين الحركة الإسلامية، رغم المعاناة التي لقوها في سبيل ذلك من تعذيب وحبس انفرادي ونقلة تعسفية إلى سجون أبعد عن مقر الإقامة، دون أن يصرفهم كل ذلك عن التمسك بالحق القانوني في “الفراش”، وهو ما يبين الفرق بين النموذجين اللذين أطر وجودهما مشروع تنموي واحد.

لكن ذلك لم يجنبهم التأثر بمحيط السجن وظروفه وانخرطوا في عملية “تخديم المخ” بمصطلح مساجين الحق العام، وهي عملية تخالف ظاهر لفظها وتدل على عبثية أعمال العقل، إذ لا يكون هذا الإعمال إلا في المؤامرات وحبكها و”ربط الخيوط” كما يقول النزلاء، أي النميمة بين المساجين وبينهم وبين الإدارة للإيقاع ببعضهم والتخلص من عقاب، وكانت هذه حالة عامة لنزلاء السجون التونسية لكن الإسلاميين برعوا فيها بحكم الاختلاف في المستوى التعليمي والثقافي والوعي السياسي. ورغم أن الإدارة تدرك في غالب الأحيان أن ما عرض أمامها هو مجرد “خيط” ومؤامرة فإنها تقبل به وتعاقب على أساسه وتشجع الواشي لتدعم هذا النمط من العلاقات.

تجدر الإشارة هنا إلى أن مسالة “تخديم المخ” ليست كلها سلبية، بل تحتوي على جانب ايجابي لم تفكر إدارة السجن في استثماره أو تأطيره، وهو جانب نبع من محاولة السجين التكيف مع الظروف الصعبة التي يمر بها داخل السجن على امتداد إقامته، إذ يجد نفسه في حاجة إلى إبداع ما يخرجه من هذه الحالة أو يساعده عليها، وقد أبدع السجين التونسي أشياء كثيرة، أطلقنا عليها “إبداعات ” رغم أنها محاكاة لأشياء موجودة لأن السجين يبدعها في ظل غياب المادة المساعدة على إنتاج الأصل، أي يبدعها من مواد أخرى لا تستعمل عادة لمثل هذه الإبداعات، ومما نقف عليه في هذا المجال:

“الفتيلة”: وهي التي تقوم مقام أداة الطبخ العادية، وجدتها في طريقة صنعها إذ يستعمل في صنعها الصابون ووعاء علبة معجون الأسنان ووعاء الحليب، أما السراج المستعمل فيها والذي يسميه المساجين “الفتايل” فيصنع من الصوف و”الكاغد” والخيط، أما “القميلة” (تنطق بثلاث نقاط فوق القاف) -وهي إناء الطبخ الذي يوضع على الفتيلة- فتصنع مما تصنع منه الفتيلة نفسها، وقد التجأ إليها السجين لتحسين الأكلة المقدمة إليه والتي تتسم عادة بالرداءة، علما بأن “الفتيلة” ممنوعة من قبل الإدارة وتتعرض كغيرها من إبداعات المساجين للمصادرة الدائمة أثناء عملية التفتيش الدورية التي تنظمها الإدارة للغرف، كما أن السجين لا يمكنه استعمالها إلا بالتوافق مع ناظر الغرفة حتى لا يبلغ عنه.

ومن خلال الفرق بين ما أنتجه مساجين الحق العام المبدعون لهذا الشكل من الأدوات وبين ما طوره الإسلاميون من أشكال أدهشت مبدعيها، تمكن ملاحظة أثر المستوى التعليمي والثقافي في هذا المجال، ولكن في كل الحالات هناك نتيجة مشتركة هي أن المواطن التونسي يختزن طاقات إبداعية لم يسع النموذج التنموي لدولة الاستقلال إلى تفجيرها بقدر ما عمل على وأدها تحت ذرائع واهية.

ناظر الغرفة: السلطة في ذهن التونسي
نتناول هنا علاقة السجين التونسي بالسلطة أو فهمه لها من عنصر صغير من عناصر السلطة تبدو المفارقة فيه أنه ينبع من داخل المساجين أنفسهم، أي أن هناك عملية تحول طريفة في المواقع، فالقانون الداخلي للسجون يلزم الإدارة بأن تجعل في كل غرفة من غرف الإقامة ناظرا من بين المساجين يمثلها ويشرف على تسيير الحياة فيها، تنفيذا لأوامر الإدارة وفض النزاع بين المساجين ونقل مشاكلهم وأخبارهم إلى الإدارة. ويتم انتقاء النظاّر من بين من تعتبرهم الإدارة أكثر إخلاصا لها أو من المقربين من مسؤولي الإدارة جهويا، وهنا يبرز الجانب الأول من عملية التحول التي ذكرناها، ذلك أن الإلزام القانوني يخص الإدارة، غير أن الاستعداد المتوفر من كثير من السجناء للقيام بهذه المهمة يثير الانتباه، فالناظر سجين، والأصل في الأشياء أن يكون السجين عادة معارضا للإدارة، وهو عموما ما هو قائم لدى عامة المساجين، إلا أن القابل بمهمة النظارة يشكل خروجا عن القاعدة. ومن الناحية العملية تتعمق عملية التحول بعد الانخراط الفعلي في المهمة، فالناظر يدرك أن هذه العملية غير مقبولة في المنطق العام للسجناء الذين يرون أن كل ناظر “عين” للإدارة، فيحاول أن يعرقل هذا التشخيص لفظا لا ممارسة، فتراه دائما يخطب ويذكر بأنه ليس “صبّابا”، أي عينا للحاكم، وأن مصلحة السجناء هي التي تهمه.

ورغم أن المساجين لا يكترثون لما يقوله الناظر في خطبته لقناعتهم بأن تحولا عميقا قد وقع، وأن بعض مظاهر الرجولة في الناظر لا تغير من الحقيقة شيئا، فإن حضور الناظر في أذهانهم باعتباره رمزا لمؤسسة السلطة يعتبر حضورا خطيرا تذهب معه الصفات الشخصية للناظر (ضعف البنية الجسدية.. آفاقي المنشأ..) وينعدم اعتبارها في التعامل معه، وتسيطر -عوضا عن ذلك- صفته السلطوية على الأذهان فيعمّ الخوف منه وترى المساجين يسعون لإرضائه، كما نجد هذا السعي لدى بعض أعوان الإدارة الذين يخشون هذه السلطة الواشية خوفا من العقاب الإداري، وهو ما يسمح لنا ببعض الاستنتاجات:

إن النموذج التنموي لدولة الاستقلال أضعف الشخصية التونسية نتيجة للظلم الاجتماعي، بشكل جعل الذهنية التونسية قابلة للخضوع لأي رمز من رموز السلطة، وإن كان لا يكتسب أي صفة تؤهله لذلك الأمر من السلطة العليا.

إن نمط العلاقات في مؤسسات الدولة قائم على “الوشاية”، ولا توجد علاقات مواطنة حرة تحترم الحقوق والواجبات في إطار القانون، وإنما علاقات خوف تجعل من المسؤول الأول دائما السلطة النافذة، ويكون “الصبّاب” الواشي السلطة الحاضرة معنويا وإن كان منبوذا من الجميع.

تفتقر الشخصية التونسية إلى التوازن في التعامل مع السلطة، وهذا بسبب غياب ثقافة المواطنة الحقة، فالخوف المسلط على الشخصية يدفعها إما إلى الاستكانة وهي الغالبة، وإما إلى محاولة الخروج العنيف، والسجين التونسي هنا مضرب مثل، فهو يعمد في حال إحساسه بوجوب الاحتجاج إلى استعمال أساليب عنيفة تطال شخصه، فيمزق جسمه بموسى حلاقة أو بشرب مواد كيماوية كمواد التنظيف، وهي وإن كانت حققت بعض مطالب السجين إلا أنها تعبر عن غياب القدرة على المحاجة التي إن وجدت فهي غير ذات جدوى لرفض السلطة بمختلف مؤسساتها الاستماع لرأي الآخر.

ورغم أن السجن يرمز عادة للخروج عن الأعراف والتقاليد والقوانين عموما، فإن السجين التونسي كان نموذجا سالبا تجاه السلطة، لذلك لا تشهد محاولات المساجين الإسلاميين تغيير واقع السجن غير القانوني تعاطفا كبيرا من مساجين الحق العام، الذين تحول معظمهم إلى عيون للإدارة ضد الإسلاميين ومن تعاطف معهم، وهؤلاء المتعاطفون لم يملكوا الشجاعة الكافية للدخول في مواجهة واضحة ضد ما يتعرضون له من ممارسات غير قانونية من إدارة السجن، إلا أنه يحسب لهم بعض المحاولات التي أقلقت الإدارة فسارعت إلى استيعابه من خلال بعض العطايا التي سرعان ما تسحب منهم، لجعلهم يدورون في حلقة مفرغة يطالبون بما كان يعدّ مكسبا حتى لا يطالبوا بالمزيد، وهي سياسة وقع فيها الإسلاميون فترة هامة من تاريخ سجنهم لكنهم أدركوا هذه الحيلة، فلم تعد “المكاسب” التي انتزعوها من الإدارة محل نقاش أو تفاوض، وهو ما جعل الإدارة تلجأ إلى مضاعفة استعمال القوة، لكن الإسلاميين استنبطوا طريقة فرض الأمر الواقع بدل الدخول في مواجهة، نظرا لعدم تكافؤ الموازين، وهو ما أدركت خطورته الإدارة وخشيت من تأثيره على بقية المساجين باعتباره يؤسس للجرأة، فعمدت إلى سياسة نقل المساجين الإسلاميين بصفة دورية مستمرة وغير متباعدة من سجن إلى آخر، على أساس أنه لكل سجن سياسته الخاصة به، لكنها سياسة لم تغير شيئا من النتائج التي حققها الإسلاميون الذين أفشلوا محاولات إدارات السجون التلاعب “بمكاسبهم”.

ليست النتائج التي توصلنا إليها من خلال هذه الدراسة الموجزة نتائج جامعة مانعة لان السجن في تونس لا “تنقضي غرائبه”، وإنما هي محاولة لقراءة قد تفتح الباب لاستخلاص عبر ودروس أخرى، سواء تعلق الأمر بداخل السجن أو خارجه، ما دام موضوع هذه الدروس هو المواطن سجينا كان أو طليقا.

المصدر: الجزيرة