راب تونسي : فريد المازني ( المُهَاجِر )

ﻭﻃﻨﻲ ﻋﻠﻤﻨﻲ .. ﻋﻠﻤﻨﻲ ﺃﻥ ﺣﺮﻭﻑ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻣﺰﻭﺭﺓ ﺣﻴﻦ ﺗﻜﻮﻥ ﺑﺪﻭﻥ ﺩﻣﺎﺀ
ﻭﻃﻨﻲ ﻋﻠﻤﻨﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﺑﺪﻭﻥ ﺍﻟﺤﺐ ﻋﻮﻳﻼ‌ً ﻭﻧﻜﺎﺣﺎً ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺤﺮﺍﺀ
ﻭﻃﻨﻲ … ﻫﻞ ﺃﻧﺖ ﺑﻼ‌ﺩ ﺍﻷ‌ﻋﺪﺍﺀ؟
ﻫﻞ ﺃﻧﺖ ﺑﻘﻴﺔ ﺩﺍﺣﺲ ﻭﺍﻟﻐﺒﺮﺍﺀ؟
ﻭﻃﻨﻲ ﺃﻧﻘﺬﻧﻲ ﻣﻦ ﺭﺍﺋﺤﺔ ﺍﻟﺠﻮﻉ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﻣﺨﻴﻒ
ﺃﻧﻘﺬﻧﻲ ﻣﻦ ﻣﺪﻥ ﻳﺼﺒﺢ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﺪﺍﺧﻦ ﻟﻠﺨﻮﻑ ﻭﻟﻠﺰﺑﻞ ﻣﺨﻴﻒ ﻣﻦ ﻣﺪﻥ ﺗﺮﻗﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﺍﻵ‌ﺳﻦ ﻛﺎﻟﺠﺎﻣﻮﺱ ﺍﻟﻮﻃﻨﻲ ﻭﺗﺠﺘﺮ ﺍﻟﺠﻴﻒ
مظفر النواب، قصيدة يا قاتلتي

قدمي في الحكومات .. في البدء والنصف والخاتمة !
مظفر النواب، قصيدة الأساطيل.

إذا أردنا تسليط الضّوء على أشهر الرّابورات قبل سقوط نظام بن علي سيكون فريد المازني على رأس هذه القائمة. أصيل الجبل الأحمر، عانى من ظلم و قمع البوليس تحت النّظام السّابق (كأغلب أبناء الشّعب) و قد ترجم هذا الرّابور كلّ هذه المعاناة من خلال مجموعة من النّصوص التي جعلت أغانيه ممنوعة لا بل يُعَاقَبُ من يسمعها. نصوص المهاجر تصف و تؤرّخ – بطريقة خاصّة – للظّلم الذي كان يتعرّض له عامّة الشّعب و القمع المسلّط عليهم من البوليس الذي كان يُعتبر آلة قمعيّة تتمتّع بسلطة مطلقة في نظام قائم على التّرهيب. من إسبانيا كان هدف فريد المهاجر التّعبير بكل حريّة – و لو من خارج الوطن – في زمن صادر فيه النّظام كلّ الحريّات. و حتّى بعد الثّورة، نلاحظ أنّ نصوص هذا الرابور لم تتغيّر مواضيعها، لأنّ الأمور لم تتغيّر كثيرا بقي منحازا للضّعفاء و مناصرا للطّبقة المهمّشة من أبناء الشّعب.

تْسَكَّرْ وِذْنِيكْ تَلَّفْ مَاتِسْمَعْشْ، نْحُطْ اٌلبوقْ
بْلاَدي هِيَ بْلاَدْكم و نَحْكِي فِيهَا إِلِّي نْحِبْ
إِلِّي عِجْبُو عِجْبُو و إِلِّي مَاعِجْبُوشْ يْرُوحْ!

https://www.youtube.com/watch?v=NqVbOXoOBTA

● عْبَادْ فِي تَرْكِينَة : هذه الأغنية من أشهر أغاني الرّاب التونسي و من أعنف النّصوص التي فتحت النّار على السّلطة التي كانت تقيّد كلّ الحريّات و تدمّر طاقات الشّباب. فريد في هذه لأغنية كان أوّل رابور يتوجّه مباشرة بالخطاب إلى البوليس و يبتعد عن أسلوب التّلميح الذي كان يعتمده جلّ الفنّانين. إستراتيجيّة هذا الرابور كانت واضحة، أي البذاءة لمحاربة الآلة القمعيّة بنفس الآليّات التي كانت تستخدمها لتركيع الشّباب. بداية الأغنية هو عبارة عن حوار بين شخصين يعكس حالة الإحباط التي كانت سائدة في البلاد و التي كانت نتيجة التّضييق على الحريّات. بقيّة الأغنية تُعَدُّ بمثابة قائمة لجرائم البوليس خلال فترة بن علي ”زيد الحام يجينا يذر يهين يذل فينا“، ثمّ يصف المهاجر حالة الإحتقان التي يعيشها الشّارع و يسخر من الدّيموقراطيّة التي يتبجّح بها النّظام و لا يطبّقها على أرض الواقع لا بل هو يشنّ حملات شرسة على دعاة حريّة التّعبير ”الظّلم و الإهانة البلاد ولاّت زنزانة“. لم يكن الراب مجرّد كلمات لمجموعة من الخارجين عن القانون كما صوّره النّظام سابقا (و مازال الكثيرون يعتقدون ذلك!) بل هو صوت المستضعفين الذين لا سند لهم. يمكن أن نستنتج أن مثل هذه النّصوص قد تتحوّل إلى مراجع لتوثيق حقبة مهمّة من المراحل التي عاشها الشّعب التونسي، و هي فترة لم تشهد نضالات المثقفين و النقابيين فقط، و إنّما أيضا رابورات مثل فريد المازني.

● وَرْقَة سْتِيلُو : حريّة التّعبير هي هاجس المهاجر، لقد خصّص هذا الرابور هذا النصّ لهذه القضيّة و أعلن عن خوضه للحرب على أصحاب السّلطة الذين يشهّرون و يسجنون كلّ صوت حرّ في البلاد. الحرب التي قرّر أن يخضوها ستكون بالكلمة، وحده القلم يستطيع أن يواجه الطّغيان إذ تتحوّل الكلمات إلى رصاص يُوَجّهُ إلى الديكتاتور. ”ورقة ستيلو ضدّ الرّيح ما تخبّيش كي تشوف صحيح“، هذا النص يعكس عزم فريد على التّحريض على التّمرد و الثّورة على الإستبداد و الظّلم فهو مقتنع أنّ الإنسان من حقّه أن يعبّر بحريّة ”حلّ أكا الفم تكلّم حريّة لسانك مطلوق“ رغم كلّ الحواجز و القيود التي تسلّطها السّلطة ”نعيشو في حبس تتكلّم تطيّش وراء التّل“. أمّا المقطع الأخير من الأغنية فهو موجّه للإعلام و هي بمثابة دعوة للتكلّم عن الوضعيّة الحقيقيّة و المعاناة التي يعيشها الشّعب على عكس ما يروّج له الإعلام الموالي للسّلطة.

إكتب أحكي صوّر الواقع
ع النّاس إلّي عايشة في خرب
ع المربوط أمّو تندب
ع إلّي يدز فينا و يسب
ع إلّي يبكي خاطر تغلب
ع إلّي ملك منين كسب
ع المتغرّب وين يشب

https://www.youtube.com/watch?v=zwD2lVottBQ%20

● آشْ بَاشْ نَحْكِيلِكْ : لم يتردّد المهاجر في نقد الوضع المتردّي بعد الثّورة و عودة إنتشار الفساد الذي أعاد البلاد إلى نقطة الصّفر و منع أبناء الشّعب من إستكمال ثورتهم. في النص أيضا إشارة إلى عودة تغوّل البوليس: ”الحاكم مازال طاير“ و إلى سطوة مجموعة من الأحزاب التي لا همّ لها سوى الوصول إلى الحكم لخدمة مصالح ذاتيّة. لقد كانت هذه الأغنية بمثابة صرخة إحتجاج على الواقع و دعوة لإسترجاع الثّورة التي سُرِقَتْ من الشّعب

● مقطّع / هَـذَايَــا خُــوكْ : من خلال هذه النصوص، ينقل فريد تجربته الشّخصية و السنوات التي قضاها خارج البلاد. لقد كانت المعاناة و البحث على مستقبل أفضل هي الأسباب التي جعلته يهاجر و هذا ما يفسّر التعاطف مع المضطهدين و محاربة الظّلم، فقد انطلق هذا الرابور من حالته الشّخصية ليتحوّل إلى مُدَافِعٍ على كلّ مظلوم، فالأوضاع و الطفولة الصّعبة التي عاشها في تونس ستنعكس على نصوصه و تصبح محور كلّ أغانيه تقريبا

في الشارع نجري حفيان كيف كنت صغير
نمشي نقرى في وسط النّاس عريان …
ما تربّيتش نرقد ع الرّيش
ع السّيمان رقدنا عشنا ديما محرومين

https://www.youtube.com/watch?v=aBDpnaZr2nY

● مِنْدَافِكْ يَاٌلمُجْرَابْ : يصرّ فريد المهاجر على أنّه مختلف، و يذكّر أنّه كان من أول من دافع عن المظومين و وقف ضدّ النّظام القمعي. يهاجم فريد مجموعة السياسيين و خاصّة الفنانين الذين ركبوا على الثّورة بهدف ربح الأموال و إكتساب الشّهرة، إنّها دعوة للأجيال الجديدة للإطّلاع على أغانيه و التّمييز بين المحترفين و الهواة.

ارجـــــع شويــــــــة للتاريخ
تو تعرف شكــون رســــيخ
نـــــاس تـــعشق الـــتـزڨـزيـڨ آه
وأنـا يا خـــو الظلم ما نــــطيـــڨه
عـيـــش راجــــــل لآخر دڨــيـڨـة
مــــهـمـا سـدولـــك طــــريـڨـــك
مــــا تـــوفـــاش خــــويا الحريڨة

لقد كان فريد المهاجر من أوائل الفنّانين الذين رفضوا الظّلم و قاوموا النّظام بوجه مكشوف و بإستعمال نفس الأساليب: ”للسقاط وجــهـــــــت كلامي بلــوغـتـهم اللّي تحت حزامي“، هذا ما يجعلنا نستنتج أنّ جرأة هذا الرابور هي من الأسباب التي ساهمت في سعي مجموعة من الفنّانين إلى التفطن إلى وهن و عجز النّظام على المواجهة خاصّة و أنّ الكلمة و القلم هي أسلحة لا تُقْهر إذ تبقى الفكرة وحدها تقضّ مضجع كلّ مستبدّ.

Blogs

Inscrivez-vous

à notre newsletter

pour ne rien rater de nawaat

6Comments

Add yours
  1. 1
    أيمن الجمني

    فريد كان و لا زال على قائمة أحسن مغني الراب في تونس. هو من القلائل الذين يجمعون قوة الكلمات باللحن الجيد و الأداء المتوازن. لديه أغاني ستبقى خالدة لعقود في تونس لأن الوضع السياسي لم يتغير كثيرا بعد ثورة 17 ديسمبر و هروب بن علي. من أغانيه التي لم تذكروها في المقال و التي تعبر على مشاعر الألاف من أبناء المناطق المهمشة في تونس هناك أغنية “الكرز” وهي لازالت صالحة لليوم رغم قدمها.

    صحيح أنه قليل الإنتاج مقارنة بمغنين آخرين و لكنه يبقى في القمة

  2. 2
    Mehdi

    Ferid l’extranjero ! Awel fenan wajeh l7okomat l9dima w jadida wa menghair mo9arnna binou w bin be9i fenanin tunis , Amma ghoneyat l3abed Fi Tarkina fa hiya satab9a Fi tari5 tunis all fenni rassi5a , li2annou bi bassata moch ghoneya hiya 3a9liya ya3ichou beha koull zaweli tunsi madhloum , wo tji ba3dha ghoneyat lkrouz , bi sara7a legend . Big up ferid l’extranjero

  3. 3
    Walid

    Haw ssa7… enehou welid 9a.. ken yetkalim taw wlet tounes kolha raperet hhhhhhhhhhh le nife9 le lou4a 5achebiya ferid sidkom
    te7iyet ta9dir w e7tiram

  4. 4
    mor__

    الاخرين رابورات و فريد فنان و شاعر. يبقى معلم عليهم لآخر الدهر. نقول الكلام هذا بالرغم اللي نعرف ما يحبش شكون يقارنوا بحد آخر 😄

  5. 5
    Skander

    صحيح عنا برشا رابورات باهين ، لكن كي تقارنهم بفريد يظهرو مزاوديّة …

  6. 6
    safowen

    kéne hédha lézmou yitla5iss fi article ama radi redstar 10articles mayjaziwiche wé7ide biche yla5ssoou radi 3a9liya ….inséne 7a9i9e najé7e mine 8ire mediya radi is the best

Leave a Reply to Mehdi Cancel reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *