بقلم وسيم تواتي

“الكبار والمستكرشون يتحكمون في السوق كالعادة سعر الكلغ من الدقلة تدحرج إلى 1700 مليما و لا من مجيب ولا من رادع الفلاح ينحدر الى هوة الفقر… و السادة الكبار يصعدون في رحلة ماكوكية إلى سماء الثراء الفاحش…”

هكذا أراد أحدهم أن يصف قطاع التمور بولاية قبلي، ولعلها كذلك… بدأنا البحث في الموضوع .
تقدر صابة التمور لهذا الموسم 2010- 2011، 190 ألف طن منها 135 ألف طن من نوع دقلة نور. تنتج ولاية قبلي 70 % من الإنتاج الوطني للتمور، هذا ما صرح به السيد المدير العام للمجمع المهني المشترك للغلال ويمثل هذا القطاع مورد الرزق الأساسي و الوحيد لأبناء الجهة.

الفلاح بالجهة يشكو من أن حقه قد هضم لان الأسعار المقترحة لا تغطي تكلفة الإنتاج. سألنا الحاج محمد عن تكاليف الإنتاج و ما يلاقيه القطاع من صعوبات، فكانت إجابته التالية: “النخلة بصفة عامة تمر بعديد المراحل حتى تكون جاهزة للجني. ففي مرحلة اولى يقوم الفلاح بعملية التلقيح و تمتد هذه العملية من بداية شهر مارس إلى أواخر شهر ماي و تستوجب تدخل الفلاح مرتين على اقل تقدير للنخلة الواحدة، في مرحلة أخرى يقوم الفلاح بعملية تنظيم للعراجين او كما يحلو لأبناء بتسميتها “التمليص” بعد ذلك تأتي عملية تغليف العراجين لحماية المنتوج من الأمطار، ثم في مرحلة أخرى الجني و بعد ذلك تنظيف النخلة، إضافة إلى كل هذا هناك مصاريف الري التي تصل في بعض المناطق إلى 6000 مليما للساعة الري الواحدة، و مصاريف تهيئة الأرض و الأسمدة…”

قمنا بجولة للتعرف على أسعار التمور و خاصة دقلة النور الأكثر شهرة و الأكثر رواجا، فوجدناها على الشاكلة التالية: الرباط أو العرجون بسعر 2000 مليما الى 2500 مليما للكلغ، التمور الموجهة للشركات بسعر 1700 مليما للكلغ أما بالنسبة الى المجبودة أو الشايحة بسعر 800 مليما للكلغ. و هي أثمان بعيدة جدا عن ماهو متداول عليه في الأسواق التونسية على الأقل.

سألنا عن مصدر تحديد الأسعار، فعلمنا أن اجتماعا قد وقع في منتصف شهر أكتوبر بمقر ولاية قبلي لمصدري التمور في تونس، و قد تطرق هذا الاجتماع لكيفية جمع الصابة و عن اتفاق اولي بين المصدرين على تحديد الأسعار، كما قام السيدان وزيرا الفلاحة و السياحة بزيارة للجهة قبل انطلاق موسم الجني و كانت فرصة للفلاحين للاحتاك مباشرة بالمسؤولين و عرض المشاكل التي تعترض قطاع التمور بالجهة و كان الجانب الأمني حاضرا بقوة إذ أبدى الفلاحون تخوفا كبيرا من عمليات سرقة و نهب قد تلحق بالواحات كما أكدوا طلبهم بان يكون سعر التمور مناسبا و يغطي تكاليف الإنتاج. و تم الاتفاق على بعض التوجهات و طمأنة الفلاحين بأنه سيتم اجتماع على المستوى المركزي بمقر الوزارة الذي من خلاله ستحدد الأسعار. و قد تم بالفعل هذا الاجتماع و قد خلص إلى تحديد أسعار بيع التمور حسب الجودة إلا أنها لم ترتقي إلى تطلعات الفلاحين في تحديد سقف الأسعار.

لسائل أن يسال، أين الفلاح من كل هذه المشاورات حول سعر التمور؟ لماذا لا يكون طرفا في تحديد السعر؟ من المستفيد الأكبر من هذه الأسعار؟

وجه الفلاحون أصابع الاتهام إلى التجار الكبار في هذا الميدان اذ وحدهم قادرون على فرض الأسعار في غياب الرادع إذ لم تدخل السلط العمومية بأي شكل من الأشكال لفرض توازن في الأسعار يراعي فيه حق الفلاح و حق التاجر.

لم يقف تهميش قطاع التمور بالجهة في تحديد الأسعار إذ أن المهرجان الوطني للتمور بقبلي لهذه السنة لم يتلقى التمويلات الكافية لإقامة الدورة 28 للمهرجان و قد أصدرت الهيئة المديرة للمهرجان بيانا بهذا الصدد و هذه نسخة منه.

و معلوم أن هذا المهرجان يلعب دورا هاما في الدعاية لترويج الإنتاج الذي يعاني ركودا كبيرا لم يسبق له مثيل.

انجر عن كل هذا أن مجموعة من المواطنين عمدوا في الأيام القليلة الفارطة إلى غلق الطريق الوطنية رقم 16 الرابطة بين ولايتي قابس و توزر و المارة بولاية قبلي.

اندلعت الثورة المباركة، و يأمل أبناء الجهة في حل لمشاكلهم و مزيد الإحاطة بهذا القطاع في قادم المواسم و في النهاية بغد أفضل.