لم نطالب بنصب المشانق..
لم نطالب بتقديم قرابين على محراب الثّورة..
لم نطالب بمحاكمات سياسيّة..
كل ما طالبنا به و لازلنا هو إحلال العدل : محاسبة من جار و رد الحق لمن ظُلم.

تدور منذ أشهر أطوار أهم المحاكمات و أغربها في تاريخ تونس الحديث.
أهمّها لأنّه تعلّق عليها آمال طوي صفحة مُظلمة من تاريخ تونس,، صفحة الطغيان و الظّلم و الدّيكتاتوريّة.
أغربها لأنّها تدار بعيدا عن أنظار الشّعب الذي صنعها و انتظرها و بعيدا عن استحقاقات الثورة.

أقدمت الشّرطة العسكريّة يوم 21 ماي الماضي على منع صحفي نواة رمزي بالطيبي من مواصلة قيامه بواجبه في تغطية فعاليات قضية شهداء و جرحى تالة و القصرين و تاجروين و القيروان بالمحكمة الإبتدائية العسكرية الدائمة
بالكاف و قاموا بمصادرة المعدّات التي كانت بحوزته.

قالوا أنّه لا يحق لنا التصوير لأكثر من 3 دقائق.، كيف للمرحلة أن تلخّص في دقائق ثلاث ؟ و الرّهان مصير بلاد بأسرها..

إضافة إلى منع توثيق هذه المرحلة التاريخية، و بعد أشهر من تعهد القضاء العسكري بقضايا شهداء الثورة لاحظ المراقبون و محامو عائلات الشهداء جملة من الإخلالات أبرزها :

– رفض طلب إستجلاب دفاتر إستلام و تسليم الذخيرة و الأسلحة و هي وثائق صادرة عن المطبعة الرسمية للأمن الوطني.
– رفض طلب تسخير إتصالات تونس للحصول على كشف للمكالمات الصادرة و الواردة على الهواتف النقّالة للقادة الأمنيين و تأكيد المحكمة العسكرية أنّ البيانات المطلوبة تم إعدامها.
– غياب ركن علنية الجلسة و حضور متهمين بعد أن أصدرت المحكمة في حقهم بطاقات جلب ثمّ عدم إستنطاقهم.
– إبقاء متهمين بحالة سراح و بقائهم في مناصب متنفّذة و بذلك تمكينهم من طمس معالم الجريمة و التأثير على الشهود.
– فضلا عن إشراف وزير الدفاع على النيابة العمومية للقضاء العسكري وفقا لمجلة المرافعات و العقوبات العسكرية و بالتالي عدم إستقلالية القضاءالعسكري كونه قضاء إستثنائيا لا يمتلك مقومات إدارة محاكمة عادلة.

في ظلّ تراكم عناصر و أدلّة تشير إلى إحتمال تورّط وحدات من الجيش في قمع المتظاهرين أيام الثورة.
على هذه الخلفية يعلن فريق نواة عن دخول الصحفيين رمزي بالطيبي و حسام الحجلاوي في إضراب جوع مفتوح بداية من يوم الإثنين الماضي 28 ماي 2012 إحتجاجا على حرمان الصحفيين من التوثيق المصوّر الكامل لأطوار هذه القضية التاريخية و مطالبة بسحب قضايا شهداء و جرحى الثورة من القضاء العسكري الذي أثبت أنّه قضاء إستثنائي، غير مستقلّ و مُختلّ، وتشكيل هيكل قضائي متخصّص و مستقل تُعهد له ليس قضايا شهداء و جرحى الثورة فحسب بل أيضا قضايا الفساد المالي في الحقبة الماضية.

من جهة أخرى تمّ يوم الإربعاء 30 ماي قراءة رسالة موجّهة من طرف الصحفي رمزي بالطيبي في المجلس التأسيسي أثناء الجلسة العامّة يشرح فيها دوافع و مطالب إضراب الجوع و لاقت الرسالة تفاعلا إيجابيا من طرف أغلبية النواب.

إنّ نواة عبر دعمها و احتضانها لإضراب الجوع لا تُصدر تقييما مُطلقا للمؤسسة العسكرية بل تشير إلى مكامن الخلل فيها من منطلق الحرص على المصلحة العليا للوطن و نذكّر أنّنا كنّا من أوّل من نوّهوا بالدور الرائد للكثير من ضباط الجيش الميدانيين في إنجاح الثورة.