بقلم نسرين الرمضاني،

تعاني أحلام (39 سنة) من إصابات عديدة poly traumatisme في جسمها، أخطرها كان على مستوى الركبة اليمنى يسبب لها عجزا جزئيا دائما (سقوط) Incapacité Permanente Partielle I.P.P يقدر بــ 40%، حيث يحرمها من المشي بصفة طبيعية و قد استوجب الأمر الاستعانة بالمشابك الطبية المعدنية، كي تلتحم الكسور، و التي تزيد حالتها النفسية سوءا جراء الآلام التي تسببها.

و حسب ما أكده لها الطبيب المشرف لن تتمكن أحلام من المشي كما في السابق أو حتى أن ترى مجددا ساقها المتضررة في حالتها الطبيعية، و الحل الوحيد الذي اقترحه الأطباء هو عملية زرع prothèse ركبة اصطناعية genou artificiel. هذا الاقتراح و إن كان الحل الوحيد المتوفر إلا انه ليس بالحل الجذري للمشكل و إنما هو أفضل ما يمكن القيام به.

إضغط على الصورة للتكبير

عملية زرع الركبة الاصطناعية تكلف بين 3 و 5 ألاف دينار، و لكن الوضع الاجتماعي لأحلام، التي انقطعت عن العمل منذ الحادثة، لا يمكنها من تأمين مبلغ كهذا كما أنها تجد صعوبة في تأمين مصاريف علاجها، حيث تقول: “يساعدني أفراد عائلتي في تأمين مصاريف تنقلي إلى المستشفى و مصاريف علاجي و لكنها أحيانا لا تكفي رغم أني أعالج في مستشفيات حكومية” .

تقدمت أحلام بملف طبي يحتوي جميع الوثائق التي تؤكد حالتها الى لجنة تقصي الحقائق يوم 1 جوان 2011، و كذلك أودعت ملفها في مقر ولاية تونس يوم 3 جوان 2011، و لكن منذ ذلك الحين لم تتلقى أي رد من أي طرف، كما أنها لم تتحصل على أي تعويض.

تعود الحادثة إلى يوم 12 فيفري 2011، حيث كانت أحلام، صحبة مجموعة صغيرة، تساعد صديقا لهم على الانتقال إلى بيت آخر، سبب هذا القرار كان تعرضه إلى تهديدات متواصلة بدأت تتخذ طابع الحدة و الجدية شيئا فشيئا حيث كان يتلقى عديد الزيارات و الرسائل من أطراف مجهولة.

و أوضحت محدثتنا، بعد استفسارنا عن الأسباب الكامنة وراء هذه التهديدات، تقول: “بدأت التهديدات لصديقنا منذ شاركنا في الوقفة الاحتجاجية في مطار تونس قرطاج، آخر شهر جانفي الفارط عند عودة راشد الغنوشي إلى تونس، حيث رفضنا توظيف الدين لأغراض سياسية و طالبنا بنظام حكم علماني…”

عند الثامنة مساءا (كان العمل بحضر التجول في تلك الفترة لايزال ساري المفعول حيث يبدأ منتصف الليل) سمع الأصدقاء طرقا عنيفا و أصواتا مجهولة تأمرهم بفتح الباب، و تواصل أحلام سرد القصة: “…حاولنا طلب المساعدة ولكن كانت كلها محاولات فاشلة، لذلك كان السبيل الوحيد للهرب هو النافذة، مع العلم أن الشقة كانت في الطابق الثالث، خاصة عندما بدؤوا محاولاتهم لكسر الباب كنت أول من قفز و لم أوفق في ذلك فسقطت و دخلت في حالة غيبوبة طويلة..”

تلقت أحلام الإسعافات اللازمة من قبل الحماية المدنية حيث تم نقلها إلى مستشفى شارل نيكول، و قد تطلبت حالتها الصحية تدخلا جراحيا سريعا لتمضي بعد ذلك ثلاثة اشهر تحت الرعاية الطبية المكثفة.

لم تتحصل المتضررة من الحادثة على أي رد من لجنة تقصي الحقائق بخصوص متابعة حالتها و لم يقع أي تقدم و لو بسيط في ملفها أو حتى مجرد إحالة القضية على المحكمة، فهي تنتظر منذ أشهر دون جدوى. كما أنها لم تتلقى أي من الحقوق أو المستحقات التي يضمنها المرسوم عدد 97 لشهداء ثورة 14 جانفي و مصابيها.


كل هذه الأسباب جعلتها تقرر أن ترفع قضية بنفسها لتنجز التقدم المنشود في ملفها و لتفهم ما حصل و أيضا لتتمكن من الحصول على التعويض الذي تستحق، و لكن عند توجهها إلى مركز الشرطة للحصول على رقم المحضر، وقعت مماطلتها لأسباب مجهولة ففي كل مرة يتحجج أعوان الشرطة بحجج واهية و لا يمدونها برقم المحضر الذي يثبت الحادث.

دامت مماطلة الشرطة حوالي الشهر و خلال هذه المدة لم توقف أحلام عن التردد باستمرار على مركز الشرطة متمسكة بمطلبها، لتتمكن أخيرا من الحصول عليه حيث مدها الأعوان منذ أيام بعدد المحضر الذي طلبته.

و لكن تبقى مماطلة الشرطة لمدة طويلة أمرا أثار تساؤلات أحلام التي لم تتمكن من إيجاد تفسير لذلك:” لم أفهم لماذا استغرقت الشرطة قرابة الشهر كي تسلمني عدد المحضر الذي قام به أصدقائي ليلة الحادثة و الذي أضيفت له أقوالي حالما استجمعت قواي بعد الحادث…و رغم أن هناك عديد الإشاعات التي أسمعها بخصوص ذلك إلا أني لا أستطيع أن أجزم بأي حقيقة ما لم أجد الدليل الذي يثبتها…”

اتصلت بأحلام منذ أيام كي أطمئن على صحتها و أيضا كي أستفسر على اخر التطورات في قضيتها فأخبرتني أن العدد الذي تسلمته ليس عدد المحضر الذي يخصها و إنما هو عدد خاطئ و بناءا على ذلك عليها أن تبدأ من جديد رحلة البحث عن المحضر الذي يمكنها من متابعة قضيتها.