مجموعة من الدوافع كانت وراء خروج التونسيّين للتصويت والإختيار بين اسمين يتخذان بعدا رمزيّا ويختزلان مشروعين مختلفين بالنسبة لمن صوّت لكلّ منها، فتنوّعت الإختيارات بين من يبحث عن الإستقرار ودرء خطر الإرهاب ووقف التدهور الإقتصاديّ من جهة وبين من يرى في التصويت قطعا للطريق أمام عودة الإستبداد والحكم الشموليّ وخطوة جديدة نحو تكريس المسار الديمقراطيّ والتغيير الجذريّ.

لكن، من بين من يساند أحد المرشحيّن لإسمه أو برنامجه أو تاريخه في النضال أو التسيير، تبرز شريحة لا بأس بها من التونسيّين الذين يرون أنفسهم خارج دائرة المعركة الإنتخابيّة الأخيرة بعد أن خرج مرشّحوهم من السباق الانتخابيّ في الدور الأوّل أو ممن لم يقنعهم أحد من الأسماء المتواجدة في المشهد السياسيّ التونسيّ.

من خلال مداخلات الذّين تحدّثوا لكاميرا نواة، عبّر الكثيرون عن اضطرارهم لاختيار أحد المرشحيّن أمام غياب البدائل وقناعة منهم بضرورة مواصلة واجبهم الانتخابيّ بمنطق عقابيّ لأحد الإسمين أو بمنطق التسليم لوضعيّة التخيير التي فرضتها عليهم الدورة الثانية من الإنتخابات.


ويمثّل الشباب الفئة الأكبر من الناخبين “الإضطراريّين” والذين لم خفوا عدم اقتناعهم بالأسماء أو البرامج المطروحة، وأنّ دافعهم للاقتراع لم يكن سوى استكمالا لما بدأوه في الانتخابات التشريعيّة وإيمانا منهم بضرورة استكمال المسار الديمقراطيّ وممارسة حقّهم في تحديد مستقبل البلاد. ولكن انتظارا تهم من الرئيس القادم أيّا كان اسمه، لا تتعدّى تغييرا في الأسماء لا السياسات والممارسات.