تعددت في الآونة الأخيرة ظاهرة نشر فيديوهات على مواقع التواصل الإجتماعي التقطت داخل محلات و مقاهي و صورت عمليات سرقة لأغراض شخصية. الكثيرون يؤيدون نشر وسائل مراقبة الأشخاص في الشوارع و في الأماكن العامة التي ترصد حركة الناس تحت مبررات الحفاظ على الأمن و محاربة الإرهاب. بل أنه صار من المألوف نصب وسائل المراقبة البصرية في أماكن العمل و المساكن و في فضاءات مفتوحة، عامة كانت أو خاصة. البعض الآخر يرى فيها تعديا على معطياته الشخصية. فما مدى قانونية استعمال وسائل المراقبة البصرية من طرف الأشخاص سواءا كانوا طبيعيين أو معنويين؟ و هل يُجيز القانون التونسي حق نشر التسجيلات البصرية على الأنترنت أو إحالتها للغير لتنفيذ المهام الموكولة إلى السلط العمومية من قبيل إجراء الأبحاث و التحريّات في التتبعات الجزائية؟ و هل ينظم القانون التونسي هذا القطاع أم أنه متروك للشركات التجارية المتخصصة في تزويد السوق بمعدات و خدمات المراقبة؟

النصوص القانونية المنظمة لحماية المعطيات الشخصية تُخضع استعمال وسائل المراقبة البصرية إلى ترخيص مسبّق من الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية و يعاقب بالسجن و بخطية مالية كل من خالف فصول القانون المنظم بحماية المعطيات الشخصية. الهيئة نفسها لا تملك أرقاما دقيقة حول عدد وسائل المراقبة البصرية من قبيل الكاميرات التي تم تنصيبها في مختلف تراب الجمهورية و تُقدر أن 10٪ فقط منها قانونية و تحصلت على تراخيص مسبقة من الهيئة.

و تتولى الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية التي يترؤسها القاضي، و الحقوقي مختار اليحياوي، حسب الفصل 76 :

ـ منح التراخيص و تلقي التصاريح للقيام بمعالجة المعطيات الشخصية أو سحبها […]
ـ تلقي الشكايات المعروضة عليها في إطار الإختصاص الموكل إليها […]
ـ تحديد الضمانات الضرورية و التدابير الملائمة لحماية المعطيات
ـ النفاذ إلى المعطيات موضوع المعالجة قصد التثبت منها و جمع الإرشادات الضرورية لممارسة مهامها
ـ إبداء الرأي في جميع المسائل ذات العلاقة بأحكام هذا القانون
ـ إعداد قواعد سلوكية في المجال
ـ المساهمة في أنشطة البحث و التكوين و الدراسة ذات العلاقة بحماية المعطيات الشخصية و بصفة عامة في كل نشاط آخر له علاقة بميدان تدخلها.

و من أجل التعرف أكثر على الجوانب القانونية و العملية بهذا الموضوع قمنا بإجراء هذا التقرير المصور الذي يحاول أن ينير الرأي العام حول مخاطر التراخي في التسامح مع لا قانونية وسائل المراقبة البصرية التي باتت تراقب كل تحركاتنا في تجاوز صارخ لحقنا في حماية معطياتنا الشخصية التي يضمنها القانون:

لكل شخص الحق في حماية المعطيات الشخصية المتعلقة بحياته الخاصة باعتبارها من الحقوق الأساسية المضمونة بالدستور. ولا يمكن أن تقع معالجتها إلا في إطار الشفافية والأمانة واحترام كرامة الإنسان ووفقا لمقتضيات هذا القانون.

الفصل الأول من قانون حماية المعطيات الشخصية

النصوص القانونية لا يمكن أن تضمن احترام معطياتنا الشخصية إلا إذا رافقها وعي مواطني بها و بضرورة تطبيقها ضد كل من يتجاوزها من شركات خاصة همها الربح و المتاجرة أحيانا بمعطياتنا. و إذا كان القانون يحدد كيفية معالجة التسجيلات البصرية و من قِبل من، و يضبط المدة التي يجب في غضونها تدمير التسجيلات و يمنع إحالتها للغير أو ترويجها على الأنترنت أو للخارج بل يعاقب كل من خالف هذه الضوابط، فإن وعي المواطن و حرصه على حماية معطياته و الفضاء الذي يتحرك فيه من أعين الرقيب هو وحده الكفيل بفرض قانون نجهل حتى وجوده.