حوار مع أحمد المناعي، ملاحظ الجامعة العربية في سوريا


حاورنا أحمد المناعي بصفته أحد الملاحظين وعددهم 166 الذين أرسلتهم الجامعة العربية إلى سوريا. وهو خبير دولي سابق قرب منظمة الأمم المتحدة ومناضل من أجل الديمقراطية بتونس، وصاحب كتاب : «من التعذبب التونسي – البستان الخفي للجنرال بن علي»

نواة : بصفتكم العضو التونسي في بعثة المراقبين المرسلين من طرف الجامعة العربية، ما هو رد فعلكم إزاء استعمال حق النقب من طرف الصين وروسيا ضد مشروع قرار مجلس الأمن بالأمم المتحدة الخاص بسوريا؟

أ م : ارتياح عظيم من زاوية مصلحة الشعب السوري والبلاد السورية، وذلك بالنسبة لحاضرهم ومستقبلهم. لقد أنقذ الاعتراض الصيني والروسي هذه البلاد، التي هي مهد حضارة إنسانية وعربية، من التدمير الشامل الذي أراده لها بعض العرب واستعدت لتكبيدها إياه قوى الحرب والدمار. فبمثل هذا الاعتراض، وهذا كل ما أتمناه، لن تعرف سوريا مصير العراق، ذلك البلد الذي هو شديد القرابة منها، فلا تعاني مثله المليون من الموتى والملايين الثلاثة من الأيتام والمليونين من الأرامل، والملايين الأربعة من اللاجئين، بالإضافة إلى تهديم بنيته الإجتماعية. كذلك، لن تعرف سوريا أيضا المصير الغامض المريب الذي تعيشه ليبيا وقد تهدمت بنيتها الاجتماعية وتفككت مكوناتها.

نواة : كتبتم في صفحتكم على الفايسبوك أن قرار «طرد السفير السوري» من تونس لم يكن ببادرة من الرئيس المرزرقي بل من راشد الغنوشي، رئيس الحزب الإسلامي النهضة، ومن قطر. فمن أين لكم مثل هذا الخبر؟

أ م : أود التذكير أولا أنه لا وجود لسفير سوري بتونس منذ أكثر من سنة، بل مجرد قائم بالأعمال.
وبعد، ليس لنا أن نستمد مثل هذا الخبر من مصدر غير السيد الغنوشي نفسه. فيكفي الرجوع إلى تصريحاته والتذكير، مثلا، بما قاله، على ما أذكر، في نوفمبر 2011 حيث أعلن أنه قرر «توجه تونس إلى طرد السفير السوري…»؛ كما صرح بعد ذلك «أنه يستعد لتسليم سفيري اليمن وسوريا إلى المعارضين في هذين البلدين»، متجاهلا ولا شك إتفاقيتي جينيف التين تنظمان العلاقات الديبلوماسية والقنصلية.

هذا مع أنه، أي الغنوشي، لم تكن له آنذاك إلا صفة رئيس حزب سياسي نجح في الإنتخابات.
ولكن، من الحسن الحظ، لطفت الحكومة في ذلك الوقت من اندفاعه. أما اليوم، فهو غدا المرجع في كل شيء، يقرر كل شيء، ودوما بدون صفة أخرى غير صفته كرئيس للحزب الأول للأغلبية بالمجلس التأسيسي.
أما لماذل قطر؟ فلأن هذا البلد هو المنجز الداخلي للمهمات القذرة، فهو الذي يقود «المبادرة العربية»، وقد ألزم كل البلدان التي هي تحت وصايته أن تواكب إجتماع مجلس الأمن في 4 فيفري بعمل مدبر للقطع مع سوريا. و قد كنا توقعا كل شيء إلا النقض الثنائي. لقد أعطت قطر أيضا التعليمات لبعض وسائل الإعلام لتهيئة الجو. أما المجلس الوطني الانتقالي (م و إ) السوري، فقد أوصى، من ناحيته، أتباعه بالعمل على احتلال السفارات السورية في كامل أنحاء العالم وحرض مناضليه وجماعاته المسلحة على القيام بعمليات على نطاق موسع. ومع كل هذا، لا يسعني أن أخفي عليكم أن لي من الأصدقاء بالجامعة العربية الذين أكدوا لي بعض المعلومات، ومنها إنحياز البعثة التونسية بالجامعة العربية لقطر بدون قيد أو شرط.

ومن ناحية أخرى، يجب أن نعي بأن كل ما يجري حاليا هو ما سطرته الإستراتيجية المتفق عليها بين «الإخوان» وحلفائهم العرب والترك والغربيين.

نواة : ما رأيكم في القرار نفسه القاضي ب«طرد سفير»؟

أ م : أذكر أن تونس أرسلت وفدا رسميا شارك في تحرير تقرير البعثة العربية في سوريا. فلو استشار أصحاب القرار التونسيون أعضاء هذا الوفد على الوضع بسوريا، لنصحوهم ولا شك بقرار آخر غير الذي اتخذوه ! ولست أعرف على كل حال إذا ما كان أصحاب القرار هؤلاء على علم حقا بهذه البعثة التي ضمت سفراء وموظفين و ضباط سامين.
أما رأيي في ذلك، فإنه قرار طائش، اتخذ من طرف هواة في الديبلوماسية والعلاقات الدولية، غير واعين بالضرر الذي يلحقونه بمصالح البلد وبصورته وقد امتاز منذ عهد طويل بديبلوماسيته الحكيمة والمتزنة؛ وإن لم يكن كذا، فهو إذا قرار أملاه على تونس سيد الموقف الذي هو قطر.

ومن الغريب الملاحضة، في هذا الصدد، أنه ولا واحدة من تلك القوى التي كانت تستعد منذ أسابيع مضت للهجوم بطائراتها على سوريا، لا واحدة منها لجأت إلى قطع علاقاتها مع هذا البلد، كما فعلته تونس!

نواة : هناك أعوان مختلفون متورطون في الأحداث الذي تجري في سوريا منذ مارس 2011 (قيل إن هناك إيرانين وحزب الله وعراقيين)؟ فمن هم؟ هل لكم أن توضحوا لنا الرؤيا حول موضوع هؤلاء الفاعلين؟

أ م : إيران وحزب الله هما الحليفان الاستراتيجيان لسوريا؛ أما في ما يخص العراقيين، فقد كانوا على علاقة غير حسنة مع السوريين، على أننا نسجل حاليا تقاربا بينهما.

فهل هم متورطون في الأحداث بسوريا؟ أنا لا أعتقد أن السوريين بحاجة إلى معونة أحد لتدبير الوضعية الداخلية لبلادهم. لقد تحدثت وسائل إعلام عديدة عن تورط مقاومين من حزب الله ومن الباسداران الإيرانيين في قمع المتظاهرين. إنها مجرد إشاعة كاذبة. ولكن من المؤكد أنهم يتعاونون تمام التعاون مع السوريين على مستوى المخابرات، مثلا.
إن هناك العديد من البلدان الأخرى المتورطة كليا في الأزمة السورية : إنها بلدان الخليج العربي وعلى رأسها قطر، ثم تركيا وكامل بلاد الحلف الأطلسي. فهناك من يأوي منها على أرضه الجماعات المسلحة، بينما تدعمها أخرى ماليا، والبعض الأخرى تدربها وبعض الأخرى تؤمن لها التغطية الإعلامية.
وهناك غير هؤلاء، وهم من الفاعلين ذوي الوزن، كالروسيين والصينيين، ولكن دورهم يتمقل خاصة في المساندة، كما رأيناه خلال التصويت الأخير في مجلس الأمن.
إلا أنه إضافة إلى هؤلاء البلدان، هناك أيضا تيارات سياسية ذات مكانة ومتنفذة جدا، أمثال الإخوان المسلمون والسلفيون.

نواة : كيف تقيمون التغطية الأعلامية في سوريا؟ وماذا تقولون عن الرقابة؟

أ م : هناك تغطية إعلامية خارجية لسوريا، وأخرى في سوريا. إن إحدى المسائل المسجلة في البروتوكول والتي كان على بعثة المراقبين الإجابة عنها تخص موضوع وسائل الإعلام وظروف عملها. لقد أجاب عليها التقرير النهائي كما يلي :
«فحص الاعتمادات الممنوحة من طرف الحكومة السورية لوسائل الإعلام العربية والدولية، والتحقيق في الامكانات الموفرة لهذه

الوسائل للتنقل بحرية في كامل جهات سوريا :
41 – لقد أكدت الحكومة السورية عن طريق وزيرها للإعلام أنها منحت 147 إعتمادا لوسائل إعلام مختلفة، عربية وأجنبية، وذلك منذ بداية ديسمبر 2011 إلى موفى 15 جانفي 2012. بالإضافة إلى ذلك، زار الأرض السورية عدد 112 من مختلف وسائل الإعلام الخارجية الجديدة علاوة على 90 وسيلة إعلام كانت بعد موجودة بالبلاد السورية نظرا لتواجد ممثلين قارين لها بسوريا.
42 – لقد تابعت البعثة هذا الموضوع ولاحظت وجود 36 وسيلة إعلام عربية وأجنبية ونسبة من الصحافيين في عدد من المدن السورية. هذا وقد تلقت بعض الشكاوى التي بينت أن الحكومة السورية منحت تراخيص لعدد من وسائل الإعلام للنشاط بسوريا لمدة لا تتجاوز أربعة أيام، معتبرة تلك المدة غير كافية، بالإضافة إلى أنها لا تسمح بالتنقل داخل البلاد إلا بعد الإعلان مسبقا عن الوجهة وطلب تصديق إثباتي آخر للذهاب إلى بعض المواقع الحساسة. وقد صرحت الحكومة السورية عن استعدادها لمنح وسائل الإعلام أذون بعشر أيام قابلة للتجديد.
43 – تبين تقارير وتصريحات بعض قطاعات البعثة وجود نوعا من التقييد الحكومي لتنقلات وسائل الإعلام في المناطق المناهضة لها، مما كان يحث الصحافيين المعنيين، في حالات عديدة، على تعقب أثر البعثة للتنقل إلى هذه الأمكنة والقيام بمهامهم.
44 – لقد شهدت مدينة حمص اغتيال صحافي فرنسي يعمل لفائدة فرنسا 2 وجرح صحافي بلجيكي الجنسية. وتبادلت الحكومة والمعارضة التهم في هاتين الحالتين بخصوص مسؤولية كل واحدة وأصدرت كل واحدة منهما بيانا أدانت فيه تورط الأخرى. ولقد كونت الحكومة السورية لجنة حكومية للتحقيق في حادثة الإغتيال وتحديد أسبابها. ولعله من الضروري الإشارة هنا أن تقارير بعثة جامعة الدول العربية كانت بينت أن الصحافي الفرنسي قتل على إثر رمي بالهاون من طرف المعارضة.
أما في ما يخص وسائل الأعلام الدولية، فيكفي أن نقول، كرد عن السؤال، أن هناك ما يقارب ستمائة قناة تلفزية متواجده في كامل البلد، وهي تبث بصفة متواصلة وبكل اللغات سيلا من الأكاذيب والدعاية المغرضة حول الوضع بسوريا.

نواة : لنعد إلى موضوع النقض : رأينا منذ سنة خلت روسيا والصين تحتفظان بصوتيهما مع ألمانيا والبرازيل والهند بخصوص التصويت على قرار مجلس الأمن عدد 1973 الذي رخص استعمال القوة ضد نظام القذافي بليبيا. كيف هي قراءتكم لكيفية التصرف في النقض هذه المرة في ما يخص سوريا؟

أ م : لقد وقع الانحراف بالقرار عدد 1973 الخاص بليبيا عن هدفه من طرف بلدان الحلف الأطلسي، حيث أنه وقعت المصادقة عليه مبدئيا لضمان حفظ سلامة السكان المدنيين. إن نتيجة حرب الحلف الأطلسي ضد ليبيا لهي فاجعة بحق، إلا أنها غير معروفة بعد من طرف عموم الجمهور.
إن روسيا والصين لم تستعملا عندها حقهما في النقب لأنهما اعتبرتا ولاشك أن القرار سينفذ بحذافيره. ثم هناك سببا آخر، وهو أن ليبيا، بالرغم من قدراتها الانتاجية للبترول التي تمثل 4 بالمائة للمنتوج العالمي، لم يكن لها الثقل الإستراتيجي الذي تحضى به سوريا رغم أن منتوجها البترولي لا أهمية له تقريبا.
لقد منع النقض الثنائي الصيني والروسي انكسار الحاجز السوري، ضامنا في نفس الوقت لهذان البلدان ألا يصبحا غدا الهدف التالي للغرب. إنه ليمثل، قبل كل شيء، التأكيد على انتهاء هيئة العالم كما كانت تحت هيمنة الغرب، والعودة إلى عالم ثنائي مزدوج المآرب.

وللعودة لأسباب استعمال النقض هذه المرة، هناك سبب آخر بسطه رئيس الديبلوماسية الروسية، وهو يتمثل في وجود بند سري في هذا القرار يأذن باللجوء إلى التدخل العسكري.

نواة : إن لروسيا والصين مصلحة في بقاء بشار الأسد على رأس النظام السوري، وذلك خاصة لأسباب اقتصادية بحتة، إذ تتعطل هذه المصالح في حالة فرض حظر على الأسلحة. فلقد اشترت سوريا، حسب كاست، مجمع التروي الروسي، بما قدره 700 مليون دولار من الأسلحة من روسيا سنة 2010، أي 7 بالمائة من مبيعات روسيا في هذا القطاع… ما السبب، حسب رأيكم، في الصدمة التي رأيناها لدى المجتمع الدولي ووسائل الإعلام الدولية بسبب النقض الروسي والصيني وقد أعلن عنه سفير روسيا بالأمم المتحدة، فيتالي تشوركين، في 4 أكتوبر 2011 ثم يوم الخميس هذا، 2 فيفري 2012؟

أ م : ليس للدول أحاسيس، بل مصالح. نعم، روسيا والصين لهما العديد من المصالح الاقتصادية والتجارية والاستراتيجية مع سوريا. إن بيع الأسلحة لا يكون إلا الجزء الأصغر من تلك المصالح.

نواة : هل تعتبرون من الأخبار المشكوك فيها مذبحة حمص أين قتلت أكثر من 200 نفس، فكانت بذلك بحق الموقعة الدامية الكبرى منذ بداية الأحداث؟

أ م : إن مرتكبي هذه المذبحة معروفون وهم يسخرون من ذكاءنا. فهل يعقل أن نعتقد، ولو للحظة واحدة، أن حكومة بلد، أيا كانت هذه الحكومة، بإمكانها أن تقترف مثل تلك المذبحة في اليوم نفسه الذي تدرس فيه قضية بلدها أمام مجلس الأمن؟
في الحقيقة، إنها خدعة أحكمت في نطاق استراتيجية كلية ومدبرة، وهي تضم من العمليات احتلال السفارات والقنصليات السورية من طرف «المناضلين السوريين» بالخارج، والدعوة إلى طرد السفراء السوريين من البلدان العربية، وهذه المذبحة بحمص، طبعا.
أما ما يخص هذه المذبحة : إن كل من تتبع البرامج التلفزية إلى هذا اليوم شاهد صورا للعديد من الضحايا. ومما يلاحظ أن معظم هذه الضحايا كانت أيديها موثوقة وراء الظهر كما كان البعض منها مكبوب الوجه على الأرض.
لقد صرح لنا مخرجو هذه الخدعة أنها ضحايا لقصف مدفعيات وطائرات سورية للمباني والمنازل. إلا أن الغريب أن هذه الضحايا لم تكن تحمل آثار جروح ولا أي أثر من جراء تهدم منازلها ومبانيها. وطبعا، لكل واحد منا أن يستخلص من ذلك العبرة التي يريدها. وعلى كل حال، فلقد شهد مواطنون سوريون، طوال يوم الرابع من فيفري، أنهم تعرفوا على أقارب وجيران اختطفوا منذ أسبوع، وحتى منذ أشهر، بين هؤلاء الضحايا.
لكل واحد منا أن يستخلص من ذلك العبرة التي يريدها.


نواة : كرد فعل على هذا النقض وبعد مذبحة حمص التي كان لها الصدى الكبير على الساحة الدولية، صرحت سوزان رايس، سفيرة الولايات المتحدة بالأمم المتحدة، أن أيدي المسؤلين الروسيين والصين ستتلطخ بكل دم إضافي يهرق. ما رأيكم في هذا التصاعد للتوتر ولتصادم المصالح بين الصين وروسيا من ناحية والولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة من ناحية أخرى، علما وأنهم كلهم أعضاء دائمون بمجلس الأمن؟

أ م : إن أفضل رد على تصريحات سوزان رايس كان من طرف السفير السوري بالولايات المتحدة الذي ذكرها بما هو قدره ستين نقض جاء من طرف الولايات المتحدة لإسقاط قرارات تدين إسرائيل. ولكن في تصريح رايس تهديد لا يكاد يبدو محجوبا، فالدم يوشك أن يراق في سوريا. إن التحالف المناهض لسوريا سيستمر في مشروعه الرامي إلى زعزعة استقرار سوريا، وهو ينوي الالتجاء قريبا إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة للوصول إلى الحصول على حق التدخل العسكري.

عموما، نحن نعيش فترة عودة إلى الحرب الباردة. ولكن هذه المرة نجد فيها روسيا والصين على قدر أكبر من القوة، مع رصيد لا بأس به من الدعم المضمون من طرف عدد من الدول البارزة في النمو، وذلك حيال غرب يعيش أزمة، بل ونجمه في أفول.


نواة : لقد أرست، في الثامن من جانفي المنصرم، بوارج حربية روسية في القاعدة البحرية الروسية الواقعة بميناء طرسوس بسوريا، الشيء الذي كان مقررا منذ أوت 2010… هل دخلنا، مع هذا النقض، في طور كارثي يحضر لحرب تبدو الأطراف المتحالفة فيها محددة الملامح أكثر فأكثر؟

أ م : بعد حرب الاحتلال للعراق ثم الانسحاب المخزي للجنود الأمريكيين، من الصعب أن نرى الأمريكيين يشتبكون من جديد في حرب تقتضي منهم تواجدا عسكريا على آلأرض. لذلك فقد وقع اختيارهم، في ما يخص الحال الليبي، على أن يجعلوا طيران الحلف الأطلسي يتدخل مكانهم مع دعمه في الختام.
إن مثل هذا السيناريو غير مقبول في الحال السوري لأن سوريا هي قوة ذات شأن إلى حد ما، ولأن لها حلفاء أقوياء جدا. لهذا نرى التحالف المناهض لسوريا يختار الحل القاضي بجعل سوريا تنهار من الداخل وذلك ببعث بؤر ثورة وتمويلها وتدريبها وتسليحها.
هل نحن على أبواب حرب؟ أرى أنه إذا اندلعت حرب، فلن تقتصر على بلدان الشرق الأوسط؛ والكل مقتنع بهذ التحليل، حتى من كان لا عقل له، بما فيهم كل هؤلاء الذين يخططون لهذه الحرب!


نواة : إن الجامعة العربية، بمواصلتها التعاون مع النظام السوري ومع المعارضة السورية المنقسمة على نفسها، تبدو وكأنها تعتقد في إمكانية بلوغ «حل سياسي» للأزمة السورية، وذلك بأن يفوض الرئيس بشار الأسد سلطاته لنائب الرئيس ليكون في أجل شهرين حكومة وحدة وطنية تتعهد بالسير بالبلد إلى انتخابات حرة.
لقد سد النقض الصيني والروسي الباب أمام مثل هذا القرار. فحسب رأيكم، أي نوع من التأثير ترونه بصدد التحضير لإخضاع بشار الأسد؟

أ م : لقد فقدت الجامعة العربية تماما اعتبارها وذلك بقبرها تقرير بعثة المراقبين (http://24sur24.posterous.com/le-rapport-non-publie-de-la-mission-des-obser) التي أرسلتها بنفسها إلى سوريا وبتوجهها إلى مجلس الأمن. لقد أضاعت الفرصة الوحيدة التي كانت متوفرة للمشاركة في تصفية القضية السورية. لذا، فكل ما يمكن أن تقترحه في المستقبل لن تكون له أية قيمة.
لقد حان الآن الوقت لروسيا للعب الدور الأساسي؛ كما حان أيضا دور الإدارة السورية إذ هي مطالبة بالإسراع في الإصلاحات وفي تجسيمها على أرض الواقع.


نواة : في رأيكم، ما هو الثقل الحقيقي للمجلس الوطني السوري (م و س، وهو يناصر التدخل العسكري) ولهيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي (وهي تناهض التدخل، والتي لا نسمع وسائل الإعلام الدولية تتحدث عنها إلا نادرا)؟

أ م : ليس للموس سمعة طيبة في سوريا لأنه يطالب فعلا بالتدخل المسلح. فوطنية السوريين معروفة منذ القديم وتقاليدهم النضالية ضد الهيمنة الخارجية قديمة لا تخفى على أحد. إن شهرة الموس تنحصر على خارج ال
بلاد، فهو أثير عند وسائل الإعلام، وهو الشريك المفضل لرجال السياسة الذين يدعمونه ويمولونه.
زد على ذلك أنه ليس له ممثلين داخل البلاد؛ هذا وقد غادرت صفوفه إحدى مكوناته، وهي تضم الأكراد.
أما في ما يخص هيئة التنسيق، فالأمر يختلف لأن ممثليها كلهم تقريبا من مناضلي داخل البلد وليس لهم بالخارج إلا الناطق باسمهم هيثم المناع. ولعله من الطبيعي جدا أن لا تتحدث عن هذه الهيئة وسائل الإعلام وهي، أي وسائل الإعلام، دعائية مشوهة للإعلام النزيه وتساند التدخل.


نواة : كيف تقدرون العمليات التي يقوم بها الجنود الفارين من الجيش الوطني السوري؟ هل لكم أدلة على أن الجيش السوري الحر (جسح) ارتكب حقا فضائع (http://observers.france24.com/fr/content/20120118-video-amateur-met-question-methodes-armee-libre-syrienne-lynchage-soldat-syrie-homs)؟

أ م : يشير تقرير بعثة الملاحظين العرب إلى أن الجسح و غيره من الفصائل المسلحة تهاجم القوات النظامية وتختطف المدنيين فلا تطلق سراحهم إلا بعد الحصول على فداء. كما يشير إلى عمليات قتل وتخريب للمنشئات البترولية وللبنايات المدينة، وتكسير للقطارات وللسكك الحديدية…

نواة : سؤالي الأخير : هل مسالة مساندة أو عدم مساندة نظام بشار الأسد والرئيس السوري نفسه حقا مطروحة؟

أ م : إن من يعتقد أن تنحي رئيس بلد من شأنه حل كل مشاكل البلد لهو من البلاهة بمكان. لقد فشلنا في الاعتبار بالأمثلة التونسية والمصرية واليمنية، وفي الاعتراف بأن ما يتبع سقوط الديكتاتورية لهو أصعب تدبيرا من الديكتاتورية نفسها لأن تيارات المعارضة لم تتعلم بعد بما فيه الكفاية السياسة لتتسلم مقاليد الحكم!
تقرير البعثة

حوار أجرته ليليا الوسلاتي
ترجمة ف. عثمان

لتنزيل تقرير ملاحظي الجامعة العربية في سوريا، انقر هنا على الرابط

⬇︎ PDF