بقلم عبد المجيد حواشي،
يفيدنا العرف الأخلاقي وحتى الوجداني للمسارات الثورية عبر التاريخ بأن هذه الأخيرة تتأتى من فرط التسلط والجبروت الطبقي وما يولده من مظالم وعسف وبطش وعبث بالقوى الإجتماعية العريضة التي تتحول في ذروة وعيها الطبقي إلى تيار جارف يرسم ويشق مجراه بعنفوان شديد ويجسد المنعطف التارخي.
أما في عرف الإقتصاد السياسي فالثورة تجسد حالة استعصاء وتمرد غير قابلة للإرتكاس للقوى المنتجة على الطغمة التنفذة و المتحكمة في رقاب المجتمع بصفتها المهيمنة على مقدراته العامة والكابحة لجماح هذه المقدرات وعلى توقها نحو الإرتقاء إلى مرتبة أفضل…لذلك ارتبط نجاح الثورات الإنسانية بتحقيق القفزة النوعية التي تعتق منظومة الموارد البشرية و الطبيعية من قيود الماضي و الحاضر لتدفعها إلى المستقبل الأفضل مستقبل الإزدهار و الحياة الكريمة.
لعل وقائع السجال الذي يكاد يصبح مزمنا في الحوض المنجمي يمثل الصورة النموذجية للمواجهة بين قوى الشد و المد…عن ذلك حدث بشير العبيدي.
بشير العبيدي قائد انتفاضة 2008 بالحوض المنجمي لا يزال شامخا في مكانه الطبيعي. تقضي معه الساعات الطويلة لتتمتع بحصافة إدراكه لمعضلات الواقع المحلي والإقليمي و الدولي وعمق تحليله وقدرته الفائقة على التأليف بين الوقائع و تبين اتجاهها العام. إنه باختصار نموذج المثقف العضوي المرابط في ذاك الحوض النضالي المنجمي حيث تنمو الثورة والثروة ويتقدم التاريخ نحو إقامة السلطة الشعبية.
الحوض المنجمي : القلب النابض للثورة
لقد سجل الإضراب العام الذي جد بالحوض المنجمي يوم 20 ماي الفارط نجاحا عماليا و شبابيا وشعبيا كبيرا شاركت فيه المكونات الأربعة للجهة النجمية : المتلوى و أم العرائس و الرديف و كاف الشفاير.
هذا ما أفادنا به بشير العبيدي. ومن عادة محدثنا أن ينآى بنفسه عن الإنطباعية و التهويل لذلك نحمل كلامه محمل التوصيف الحقيقي للوقائع عندما يضيف أن «القوى الشبابية والعمالية برهنت من خلال هذا الإضراب العام عن قدرات تعبوية وتأطيرية وتنظيمية فائقة كانت وراء النجاح الباهر لهذه التعبيرة النضالية الراقية». كما يؤكد محدثنا أن «الإضراب العام وبالرغم من حالة الإحتقان الكبيرة للقوى الشعبية التي عيل صبرها فهو ليس بالطفرة الظرفية التي سرعان ما ستنطفىء كنار الهشيم وإنما هو يندرج في سياق ديناميكية نضالية مرشحة للدوام دوام الظروف اللاإنسانبة التي يتكبدها أهالي الحوض المنجمي ودوام الوعي الجمعي الذي رسخ ذهنية التصميم على بلوغ الهدف المنشود في نيل الإستحقاقات المشروعة». و من الطبيعي أن يتبوأ الحوض المنجمي المكانة الطلائعية في الحالة الإحتجاجية العامة التي تعيشها البلاد في الظرفية الآنية. ذلك أن هذه الحالة تمثل أصدق تعبير على عجز الطبقة السياسية المزمن على تحويل وجهة الثورة والمس من طبيعتها الإجتماعية التي لن ترض بغير التحقيق الفوري لاستحقاقاتها كيفما كان الأمر.
الثروة المنجمية لا تزال في عنفوانها
»لا نملك إلا أن نردد وأن نذكر بلا هوادة أن شركة فسفاط قفصة هي أهم شركة بالبلاد التونسية فهي تساهم ب 18في المائة من ميزانية الدولة بما مقداره 10 ملايين دينار يوميا. وقد كان عدد العمال بالشركة يقدر ب 16 ألف في سنة 1985 فانخفض إلى 5 آلاف حاليا بحكم التألية (l’exploitation à ciel ouvert)» ويستطرد بشير العبيدي:
ومع أن المنطقة المنجمية عرفت في الفترة الإستعمارية وفي فجر الإستقلال حالة ازدهار نسبية وحياة مدنية متطورة فإن كل ذلك آل الى الإضمحلال في الظرف الراهن بالرغم من أن الثروة المنجمية ليست في طريقها إلى النفاذ وتعددت استعمالتها وارتفعت قيمتها التبادلية في الأسواق العالمية.
وفي مقابل هذا الوضع الجيد للمؤسسة الأم الساهرة على تواتر الثروة المنجمية وتزايد “الريع الفسفاطي” فإن قوى الإنتاج البشرية تعيش حالة تدمير ممنهج. ذّلك أن قساوة الوضع تجاوزت حيز العمل المنتج في الحقول الفسفاطية و عم التدمير المحيط العام للمجال المنجمي في الجنوب الغربي للبلاد التونسية. إن البطالة بأرقامها القياسية (25 بالمائة) وانعدام البنية التحتية وضحالة المرافق العامة ولا سيما الصحية منها وندرة الماء الصالح للشراب و الإستعمال المنزلي مقابل تسخير 23 مليون م3 من الماء لغسل الفسفاط و تدهور الأوضاع البيئية ومهزلة الوضع العقاري الذي لا يبيح حق التملك حتى للمنازل الخاصة كل هذا يقيم الدليل على أن تزايد الريع الفسفاطي يسير على طرف نقيض مع الإنهيار الإجتماعي المرافق له على الأرض التي يخرج منها. وهي لعمري حالة نموذجية عن الإستغلال و النهب الرأسمالي المتوحش لاسيما إذا أضفنا إلى ذلك ملفات الفساد الكبرى المتصلة بابزاز الريع الفسفاطي.*
لامناص من سلطة شعبية
يشدد محدثنا على أن «الإضراب العام ليوم 20 ماي الجاري دخل حيز التنفيذ عندما أيقنت القوى النضالية المحلية بأن السلطة و المعارضة ما تنفك تستخف بذكائها. وإلا كيف يتعمد مجلس الوزراء اجترار25 إجراء أغلبها مشاريع معطلة منذ عهد بن علي…» كما أن هذه الديماغوجيا التضليلية أردفت بمناورة تشويهية يقودها الأركاستر الإعلامي غايتها حصر التحرك الشعبي في الزاوية وتجريمه بل و تخوينه حتى تسهل إدانته من طرف الرأي العام. ولا غرابة في أن تهرع أطراف السلطة إلى أساليب الأشباح القديمة في التشويه و الترغيب و الترهيب و البحث عن الوساطات لاستعمالها كأدوات للتحيل على أصحاب الشأن في هذه الحركة الإجتما عية العارمة. وحدهم المناضلون الملتزمون حقا بقضايا الكادحين من أمثال بشير العبيدي رفضوا هذه الوساطة.
أنا أرفض قطعيا أن أكون وسيطا في مفاوضات مشبوهة. و إن كان لهم ما يقترحونه فليدلوا به جهرا و على عين الملإ الى عامة المواطنين، يقول بشير العبيدي.
على عكس ذلك اندفع النواب الكرام إلى عرض خدماتهم على الحكومة بل وانتصبوا مدافعين على الإجراآت الحكومية داعين الى العودة الى العمل. بل وبلغت بهم مناوراتهم السياسوية حد استعمال نفس الأساليب الإتهامية المهزلية حقا و الزاعمة بأن «الإضراب تحركه أطراف خارجية» و الحال أن قوى يسارية ونقابية وشبابية محلية هي التي دعت للإضراب العام و أطرته.
وفي المحصلة يمكن القول أن الإضراب العام الأخير في الحوض المنجمي كشف عن عناصر مستجدة في سجال اجتماعي سياسي على صلة بالمسار الثوري المتواصل. ولعل أبرز عنصر بهذا الصدد يتصل بمكونات الطبقة السياسية (في السلطة والمعارضة) والتي مأسست وجودها خارج الإرادة الشعبية وفي تعارض معها.
وبصورة أشمل وأعم يمكن القول بأن الحوض المنجمي سيظل محتفظا بدوره المحوري في تطور الصراع الطبقي في تونس و في مختلف مسارات الثورة الإجتماعية منها و الوطنية. سلوا عن ذلك الأب المؤسس محمد علي الحامي وتجربته النضالية الرائدة في الحوض المنجمي في مطلع سنة 1924. وقد برهنت إرهاصات الثورة الإجتماعية في تونس منذ ستة 2008 وتجلياتها الآنية أن لا سبيل لإخضاع الحوض المنجمي إلى أسلوب الإستغلال و النهب الرأسمالي المتوحش. بل أن نضالات الحوض المنجمي مرشحة لتكون قدوة لبقية الجهات من أجل تقويض هذا الأسلوب و جميع استتباعاته. أجل الوضع الثوري يحتم تثمين العمل و لكنه يحتم أيضا إعادة قسمة العمل و إعادة قسمة عائداتالعمل و الثروة طبقيا و جهويا وهي إعادة مشروطة بإعادة قسمة السلطة أي بفرض سلطة محلية فعلية في نطاق الدولة الراعية كمرحلة أولى من إقامة الديمقراطية الحقيقية.
مراجع
* انظر مقال بشير العبيدي : فسفاط قفصة رزق البيليك (نواة) جانفي 2015
هذا التعليق موجه الى كل صحافي في البلاد التونسية اولا والى صحافيي الخارج ثانيا
كل ماراه من ربورتاجات وتحليلات للاوضاع في المناجم بجهتنا اي المتلوي والرديف والم العرايس والمضيلة اين تنتهك الانسانية للمتساكنين وكانهم محكوم عليعهم بالمؤبد لاستخراج الفسفاط وبشروط تضعها الدولة بواسطة ترسانة من الاليات التي تسيطر بها على كل تحرك يمكن ان يضهر من طرف الاهالي مند عشرات السنين وكا الاتحاد التونسي للشغل الملاد الوحيد للتنفيس على كتم الانفاس في كل مرة يبلغ فيها السيل الزبة وفي نظري حتى الاتحاد لان لم يعد في استطاعته ان يكون قاطرة للدفاع عن مطالب المناجم لذلك كان قرار الاتحاداتىالجهوية متزامنة في الاضراب العام الفائت وهي نقلة نوعية من شباب لا يعغترف بالضوابط القديمة واول تحرك سيليه التحرك الصحيح والمنتظر وهي المطابة بولاية المناجم لما تتميز به المناجم هن تجانس ديموغرافي واجتماعي وجغرافي الى اخره والذي لم يكن معتبرا وولم يكن في الواجهة لتتمركز عليه التنمية الخاصة بالمناجم التنمية التي تحجبها بيرقراطية قفصة الادارات التي عجزت عن مواكية التطورات والتي فيها الكثير من الاهمال والتعمد لابتزاز المناجم لصالح المعتمديات الاخرى
من حهة اخرى ارجوا ان يكف المحللون على اعتبار الجهة اي المناجم وقود الثورات والتنضير للاحتجاجات الاجت
ماعية واعتبار المنطقة محرار التحركات الاحتماعية بالبلاد
frappés de franalphabétisme ( mot que j’ai inventé): vous copiez la France comme moutons écervelés, ici son système centralisé.
ainsi donc, des polytechniciens poly mines et plaques minéralogiques … en fait des poly matheux inutiles, qui sont mème pas originaires de la région, qui décident du phosphate et de son avenir et de la région !!!
dans un système fédéral décentralisé eg. Allemagne, ce sont les enfants de la région qui décident et les premiers à bénéficier de ses ressources, à travers un gouvernement régional.
pour vous débarrasser de la France et son système imposé par le grand franalphabète Bourguiba, il vous faudra une GRANDE révolution.