بقلم محسن التليلي و زياد بن عمر،

تعيش الجامعة التونسيّة على وقع ما أفرزه تطبيق القانون المتسرّع المنظّم للانتخابات والمبني على الأمر عــ386دد المؤرّخ في 09 جوان 2011، ذلك أنّه يعتمد مبدأ الانتخاب غير المباشر دون مراعاة لتمثيليّة صنفيْ الأساتذة حسب نسبة العدد، فصنف ب مثلا من مدرّسي الجامعة والذي تتجاوز نسبته الـ80 % يتمّ تمثيله في الانتخابات بنفس عدد ممثّلي الصنف أ الذين يمثّلون أقلّ من 15% وهو ما رجّح سلفا كفّة المتنفّذين السابقين والمناشدين في المحافظة على مواقع التسيير والقرار في المجالس العلميّة والعمادات وحتّى رؤساء الجامعات.

ولم تكن الوزارة لتقدم على تمرير هذا الأمر لولا إعطاء الضوء الأخضر من طرف النقابة العامّة للتعليم العالي التي ضربت بعرض الحائط قرار المجلس القطاعي المؤرّخ في أفريل 2011 والذي ألزمها باعتماد مبدإ الانتخاب المباشر حدّا أدنى للانتخابات بالجامعة، هذا إلى جانب إعراض نفس النقابة عن الرجوع إلى القاعدة الأستاذيّة أثناء مشاوراتها مع وزارة التعليم العالي.

وفوجئ الجميع بصدور هذا الأمر بضعة أيّام قبل إجراء الانتخابات دون نشر قائمة الجامعيين المتورّطين مع النظام السابق خاصّة منهم المناشدين والمشاركين عبر اللجان القطاعيّة في رسم السياسة الفاشلة بالجامعة وفي ظرف توقّفت فيه الدروس وكان الأساتذة منكبّين على إصلاح الامتحانات، أمّا عن ظروف إجراء الانتخابات نفسها فقد تمّت في أجواء مشحونة من التجاذب والاختلاف والغضب على النقابة والوزارة بعديد المؤسّسات إلى حدّ أخذ قرار المقاطعة التامّة أو الجزئيّة بجملة من المعاهد أو الكليّات (كليّتا العلوم الاقتصاديّة والتصرّف بنابل وسوسة، مدرسة المهندسين بسوسة، معهد اللغات المطبّقة بالمكنين، معهد الفنون والحرف بالمهديّة، المعهد الأعلى للتنشيط الثقافي ببئر الباي، كليّة الآداب والعلوم الإنسانيّة بسوسة…) وقد تمّ تعيين مديرين في المؤسّسات التي لم يتمّ فيها انتخابات يعرف أغلب الأساتذة مدى ولائهم لمنظومة العهد السابق.

أمّا بالنسبة إلى كليّة الآداب بسوسة والتي لعب طلبتها وأساتذتها دورا طلائعيّا في مسيرة الثورة بالجهة فقد قاطع 129 أستاذا من جملة 175 هذه الانتخابات منهم 14 على 30 من صنف أ و115 على 145 من صنف ب، ومع ذلك مارست الأقليّة الانتخاب لفائدة لوبي لا يمثّل البتّة أغلب الأساتذة.

وفي جامعة سوسة كمثال على خدمة هذا القانون الانتخابي للوبيّات القديمة المتنفّذة بالجامعة التونسيّة أفرزت هذه الانتخابات التي صوّت فيها 5 أساتذة منتخبون من صنف ب مقابل 19 من صنف أ (5 منهم منتخبون و14 رئيس مؤسّسة) نتائج لا تتماشى ومتطلّبات المرحلة التي تمرّ بها بلادنا ومبادئها التي ضحّى الطلبة والأساتذة طيلة عقود من اجل تحقيقها.

إنّ ما حدث في الجامعة التونسيّة أمر خطير ومؤسف في ضوء استحقاقات الثورة ومبادئها التي نادت بجامعة وطنيّة ديمقراطيّة تستجيب للمقاييس العلميّة والأكاديميّة بعيدا عن كلّ حسابات ضيّقة، ولا بديل عن سحب هذا القانون الانتخابي واعتماد الانتخاب المباشر مع مراعاة الشروط العلميّة في الترشّح لمواقع القرار والتسيير.

وننتظر من كلّ الأساتذة الجامعيين مزيد اليقظة والتحفّز للدفاع عن جامعتهم للرفع من شأنها تغليبا للنزاهة والمصداقيّة في ترسيخ مبدأيْ العلميّة والديمقراطيّة.

الإمضاء

محسن التليلي – جامعي

زياد بن عمر – جامعي