بقلم محمد سميح الباجي عكّاز،
بعد جولة الخليج التي ما زلنا ننتظر جدواها وخلفياتها، تأتي اليوم الزيارة الثانية الرسميّة لرئيس حكومة التوافق لدولة “صديقة” حسب تعبيره. فقد حطّت يوم 02 أفريل طائرة مهدي جمعة على أراضي الولايات المتحّدة في زيارة رسميّة بدعوة من الرئيس الأمريكيّ ستمتدّ ليوميّن قصد عقد لقاءات مع وزير الخارجية جون كيري وأعضاء من الكونغرس الأمريكي وعمدة واشنطن ولقاء صحفيّ مع الواشنطن بوست، كما سيعقد جلسات بمديرة صندوق النقد الدولي ولقاء آخر بمدير البنك الدولي ومجموعة من رجال الأعمال الأمريكيين.
هذه الدعوة “السخيّة” الثانية من أوباما بعد زيارة السبسي منذ 3 سنوات، وفي هذا الظرف الراهن الذي تشتدّ فيه الأزمة الإقتصاديّة في تونس وحملة الترهيب الرسميّ من شبح الإنهيار والحرب ضد الإرهاب وضبابيّة المستقبل السياسيّ، تطرح أكثر من تساؤل حول توقيت الزيارة ودلالاتها، والأهمّ ارتداداتها على طبيعة التحالفات في المرحلة الجديدة.
بتجرّد من أيّ خلفيّة إيديولوجية، ماذا ننتظر من الحكومة الأمريكيّة؟ وهل يعطي الشيء فاقده؟ وهل ستكون المساعدات الأمريكيّة استكمالا لمسلسل “دعم المسار الانتقالي الديمقراطيّ”؟ وما هي الضمانات التونسيّة؟ وما الذي سنقدّمه في مقابل هذه المساعدات؟ وأخيرا، هل حان وقت تغيير المظلّة الفرنسيّة بمظلّة الولايات المتحدة الأمريكيّة التي اندفعت ومنذ 14 جانفي 2011 إلى تدعيم تواجدها في تونس؟
تكريس ثقافة التابع
منذ عقود طويلة، ورغم توقيع وثيقة الاستقلال، ظلّت تونس تخضع للوصاية والتوجيه الخارجيّ، وخصوصا من فرنسا التي اعتبرت أنّ هذه المنطقة مجال حيويّ وإرث لا ينبغي التفريط فيه على الصعيد السياسيّ والإقتصاديّ بعد خروجها العسكريّ من البلاد. وتواصلت الهيمنة الفرنسيّة على اقتصاد البلاد عبر تكريس شبه احتكار للعلاقات التجاريّة التونسيّة وسعي للتغلغل في النسيج الإقتصاديّ الوطني وربطه بصفة كاملة مع الإقتصاد الفرنسي. وقد تجلّت أوجه الهيمنة الإقتصاديّة على الإقتصاد المحليّ من خلال ما سجّلته الإحصائيات من تصدّر فرنسا قائمة المورّدين لتونس بنسبة 20% من إجمالي واردات البلاد و نسبة 27% من الصادرات. ويكمن الخلل هنا في التفاوت الهائل في قيمة السلع المتبادلة، حيث انحصرت السلع التونسيّة على المواد الغذائيّة والصناعات التحويليّة و النسيج في حين كانت وارداتها تشمل المنتجات العالية القيمة كالسيارات والأجهزة الألكترونية بمختلف أنواعها وهو ما خلق تفاوتا رهيبا في الميزان التجاريّ وعجزا متواصلا للصادرات التونسيّة إزاء الواردات، كما تمثّل الشروط المجحفة كربط القروض والهبات بضرورة التعاقد مع شركات الدولة المانحة سواءا على مستوى التنفيذ أو التجهيزات، أحد أهمّ الإستراتيجيات التي تعتمدها فرنسا لمنع تونس من فكّ الارتباط معها على الصعيد الإقتصاديّ.
أمّا على صعيد الاستثمارات الخارجيّة، فهي تتصدّر قائمة الدول المستثمرة في السوق التونسيّة، إذ تملك لوحدها ما يقارب 1269 شركة في تونس أي بما نسبته42 % من إجمالي الاستثمارات في البلاد. هذا وتتوّزع الاستثمارات الفرنسيّة على جميع القطاعات تقريبا، حيث يبلغ حجم الاستثمارات الفرنسيّة في المجال الصناعيّ ما يقارب 150 مليون دينار تونسي.
كما سعت فرنسا إلى تدعيم تواجدها أكثر في السوق التونسيّة بعد 14 جانفي 2011 عبر الزيارات المتكرّرة للرئيس الفرنسيّ والتي كانت آخرها في شهر فيفري الفارط والتي طرح خلالها مسألة القروض الفرنسيّة وعبّر عن رغبته في تحويلها إلى مشاريع استثماريّة أجنبيّة مباشرة، في سباق محموم للمحافظة على المكانة الفرنسيّة وحجمها في الساحة الإقتصاديّة التونسيّة في خضّم هذا التسابق الدوليّ المحموم بعد اختلاط الأوراق نتيجة ما اصطلح على تسميته بالربيع العربيّ.
هذه الهيمنة الفرنسيّة بدأت تتزعزع منذ أن وقف الرئيس الأمريكيّ أوباما وأعضاء الكونغرس ليصفّقوا “للثورة التونسيّة”.
فرنسا التي كانت حتّى آخر لحظة ماضية في دعم الرئيس التونسيّ المخلوع بن عليّ، لم تكن لتصمد أمام رياح التغيير الجديدة في تونس، والتي ازدادت مع نقمة الشعب التونسيّ على الفرنسيّين الذين دلّلوا بن عليّ وكانت حاوية الأسلحة والغاز المسيّل للدموع الأخيرة شاهدة على استمرار هذا الدعم حتى الرمق الأخير، كما لم يكونوا ليصمدوا أمام الرغبة الأمريكيّة في بدء حقبة جديدة تكرّس هيمنتها على المنطقة عبر نسيم الربيع العربيّ.
لكنّ الحضور السياسيّ والإقتصاديّ الأمريكيّ في تونس لم يكن وليد التغيير السياسيّ الأخير، فالرئيس الراحل بورقيبة اختار المعسكر الغربيّ منذ الحرب العالميّة الثانية وراهن على الأمريكيّين خلال الحرب الباردة، ولكنّه آثر أن تظلّ تونس مرتبطة أكثر بالجار الأقرب جغرافيا والمستعمر السابق الذي ظلّ مهيمنا رغم انسحابه العسكريّ على مقدّرات البلاد ومفاصلها إلى وقت غير هيّن بعد 1956. ولعلّ في شركة “كوتوزال” أكبر مثال على السعي الفرنسيّ لتثبيت وجوده في تونس. وهو ما جعل التواجد الأمريكيّ محدودا حتّى 14 جانفي 2011.
وقفة الكونغرس وظهور الراعي الجديد
خلال زيارته للولايات المتحّدة الأمريكيّة، صرّح رئيس الحكومة آنذاك، الباجي قائد السبسي قائلا:
عندما يتحدث أوباما عن تونس ويصفق أعضاء الكونغرس بقوة فهذا يعني أنّنا على الطريق الصحيح وانه لا يجب أن نحيد عن هذا الطريق.
الباجي قائد السبسي
لقد دلّت الأحداث التالية على أنّ تونس تسير فعلا في الطريق الصحيح نحو استبدال المظلّة الفرنسيّة بأخرى أمريكيّة، وأنّ البلاد أو قادة البلاد يسيرون وفق الخطّة الأمريكيّة القاضية بتدعيم تواجدهم على الساحة الشمال افريقيّة.
شهدت العلاقات الإقتصاديّة الأمريكيّة تطوّرا ملحوظا منذ سنة 2011، فإلى حدود سنة 2010 ظلّ الحضور الأمريكيّ على صعيد المبادلات التجاريّة ضعيفا، حيث لم تتجاوز صادرتها إلى تونس سنة 2010 حدود 320 مليون دينار وبنسبة 1.6% من إجمالي واردات البلاد، في حين كانت الصادرات التونسيّة إلى السوق الأمريكيّة تبلغ 430 مليون دينار وهو ما مكّن البلاد من كسر العجز التجاريّ وتحقيق فائض في الميزان التجاريّ مع الولايات المتحدة وبنسبة تجاوزت 2.5% من مجموع الصادرات. ويعود ذلك كما أشرنا سابقا إلى طبيعة العلاقات السياسيّة التي كانت تحكم البلاد والتي فرضت هيمنة الإتحاد الأوروبي وفرنسا بالخصوص على العلاقات التجاريّة لتونس ومحاولة التقليل من الحضور الإقتصادي الأمريكي في البلاد في إطار لعبة تقاسم النفوذ السياسيّ والأسواق العالميّة. ولكن وحسب إحصائيات منظّمة التجارة الدوليّة والمعهد الوطني للإحصاء، فقد شهدت العلاقات التجاريّة التونسيّة الأمريكية تحسّنا ملحوظا منذ سنة 2011، ففي حين حافظت الصادرات التونسيّة على استقرارها، ارتفعت الصادرات الأمريكيّة بنسبة 1.5% سنة 2013 لتبلغ نسبتها الجمليّة 3.1% من إجماليّ واردات تونس أي ما يقارب الضعف تقريبا خلال سنتين فقط.
وتبدو الولايات المتحدة ماضية أكثر فأكثر في اختراق السوق التونسيّة، ولكن عبر أدواتها الماليّة كصندوق النقد الدولي والبنك الدوليّ والذي يبدو تأثيرهما أكبر على المستوى الإقتصاديّ والسياسيّ. فقد تفاقمت المديونيّة التونسيّة لتتجاوز خلال السنوات الأربع الأخيرة 25 مليار دينار تونسي، وهو ما يستنزف قرابة ال50% من إجمالي الناتج المحليّ، وهو ما مكّن البنك الدوليّ من أن يصبح واضع الإستراتيجية التنمويّة للبلاد وأن يفرض الرؤية الأمريكيّة للإقتصاد الحرّ المطلوب إرساؤه في تونس.
كما سعت الولايات المتحدة الأمريكيّة إلى تكريس وجودها الإقتصاديّ عبر مؤسسّة التمويل الدوليّة (IFC)، التابعة للبنك الدولي. حيث لم تقتصر نشاطاتها على تمويل المشروعات المتعثّرة أو الإستشارة الماليّة، وقد استطاعت IFC أن تدعّم وجودها بتونس من خلال عمليات الإستثمار المتتالية والتي شملت عديد القطاعات كالقطاع البنكي، حيث أصبحت مساهمة في رأس مال بنك الأمان، بالإضافة إلى القطاع الصناعيّ عبر شراء نصيب بلغ 19% من أسهم شركة Fuba، وأخيرا شراء الفنادق التي تعاني من صعوبات مالية، وهو ما يأتي في تناغم تامّ مع سياسات هيئات النقد الدوليّة ومن وراءها الولايات المتحدّة من حيث السعي للسيطرة على الإقتصاد التونسيّ.
هذا وقد وقعت واشنطن على العديد من الإتفاقيات ذات الطابع الإقتصاديّ والتي تسعى لترسيخ اعتماد البلاد على التكنولوجيا الأمريكيّة كمذكرة التفاهم واتفاقية التعاون والشراكة مع الحكومة والتي وقعتها شركة «جنرال ايلكتريك» الأمريكية في 9 نوفمبر 2013 لتشمل مجال الصحة والنقل والطاقة عبر تمويل المشاريع الكبرى، بالإضافة إلى اتفاقيّة الشراكة بين تونس ومايكروسوفت والتي تمّ توقيعها مؤخّرا بغرض استغلال نظم التشغيل في إطار الإحترام الكامل لحقوق الملكية الفكرية، كما يتضمن الإتفاق توفير مجموعة برامج ذات قيمة مضافة في مجال الإقتصاد الرقمي ونقل التكنولوجيا والتكوين.
الحضور الأمريكي لم يقتصر فقط على الجانب الإقتصاديّ، بل امتدّ ليشمل التعاون الأمنيّ والعسكريّ ضمن حملة مكافحة الإرهاب وبعد ازدياد نشاط الحركات الإسلامية في تونس بعد 2011، إذ تدعّمت مكانة تونس على سلّم الأولويات الأمريكيّة وازداد الحضور العسكريّ الأمريكيّ في الساحة التونسيّة، وهو ما عبّر عنه سابقا قائد القوات الأمريكية بإفريقيا “أفريكوم” الجنرال دافيد رودريغيز إبّان اجتماعه مع رئيس الحكومة السابق علي العريّض في نوفمبر 2013. فالجيش التونسي و منذ تأسيسه يعتمد أساسا في التدريب و التسليح على الولايات المتحدة الأمريكية، وتواصل هذا الإعتماد بعد سقوط نظام بن علي وتدعم أكثر بعد وصول حركة النهضة إلى الحكم اثر انتخابات 23 أكتوبر 2011. وقد بلغ مجموع المساعدات العسكرية الأمريكية لتونس منذ 14 جانفي 2011، ما يقرب عن 32 مليون دولار وهو تقريبا ضعف المساعدة المقدمة مباشرة قبل ذلك التاريخ.
وكانت واشنطن قد أكّدت في أكثر من مناسبة على التزامها “بمواصلة العلاقات العسكرية القوية مع تونس”، في خضمّ أحاديث ومعلومات متضاربة عن وجود قواعد عسكريّة أمريكية في المنطقة العازلة من الجنوب التونسيّ.
يبدو أن الولايات المتحدّة الأمريكيّة صارت تعي ضرورة حفظ السلم في منطقة شمال إفريقيا وأنّ سيناريو الفوضى الخلاّقة ستكون نتائجه كارثيّة على مصالحها في المنطقة. فبعد فقدان السيطرة في ليبيا، وتغوّل الإسلاميين في تونس وعجزهم عن تسويق المرحلة الجديدة، والسيطرة على جناحهم المتشدّد، يبدو أنّ واشنطن قد قرّرت إعادة الرهان على حلفاءها القدامى وضمان استمراريّة الوضع القائم، وهو ما تترجمه زيارة كيري إلى الجزائر أوائل شهر أفريل الحالي، وغضّ النظر الأمريكيّ عن ترشّح الرئيس الجزائريّ عبد العزيز بوتفليقة لولاية رابعة. وتحتلّ تونس هنا موقع صمّام الأمان لنجاح السياسات الأمريكيّة في المنطقة ونقطة مراقبة جيّدة للوضع الجزائريّ والليبيّ. وتعكس مرافقة الوزير المكلف بالملف الأمني لدى وزير الداخلية رضا صفر لمهدي جمعة خلال زيارته على واشنطن أهميّة الملّف الأمني في العلاقات بين البلدين.
دائما، ووفق المفهوم الأمريكيّ؛ “في العلاقات الدوليّة، لا وجود لصداقات دائمة، بل دائما ما تتحكّم المصالح في طبيعة السياسات والتحالفات”. ربّما على رئيس الحكومة الجديد مهدي جمعة أن ينتبه جيّدا لهذا التعريف الأمريكيّ وأن يتجنّب سيناريوهات عرفها التاريخ البشريّ حين راهنت حكومات عديدة على القوى الكبرى لتجد نفسها في النهاية وبعد انتهاء “صلوحياتها” وحيدة أمام غضب شعوبها وسخطهم.
عندما يعتبر الكاتب أن هناك “حملة ترهيب رسميّ من شبح الإنهيار” فإنه بذلك يحيل القارىء على المعين الأول الذي يستخدمه بني اخونج هذه الأيام للتعمية على فشل ضباعهم في إدارة البلد خلال ما يقرب الثلاث سنوات، وهذا المعين ليس سوى نظرية المؤامرة. لكن المتابع للمؤشرات الاقتصادية ومختلف السياسات التي انتهجتها الحكومات المتعاقبة منذ 14 جانفي وبشكل خاص زمن كوليرا بني اخونج، يعلم بأن المركبة قد أخذت أضواءها الحمراء في الاشتعال تباعا منذ منتصف جوان 2012 عند اعتماد قانون العفو التشريعي العام وأنّ كل هذه الأضواء اشتعلت جميعها يوم 14 سبتمبر تاريخ الهجوم على السفارة الأمريكية في تونس، هجوم تمّ بأوامر من قيادات بني اخونج (راجع مجلة ماريان الفرنسية) وتواطىء واضح من بوليس علي رش لا بارك الله فيه! الوضعية الاقتصادية للبلد فعلا غير مسبوقة وهذا ما تؤكده الأرقام. والمسؤول عن ذلك جهتين رئيسيتين: الأولى بنسبة 80% وهي حكومة ضباع النكبة الاخوانجية ومرتزقتهم المسؤولة عن كل السياسات والقوانين وما تعلق بها من وضع أمني واجتماعي وسياسي. والثانية هي الشعب المتخلف الذي غرق في الخمول والتكركير والتنبير.
أما بخصوص الهيمنة الفرنسية فليس هناك مؤشرات جدية على خفوتها ولازال مبكرا جدا القول بأن الفرنسيين قد فقدوا مستعمرتهم السياسية والاقتصادية التونسية لصالح الأمريكان وأهم دليل على ذلك تولي جمعة مشوي نفسه (وهو من أعوان شركة طوطال الفرنسية) منصب المقيم العام في تونس. لا يجب كذلك إغفال أن قانون الاستثمارات الذي يعمل بنو اخونج بكل قوتهم على تمريره قد مرّ بالبرلمان الفرنسي قبل أن يصل لعاصمة المستعمرة. زيادة على ذلك، لا يستطيع الأمريكيون أن يقدموا لتونس أكثر مما قدّموه وبشكل خاص على المستوى الاقتصادي (وأسباب ذلك يطول شرحها). لكنهم يعملون على تطويع المستعمرة الفرنسية ولعب دور قيادي في توجيه سياستها بشكل رئيسي لأسباب استراتيجية (تخص كامل منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا) يختلط فيها الدبلوماسي بالأمني بالاقتصادي وإن كان هذا البعد الأخير الأضعف. كما لا أتفق كثيرا مع الكاتب عندما يفترض أن الأمريكيين قد حددوا من سيخدم مصالحهم في تونس في الفترة القادمة وهو المعسكر القديم (الباجي كوع بوع وداء تونس ومن تعلّق بهم من حثالات اليسار وأوليغارشيا الدكتاتور). في اعتقادي، الأمريكيون ليس بالغباء الذي يدفعهم لوضع كل بيضهم في سلة ذلك العجوز المتعجرف وعصابته لأنهم يعلمون جيدا أن رشودة غنوشو قد أثبت لهم تغلغله في ثنايا شعبنا العظيم “المسلم ولا يستسلم” ناهيك على أنه قدّم كل التنازلات الممكنة ليرضيهم (موضوعي الشريعة وتجريم التطبيع في الدستور مثلا) ويحجّ إليهم باستمرار ليعرض خدماته عليهم (بمناسبة وبدونها). وبالتالي أرجّح أن بعض بيضهم سيذهب في سلّته هو أيضا. وهذه استراتجية أمريكية قديمة وقد طبّقوها مع الانقلاب المصري في السنة الفارطة حيث وضعوا لهم قدما مع السيسي وأخرى مع الإخوان. الأمريكيون في موضع قوة وكلا العجوزين المقرفين سيظلان يستجديان عطفهم حتى اللحظة الأخيرة. لكنهم -الأمريكيين- لن يحدّدوا من سيخدم مصالحهم في المستعمرة التونسية إلا عشية مهزلة الانتخابات القادمة. وبناء على خيارهم ستتحدّد (ربما إلى حد ما) نتائج هذه المهزلة. وتبعا للاستتباعات الممكنة لذلك سنعرف بسهولة سعيد الحظ الذي فاز بصفقة العمالة لهم.
[…] اهتمام السياسة الخارجيّة الأمريكيّة، وهو ما انعكس في تطوّر المعاملات بين البلدين على الأصعدة السياسية والاقتصاديّة والأمنيّة […]
[…] وهو ما انعكس في تطوّر المعاملات … على الأصعدة […]