بدأت الحملة البوليسيّة تستعر منذ أشهر ضدّ شباب الثورة عبر المحاكمات والإيقافات التي طالت العديدين كصفوان بوعزيز، شباب بوزيّان، محاكمات صفاقس و أجيم جربة و المنستير وأخيرا عزيز عمامي وصبري بن ملوكة. ولكنّ مسلسل الاعتداءات الأمنية على الشباب لم يتوقّف عند هذا الحدّ، فقد تعرّض الشباب الذّي نظّم تحرّكا احتجاجيّا يوم السبت 17 ماي 2014 تحت شعار “لا لدولة البوليس” لمساندة عزيز عمامي وكلّ الشباب الذي تمّ إيقافه على خلفيّة مشاركته في الاحتجاجات منذ 17 ديسمبر 2010 بتهم كيديّة وملفّقة، إلى اعتداءات وضرب وتنكيل في شارع الحبيب بورقيبة. ورغم الطابع السلميّ للتحرّك إلا أنّ ردّة الفعل الأمنيّة كانت عنيفة بعد أن أثارت الشعارات المرفوعة غضب رجال الشرطة الذّين اعتدوا على كلّ من تواجد في الشارع دون تمييز بالإضافة إلى الإيقافات العشوائيّة والإعتداء الجسديّ الذي طال العديد من المشاركين في التظاهرة كمظفّر العبيدي ووائل نوّار، ولم يسلم حتّى الصحفيّون الذين تعرّضوا للهرسلة وتمّ الاعتداء بالعنف على أحدهم وتحطيم معدّاته.
الأمر لم يتوقّف عند ذلك الحدّ، إذ تمّ يوم الأحد 18 ماي إيقاف مجموعة من الشباب هم فريال شرف الدين ومهدي الغانمي وعادل بن غازي ومحمد زياد عمامي بتهمة إفساد ممتلكات الغير إثر قيامهم بخطّ شعارات ثوريّة حائطية ومساندة لقضيّة جرحى وشهداء الثورة في الضاحية الشمالية للعاصمة. وقد تمّ تحويلهم إلى مركز شرطة المنار ومن ثمّ إلى مركز فندق الغلّة أين تمّ تحرير محاضر في حقّهم وإطلاق سراحهم في انتظار إعادة استدعاءهم من جديد للتحقيق. ويرى الموقوفون انّ الهدف الأساسيّ من إيقافهم ليس الحرص على ممتلكات الغير كما يدّعي البوليس، بل الشعارات التّي يخّطونها وتحريضهم على استكمال المسار الثوري والتمرّد على القانون الذّي يكرّس الفقر والإرهاب وسيطرة فئة قليلة على مقدّرات البلاد.
ردّة فعل المجتمع المدني بمختلف مكوّناته كانت محور الاجتماع الذّي عقد في مقرّ الرابطة التونسيّة لحقوق الإنسان يوم الاثنين 19 ماي والذّي ضمّ مختلف هيئات المجتمع المدني وحضورا كثيفا من الشباب الثوري من مختلف التنظيمات والمشارب الفكريّة. ورغم الاتفاق على وضع برنامج طويل المدى أو خطّة طريق لحماية الشباب من القمع والتنكيل الأمني، إلاّ أن التوتّر شاب الاجتماع الذّي عكس تبرّم الشباب من محاولة البعض من مكوّنات المجتمع المدني الركوب على الحدث وتصدّر المشهد والسعي للظهور الإعلامي بغضّ النظر عن الهدف الأساسيّ. كما تقرّر عقد اجتماع يوم الأربعاء 21 ماي في فضاء الكوليزي للتنديد بالمحاكمات التي طالت شباب الثورة وسط خلاف حول جدوى هذه الأساليب وفعاليّتها في الضغط على السلطة.
ويبدو ارتباك مكوّنات المجتمع المدنيّ وتشرذمه جليّا بعد إلغاء الندوة الصحفيّة التي تمّ إلغاؤها اليوم الثلاثاء 20 ماي في مقرّ نقابة الصحفيّين والتي كان من المفروض أن تتناول فعاليّات المساندة للناشطين المحاكمين بتهمة الثورة. وقد أعلنت أسماء المعتمري المكلّفة الإعلامية في الحملة أنّ المؤتمر الصحفيّ الذّي كان مقرّرا اليوم على الساعة العاشرة صباحا في في مقرّ النقابة قد تمّ تأجيله إلى اجل غير مسمّى بسبب غياب أرضيّة مشتركة لمختلف الشبّان المتهمّين في قضايا تتعلّق بالمشاركة في التحرّكات الاحتجاجيّة بالإضافة إلى عدم اكتمال عمليّة جمع الملفّات كما جاء على لسانها.
iThere are no comments
Add yours