سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ…
القرآن، فصلت، الآية 53.
ليس من الهين وفي أعقاب الانقلاب الجذري الذي عاينته القيم الناظمة للفعل السياسي بعد ثورة قامت من أجل استرداد ما هُدر من كرامة أن يحدّد التونسي بوضوح وضمن واقع السجال الحامي والمحاذير الأمنية والاقتصادية التي تترصد البلاد الخط السياسي الذي يتعين عليه النضال من أجله. فبعد مائة يوم من حصول ذلك الصدع تفرّق التونسيون شيعا قد تربو في مقتبل الأيام عن السبعين فرقة ناكفت بعضها البعض عبر الاحتكام إلى جملة من القيم والضوابط المشتركة لا يفصل بينها عمليّا سواء الانتصار إلى المحافظة أو الدعوة إلى التحرّر.
يندرج هذا الإصرار على تعهّد مدلولي الأصالة والتفتح بإعادة التعريف في صميم الإرث النضالي التونسي سياسيا كان أم اجتماعيا، حتى وأن وجد نفسه اليوم أمام وضعية فارقة يتجاوز إطارها الواقع المحلي الضيق ليضرب للبلاد عامة موعدا مع التاريخ. تمثل الحرية وعمادها المواطنة القيمة المشتهاة تحت سمائنا، هذا الحلم الطموح هو ما راود التونسيين حال ظهور أول دساتيرهم في بداية ستينات القرن التاسع عشر وهو ذات الحلم الذي تضمنه دستور الجمهورية في أعقاب تصفية الاستعمار وإلغاء الـمُـلكية عند موفى خمسينات القرن الماضي. ولئن انخرط ما نعيشه اليوم ضمن نفس الأفق باعتبار أن الاستحقاق الدستوري هو الذي تم إعلاؤه واقعيا قصد تحديد ضوابط المنافسة وسقف الصراع أيضا بين مكونات المشهد السياسي، فإننا نعتقد أن طبيعة المرحلة التاريخية الجديدة تقتضي الانتقال بالممارسة السياسية إلى أفق بديل يلغي الشرعية عن جهاز الدولة خارج إطار ضمان الحريات الفردية.
للمرء أن يتساءل في ظل تصحّر المشهد السياسي التونسي منذ موفى ستينات القرن الماضي عن مشروعية الدعوة إلى إنجاز نقلة في الممارسة السياسية، والحال أن استبطان الحداثة لا يزال حكرا على غرب جحود ومتغوّل. إلا أن مثل هذا الاستفهام لا يصمد أمام التحولات السريعة الناجمة عن الحدث الثوري التونسي واستتباعات ذلك الحدث عربيّا وكونيا. فالبيّن أن “رعاب الدولة la phobie de l’Etat” ومدلوله الخوف من تعاظم جهاز الدولة وانتزاعه لحرية الأفراد قد طال مجالا جغرا-سياسيا ساد الاقتناع غربا ولزمان بعيد أنه غير مؤهل للعيش خارج وصاية دولة الاستبداد الشرقي ذات النوازع الباتريمونيالية المهيمنة، لذلك فإن ما نعيشه اليوم ضمن المجال العربي عامة يؤشر بطريقته الخاصة عن الأزمة الحقيقية التي يعاينها مدلول الشرعية وممارسة الحكم، وهي أزمة لا يمكن أن لا تذكّرنا بما جد خلال القرن الثامن عشر أوروبيا لدى تزايد الخوف من الاستبداد despotisme كشكل من أشكال ممارسة السلطة السياسية وكذلك الأمر حال وضع الحرب العالمية الثانية لأوزارها وتزايد الوعي دخل العالم الحرّ بضرورة القطع مع الكليانية totalitarisme في تمضهراتها المتعددة، فاشية كانت أو نازية أو ستالينية.
تبدو هذه الصدمة حاسمة في تخلي الأوروبيين عن كل نظرية تطرح تعريفا مجردا لجهاز الدولة أو لنمط ممارسة السلطة والبحث عن حقيقة وجود ذلك الجهاز في مضمون العلاقة التي تربط أفراد المجتمع بالممارسة السياسية، مع الإقرار تبعا لذلك بأن تدرّج الأفراد كما المجتمعات باتجاه التحرّر هو ما يحدّد طبيعة النظام السياسي الذي تعود له مهمة إدارة الشأن العام. ومن المفيد الإشارة في هذا الصدد إلى انقسام التجربة النيو-ليبرالية كونيا إلى نموذجين واحد عاينته ألمانيا بعد خروجها من الحرب والآخر مارسته الولايات المتحدة الأمريكية. ويتسم سياق هاتين التجربتين بالتعامل اليقظ مع جميع أشكال التدخّل أو التخطيط أو التعديل الفوقي المفروض من قبل جهاز الدولة. فالمعروف أن المجتمع الألماني الذي انخرط في المحظور ممارسا باسم الانضباط أبشع أشكال التمييز والإقصاء والاستئصال قد عمد إلى القطع نهائيا مع دواعي الهيمنة المتخفّيّة وراء جميع المشاريع القومية التي شكّلت بزعم مروّجيها قدره التاريخي، عاملا على النجاح وبأقصى درجات النجاعة في إعادة البناء وتنشيط الدورة الاقتصادية تجاوزا لمخلفات حرب كارثية. وهو ما ترتب عليه الاقتناع بأن أي مشروع سياسي لم يعد بإمكانه إدعاء الشرعية خارج إطار التوافق بخصوص إرساء مناخ سياسي يسمح بممارسة الحريات على أساس تقاسم المسؤولية بين جميع المواطنين، مع الإعراض عن الاعتراف بتمثيلية جميع من يعمدون إلى التعدي على تلك الحريات أو لا يعترفون بطابعها الأساسي. فارهن عندها مدلول الشرعية السياسية بضمان قدر كبير من الحرية، أولاها حرية المبادرة الاقتصادية.
والمرجّح تاريخيا أن جميع تلك الشروط لم توضع إلا بغرض الاستجابة لعدد من الأهداف استوقفنا من بينها البحث ضمن المنظومة الاقتصادية على ضمانة لتوسيع دائرة الحريات التي لا يسمح القانون الدستوري وحده بالحصول عليها، وذلك بصرف النظر طبعا عن طمأنة أوروبا بخصوص صدق الألمان في القطع مع جميع دواعي العودة إلى الكليانية بمجرد استعادة عافيتهم الاقتصادية. على أن الفكرة المفتاح ضمن سياق نفس تلك التجربة قد تمثلت في البرهنة على أن الاقتصاد هو الحاضنة الحقيقية للسيادة السياسية وهو من يُكسب الدولة -الضامنة لاتساقه وحسن تسييره- مشروعية وجودها من خلال الاحترام الطوعي للمواطنين للقوانين والقبول باعتماد التوافق الاجتماعي في تجاوز الصراعات. فسياق الحرية يستوجب فسح مجال رحب للتعبير، وهو ما لا يمكن تصوّره داخل العالم الحرّ دون فسح مجال أرحب للمبادرة الاقتصادية وحرية بعث المشاريع.
وهكذا يبدو النموذج السياسي الألماني لمرحلة ما بعد الحرب معبِّرا فيما يعنينا عن استبطان عميقا لمحورية القطع مع جميع أشكال الوصاية الإيديولوجية المؤدية إلى الدخول في أنفاق مظلمة، والاقتناع بأن النمو الاقتصادي هو الكفيل وحده بتقاسم الرفاه والحفاظ على السيادة والتصالح مع التاريخ. على أن طرافته الحقيقة قد تمثلت في تعارضه مع التصورات التي وجهت فكر أساطين التيارات الليبرالية المؤسسة في تساؤلهم عن الكيفية التي تسمح باستنباط السبل الكفيلة بتدرّج الدولة القوية الوارثة لنظامها البوليسي عن عهود الاستبداد المتنوّر باتجاه فسح المجال لمزيد من الليبرالية الاقتصادية؟ بينما تمحور تساءل المحدَثين الألمان وعلى النقيض من ذلك حول مدى معقولية القول بتشكيل الدورة الاقتصادية لدولة لم توجد بعد؟ وما السبيل الأمثل لتشييد تلك الدولة في الواقع على أساس احترام الحرية الاقتصادية؟
تدخل استعادتنا لمختلف هذه التوجهات التي طبعت الممارسة السياسية غربا وأعادت تشكيل تصوراتها بخصوص الحداثة ضمن سياق يرغب في البحث عن تصوّر سياسي تونسي يعطي للممارسة السياسية مدلولا بديلا ينبني على نفعية توافقية un pragmatisme consensuel تنخرط بشكل مبدئي غير قابل للارتداد أو النكوص في الحداثة وتتعامل مع مكونات الهوية من وجهة نظر حاجيات الانخراط الفاعل للدفاع عن القيم الكونية المشتركة دون مواربة أو تهيّب أو تزييف. هذا التوجه نجد صدى فارقا له ضمن تعبير النوايا الذي عرضه حزب أنجبته الثورة اختار مؤسسوه أن يسموه تيمّنا بـ”آفاق تونس” وهي تسمية تحيل رأسا على مشترك حداثي صاغته الشبيبة اليسارية عند ستينات القرن الماضي يتوق إلى الحرية، مُعرضا عن قيم المجتمع التقليدي الغربي رافضا الانخراط في الحلقة المفرَغة لإعادة إنتاج الفكر المحافظ. وغالب الظن أن آفاق تونس قد حافظ تماشيا مع قراءته التفاعلية لخصوصيات زمن العولمة ومقتضياته واعتبارا لاحتكامه المعلن إلى نفعية البرامج السياسية دون إغراء الإيديولوجيات، على جذوة الانحياز إلى ديناميكية التحرّر في تجربة الشبيبة الحداثية التونسية لأواخر ستينات القرن الماضي. لذلك نجده يراهن على عدم التعارض بين نخبوية الفكر وشعبية الممارسة السياسية، شريطة إثبات القدرة على بناء الثقة وتوسيع دائرة التوافق وهما فرض عين في ممارسة النشاط العام بمقياسه الكوني حاضرا. كما أن تركيز إعلان النوايا على نبذ التوجهات العمودية في ممارسة الفعل السياسي يدفع باتجاه القطع مع الوصاية وتوسيع دائرة المتدخّلين في الحياة العامة ترشيدا للفعل والتزاما بالاختيارات المعلنة وتحمّلا لمسؤولية وضعها موضع تنفيذ أيضا. لذلك تتخذ المواطنة إذا ما فهمنا جيدا تصورات مناضليه معنى دقيقا لا يمكن إدراكه بمعزل عن الجدارة في جميع تجلياتها العمليّة والأخلاقية، بينما يلعب الدفاع المبدئي عن الحرية دور محوريا في الدفاع عن جميع أشكال المبادرة الاقتصادية العاملة على خلق الثروة باحترام المؤسسة كمرفق اجتماعي يتجاوز وجوده طبيعة ودرجة استفادة مختلف الأطراف المنتسبة إليه. علما أن الإعلاء من قيمة الجدارة هو الضامن الحقيقي لتعزيز الكفاءات وتطوير مستوى التكوين تتطلّعا لتوسيع دائرة التشغيل وإضفاء مدلول عملي على مطمح الكرامة الذي رفض التونسيون صراحة العيش من دونه.
هذا في تصورنا مدلول ممارسة السياسة من منظور بديل تونسيا، فليس من حقنا وبعد أن أنجزنا أول الثورات الإعلامية cyber révolution للألفية الثالثة أن نشك في قدرتنا، إذا ما صح العزم وخلُصت النوايا، على الاندماج بثقة ورباطة جأش حقيقية في كونية باتت في متناول يدنا والقطع مع جميع أساليب خلط الأوراق المستهين بثورة كشفت بشكل عميق وغير متوقع عن حدة ذكاء التونسيين.
et pour s’inscrire dans le même courant de pensée je rajouterai que le plus dangereux dans le programme économique des islamistes c’est leur volonté avouez d’instaurer une économie moyenâgeuse
restreindre les libertés économiques déjà quasi inexistante au nom de l’islam serai désastreux pour une économie tunisienne déjà fragile le résultat serait ironiquement pour un parti qui se nomme renaissance plus de décadence que ce qu’on vit en Tunisie déjà ! après chacun est libre de penser ce qu’il veux ! pour moi le meilleur parti qui dirigerait la Tunisie après le 24 juillet serait un parti qui se poserait deux questions fondamentales :
comment faire en sorte que ce qui s’est produit ne se reproduise plus
et comment légitimiser l’appareil de l’état
et comme a dit un politicien allemand
seul un État établissant à la fois les libertés et la responsabilité des citoyens peut légitimement parler au nom du peuple.
et j’ai pas l’impression que ennahdha porte un projet garant des libertés ni de la responsabilité
de un parce que les libertés ils veulent les restreindre au nom de la religion et deux parce qu’on faisons l’éloge d’un projet de société a vocation divine on s’éloigne de l’idée importante de la responsabilité du citoyen
مقال دقيق على مستوى التحليل ، أطلب منكم تعريف النضال،شكرا
En politique la clause de résultat implique forcement une libéralisation de l’initiative.Ceci ne veut-il pas dire que le pragmatisme néo-libéral est dans une certaine mesure aussi un agnosticisme idéologique.
Désolé Si Lotfi, mais je pense que vous vous trompez sur le parti « Afek Tounis » et ce sur plusieurs points :
– Se membres, du moins ses fondateurs sont loin d’être des gauchiste à la recherche du progrès,
– Elles/ils sont en majorité des femmes/hommes d’affaires plus soucieux de conserver leurs avantages que du développement humain et social de notre pays,
– Elles/ils sont le fruit de l’aristocratie tunisienne (et sfaxienne en majorité) qui ne doivent leurs statut qu’au largesses octroyés par les pouvoirs en places depuis des siècles à leurs ancêtres contre leurs loyaux services
– Elles/ils ont presque tous corroborés avec l’ancien régimes, si ce n’est par la participation active à la corruption, c’est par le silence et la passivité compremettrice tout en profitant d’avantages et de faveurs
– Il serait bien à tous ces gens d’afficher leurs patrimoines et leurs déclarations d’impôts sur les dernières années, on verra bien le décalage ! Elles/Ils diront bien qu’il se sont enrichis malgré eux sous la torture !
LES TUNISIENS a l’Etranger savent plus les programmes du partis nouveaux.
Tous ceci est peut-être bien vrai et plus encore, mais ce qui importe pour moi c’est la dynamique néo-libérale qu’ils prétendent animer et j’ai tout simplement envie de les prendre au mot.
Merci en tout cas pour tous vos éclaircissements il éclaireront certainement ma lanterne et la leur.
@Sahibolhimar, Vous avancez des assertions fantaisistes n’ayant aucun fondement sauf celui de relayer de l’intox de certaines mouvances de gauche extreme et de courants islamistes qui ont pris en grippe ce parti dès qu’il a commencé à apparaitre sur la scène politique. Je ne suis pas adhérent encore, mais je connais certains des membres fondateurs qui sont plus que dignes de confiance. Ce que vous dites sur leurs origines de sfaxiens , qui outre qu’elle est fausse , est indigne et nous ramène à des années lumière du progrès. Ce parti fait les choses différemment et gène par son look moderne et “élitiste”.
Leur programme social est digne et leur volonté de servir le pays est sincère .. leur thèse d’un développement économique équilibré est ce qu’il faut pour notre pays ..
Je n’ai pas adhéré au parti à cause d’une dame parmi les fondateurs dont je conteste les écrits … mais, je sais que ce n’est pas l’avis des personnes que je connais et qui sont plus qu’intègres , patriotes et loin des clichés que vous colportez sans prendre la peine de vérifier.
Vos allégations de collaboration avec l’ancien régime est tout simplement mal intentionnée, et je pourrais attester sous serment que ces personnes n’ont rien à voir avec l’ancien régime.
Je voterais certainement pour ce parti car je suis persuadé que ce courant frais servira le pays mieux que quiconque. Si ouled el hlal le laissent tranquille :-))
aujord hui le monde contemporaine confronte une crise d;identité qui eté une produit de ” neo liberalisme” qui condamne meme l,existence humaine dans une image fabriqué et topique