المادة 88 من الدستور الجزائري : إذا استحال على رئيس الجمهورية أن يمارس مهامه بسبب مرض خطير ومزمن، يجتمع المجلس الدستوري وجوبا، وبعد أن يتثبت من حقيقة هذا المانع بكل الوسائل الملائمة ، يقترح بالإجماع على البرلمان التصريح بثبوت المانع.
يعتبر الّرئيس الجزائري الغائبَ الحاضرَ في السّاحة السّياسية الجزائرية بعد أن عادَ موضوع صحته ليطرح نفسَه بقوة في الساحتين السياسية والإعلامية, وذلك منذ تدهور حالته الصّحية بإصابَته بجلطة دماغية نقل إثرها إلى العاصمة الفرنسية باريس بتاريخ 27 إبريل 2103. وتتكتم السّلطات الجزائرية بقوّة على طبيعة مرض الرّئيس، في حين قالت صحيفة “لموند” الفرنسية في تقرير صحي إن الرّئيس الجزائري يعاني من مرض “السرطان”.
وأفادت آخر التطورات أن الرّئيسَ الجزائري نقل من مستشفى “دوغراس” الباريزي، فيما لم يتم التّأكد من الأنباءِ حول نقله إلى الجزائر في غيبوبةٍ تامةٍ، استنادًا إلى تقاريرٍ صحفيةٍ أعدت في الجزائر العاصمة. و صادرت السّلطات الجزائرية الصّحيفتين اللتّين أعدّتا هذه التّقارير . ومن الجدير بالذّكر أن هاتين الصّحيفتين يديرهما ضابط جزائري سابق هو هشام عبود.
وأعلن قسم الصّحة التابع للجيوش الفرنسية أن الرّئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة نقل من مستشفى “دوغراس” إلى مستشفى عسكري آخر لاستكمال العلاج وذلك دون تحديد اسم هذا المستشفى أو مكانه. الأمر الذي يزيد التّعتيمَ على الوضع الصّحي للرّئيس بوتفليقه من طرف السّلطات الجزائرية والفرنسية.
رسميا أعلن مراد مدلسي وزير خارجية الجزائر أن الوضعَ الصّحيَ للرّئيس بوتفليقة في تحسّنٍ . وأكتفى بالقولِ أنه سيعود قريباً للجزائر، دون أن يشير إلى أنّه سيمارس مهامه وذلك في تصريح لإذاعة فرنسا الدّولية.
وفي سياق متصل اعترض سعيد بوتفليقه شقيق الرّئيس على اقتراح تقدم به عبد المالك سلال رئيس الوزراء الجزائري بعرضِ صور الرّئيس بوتفليقة. الأمر الذي يثبت أن وضعيةَ الرئيس حرجّة وفقا لما تشير إليه بعض المصادر و يأكّد أيضا بأن النّفوذَ العائليَ أقوى من سلطاتِ الوزراء في الجزا ئر. ومن جهة أخرى فإنّ الجزائريين لم يعودوا يثقون في البيانات الرسميةِ مالم تشفع بقرائنَ أخرى, كما حَاجَجَ بذلك الوزير عبد الملك شقيقَ الرّ ئيس.
وتطغى الحالة الصحية للرّئيس بوتفليقة على الوضِع الجزائريِ قبلَ عامٍ من موعدِ الانتخابات الرئاسية, الأمر الذي يثير تساؤلاتٍ كثيرةً ربما أهمها هل خرج الرئيس بوتفليقه من السلطة فعليًا؟ بعبارةٍ أخرى هل أصبح بوتفليقة رئيسًا سابقاً للجزائر؟ وما هي الآليات التي يفترضها الدّستور الجزائري في حالة فراغِ السلطة؟ ومن هم الفاعلون الحقيقيوّن في السلطة حاليًا؟ وماهو مستقبل الجزائر في ظل مرضِ رئيسها الرّسمي على أقلِ تقديرٍ؟
من الواضحِ أن الأجنحة القوية في السلطة بالجزائر هي الفاعل الرئيس في السّاحة السياسية سواء كان الرئيسي غائبا أو حاضرا. ويمثل هذه الأجنحة عددٌ من الجنرلات الأقوياء من بينهم الجنرال توفيق رئيس المخابرات العسكرية الجزائريةالذي يوصف بأنّه الحاكم الفعلي للجزائر اليوم، إضافةً للحلقة المدنية الأولى في محيط الرّئيس ومقربيه. وفي ظل غياب حسمٍ توافقي بين هذه الدوائرِ بتحديدِ خلفٍ مستقبليٍ للرئيس فإنّ الضّبابية تسود هرمَ السّلطةِ في الجزائر أي ما يمثّل شبهَ اتفاقٍ بين أجنحةِ السّلطة على الاحتفاظ ببوتفليقة رئيسًا رسميًا. وتأتي هذه التطورات في التّزامن مع حالة التساؤل وعدم اليقين لدى الشّعب الجزائري، الذي لا يعرف حقيقة الحالة الصّحيةِ لرئيسه. مع استمرار نظام الحكم وانتفاء الثقة الشعبيةِ في البياناتِ الرسّمية خصوصًا تلك المتعلقة بصحةِ الرّئيس وإداركِ الشّارع الجزائري لوجود سلطة فعليةٍ غير سلطة الرّئيس عبد العزيز بوتفليقه.
وتطالب المعارضة الجزائرية بتقريرٍ طبيٍ علني حولَ صحّة الرئيس. بينما يطالبُ آخرون بتفعيل المادة 88 من الدستور. وتجدرُ الإشارة إلى أن الرئيس الجزائري كان يعتزم تغيير الدستور الجزائري وقد أنشأ لجنة لذلك الغرض.
ويعتبر أنصار الرّئيس أن وضعية الرّئيس بوتفليقة لا تعدو أن تكون وعكة صحّية مثل تلك التي تعرض لها في العام 2005.
ومن المرجّح أن المجلس الدستوري في الجزائر لن يتسرّع في اتخاذ قرار بعجز الرئيس بو تفليقه عن ممارسة صلاحياته نظرا ﻷن غالبية أعضائه مقربين من الرّئيس وخصوصا رئيس المجلس الطيب بلعيز, مع أن استمرار اختفاء الرئيس قد يولّد حالة من التوافق بين أقطاب النّظام تفضي في النهاية إلى قرار بعجز الرئيس وفقا لتوازنات الأطرف الفاعلة وهي أساسا الجنرالات والمقربون من الرّئيس.
وينصّ الدّستور الجزائري في المادة 88 المذكورة أعلاه على أنّه إذا استحال على رئيس الجمهورية أن يمارس مهامه بسبب مرض خطير ومزمن، يجتمع المجلس الدستوري وجوبا، وبعد أن يتثبت من حقيقة هذا المانع بكل الوسائل الملائمة ، يقترح بالإجماع على البرلمان التصريح بثبوت المانع يعلن البرلمان، المنعقد بغرفتيه المجتمعتين معا، ثبوت المانع لرئيس الجمهورية بأغلبية ثلثي (2/3) أعضائه، ويكلف بتولي رئاسة الدولة بالنيابة مدة أقصاها خمسة وأربعون (45) يوما، رئيس مجلس الأمة الذي يمارس صلاحياته مع مراعاة أحكام المادة 90 من الدستور.
ومن جهةٍ أخرى يعتبر أي تغيير في هرمِ الحكم في الجزائر مؤثرًا على الصّعيدين الدّاخلي والخارجي . فعلى الصّعيد الداخلي يُعتبر وجودُ بوتفليقة حاسمًا في تحديد مرشّحٍ رئاسي توافقي يحظى بدعم الدوائر النافذة ويحفظ التوازنات القائمة. الأمر الذي يحول دون أيةِ قطيعةٍ مع السّياسية الحالية للجزائر خصوصًا في مجال العلاقات مع دول الجورا المغاربي وأوروبا.
وتبقى الجزائر بلدًا فاعلاً ومحوريًا في القارة الإفريقية والعالم العربي بما تتمتع به من ثقلٍ ومواردٍ. و إلى أن تتضحَ معالمُ الفترةِ المنظورةِ في الجزائر فإنّ احتفاظَ الرّئيس الجزائري بمنصبه فعليًا قد أصبحَ سؤالاً لا يقلُ أهميةً عن وضعيته الصحيةِ.
وفي سياقٍ منفصلٍ أعلنت الجزائر يوم الأربعاء 29 مايو 2013 الغاء ديون مستحقةً على دولٍ إفريقيةٍ. وقال عمّار بلاني الناطق الرسمي باسم الحكومة إن الجزائر تنازلت عن ديونٍ تقاربُ 902 مليون دولار في إطار التضامن الإفريقي والتزام الجزائر بالوفاءِ بالتزاماتها من أجل تحقيق التنمية في القارة الإفريقية وفقا لما نقلته وكالة الأنباء الجزائرية (وأج).
وقال بلاني إنّ الدولَ المستفيدةَ من إلغاءِ الديون هي: مالي وموريتانيا, النيجر والموزامبيق, تنزانيا والبنين, إثيوبيا وغينيا, ساوتومي والسيشل, بوركينا فاسو وغينيا بيسا,الكونغو.
جبريل جالو
iThere are no comments
Add yours