البدائل عن القضاء العسكري في ملف الشهداء و الجرحى

في ظلّ واقع حال الملفات المُنشورة أمام القضاء العسكري يستحيل الوصول إلى الحقيقة ماعدى رمي الرذاذ على العيون و تقديم أكباش فداء، هنالك إرادة واضحة لغلق ملف الشهداء و الجرحى على عِلّاته، هذه القضيّة يُراد أن تُغلق دون أن تُعرف الحقيقة، عدّة أشخاص متورّطون ليسوا مشمولين بالأبحاث. الناشط الحقوقي الأستاذ عمر الصفراوي، المنسق العام لمجموعة ال25

يوم السبت الماضي أي قبل يوم واحد من الجلسة العاشرة لقضية شهداء تالة و القصرين و القيروان و تاجروين نظّمت التنسيقية الوطنية المستقلة للعدالة الإنتقالية بالتعاون مع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ندوة تشخّص واقع حال تعامل القضاء مع ملف الشهداء و الجرحى و تشير إلى مكامن الخلل في مسار العدالة الإنتقالية مع إستشراف آفاق الولوج إلى الحقائق و ضمان محاكمة عادلة.
إفتتح الندوة الأستاذ عمر الصفراوي المنسق العام لمجموعة الـ25 محامياً الذي أكّد على ضرورة تحقيق محاكمة عادلة تحفظ حقوق عائلات الشهداء و المتهمين، في إطار الوصول إلى الحقائق التي من المفترض أن تقود إليها الأبحاث.
في ذات السياق أشار رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان الأستاذ عبد الستار بن موسى أنّ الأبحاث في ملف شهداء الثورة غير مكتملة و أنّ الإختبارات منقوصة.
حظر الندوة كذلك السيد علي المكّي رئيس حركة وفاء لدماء الشّهداء، رئيس جمعية لن” ننساكم” للدفاع عن حقوق الشهداء و الجرحى، و شقيق الشّهيد عبد القادر المكّي و ألقى كلمة أبرز فيها عزم عائلات الشهداء مواصلة النضال من أجل الوصول إلى الحقيقة و إقامة محاكمة عادلة لقتلة أبنائهم كما رفض تحويل الملف من قضية كشف الحقيقة و تحديد المسؤوليات إلى قضيّة تعويضات مالية.
من جهة أخرى سلّط الأستاذ أحمد الشكّي الضوء على عدم إستكمال التحقيقات والأبحاث في قضايا شهداء و جرحى الثورة مستدلّا بمثال قضية الشهيد محمد السيد الكسراوي الذي أُصيب يوم 13 جانفي 2011 بمدينة القيروان برصاصة في الظهر.
كما بيّن الأستاذ الأنّات التي تعتري المرحلة الإستقرائية في القضايا المنشورة أمام المحكمة العسكرية مثل عدم عمق التحقيقات و عدم التمعن في إستجلاب الوثائق و الملفات و الدفاتر، و الإرتباك الإجرائي لقلم التحقيق و للدائرة الجنائيّة المُتعهّدة رغم معرفتها أنّ جُلّ القضايا مازالت تحت بساط النشر التحقيقي.

خَلُص الأستاذ الشكّي في ختام مداخلته إلى عدم جاهزية القضايا المحجوزة للمرافعات في تونس و الكاف للفصل إستنادا لسطحية التحقيقات.

بين إمكانيات التقاضي الجنائي الدولي و مقترح المجمع القضائي المتخصّص

كان لأستاذ القانون الدولي عبد المجيد العبدلي أيضا مداخلة منهجية ميّز خلالها بين القضاء الدولي و القضاء الجنائي الدولي مُستعرضا لإمكانية اللجوء للمحكمة الجنائية الدولية بما لديها من آليات متطورة قانونيا تتجاوز كلّ أنواع الحصانات و منبّها لإنضمام الدولة التونسية للإتفاقية المتعلقة بالمحكمة الجنائية الدولية غُرّة سبتمبر 2011 بعد أن تقدّمت بمطلبها خلال شهر فيفري 2011، كما وضّح الأستاذ أنّ الدولة التونسية لم تستغلّ بصفة قانونية سليمة آليات محكمة العدل الدوليّة لتطالب بتسليم السعودية لبن علي، مستنتجا من ذلك غياب الإرادة السياسية للقطع مع الماضي.

ختم الندوة الأستاذ شرف الدين القلّيل عضو مجموعة ال25 مستخلصا أنّ المحاكمات العسكرية لم ترتقي بعد إلى أن تستجيب لمتطلبات و مقتضيات المحاكمة العادلة مشيرا إلى ضرورة إستصدار مرسوم يعيّن هيكلا قضائيا متخصّصا تُعهد له ليس قضايا شهداء و جرحى الثورة فحسب بل أيضا قضايا الفساد المالي في الحقبة الماضية. و عقّب الأستاذ الصفراوي أنّ جميع الوسائل القانونية متاحة للمحامين القائمين بالحق الشخصي مأكّدا على أنّ مجموعة ال25 لن تسمح لنفسها بالمشاركة في مهزلة قضائية، و أنّ إرساء آليات العدالة الإنتقالية من مشمولات المجتمع المدني كما في سائر تجارب البلدان التي عاشت مخاضا ثوريّا و ليس ذلك حكر على السلطة.

على إثر الندوة حاورنا أستاذ القانون الدولي عبد المجيد العبدلي و طرحنا عليه سؤالا يتعلّق بالحلقات المفقودة في منظومة العدالة الإنتقالية و تحديدا عدم وجود آليات قانونية لحماية حملة الحقائق و الخلل المترتّب على ذلك مثل ما أبرزته قضيّة ضابط الشرطة سمير الفرياني الذي لا يزال موقوفا عن عمله بعد نشره لوثائق حول المتورّطين في مجازر تالة و القصرين أيّام الثورة، فأجابنا أنّ القوانين التي شرّعها نظام بن علي لا تزال قائمة و أنّ مفهوم العدالة الإنتقالية لم تُرسى إلى الآن.
حاورنا كذلك السيد الفاضل بالطاهر شقيق الشهيد حاتم بالطاهر الذي أبلغنا أنّ سير القضيّة ضدّ قاتل شقيقه لا تزال مُتعثّرة في المحكمة العسكرية بصفاقس رغم تحديد هويّته إلّا أنّه لا توجد جديّة في البحث، كما صرّح السيّد الفاضل أنّه ليس هنالك إرادة لمحاكمة القتلة الحقيقيين بل بحث عن أكباش فداء، و إعتبر أنّ البدائل للقضاء العسكري تفرض نفسها و أنّه ضدّ المحاكمات العسكرية.
في ختام لقائنا بالسيد الفاضل بالطاهر سألناه لو أمكن له توجيه رسالة إلى شقيقه ماذا كان سيقول له بعد تطوّر الأحداث إثر إستشهاده…

Rights

Inscrivez-vous

à notre newsletter

pour ne rien rater de nawaat

13Comments

Add yours
  1. 2
    Abdelouadoud El Omrani

    السؤال المطروح: لنفترض جدلا أن الحكومة عن طواعية أو إكراه غير قادرة على ضمان محاكمة عادلة في قضايا شهداء الثورة
    وأن المجتمع المدني يفكّر في تقديم الشكوى إلى محكمة الجنايات الدولية، فهل ستكون الدولة هي التي تقدّم الشكوى أم يجوز للمجتمع المدني ولعائلات الضحايا تقديم الشكوى ؟؟

    ثم يجوز أن نفكّر في كل ما سينتج عن تقديم قضية من هذا القبيل خارج تونس، لأن ذلك يثبت قطعا فشل المنظومة القضائية التونسية، وستكون ضربة قاتلة للقضاء التونسي

    ما من شك أنّ هناك تستر على الجناة في قضية الشهداء، بل إنّ بعض الإشاعات تقول إنّ المشاركين في الحكم أعلنوا قبل الجلوس على كراسي السلطة عدم نيتهم تتبّع القناصين، وهذه إشاعة لا يمكن التثبت منهم حاليا، لكن ما ليس إشاعة بل موثق هو تصريح الوزير الأول السابق قائد السبسي: ما ثماش قناصة

    يعني رصاصات خرجت وحدها وأزهقت الأرواح، ولعل أفضل رد هو تلك الحكمة الشعبية القديييييمة جدا

    يا قاتل الروح، ويت تروح؟؟؟

Leave a Reply to الحكم النهائي في قضيّة شهداء “تونس الكبرى” : تقييم عائلات الشهداء و المحامين | Nawaat - Tunisia Cancel reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *