يخوض المترشحون للانتخابات الرئاسية في تونس امتحانا صعبا ضمن سباق وضعت فيه وزارتا العدل والداخلية حواجز إدارية، أسقطت أغلبهم في مرحلة تشبه سباق ”تصفية ما قبل السباق“. فخلال أقل من أسبوعين وفي الوقت الذي سعى أكثر من مترشح محتمل، ممن سحبوا الاستمارات الخاصة بهم، لجمع التزكيات من جهة والحصول على بطاقة السوابق العدلية عدد 3، واجه المترشحون المحتملون ما أكدوا أنه تضييق من وزارة الداخلية التي رفضت تسليمهم البطاقة عدد 3، ويبلغ عددهم حسب الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، 18 مترشحا محتملا، من جهة أخرى صدرت أحكام قضائية قبل يوم من غلق باب الترشحات على مترشحين محتملين وعدد من مساعديهم تراوحت بين السجن والحرمان من الترشح للرئاسيات مدى الحياة.

حملات تضييق على جامعي التزكيات

تقول أمل الحولي وهي المشرفة على جمع التزكيات بولاية جندوبة للمترشح كريم الغربي المعروف باسم كادوريم، في تصريح لنواة إنها واجهت حملة تشهير من قبل إحدى الصفحات الداعمة للرئيس سعيد في اليوم الثاني من عيد الأضحى، بسبب تعليق على صفحة كريم الغربي أعلنت فيه دعمها له، وتضيف:

كتبت ذلك التعليق لأن كريم الغربي ساعدني في علاج والدتي المصابة بالسرطان، وأعتقد أن الدستور يضمن لكل مواطن حرية دعم من يشاء في الانتخابات، بسبب ذلك التعليق تم استدعائي لدى مركز الأمن بجندوبة بعد يومين فقط من التشهير بي وتم سؤالي عن علاقتي بكريم الغربي وعن مصدر رزقي، ثم طلبوا مني مدهم بصفحتي على فيسبوك قبل أن يتم إخلاء سبيلي، لكن بعد تلك الحادثة بقرابة شهر، اقتحمت قوات الشرطة منزلي بجندوبة وبعد تفتيشه حجزوا نسخا من بطاقات تعريف ملحقة بملفات مشاركة حرفيات في معارض نظمتها بالتنسيق مع الولاية سنة 2020، وأوقفوا أمي المسنة وابنتي طفلة 5 سنوات ليتم استجوابهم حتى الرابعة فجرا عن علاقتي بكريم الغربي وعن مكان التزكيات والاموال التي تلقيتها منه حسب زعمهم. لم أكن حاضرة، ولكن والدتي حدثتني عن حالة الرعب التي كانت عليها ابنتي داخل مركز الشرطة وهي تخضع للاستجواب ما تسبب في تبولها لا إراديا، مما دفع والدتي إلى استنكار بحث أعوان الشرطة لطفلة تعاني مرض السكري فكان الرد تهكميا بذيئا في حق جدة مسنة تكافح مرض السرطان وطفلة عاشت رعبا يصعب محوه من مخيلتها الصغيرة.


المناخ السياسي غير سليم للمشاركة في الانتخابات، حوار مع الجيلاني الهمامي
18 جويلية 2024

نظمت تنسيقية القوى الديمقراطية، أمس الأربعاء، ندوة سياسية بعنوان ”انتخابات رئاسية أم تزكية؟“ وسط اختلاف وتباين مواقف صلبها في علاقة بتقديم مرشحين من عدمه. في هذا السياق، حاورت نواة القيادي بحزب العمال الجيلاني الهمامي للحديث عن السياق السياسي للانتخابات وقراءة مختلف المواقف المسجلة.


رفع فرع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بجندوبة دعوى قضائية لدى قاضي الأسرة ضد الفرقة العدلية التي استجوبت ابنة أمل الحولي، لا نعرف مآلها ومتى سيتم النظر فيها حسب قول الأم، في حين سارعت المحكمة الابتدائية بجندوبة الخميس الماضي بالحكم بالسجن مع النفاذ العاجل على أمل الحولي مدة أربع سنوات والحرمان من الانتخاب عشر سنوات إضافة إلى الحكم على ثلاث نساء في حملة جمع التزكيات لكريم الغربي بجندوبة، بالسجن مدة عامين وحرمانهن من الانتخاب مدة عشر سنوات أيضا. تقول أمل الحولي لنواة ”لم يتم استنطاقي ولا أعلم سوى أن الحكم الصادر كان بتهمة ارتكاب جرائم انتخابية. أنا الآن في حيرة وقلق كبيرين لأنني لم أحضر جلسة الحكم بسبب عدم تمكن محامي من تجهيز ملف الدفاع“.

أوت 2024 نقابة الصحفيين، قلق متنام لشخصيات حقوقية وممثلين عن المنظمات والنقابات جراء مناخ الخوف السائد قبيل الانتخابات الرئاسية – نقابة الصحفيين الصفحة الرسمية

بدورهم واجه ثلاثة متطوعين لجمع التزكيات لفائدة المترشح المحتمل نشأت عزوز تضييقات وصلت حد إيقافهم من قبل الشرطة قبل إطلاق سراحهم فجر يوم 28 جويلية الماضي، يقول نشأت عزوز في تصريح لنواة ”بادر بعض الأصدقاء بجمع التزكيات لصالحي غير أنه تم إيقاف 3 متطوعين ووجه لهم أعوان الشرطة أسئلة بخصوص أموال محتملة بحوزتهم ثم حُجزت بعض التزكيات التي جمعوها إضافة إلى استمارات فارغة قبل أن يتم إطلاق سراحهم على الساعة الرابعة صباحا، فيما ظلت الاستمارات والتزكيات لدى الشرطة“.


انتخابات رئاسية في ظل التضييق على الحريات الصحفية والسياسية
06 أوت 2024

المناخ العام حاليا لا يضمن انتخابات نزيهة ولا تغطية اعلامية متوازنة وتعددية، هذا ما حذرت منه النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين بمناسبة تقديم دليل توجيهي حول التغطية الإعلامية للانتخابات الرئاسية المقررة في 6 اكتوبر 2024. خاصة وأن السياق العام يتسم بالتضييق على حرية التعبير مع تواصل محاكمات الرأي وسجن الصحفيين والمدونين والسياسيين، بالإضافة الى ضرب استقلالية وسائل الإعلام وتوظيف المرسوم 54 لخنق حرية الرأي والتعبير.


اتصل المترشح المحتمل نشأت عزوز بالرقم الأخضر الذي وضعته الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لتلقي الشكاوى بخصوص تقديم أموال أو هدايا مقابل التزكيات، وذلك من أجل تبليغ الهيئة بالتضييقات التي طالت مساعديه، ويقول عزوز إن الموظفة التي أجابت على اتصاله قالت إنها سترفع فحوى اتصاله إلى من يهمه الامر.

تحدثت إحدى المتطوعات في حملة المترشح المحتمل نصر الدين السهيلي عن تضييقات طالت أيضا أعضاء من الحملة، وقالت لنواة إن قوات الامن طلبت من مجموعة من المتطوعين الرحيل حين بدأوا جولتهم في أريانة لجمع التزكيات.

سلسبيل القليبي المختصة في القانون الدستوري، قالت في جواب على سؤال نواة بخصوص مضايقات الشرطة لمن يجمعون التزكيات إنه بمقتضى القانون، يحق للهيئة العليا المستقلة للانتخابات الاستعانة بالقوة العامة في علاقة بضمان سلامة المسار الانتخابي، مضيفة ”السؤال الذي يطرح هو لأي غرض تستعين الهيئة بالقوة العامة. الجواب هو لحماية نفسها وفرض القانون، لكن في هذا الوضع، على الهيئة أن توضح هامش ومجال استعانتها بالقوة العامة خلال الانتخابات“.

أوت 2024، رئيس هيئة الانتخابات في زيارة لمركز معالجة التزكيات الخاصة بالمترشحين للانتخابات الرئاسية – الصفحة الرسمية لهيئة الانتخابات

سباق من وراء القضبان

قبل غلق باب الترشحات بيوم، حُكم على مترشحين للانتخابات بالسجن مدة ثمانية أشهر وهم عبد اللطيف المكي ونزار الشعري ومحمد عادل الدو وليلى الهمامي ومراد المسعودي، في المقابل أعلن ستة مترشحين محتملين عن رفض تمكينهم من بطاقة السوابق العدلية عدد 3، قبل أقل من 48 ساعة عن غلق باب الترشحات، وهم كريم الغربي ونصر الدين السهيلي وعماد الدايمي ومنذر الزنايدي وكمال العكروت ونزار الشعري، سبق لبعضهم أن أمضى على  بيان للتنديد بما وصفوه بالإجراءات التعسفية والهرسلة الأمنية التي طالت من يجمعون التزكيات، محملين الهيئة العليا المستقلة للانتخابات المسؤولية الكاملة عن ”الخروقات الجسيمة“ باعتبار أن لها الولاية الكاملة على الانتخابات، في المقابل، قال رئيس الهيئة فاروق بوعسكر يوم 4 أوت بأنه لا توجد تضييقات بشأن منح بطاقة السوابق العدلية  عدد 3 وأن جزءا كبيرا من المترشحين المحتملين لم يتقدموا بمطلب سحبها، من جهته قال التليلي المنصري الناطق الرسمي باسم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إن الهيئة نسقت مع وزارتي الداخلية والعدل من أجل تسهيل تمكين المترشحين من البطاقة عدد 3، مضيفا أنه من الضروري أن يكون رفض طلب المترشحين للحصول على هذه البطاقة معللا بأسباب قانونية وموضوعية وأن المحكمة الإدارية هي الضامن للجميع في حال الاعتراض على قرارات الهيئة حسب قوله.

أوت 2024 قصر قرطاج، الرئيس قيس سعيد يشدد خلال ترأسه اجتماع مجلس الامن القومي على ضرورة تطبيق القانون ضد كل من يسعى لإرباك السير الطبيعي لدواليب الدولة – رئاسة الجمهورية

منذ أن أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عن فتحها باب الترشح للانتخابات الرئاسية، سحبت 114 استمارة شخصية للتزكية، في حين لم يتمكن سوى سبعة منهم من إيداع مطالب الترشح، حيث يبدو أن أغلب المترشحين لم يتمكنوا من جمع التزكيات المطلوبة أو عجزوا عن الحصول على بطاقة السوابق العدلية، وسط أجواء مشحونة بالخوف بسبب الاعتقالات والإيقافات التي طالت أشخاصا قاموا بجمع التزكيات لصالح مترشحين منافسين للرئيس قيس سعيد، في المقابل كرر الرئيس سعيد، المرشح لخلافة نفسه، اتهامات لمنافسين لم يحددهم بافتعال الازمات والتآمر وقطع الماء لإرباك العملية الانتخابية والتأثير على الناخبين، رغم تجند نواب في البرلمان وأعضاء من المجالس المحلية والجهوية لجمع التزكيات لفائدته.