منتصف ليلة الجمعة 23 ديسمبر، داهمت قوات الأمن الداخلي منزل إحسان القاضي، وتقول الصحفية الجزائرية يمينة بايير في تصريح لموقع نواة إن الشرطة لم تقدم أي تصريح بالإيقاف، وأنها اعتقلت القاضي الذي بقي رهن الإيقاف مدة ستة أيام في انتظار معرفة التهم الموجهة إليه، وتضيف بايير: “عند اعتقاله لم نكن نعرف التهم الموجهة لإحسان، انتظرنا لأيام قبل أن توجه له السلطات تهما بتلقي الأموال و التبرعات دون رخصة. هناك تخمينات تقول إن السبب قد يكون مقالا نُشر في موقع “راديو إم” في 12 ديسمبر أي قبل أكثر من أسبوع على اعتقاله، انتقد فيه سعي الرئيس عبد المجيد تبون للفوز بعهدة رئاسية جديدة، وهو سيناريو مشابه لمسار بوتفليقة. تحدث المقال عن أطراف في الجيش متخوفة من ذلك السيناريو، كما يرجح أخرون أن السبب تغريدة نشرها القاضي يوم اعتقاله، شكك فيها في قيمة الأموال المنهوبة التي استرجعتها الجزائر بعد تصريح تبون. سبب الإيقاف غير واضح لكن الأكيد أن إحسان القاضي محاصر من السلطة منذ قرابة ثلاث سنوات”.

يوم السبت الماضي، بعد ساعات من اعتقاله، أحضرت قوات الشرطة إحسان القاضي مكبل اليدين ليشهد إغلاق مقر شركة “أنترفاس ميديا” الحاضنة لموقعي “راديو إم” و”مغرب إميرجون”. حسب موقع “راديو أم”، صادرت الشرطة  كاميرات ومعدات الراديو، ليستتبع تلك المداهمة تأييد للحكم القضائي الذي صدر ضد الصحفي المعتقل بالسجن مدة ستة أشهر يوم الأحد الماضي. تقول الصحفية يمينة بايير لنواة: “أيد مجلس القضاء الحكم الصادر القاضي بسجن إحسان ستة أشهر في قضية قدمها وزير الاتصال الأسبق عمار بلحمير بسبب مقال كتبه القاضي في مدونة “راديو إم” في مارس 2021 قال فيه الصحفي  أنه من حق حركة رشاد الإسلامية المشاركة في الحراك الشعبي المطالب بالديمقراطية”.

وواجه إحسان القاضي تهما ب”نشر أخبار كاذبة من شأنها الإضرار بالوحدة الوطنية” و”التشويش على الانتخابات” و”فتح جراح المأساة الوطنية” في إشارة “لعشرية الإرهاب” التي عاشتها الجزائر. كان القاضي مهددا بالسجن مدة ثلاث سنوات مع حرمان من العمل مدة خمس سنوات وذلك بطلب من النيابة العمومية، خاصة بعد أن تم تصنيف حركة رشاد منظمة إرهابية في ماي الماضي، تاريخ إحالة إحسان القاضي على القضاء على خلفية مقاله المذكور.

ونشر نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي وسما تضامنيا مع الصحفي إحسان القاضي على خلفية اعتقاله. يقول سمير بوعزيز، مسؤول قسم المناصرة بمنظمة مراسلون بلا حدود، في تصريح لنواة، إنه من المهم ان تعم حملة تضامن بين الصحفيين في المنطقة والعالم، خاصة ان عددا قليلا من الصحفيين في الجزائر عبروا عن تضامنهم مع القاضي، ما يفسر مناخ التخويف الذي يعيشونه خاصة بغياب هياكل مهنية مستقلة للدفاع عن حرية التعبير. يضيف بوعزيز: “راديو إم يعيش تحت ضغط السلطة منذ سنوات، شأنه شأن ست وسائل إعلامية أخرى مستقلة، والتي يمثل إحسان رمزا من رموزها. الوضع العام في الجزائر يشكو صعوبات منذ سنوات تمارس تضييقات على الصحفيين. كانت هناك فرصة منذ الحراك سنة 2019 والذي عبر خلاله عدد من الصحفيين المهنيين عن موقفهم بكل حرية، لكن تعطل الحراك مكّن النظام الجزائري من التضييق على حرية التعبير وعلى وسائل الإعلام المستقلة. حادثة اعتقال إحسان القاضي هي مؤشر خطير على وضع الحريات في الجزائر فالاعتقال وحجز المعدات هو تخويف ورسالة خطيرة لبقية الصحفيين”.

نشطاء ومراقبون للحريات الصحفية، وصفوا اعتقال إحسان القاضي وإغلاق مقر “راديو إم” و “مغرب إميرجون” بسقوط آخر مربعات الاعلام الحر في الجزائر. أمر على خطورة وقعه، لا يبدو مزعجا للسلطات الجزائرية، التي لم تكترث للأصوات المنادية بإطلاق سراح الصحفي و إيقاف التتبعات في حقه.