المقالات المنشورة بهذا القسم تعبّر عن رأي كاتبها فقط و لا تعبّر بالضرورة عن رأي نواة

مرّة أخرى، يؤكّد محسن مرزوق أنّ مجلسه الموازي سيدعم المجلس التأسيسي الوطني، قال ذلك اليوم بمناسبة افتتاح أعمال مجلسه الذي “سيعزز مشاركة المجتمع المدني في صياغة الدستور و سيشكل قوّة اقتراحية وينشر الوعي الديمقراطي وقيم منظومة حقوق الإنسان”.

تذكّروا جيّدا هذا القول. فالرجل لا يمزح كما سنوضّح من خلال المعطيات التالية.

فقد احتضنت كلّيّة العلوم القانونيّة بأريانة الجلسات الأولى للمجلس الموازي بعد أن قُدّم مطلب في الغرض لعميد الكلّيّة فاضل موسى “فوافق شنّ طبقة”. لا نتوقّع طبعا أن تقوم الدنيا و لا تقعد بسبب دخول هؤلاء الأجانب عن الحرم الجامعيّ للقيام بنشاطهم السياسيّ في الكلّية ما دام العميد قد وافق، فليس الأمر مشابها لما وقع في منوبة التي تعرّضت لهجمة من السلفيين عطّلوا الدراسة و اعتصموا من أجل المطالبة بحقّ المنقّبات في حضور الدروس و الامتحانات.

و مع ذلك لا ننكر و لا نهمل احتجاج الأستاذ عبد المجيد الزرّوقي، عضو هيئة التّدريس في الكلّيّة على دخول أشخاص لا علاقة لهم بالجامعة ولا بالبحث العلمي، و استغرابه من وجود العملة الذين لا يشتغلون يوم الأحد موضوعين على ذمّة المجلس التّأسيسي المدني، و تعبيره عن صدمته من وضع مبنى على ملك الدّولة لانعقاد نشاط سياسي بامتياز، الأمر الذي يتنافى مع الدعوات المنادية بتحييد الجامعة عن التجاذبات السياسيّة.

العميد السيّد فاضل موسى عضو المجلس الوطنيّ التأسيسيّ، كان له رأي مخالف ففتح أبواب المرفق العموميّ الذي يشرف عليه لاحتضان المجلس الموازي الذي سيراقب زملاءه في باردو. و هذا يعكس تعاونا واضحا بين الرجلين – فاضل موسى العضو المنتخب و محسن مرزوق الموازي – و قد لا نعجب من ذلك، و لعلّنا لا نتوقّع تنافسا بل تكاملا بين المجلسين حسب ما فهمناه من مرزوق و هو يقول إنّ مصطفى بن جعفر يرحّب بدور المجتمع المدنيّ من خلال هذه المبادرة التي أفرزت المجلس الموازي.

و في نفس السياق، صرحّ الناطق الرسمي لحزب التكتّل محمد بنور قائلا:” إن التكتل سيستمع إلى المجتمع المدني” و إنّ
حزبه سيقدم تصوره للدستور التونسي بكل استقلالية وأنه لن تكون هناك هيئة تنسيقية لإعداد مشروع الدستور بين حزبه وحزب النهضة والمؤتمر من أجل الجمهورية”.

و يعكس هذا التصريح بوادر انشقاق بين التحالف الثلاثيّ الذي يكوّن الأغلبيّة في المجلس و لكنّه يلمح إلى ظهور توافق من نوع آخر، فالمعطيات السابقة تؤشّر لانسجام كليّ بين مجلس باردو المنتخب و مجلس مرزوق الموازي بدعم مباشر من باردو أو على الأقلّ و إلى حدّ كتابة هذه السطور من عضو و رئيس له وزنه في المجلس.

و هكذا و من خلال التصريحات المتناغمة التي رصدناها و مظاهر التعاون التي كشفناها، لا نستبعد قيام قناة تواصليّة بين رئيس المجلس التأسيسيّ المنتخب مصطفى بن جعفر و رئيس المجلس التأسيسيّ الموازي محسن مرزوق، لينشأ بذلك وفاق جديد بين الشرعيّ و الموازي.

السيّد مصطفى بن جعفر حظي طبعا برئاسة لجنة صياغة الدستور بعد معركة ديمقراطيّة شهدت احتجاجات واعتراضات لم تمنع في النهاية حصوله على ما أراد، و بذلك عرفنا من سيتولّى الصياغة و لعلّنا فهمنا أيضا من سيتولّى الإملاء.

عبد الرزاق قيراط – تونس.