المقالات المنشورة بهذا القسم تعبّر عن رأي كاتبها فقط و لا تعبّر بالضرورة عن رأي نواة

Khalid-Abu-El-Naga-tunisia

أردت محاولة الكتابة في هذا الموضوع رغم ما يكتنفه من سوء الفهم واحتمالات الإلتباس فضلا عن تشعب المعطيات المتصلة به، لكن ما دفعني حقيقة الى ذلك هو متابعتي في 4 ديسمبر 2014 على قناة الحوار التونسي وفي برنامج كلام الناس حوارا مع الفنان المصري خالد ابو النجا الذي تولاه عدد من الإعلاميين والسياسيين من ضيوف البرنامج الدائمين او من المشرفين عليه.

ورغم ان الحوار دار على خلفية حضور الفنان المذكور لايام قرطاج السنمائية إلا ان الحديث قد تطرق بالأساس الى رأي كان ابداه خالد ابو النجا بشأن نظام عبد الفتاح السيسي وماورد على لسانه من مطالبته بالرحيل لعدم قدرته على إدارة البلاد.

وقد كان من المعلوم سواء للحاضرين بالبرنامج أو لعدد كبير من المتابعين للأخبار العامة أو الفنية أن الممثل المصري قد تعرض إلى حملة إعلامية منسقة تستهدف كما قيل اغتياله معنويا وذلك من خلال اتهامه بانحرافات أخلاقية لتلطيخ سمعته و التشهير به. وكان من المتوقع في إطار التعليق على تلك الوقائع – رغم أن حرية التعبير مضمونة في مثل تلك البرامج الترفيهية – أن يبدي الحضور بحكم انتسابهم الى أوساط النخبة من الصحافيين و السياسيين والفنانين و الحقوقيين قدرا من التضامن والمساندة لما يخوضه الفنان من معارك “مؤلمة” قصد الإعتراف له بحق التعبير وانتقاد أوضاع بلاده بكامل الحرية. وفي مخالفة كاملة لتلك التوفعات – مع وضوح ما أدلى به بخصوص إرهاب الكلمة- انبرى ستة من المتدخلين – سواء من المشرفين على الحوار أو الضيوف بمختلف مشاربهم – إلى إثارة التحفظات -إن لم نقل الشكوك- حول وجاهة ما صرح به خالد أبو النجا أو ملاءمته للدور المطلوب من الفنان عموما من ذلك إشارة بعضهم الى استغلال الإعلام المناهض لتلك الواقعة للمساس بنظام السيسي والترويج لانتفاء الحريات في عهده واعتبار ذلك عقابا على الإنقلاب ضد الشرعية وتأنيب بعضهم الآخر للفنان بتعلة ان المفروض هو البقاء بمناى عن التجاذبات السياسية خصوصا وأنه لم يصدع بذلك أيام الرئيس مرسي وكذلك حديث أحدهم خارج سياق الموضوع وبكلام غامض عن أن الخلاف بين المصريين سببه العيش (كذا) حتى وإن كان متعلقا بالهوية …الخ

ومهما كانت المبررات -مع الإشارة إلى أن الضيف قد قال كلاما منصفا بحق الثورة التونسية – فإن الردود التي أبداها بعض النخبة إزاء الجرأة “الأدبية” لذلك الفنان المصري تخفي دون شك صراعا جانبيا ذا طبيعة سياسية إلا أنه من الثابت أن الوضع المصري لم يعد يحتمل مقاربة واقع الحريات برؤية سياسية من الجانبين سواء بسواء، وأن مجاملة بعض الديمقراطيين لنظام السيسي – إما اعتقادا أو إسقاطا للواقع المصري أو هروبا من الإلتباس أو تحرجا من الإدانة – يتناقض مع الطبيعة الجوهرية لحقوق الإنسان التي لا تقبل الإنقسام أو التجزئة أو التمييز.

وفي ضوء ذلك فمن الأكيد أن تكوين أي رأي أو اتخاذ أي موقف من النظام المصري يبقى مقيدا بمدى احترامه لمنظومة حقوق الإنسان أو إقراره بحرية التعبير سواء لفائدة فنان لم يقل أنه ضد” الإنقلاب” أو مع “مرسي” وقال “أنا لا مسلم ولا مسيحي” كخالد أبو النجا أو لفائدة أي إنسان أو مواطن مصري بقطع النظر عن لونه أو دينه أو جنسه أو وطنه أو مركزه الاجتماعي.