مشروع دستور قيس سعيد: قراءة الأستاذة سناء بن عاشور

أثار مشروع الدستور المعروض على الاستفتاء، بنسختيه الأولى و المعدلة، جملة من القراءات بين القانونية و السياسية و حتى الأخلاقية. فلأي نظام سياسي يمهد مشروع الدستور الجديد؟ و أي ضمانات يقدمها في علاقة باستقلالية السلطات والفصل بينها؟ و إلى أي مدى يضمن النص بنسختيه طابع الدولة المدنية المحترمة للحقوق و الحريات؟ محاور كبرى تحيل على تساؤلات عدة طرحناها على أستاذة القانون الدستوري سناء بن عاشور، نتعرف على اجاباتها في الحوار التالي.

Politics

4Comments

Add yours
  1. 1
    A.J

    25 جويلية 2021 هو تاريخ قرصنة كل من الثورة والديمقراطية والدولة التونسيّة

    أعتقد في البداية أن الخارج يريد ان يبقي البلاد تحت سيطرته, اما بديكتاتورية عبر سلطة ممثلة في شخص موالي لهم أو بديمقراطية بأغلبية حاكمة موالية للخارج وتطيع الأوامر… ونظرا للمتاعب والمجهودات الكبيرة التي اصبحوا يبذلونها في اطار الديمقراطية ,فقد ساندو مشروع الديكتاتورية الجديدة من أجل تجميع السّلطات لدى شخص واحد والذي تم تتويجه بانقلاب 25 جويلية 2021 …وقد تجد بعض الأدلّة في احداث سابقة بداية من الترويكا وحزب النهضة الذي كان يسعى للسيطرة على مفاصل الدّولة, ممّا جعل السبسي يعتذر للشعب في مناسبات عديدة (رغم انتخابهم) وقام بتأسيس حزب نداء تونس لتعديل الموازين , لكن يبدو انه تمّ اجباره أو اقناعه (اجتماع باريس) بالتحالف مع النهضة للمحافظة على قوّة واحدة وتقليص دور المعارضة (قال في احد تصريحاته ان الخارج لن يساعدنا ان لم نحكم مع بعض) , وربّما كان لهم دور في تعيين رؤساء الحكومات , فنفاجئ في معظم الأحيان باشخاص غير معروفين في المناصب (بداية من جمعة الى بودن, مرورا بالمشيشي والشاهد…), ولم يكن لهؤلاء برامج اقتصادية واضحة وكانوا يخضعون في معظم الوقت لضغوطات صندوق النّقد الدولي وبرنامجه دون السعي لايجاد حلول اقتصادية دائمة…. ثم في 2020 التحالف الخيالي بين الكرامة والنهضة من جهة وقلب تونس من جهة أخرى, وتم اختيار شخص غير معروف كرئيس حكومة… ومن المستبعد ان الغنوشي يدبّر ويخطّط لكل شيئ بنفسه, من الواضح أن هناك اطراف داخليّة وخارجيّة تقدّم له النصائح باستمرار, مباشرة أوعبر واسطة من المقرّبين

    يعتبر الاستفتاء باطلا لأسباب عديدة من بينها هو أنّه يرتكز على أمر ألغي من طرف مجلس النّواب في جلسته الاخيرة يوم 30 أو 31 مارس 2022 ويفترض ان المجلس لايزال منعقدا الى اليوم, ففي جميع البلدان تقريبا تمنع التشريعات حلّ البرلمان تحت الحالة الاستثنائية, والدستور التونسي واضح… ويفترض أيضا تبرير دوافع الحالة الاستثنائية بأدلّة تقدّم للشعب أو نوّابه وهذا لم يحدث…هو مجرّد انقلاب تمّ فيه استغلال الحالة الاستثنائية, وتجد هذه الأفكار لأستغلال الحالة الاستثنائية لدى كارل شميت الذي كان ينظّر ويدعم النازيّة في المانيا ويعادي فكرة الديمقراطية التمثيلية, أو تجدها في بعض الانقلابات العسكرية في آسيا (مثال فيليبين) وامريكا الجنوبية (مثال الشيلي)

    اذا كان هناك وضع متأزم قبل 25 جويلية ولايمكن اصلاحه, فليس من الصّعب حلّ البرلمان دون حالات استثنائية, ولكن 25 جويلية ليست سوى مؤامرة خارجية من أجل اجبار البلاد على تنفيذ أوامر مسقطة, بدون معارضة ولارقابة. كل البرلمانات تعمل بتلك الشاكلة أنظر البلدان الاوروبية, وفي أوروبا يوجد عشرات الدّول التي لها برلمانات وديمقراطيات وفيها كل العيوب التي يمكن أن تتخيّلها, ولايجب المقارنة فقط مع بلد أو أثنين… اذا وجدت رجال اعمال يتدخلون لتمرير قوانين تخدم مصالحهم فذلك عادي جدّا, هم يحاولون, لانّه توجد ايضا قوانين تخدم مصالح فئات اخرى في المجتمع, ولكن لايمكن تمرير كل شيئ بوجود معارضة وهيئات رقابية. تلك هي الديمقراطية وليست معزولة عن المجتمع.

    المستوى الرّديئ لدستوره والذي يريد ان يجعل منه دستورا للبلاد يمثّل في حدّ ذاته اعتداء على سمعة البلاد واحتقارا لشعبها,حيث نجد غيابا حتى للأسس البسيطة لنظام جمهوري. نصف شهر تقريبا منذ نشر مشروع دستوره والخبراء يحلّلون, لكن يبدو انّهم لم يتفطنوا بعد (حسب علمي) لماذا تم حذف عبارة سلطة وتعويضها بوظيفة… ربّما تمّ تنويمهم مغناطيسيا عبر خطابات اعلامية سابقة من سعيّد وعصابة المتحيلين (الصّادق والامين واتباعهم ), وطبعا كل هذه المجهودات ليست فقط من اجل تغيير عبارة باخرى, بل هي تحضير لشيئ هام, مثلما كان يردّد انّه القائد الاعلى لكلّ القوات المسلّحة , إذن الفصل 106 يقدّم الإجابة, هذا الفصل هو نفسه الفصل 55 من دستور 1959, وينصّ الفصل على الأتي : يسند رئيس الجمهورية باقتراح من رئيس الحكومة الوظائف العليا المدنية والعسكرية. ماذا بعد ؟ يمكنه عزل وتعيين نوّاب (هم وحصانتهم) اثناء المدّة النّيابية, قضاة, اعضاء محكمة دستورية, كلّ شيئ… ومن هذا الذي يستطيع إثبات أن الوظيفة التشريعية ليست وظيفة مدنية و ليست وظيفة عليا ؟

    هذا عنوان مقال في الواب حول حوار الصّادق بالعيد في قناة اللاوطنية واحد
    “Belaïd: Saïed est un employé et la justice n’est qu’une fonction”,

    هذا دستور “مضروب” وليس هناك أدنى شكّ في أن من قاموا بالتخطيط و بالصّياغة هم متحيّلون. ولايمكن الثقة فيهم أبدا مهما كانت أقوالهم ووعودهم ومهما اقسموا على المصاحف والكتب السّماوية الاخرى. لايلدغ الحرّ من الجحر مرّتين. وكل دستور يضع جميع الصلاحيات في منصب وحيد (بدون توازن بين السلطات), هو دستور تمّ اعداده لشخص معيّن لتولّي ذلك المنصب, بالتالي لامعنى لاجراء انتخابات, لان من قاموا بالصياغة يعرفون الطّرف الذي سيحكم. ولن يتركوا السلطة على قارعة الطريق كما يردّدون دائما, ليلتقطها مجهول يتمّ التصويت له في الانتخابات, وحتى ان صارت انتخابات فسيكونون متأكدين من فوز الشخص الذي تم اعداد المنصب له.

    هناك ملاحظات أخرى حول نقاط واردة في دستوره (باختصار وحسب فهمي الشخصي) : مجتمع القانون ينفي دولة القانون ويشرّع لميليشيات على شاكلة الانظمة الشمولية الفاشية (وهناك فرق بين نظام شمولي ونظام ديكتاتوري). القوات المسلّحة لم تعد جمهورية ولاتحمي المؤسسات… والدولة لاتحتكر انشاء القوات المسلحة… في 17 ديسمبر لم تظهر الثورة بعد, مازال مجرّد حادث وحتى بن علي قام بزيارة البوعزيزي…. ثم الديقراطية هي ديمقراطية واحدة لاتوجد ديمقراطية سياسية وديمقراطية اقتصادية (لايمكن الرّبط, فالديمقراطية مجرّد اطار, والسياسة عموما هدفها الاقتصاد) . السيادة لاتمارس, نقول ممارسة سلطة وليست ممارسة سيادة (ونقول ايضا ممارسة السلطة بشكل سيادي), السيادة هي حالة تفترض وجود سلطة, لكن يبدوا ان الشعب في دستوره لم يعد مصدر السّلطات بل فقط هو صاحب سيادة , ربّما المقصود هو أن المواطن له سيادة على منزله… أو هو سيّد على ملابسه…. الثروات الطبيعية (في المطلق) استبدلت بثروات الوطن (مايبقى للوطن من ثروات, العمومي منها), و قد يكون هذا حماية لمصالح أجنبية …. أيضا لايتم تفويض وظيفة, بل تفويض سلطة وهناك فرق بين وظيفة وسلطة, السلطة بالاساس هي صلاحيات مضبوطة تضمن حرّية التدبير والاستقلالية والقدرة على الفعل والفعل هو الجاتب الوظيفي من السلطة. (والشعب هو مصدر السلطات أو صاحب السلطة ألاصلية بمعنى هو الذي يفوض ويضبط حدود كل سلطة و في دستوره لم يعد كذلك)… وتم أيضا حذف جميع الهيئات الدستورية وسيتمّ لاحقا وبدون شكّ حذف هيئة الانتخابات وتعويضها بوزارة الداخلية, وسيصبح مجلس الجهات مجلس مستشارين… وهذه مايتمنّاه كل تجمّعي صنديد يطمح للتصفيق من جديد (هذه تصريحاتهم في الاعلام) . ولايجب اتّباع المثال الفرنسي لان هؤلاء تعلّموا الديمقراطية بالممارسة لمدّة طويلة , وستعمل منظومتهم الديمقراطية حتى بغياب القوانين. أمّا مجلس الجهات هذا فسيحدث مشاكل كبيرة, يكفي غرفة واحدة, لأنّ مجلس نوّاب الشعب يضّم الجهات أيضا, واتركوا المجالس الجهوية في جهاتها.

    عزيزي الشاب الطّموح المتعلّق بالفايسبوك والانستغرام واليوتوب… , لقد ضحّى الناس والشباب امثالك بحياتهم في 2011 من أجل ان يسمحوا لك باستعمال هذه المواقع بحرّية (بقطع النظر عن سلبياتها اللامتناهية), غدا عندما تشتدّ المعارضة و يسيطرون على الاعلام العامّ والخاص, وتصبح تلك المواقع مصدر ازعاج سيتمّ منعها وحجبها. من ناحية اخرى دستور 2014 يسمح نظريّا لمليون (أو حتّى اقل) من الشباب وكل المتضرّرين من العشرية السّوداء ان يجتمعوا ويصوّتوا لمجموعتهم فيحصلون على اغلبية المقاعد ويشكّلون حكومة. نعم هذا ممكن, لكن في دستوره جميع السلطات لم يعد لها وزن وحوّلها الى وظائف تابعة للرّئيس.

    في منظومة 2014, هناك جانب من المجهود البشري يجب بذله فيما يخصّ التفاعل بين مكوّنات الحكم والسلطات, وخاصّة بين السلطة التنفيذية والتشريعية , وبين رأسي السلطة التنفيذية, لذلك يفترض ان يكون من يصل الى مثل تلك المناصب من السياسيين المحنّكين اللّذين لهم الحكمة والجدّية والدّراية الكافية بالعمل السياسي الديمقراطي السليم, في مايخصّ مبادئ الحوار وكيفية طرح برامجهم أمام العموم وكيفية اقناع المعارضين, الخ…

    يجب أيضا النظر ايضا للسياق التاريخي لكل دستور, هل تريد دستور توافقي تم اعداده بطريقة محترمة في مجلس تأسيسي وبمشاركة الجميع وتحت أعين الجميع, أم دستور أعدّه بضعة أشخاص في غرفة مظلمة وبعد انقلاب ؟ ان لم تعجبك بعض النقاط في الدستور الحالي فيمكن تعديله لكن يجب ان يكون السبب مقنع…

    استفتاء الشعب ليس بانتخاب, الاستفتاء هو تصويت مثل التصويت الذي يتمّ داخل مجلس نواب الشعب (يسمّى ايضا مجلس الشعب), لكنّه يتمّ دون تمثيلية أي انّه تصويت مباشر وليس عبر نوّاب منتخبين, وكـأن كامل الشعب يوجد في داخل المجلس ويقوم بالتصويت. ويتم اعتماد نفس القواعد في التصويت على القوانين المصيرية ,الدستور ليس انضمام أو خروج من الاتحاد الافريقي, الدستور يمسّ جوهريا بالشأن الداخلي ولايقتصر على علاقات خارجية…وبالتّالي وإستنادا لضوابط تعديل الدساتير لايمكن تمرير دستور باقل من ثلثي المواطنين أو من يحق لهم التصويت ( أي أعضاء الشعب ).

    لايمكن اعتبار المقاطعين أنّهم من مناصري نعم, في انعدام عراقيل تمنعهم من التصويت بنعم, فالدّولة تقريبا مسخّرة لكي يقول المواطن نعم. في حين توجد عراقيل امام الرّافضين, ومن يريدون قول لا ويظطرّون للمقاطعة , واهمّها هو انعدام ضمانات لنزاهة عمليّة الاستفتاء, وباعتبار ان الاستفتاء لايجري في سياق عادي, بل اثر خرقات فادحة للدستور وتسخير قوات عسكرية محلّية لاغلاق مجلس نوّاب الشعب, وفضائح أخرى. بالتالي لايوجد ثقة في النظام وفي عمليّة الاستفتاء بأكملها وإن قبل المقاطعون المشاركة, حتى بالتصويت بلا, فسيضفي ذلك شرعيّة على العمليّة التي تبدو مزوّرة منذ البداية.

    هذا كلّ شيئ.

Leave a Reply to seddik Cancel reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *