لنَنْتبه لهذا الخيار: إسناد جزئي ورمزي مُعلن ومحدود في الزمان وفي المكان وإنتفاضة شاملة وطويلة المدى في القصرين.
من يقرأ هذا النص بتواضع وعقلانية سيفهم أنه كُتب من أجل تحمّل وتحميل المسؤولية ومن أجل إحباط كل محاولات التخريب والتدمير آخر حلول المجرمين العملاء والمرتزقة وبالتالي من أجل إنجاح مسيرة الإستعادة والإستئناف.
ومن أجل ذلك نرى أن المرابطة العامة في مكان واحد لحين الإنجاز ثم المرور هو التكتيك الوحيد، فلقد تغير كل شيئ بعد 2011 وعوامل عديدة دخلت على الخط إلى جانب أن أكبر الذين أثبتت التجربة التاريخية أنهم أهل عنف على مدار تاريخ تونس هم الحاكمون الآن. فلذا فلنحاذر من فخ الوهم الثوري فهم يتسللون في كل مكان وكان ولا يزال بالإمكان تركهم في التسلل.
إن فك الحصار والمساندة والضغط من أجل تحقيق الأهداف لا يكون بالضرورة من خارج القصرين وفي كل مكان في نفس الوقت دون أدنى إمكانية فعلية في التقدم والقدرة على إحباط كل محاولات التخريب الإجرامية ذات الطابع المعادي للحراك، هذا إذا أخذنا كل شيء بالنوايا الحسنة. فالأجدر أن يذهب الجميع إلى القصرين ثم يتدرجون. وليجربوا التخريب حيث لا حراك ويقيمون الحجة على أنفسهم وليجرّبوا التخريب عندما يكون آلاف المناضلين بين مئات آلاف الأهالي.
مُعطى أوّل:
لمن يريد ان يفهم، اليوم امام ولاية تونس وداخل بهوها، اقول له على الهواء مباشرة لا يوجد اي اقتحام بل فسح مجال وغياب أمني ثم حضور متأخر رغم العلم دون تدخل فعلي فيصر على أنه إقتحام. هذا ورغم أننا نعلم إن آخر حلقات الخروج الجماعي الإحتجاجي الكبير كانت موجهة على وجه الخصوص إلى مقرات السلط المحلية والجهوية بعد إستشهاد الحاج محمد البراهمي رحمه الله وكل ما تلى ذلك بما يعني أنه يوجد بناء مباشر على ما حصل في آخر تجارب المحتجين ذهنيا وعمليا.
مُعطى ثاني:
هنالك جهات إعلامية عديدة تعمل على نوع من سبر آراء المحتجين وإختراقهم بصيغة التجسس تحت يافطة المصادح التلفزية والاذاعية التونسية وغير التونسية والتسجيلات للصحف لحساب أحزاب وأطراف مشبوهة بما فيها أطراف خارجية وبلغات عديدة ثم يأخذون تسجيلاتهم وتندثر ليتم فحصها وإستعمالها من طرف جهات قابلة للإحتمال حتى إذا تبقّت غير معلومة. هذا الأمر إستعدنا إكتشافه اليوم أكثر من 4 مرات وذكّرني بعديد مشاهد 2011 وفي الغالب تكون الإستجوابات متعلقة بالنوايا السياسية والرسائل والتخطيط والفاعلين والنموذج الإقتصادي المطلوب والدول المتدخلة.
مُعطى ثالث:
هنالك كما يعلم الجميع تدخلا داخليا إجراميا من كل حدب وكل نوع لإجهاض الحراك الإنتفاضي وخلط كل الأوراق بمعنى العمل على تجريم وتشويه الحراك الإنتفاضي من ناحية وبمعنى العمل على تقبيح وترثيث المنتفضين وزرع النوازع التفريقية التفتينية وبمعنى حرفه وتوجيهه نحو الإنحراف الإجرامي والترهيبي الخارج عن كل أدبيات ومهمات العمل الثوري الشرعي والمشروع وإنتهاء بمحاولة توفير الغطاء لدعاة التسييس الحزبي بينما كل عمل من هذا القبيل سياسي بطبعه وبإمتياز.
مُعطى رابع:
هنالك بالفعل عيون خارجية كثيرة معادية لشعب تونس ومشرفة على عملائها بالداخل ولا نستغرب إطلاقا أن تقوم بكل شيئ من أجل إبقاء مرتزقتها في الحكم وترك البلد في حالة عجز وإنهيار من أجل التحكم فيه كساحة والتحكم في بلدان الجوار وفي المنطقة ولا نستغرب أبدا أن تقدم على إستعمال كل أنواع تنشيط العامل الإرهابي أو نمط توظيف العامل الإرهابي كإرهاب تعديلي وكإرهاب ردعي وكإرهاب توسّعي إستعماري وتهجيري.
وبناء على كل ذلك نتوجه إلى كل أصدقائنا ورفاقنا وإخوتنا في كل ميدان بإستثناء المنتسبين إلى أطراف الإئتلاف الحاكم أن يناقشوا الرسالة التالية:
دون مداخل وبلا توصيفات للوضع الراهن في تونس على كل المستويات، نظن أنه على الجميع أن يتحمل مسؤولياته ويدعم حراك شباب القصرين بالذات ويساعد على المرور إلى نموذج إنتفاضي ناجح يؤدي إلى نموذج إنمائي-تشغيلي ناجح ومن ثم نموذج وطني عام نتقدّم إليه بناء على ما سبق ومن أجل ذلك وبعيدا عن كل نوع من أنواع الشعارات وبلا أي تعويل حقيقي على ما يسمى حكومة، نوجه هذه الرسالة إلى كل القوى الوطنية من منظمات وجمعيات وأحزاب وجبهات وأطر جماهيرية ومواطنين أحرار يهمهم ما يهم كل مواطن تونسي ويهمهم كل ما يهم ما تبقى من هذا الوطن:
- المبادرة بأخذ القرار الواضح والصريح بدعم وإسناد المنتفضين على قاعدة تعزيز التواجد الميداني من أجل مزيد تنشيط وتنظيم الحركة الجماهيرية لتقريبها من أهدافها وتأهيلها لحصول التغيير المأمول.
- تحويل كل العاملين على تحقيق مهمات تنفيذية عدالية إنمائية وتشغيلية تكافئية وتكافلية حقيقية لأبناء الجهات المُعدمة بعامّة إلى هيئة سياسية عامة مشتركة تتحول خصيصا إلى ولاية القصرين وتقيم وتعمل هناك في قلب الحراك بشكل لا مركزي أي خارج العاصمة وبشكل مركّز وممركز هناك يحشد كل الطاقات والإمكانيات ويكسر ثنائية عامل الإرهاب وعامل القمع ومن أجل الأهداف المُتفق عليها المُبرمجة والمدروسة.
- الدفع نحو تعليق كل البرامج التسييرية الروتينية لكل مؤسسات الحكم وعلى رأسها الحكومة والبرلمان وتعليق كل نشاطات الأحزاب والمنظمات والإنكباب على إحداث غرفة سياسية تنفيذية لإدارة سياسة الطوارئ الإجتماعية والإقتصادية على مستوى رئاسة الحكومة يكون على رأسها مناضل عن كل ولاية وممثل عن كل القوى المعارضة التي لم تزكّي كل الحكومات المتعاقبة بما فيها الحكومة الحالية وإجبار هذه الأخيرة على الإنسحاب من العمل في ملف الإنماء والتشغيل الجهوي والمحلي.
- الإستنجاد الفوري بقوى ومؤسسات صديقة وذات مصداقية لإنقاذ ما أمكن إنقاذه من شبابنا بإنتظار برنامج وطني شامل للإنقاذ وعلى رأسها دولة الجزائر الشقيقة ودولة روسيا الإتحادية ومنهما باقي الدول ذات الإنتماء إلى نفس أطر التعاون المشترك ومنظمات البريكس وشنغاي والبنك الآسيوي والبنك الإفريقي للتنمية.
ولذلك يجدر بنا جميعا في الختام الإنكباب الجماعي بالتوازي على:
- برنامج إنماء ذاتي محلّي بمقدّرات ورجال الجهة من خزينة الدولة ومقدّرات القصرين.
- برنامج تشغيل مرتبط بجملة المشاريع التي يعمل المنتفضون على تحقيقها ورصد كل الموارد والإجرائات البديلة التي لطالما تمت المطالبة بها من أجل ذلك وعلى رأسها الإنتداب المباشر لأبناء المنطقة بأعلى نسبة مما هو مقترح في الميزانية الحالية وتوجيه ما يرصد لتسديد الديون إلى الإنماء وإستخلاص مستحقات الشعب من الفاسدين والمتهرّبين فورا وبقوة الدولة وفرض ضريبة فورية على الثروات الكبرى وفتح باب التضامن الوطني للشرفاء.
- محاسبة الجناة سماسرة الموت الدافعون الناس إلى إنهاء حياتهم وإطلاق قانون للمحاسبة الجزائية والمالية والإقتصادية.
- العمل على برنامج جزئي عام خاص بالمنطقة يكون دافعا ورافعة نحو الإستقلال الإقتصادي الوطني رافضا لنفس توجهات الإرتهان والتبعية وحلول الوعود المغشوشة والتشغيل الهش والبخس والوقتي باحثا عن أفق شراكات سيادية خارج نماذج وشبكات الإستعمار.
iThere are no comments
Add yours