وكانت المذيعة قد توجهت للوبان قائلةً : “نحن سنكون البلد الوحيد الذي سيمنع الحجاب في الشارع وفي الميترو، وفي الشوارع”. فردّت مترشحة حزب التجمع الوطني (أقصى اليمين) :”المعذرة، لكن السيد بورقيبة كان قد منع الحجاب في الجزائر”. فعقّبت المذيعة : “لم يعد الأمر كذلك اليوم” دون أي إستدراك لما قالته لوبان أو حتى تصحيح لجنسية بورقيبة. وأضافت مارين لوبان أن القانون الذي ستقترح سنه في حال فازت في الجولة الأخيرة في الانتخابات الرئاسية الفرنسية سيمنع ارتداء الحجاب في الشارع باستثناء المنازل والمساجد، وأن المخالفات لذلك القانون ستتعرضن إلى خطية مالية قيمتها خمسة وثلاثين أورو، معتبرة أن الحجاب هو لباس إديولوجي وليس دينيا، وأن المنع هو في إطار محاربة إديولوجيا الإسلامييين.

تمثل إشارة زعيمة حزب التجمع الوطني إلى منع بورقيبة ارتداء الحجاب في سياق حديثها عن مشروعها منع ارتداء الحجاب في الشارع، تضليلاً. فلئن يمكن اعتبار إشارتها إلى منع بورقيبة ارتداء الحجاب في الجزائر لا في تونس، زلة لسان أو ربما جهلا بالتاريخ، إلا أن مقارنة مشروعها بالقرار عدد 108/81 الذي سنّ في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة غير دقيقة، لأن هذا القرار  منع ما أسماه المنشور ب”اللباس الطائفي” في المؤسسات التربوية. وصدر المرسوم 108/81 عن وزير التربية في 18 سبتمبر 1981، و أعاد تفعيله بن علي في عام 2006 ضد التلاميذ والطلبة. كما عاشت تونس طيلة التسعينات موجات هرسلة بوليسية دون سند قانوني للنساء المرتديات للحجاب.

لم يكن المنشور عدد 108 الذي لقي انتقادات حقوقية آنذاك، الوحيد الذي استند له بن علي للتضييق على ارتداء الحجاب، بل استخدم أيضا المنشور عدد 102 الصادر في 29 أكتوبر  1986، المتعلق بمظهر أعوان سلك التعليم والتلاميذ الملزمين “بواجب الظهور بالهندام السوي الذي لا يوحي بما يعد تطرفا أو خروجا عن المألوف”، والمنشور عدد 70 الذي سنّه صادق شعبان وزير التعليم العالي والبحث العلمي، في 27 ديسمبر 2002، ووجهه إلى عمداء ومديري المؤسسات التعليمية، ولم يذكر هذا المنشور منعا للحجاب صراحة بل ذكر أنه “يُمنع الدخول لهذه المؤسسات على كل من يرتدي أزياء ذات إيحاءات طائفية، أو يحمل أية إشارات أخرى من هذا القبيل”.

وشهدت تونس موجة ارتداء الحجاب تكثفت في عام 2006، وتزامنت مع الوصول المتاح للقنوات التلفزية الفضائية الدعوية، واجهها الرئيس السابق زين العابدين بن علي بإحياء المنشور 108 وسط انتقادات شديدة بسبب منع تلاميذ وطلبة من الدخول إلى مؤسساتهم التعليمية في حال رفضوا خلع الحجاب.

في أكتوبر 2006، أعلن بن علي ردا على الانتقادات الموجهة بسبب المنشور 108 أن تونس “المتمسكة على الدوام بإسلامها الحنيف حريصة على تكريس قيمة الاحتشام وفضيلة الحياء وتقاليدها في اللباس في المدن والأرياف كفيلة بتحقيق ذلك” وأنه “من الضروري التفريق بين الزي الطائفي الدخيل واللباس التونسي الأصيل عنوان الهوية”.

أمام ضبابية مفهوم الزي الطائفي والمناشير التي تحيل إليه تاركة سلطة التقدير للإدارة، حكمت المحكمة الإدارية لصالح مدرّسة تعليم تقني بمدرسة المهن بحمام الأنف، في ديسمبر 2006، التي رفعت قضية إدارية بوزارة التربية بعد طردها لمدة ثلاثة أشهر مع الحرمان من المرتب في أفريل 2002، واستندت المحكمة في قرارها القاضي بإبطال قرار الطرد بأن المنشور عدد 102 الذي كان سندا لقرار الطرد  ضبابي. كما أن السلطة التي منحت للإدارة في تقدير معنى اللباس الطائفي يمكن أن تمس من الحريات الفردية التي ينص عليها القانون حسب حكم المحكمة الإدارية.