المقالات المنشورة بهذا القسم تعبّر عن رأي كاتبها فقط و لا تعبّر بالضرورة عن رأي نواة

corruption-blanchiment

بقلم الاسعد الذوادي،

ما يحدث اليوم بتونس كنا قد تنبانا به منذ تسلم السلطة بعد 23 اكتوبر وبعد ان ايقنا ان هناك استراتيجية لا وطنية لتبييض الفساد والفاسدين وتعطيل المحاسبة وكل الاصلاحات. وقد حاولنا فضح تلك الاستراتيجية الاجرامية الا ان تجار السياسة ومصاصي دماء دافعي الضرائب لم يكترثوا بذلك. ان قادة الثورة المضادة الذين يتحملون مسؤولية كل الاضرار التي لحقت بالبلد من غرق في المديونية واستشراء للجريمة المنظمة وغير ذلك واهدار للمال العام هم الذين وقفوا في وجه مشروع قانون الكسب غير المشروع ورفضوا تكريس استقلال هياكل الرقابة العمومية المشلولة اصلا وشلوا ما يسمى بالهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وتصدوا بشراسة للمقترحات التشريعية التي قدمناها عن طريق بعض نواب المجلس التاسيسي لمكافحة التهرب الجبائي وتبييض الاموال ونهب الثروات الوطنية من قبل الشركات الاجنبية واستيراد البطالة والسمسرة والفساد في الملفات الجبائية. هؤلاء هم من ثبتوا الفاسدين في مواقعهم وقاموا بترقيتهم وبالاخص اولئك الذين واصلوا سن احكام جبائية مافيوية لتعميق الهوة بين من يدفعون الضريبة ومن يتهربون من دفعها وتخريب القدرات التنافسية للمؤسسة والشرائية للمواطن وشل مصالح المراقبة الجبائية وتحصين المتهربين من دفع الضريبة ومبيضي الاموال.

ان قادة الثورة المضادة هم الذين تصدوا لاستراتيجيتنا التي قدمناها خلال شهر مارس والمتعلقة بمكافحة الفساد والتهرب الجبائي. ما يلفت نظرنا اليوم هي مسالة استبدال الحكومة الحالية بحكومة تكنوقراط وهذا ينم عن غباء مفرط باعتبار ان حكومة التكنوقراط لا يمكنها ان تفعل شيئا اذا كانت ارادة مكافحة الفساد غائبة فضلا عن ان من يرغب في اصلاح البلاد وجب ان تكون له استراتيجية وان يكون خبيرا وعالما بالاعمال الاجرامية التي تقوم بها العصابة المحتلة اليوم للادارة. هل يعقل ان يتمتع اليوم من نهبوا البلاد وسرقوا خيراتها بالامان والحصانة وان يتحمل دافعو الضرائب حراسة منازلهم وجراياتهم وامتيازاتهم. هل يعقل ان يتواصل دفع جرايات لرموز النظام السابق وغيرهم من اعضاء عصابة بن علي وان لا تصادر ممتلكاتهم.

قادة الثورة المضادة هم الذين يواصلون الاعتماد على الهياكل المهنية الفاسدة وغيرها من الهياكل ودعمها بمال الشعب بشكل غير قانوني ومشبوه وهي التي كانت ركيزة من ركائز منظومة الفساد التي هندسها بن علي. قادة الثورة المضادة هم الذين يتصرفون في موارد دافعي الضرائب كضيعة خاصة وكذلك اولائك الذين مرروا الفصل 78 من قانون المالية لسنة 2013 متعلق بمنح نواب المجلس التاسيسي في جنح الظلام. قادة الثورة المضادة هم الذين لم يفتحوا ملف الفساد في مجال النفط والمناجم لتواصل بذلك الشركات الاجنبية نهب مواردنا على مراى ومسمع من الخونة. قادة الثورة المضادة هم الذين لم يصادروا ممتلكات الاشخاص الذين شطبت ديونهم البنكية منذ الاستقلال وهي تقدر بعشرات الاف المليارات وتصدوا للتحقيق في هذا الملف. قادة الثورة المضادة هم الذين رفضوا فتح ملف الفساد في المجال الجبائي الذي كلف الخزينة العامة مئات الاف المليارات. قادة الثورة المضادة هم الذين رفضوا سد الثغرات التي يتمكن من خلالها الخونة من مواصلة نهب الموارد الوطنية وبالاخص اولئك الذين تصدوا صلب لجنة المالية في اطار مشروع قانون المالية لسنة 2013 لمقترحنا الذي يرمي تحوير الفصل 14 من مجلة الضريبة على الدخل والضريبة على الشركات.

قادة الثورة المضادة هم الذين رفضوا تفعيل الفصول 139 و140 و141 من المجلة الجزائية ضد المافيات التي تتلاعب بالاسعار او تلك التي تقتل الشعب التونسي بالسرطان من خلال صناعة مواد غذائية بمواد كيمياوية محرمة دوليا ويكفي معرفة نسبة المصابين سنويا بالسرطان للوقوف على تلك الحقيقة المرة. قادة الثورة المضادة هم الذين رفضوا وضع سجل وطني للفاسدين وممارسي الغش والتحيل من بعض رجال لعمايل وغيرهم. قادة الثورة المضادة هم الذين رفضوا اصدار قانون انتقالي حتى لا تسقط الجرائم المرتكبة من قبل الخونة في حق المجموعة الوطنية. قادة الثورة المضادة هم الذين مكنوا الخونة والانتهازيين من التنظم صلب احزاب بعد تمكينهم من الافلات من المحاسبة. قادة الثورة المضادة هم الذين اغرقوا البلد في المديونية بعد ان حصنوا المتهربين من دفع الضريبة والمهربين والفاسدين وخربوا القدرة الشرائية للمواطن والقدرة التنافسية للمؤسسة. قادة الثورة المضادة هم الذين تمادوا في منح الامتيازات المالية والجبائية لاصهار بن علي واقاربه وحاشيته دون ان يفتح تحقيق جنائي بخصوص ذلك رغم علمهم بتلك الملفات. قادة الثورة المضادة هم الذين رفضوا وضع الية مراقبة للامتيازات المالية وابقوا على كل الجرائم التي نمتها مجلة التشجيع على الاستثمارات في اطار ما يسمى بمشروع مجلة الاستثمار. قادة الثورة المضادة هم الذين وقفوا في وجه بناء دولة القانون والمؤسسات.

قادة الثورة المضادة هم الذين رفضوا دعواتنا المنادية بتجريم الاهمال وتعطيل العمل بالقوانين ومغادرة الموظفين لاماكن عملهم دون مبرر. قادة الثورة المضادة هم الذين لم يفتحوا أي تحقيق جنائي بخصوص الاف المليارات التي اهدرت في اطار ما يسمى صناديق الخزينة التي هي صناديق مافيوية وواصلوا العبث بمواردها المقتطعة من دم دافعي الضرائب وبالاخص المؤسسات المواطنة التي هم بصدد تخريبها مثلما هو الشان بالنسبة لموارد الصندوق الاسود المحدث في اطار الفصلين 57 و58 من قانون المالية لسنة 1975. قادة الثورة المضادة ومبيضو الفساد او الفاسدون الجدد هم الذين لم يصادروا اراضي وعقارات الشعب التي منحها المجرم بن علي بالدينار الرمزي او باثمان بخسة للمنظمات والنقابات المهنية المناشدة او تلك المتاوطئة معه والتي كانت ركيزة من ركائز منظومة فساده.

قادة الثورة المضادة والفاسدون الجدد هم الذين هم بصدد اهدار المال العام في تنظيم ندوات فولكلورية واحداث هياكل مشوهة بخصوص مكافحة الفساد لذر الرماد في العيون في الوقت الذي هم فيه بصدد تحصين الفاسدين وتعطيل المحاسبة. على الشعب التونسي ان يعلم انه اذا تمكن الخونة والفاسدون والمجرمون وخدمة الاستعمار الفرنسي من الظهور من جديد في المشهد العام كما نلاحظه اليوم فان الفضل في ذلك يرجع للفاسدين الجدد الذين نموا الفساد وحصنوه وخربوا الاقتصاد واغرقوا البلد في المديونية وشلوا الالة التشريعية وعطلوا كل الاصلاحات. مهندسو الفساد الجدد هم الذين تصدوا صلب المجلس التاسيسي والحكومة للمقترحات الداعية لتحوير مجلة التشجيع على الاستثمارات او بالاحرى الفساد حتى تبقى تونس وكرا لتبييض الاموال والتحيل الدولي والجريمة المنظمة مثلما يتضح ذلك من خلال خلية معالجة المعلومات المالية ببلجيكا التي صنفت تونس من خلال تقريرها لسنة 2011 في المرتبة الخامسة من حيث الخطورة التي تشكلها على بلجيكا وكذلك من خلال عملية التحيل التي عرفت تحت اسم “سيدي سالم” والمتمثلة في شركة مصدرة كليا مبعوثة من قبل مجموعة من النصابين الاجانب بغاية ممارسة التحيل لا غير.

مهندسو الفساد الجدد هم الذين رفضوا فتح تحقيق بخصوص الاف المليارات التي اهدرت في اطار الاجور الصورية التي منحت للالاف من اعضاء العصابات والمليشيات التي كانت ملحقة صوريا بالمؤسسات العمومية. مهندسو الفساد الجدد هم الذين لم يسعوا لبناء دولة القانون والمؤسسات مواصلين صرف امتيازات وجرايات واجور اعضاء عصابة بن علي خاصة على اساس قوانين اجرامية تم تمريرها بمجلس دواب بن علي كالقانون عدد 88 لسنة 2005 وكذلك القانون الاجرامي المتعلق بالامتيازات الممنوحة عند التقاعد لرئيس مجلس الغمة والوزير الاول. مهندسو الفساد الجدد هم الذين رفضوا فتح تحقيق جنائي بخصوص ملف الخوصصة الذي منح من خلاله المجرم بن علي ووزراءه اصدقاءهم ممتلكات الشعب بابخس الاثمان. قادة الثورة المضادة هم الذين رفضوا ادخال تحويرات على الفصول 39 و42 و60 من مجلة الحقوق والاجراءات الجبائية التي تسمح للسماسرة ومخربي الخزينة العامة بالتدخل في الملفات الجبائية امام الادارة والمحاكم. قادة الثورة المضادة هم الذين رفضوا حذف لجنة اعادة النظر في قرارات التوظيف الاجباري التي تعتبر محكمة خارج اطار المنظومة القضائية والتي خلفت اللجنة الاستشارية المكلفة بالنظر في عرائض المطالبين بالاداء التي شطبت الديون الجبائية في خرق للفصل 25 من مجلة المحاسبة العمومية منذ سنة 1998.

قادة الثورة المضادة هم الذين رفضوا جرد كل اللزمات العمومية واعادة النظر فيها باعتبار ان اغلبها ابرمت في ظروف فاسدة علما انها تكبد المجموعة خسارة سنوية تقدر بالاف المليارات مثلما هو الشان على سبيل المثال لا الحصر بالنسبة للزمة الملح المصادق عليها بامر صادر عن المقيم العام الفرنسي جون مونس الذي لا زال ساري المفعول الى حد الان. قادة الثورة المضادة هم الذين يواصلون كذبا ونفاقا الحديث عن الاصلاح الجبائي والعدالة الجبائية في ظل تهميش مهنة المستشار الجبائي وتعطيل مشروع القانون المتعلق بها من قبل رئيس الحكومة ورئيسة لجنة التشريع العام ورئيس لجنة المالية بالمجلس التاسيسي وتحصين المتهربين من دفع الضرائب من خلال الابقاء على الثغرات التي تطبع المنظومة الجبائية الفاسدة واطلاق العنان لمخربي الخزينة العامة من بين السماسرة في الملفات الجبائية الذين كانوا ومازالوا وراء بطالة الالاف من العاطلين عن العمل من حاملي الشهادات العليا في الجباية في الوقت الذي اعتبرت فيه اروبا التهرب الجبائي ماسا بامنها القومي. قادة الثورة المضادة هم الذين جعلوا من المجرمين والفاسدين والخونة والمنظمات والنقابات المناشدة والفاسدة شخصيات ومنظمات ونقابات وطنية وهي نفس الاساليب القذرة التي اعتمدها بن علي لتزيين المشهد بكيانات وشخصيات نكرة.

مهندسو الفساد الجدد هم الذين رفضوا فتح تحقيق جنائي بخصوص عشرات الاف المليارات التي نهبت في اطار الصفقات العمومية وتصدوا لمقترحاتنا الداعية الى ادخال تحويرات على النصوص التشريعية والترتيبية المتعلقة بالصفقات العمومية والى حرمان الفاسدين والمتهربين من دفع الضريبة من المشاركة في الصفقات العمومية واستعمال المرافق العامة. قادة الثورة المضادة هم الذين يواصلون التعاقد مع الشركات الاجنبية المتحيلة على معنى الفصل 14 من المرسوم عدد لسنة 1961 متعلق بمباشرة بعض الانشطة التجارية من قبل الاجانب واستنزاف مواردنا من العملة الصعبة وتخريب مؤسساتنا رافضين تحريك الدعوة العمومية ضدها. قادة الثورة المضادة هم الذين يتفرجون على ظاهرة استيراد البطالة من خلال عدم طرد عشرات الالاف من الاجانب الذين يعملون في خرق صارخ للفصل 258 من مجلة الشغل على حساب العاطلين عن العمل من التونسيين وكذلك الذين انتصبوا كباعثين بالاعتماد على الثغرات المضمنة بالفصلين 3 و16 من مجلة التشجيع على الاستثمارات التي رفض الفاسدون تحويرها حماية لسوق الشغل.

قادة الثورة المضادة هم الذين هرولوا للحصول على مرتبة الشريك المميز بغاية الحصول على الهبات والصدقات الوهمية ولكن دون دون القيام بالاصلاحات المطلوبة من قبل الاتحاد الاروبي في جميع المجالات في اطار اتفاق الشراكة وسياسة الجوار الاروبية وبرنامج العمل المقترح من قبل الاتحاد الاروبي للفترة الممتدة من 2013 الى 2017.

قادة الثورة المضادة هم الذين اغتالوا حلم الشعب التونسي من خلال تكريس الجهل والتخلف والفقر وتبييض الفساد والفاسدين والتغطية على الجرائم المرتكبة في حق المجموعة الوطنية منذ الاستقلال علما ان ذلك يشكل القاسم المشترك بين ما يسمى بالمعارضة والماسكين بالسلطة والشعب الذي يتفرج على الدمار الشامل بسلبيته المقيتة.