شخصيا أحس لما أشاهد القنوات التونسية الخاصة او العمومية أو اسمع الاذاعات او اقرأ الجرائد، بأننا مازلنا تحت حكم بن علي و سياساته الاعلامية المشوهة للحقيقة و المسوقة للاكاذيب و الباطل.

وقد قلنا لهؤلاء بأن المواطن التونسي أذكى من نخبته و أكثر انفتاحا و ثقافة، و لا يمكن خداعه، بل ان السحر ينقلب على الساحر في جميع الحالات التي يحاول فيها الاعلام القيام بالمغالطة.

و لنبدا بقناتنا التي تدعي الوطنية نفس الصورة بجودتها الرديئة نفس الوجوه نفس الخطاب، غناء قديم مجتر ليلا نهارا و يوم الاحد، مسلسلات راكدة في خزائن منتجيها تشتريها القناة الوطنية، وثائقيات تبدلت الوانها بسبب قدمها و تفاهة مواضيعها. برامج دينية نادرة و جنائزية رتيبة تضعف الايمان و لا تقويه و تتحاشى الخطوط الحمراء البن علية، حديث متواصل عن عيد الشجرة و الجار و الاعتدال و الوسطية…

وجوه اعلامية كالحة لم ينجح الماكياج في تغييب أثر السهريات و الدخان و الحزن و القلق الذي يعتريها، ابتسامات صفراء. ضيوف كالعادة لا يمثلون الا انفسهم و ليست لهم شعبية و من مدرسة أثبت التاريخ فشلها.

أتساءل بماذا يشعر الصحافين التونسيون عندما يتم طردهم من الاماكن التي يتوجهون اليها؟ هل هناك مؤامرة ضدهم أم أن شعب لا يثق بهم؟ أليس هذا سببا كافيا لمراجعة النفس و الانتقاد الذاتي أم أن دروس المخلوع في سياسة الهروب الى الامام مازالت مسيطرة على العقليات.

كنت اتوقع بعد الثورة ان يفتح صحافيوا تونس ملفات ظلت طي النسيان في تونس: جرائم الاستعمار الفرنسي في تونس ودور المقاومة، انقلاب بورقيبة على الثعالبي، اليوسفيين و مجازر الخمسينات و الستينات، ازمة الهوية في تونس و من وراءها، الهجرة السرية، التونسيون الذين نجحوا في الخارج و أسسوا امبراطوريات اعمال، المراة و التحرش بها في وسائل النقل و الادارة، السلفية و الانتشار الهادئ، الاستلاب و عبدة الشياطين، الفساد و دوائر التاثير الخفية و المواضيع كثيرة جدا يمكن للصحافيين ان يدلوا بدلوهم فيها بكل حرفية و ينافسوا اعتى القنوات.

لكننا ما نراه هو اصطفاف معظم الاعلاميين وراء الكسل و تخيير الحلول السهلة والرديئة و اذا سألت أحدهم عن السبب يقول لك هي مسالة امكانيات.

بالله عليكم قارنوا بين جودة برامج قناة المنار أو تلفزيون الجديد اللبنانين من الناحية التقنية او من ناحية المحتوى و بين قنواتنا التونسية بالرغم من أن ميزانية القناتين اللبنانيتين لا تمثل 5% من ميزانية التلفزة التونسية. أين تذهب كل تلك الاموال، ماذا يفعل كل هؤلاء الصحافيين و التقنيين و العملة؟

و أتساءل لماذا لا يتم نشر تقارير هيئات الرقابة التي قامت بالتدقيق في حسابات التلفزة زمن المخلوع ليعرف الجميع حجم الفساد و من وراءه.

صحافيونا و اعلاميونا في تونس يرفعون راية “نحن لا نأخذ دروسا من أحدا اللهم من الاعلام الفرنسي” و “نحن لا نقبل النقد و الانتقاد و كل من يفعل ذلك يعتبر تهجما علينا و تعديا على حرية الصحافة و بلا بلا بلا” بهذه العقليات لن نؤسس لاعلام حر و نزيه بل ستبقى لافتة “اعلام العار” معلنة على صفحات الفايسبوك و الانترنات، وعلى تلك المواقع فقط نحس بأن الثورة في تونس قد حدثت فعلا و نجحت في التغيير