عبد الرزاق الخزري ومنجي عبد العزيز الجديدي، خرّيجا الجامعة التونسية وناشطان سابقان في الاتحاد العام لطلبة تونس. يعمل الأول قيّما بالمدرسة الإعدادية بجندوبة والثاني حارسا ببنك، وهذا العمل يعدّ أمرا موحشا في حق صاحب شهادة عليا. حُكِم عليهما بالسجن ستة أشهر وبخطية مالية قدرها 5 ألاف دينار لكل منهما مع النفاذ. والتهمة الموجّهة إليهما هي ارتكاب فعل موحش في حق الرئيس.
بالعودة إلى حيثيات القضية أفادنا عضو لجنة الدفاع، المحامي ياسين عزازة، بما يلي “تم اقتياد منجي وعبد الرزاق ليلة 18 نوفمبر 2017 إلى الوحدة الوطنية لمكافحة الإرهاب بالقرجاني دون إذن قضائي حيث تم استنطاق المتهمين دون حضور محام وفق ما ينص عليه القانون. ثم وقع عرضهما على النيابة العمومية بتونس بتهمة ارتكاب جريمة إرهابية، غير أن النيابة تخلت عن القضية نظرا لعدم وجود الصبغة الإرهابية. وأحِيلت القضية إلى المحكمة الابتدائية بجندوبة بوصفها مختصة ترابيا. هناك أصدِرت بطاقة إيداع بالسجن المدني ببلاّريجيا ووُجّهت لهم تهم ارتكاب أمر موحش ضد رئيس الدولة بناءً على الفصل 67 من المجلة الجنائية التونسية، أي نشر أخبار زائفة وإثارة البلبلة. في الأثناء وقعت إحالتهما على التحقيق بالمحكمة الابتدائية بجندوبة، حيث أصدر قاضي التحقيق قرارا بالإفراج المؤقت عنهما، إلا أن النيابة العمومية استأنفت القرار لدى دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بجندوبة، التي بدورها رفضت مطلب الإفراج “.
عُينت جلسة بالدائرة الجناحية بالمحكمة الابتدائية بجندوبة للنظر في القضية وتقرّر التمديد في آجال التصريح بالحكم إلى يوم 3 جانفي 2018 وصدر الحكم أخيرا، 6 أشهر سجن وخطية قدرها 5 ألاف دينار لكل منهما.
اعتبرت هيئة الدفاع الحكم جائرا في ملف مُفرغ تماما من الناحية القانونية والواقعية، واعتبرت هذا الحكم مسًّا من الحريات. في هذا السياق يضيف الأستاذ ياسين عزازة “الفصل 67 من مجلة الجنايات التونسية يعود لسنة 1913، وقد تم إلغاء جميع الفصول التي تليه منذ سنة 1956 باعتبارها فصول لحماية العائلة الحاكمة زمن البايات، وأبقى عليه الحبيب بورقيبة بصيغة جديدة حيث تم تنقيحه من باي إلى رئيس. هذا الفصل يتناقض مع جوهر الدستور التونسي، حيث يُحيل على الفصلين 42 و48 من مجلة الصحافة التي وقع إلغائها بعد 14 جانفي 2011”. كما أكد الأستاذ عزازة على ضرورة تنقيح هذا الفصل لأنه لا يمت للجمهورية الثانية بصلة.
دخل عبد الرزاق ومنجي في إضراب جوع بالسجن المدني ببيلاريجيا منذ يوم 4 جانفي 2018، كما تخوض عائلاتهم إضرابات جوع أمام مقر الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بجندوبة. وبالعودة إلى محاكمات تحت عنوان الفِعل الموحش نجد العديد من النشطاء الذين أُحيلوا بهذه التهمة من بينهم الناشط والروائي حمادي الخليفي وغسان بوعزي رئيس الاتحاد العام لطلبة تونس والمدوّن أيمن بن سالمة.
أخيرا سؤال الحرية معضلة لا يمكن الاجابة عن تساؤلاتها و فهم تمظهراتها بآليات الشرق المنطلقة من عقل أسطوري يعتقد في الزعيم المخلص . كما تلوح معضلة أفق الديمقراطية في ظل حكم الطبقة السياسية التي أدارت البلاد زمن القمع . فهل يمكن الحديث عن حريات و الحاكم تمرس على القمع طيلة خمسين سنة ؟ و هل يمكن الحديث عن نهاية دولة بوفاة رئيسها ؟
iThere are no comments
Add yours