بعد أربعة أيام من نشر أغنية لغسان عون الله على موقع يوتيوب، توجّهت فرقة من الشرطة التابعة لمنطقة الأمن الوطني بقبلي إلى منزله واقتادوه إلى مخافر الشرطة. تقول منيرة والدة غسان عون الله في تصريح لنواة ”يوم الجمعة الماضي، قدم إلى منزلنا أعوان شرطة وطلبوا من غسان القدوم معهم إلى منطقة الأمن بقبلي مهددين إياه بالقول: هل تعرف القرجاني؟ ستحاسب بالمرسوم عدد 54. فاستجاب ابني لهم تحت التهديد رغم أنه لم يتلق أي استدعاء، كان ابني مصابا بالربو رغم ذلك اعتدوا عليه بالضرب، ثم نُقل إلى فرقة الأبحاث العدلية بقبلي حيث تم استنطاقه، قبل إخلاء سبيله على أن يتابع البحث الاثنين الماضي“.

صورة لغسان عون الله رفقة أصدقائه مقتطفة من الاغنية المصورة التي كيفتها السلطة لإيداعه السجن مع المصور نسيم النقيلي

تضيف والدة غسان إن العائلة اتصلت بفرع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بقبلي والذي عين المحامي فرح المنتصر لينوبه، وذلك بعد إخلاء سبيل ابنها الذي ظل محتجزا إلى غاية الساعة الثالثة فجرا، اقترح المحامي على العائلة طلب تأجيل مواصلة الاستنطاق إلى يوم الثلاثاء، لكن ارتأت العائلة بعد نصيحة قريب يعمل بوزارة الداخلية أن يتم فض المشكل وديا دون ابلاغ الحقوقيين والصحافة، لذلك ذهب غسان صحبة والده دون حضور المحامي وطمأن أعوان فرقة الأبحاث العدلية غسان عون الله  بأن سيتم فض المشكل وأنه بعد إتمام استنطاقه، سيتم إحالة الملف على النيابة العمومية وأن ذلك مجرد إنذار صغير لغسان وأنه عليه أن يطمئن لأن الملف سيغلق.

الفخ المعتاد: لا تتصل بأحد سنغلق الموضوع

بناء على تطمينات الشرطة، توجه غسان يوم الأربعاء الماضي صحبة والده، غير مصحوب بمحام، إلى فرقة الأبحاث العدلية مرة أخرى والتي أحالته للمحكمة الابتدائية بقبلي، غير أنه تم إيقافه دون أن يمثل أمام وكيل الجمهورية وعلم أنه صدرت في حقه بطاقة إيداع بالسجن صحبة نسيم النقيلي الذي صور فيديو الأغنية، ونُقل كلاهما إلى سجن بازمة بقبلي.

عند استنطاقه لدى الشرطة، تلقى غسان عون الله تهديدات بتوجيه تهم ثقيلة ضده وهي تحريض قُصّر على حرق مناطق، واقتحام وتسوّر منشأة عمومية (معهد ثانوي) والتحريض على الإرهاب وتهديد عون أمن، وذلك لمساومته على عدم رفع قضية ضد الأعوان الذين اعتدوا عليه حسب تصريح محاميه رئيس فرع رابطة حقوق الانسان بقبلي لنواة.

تقول منيرة والدة غسان ”صيغت تلك التهم بسبب مضمون الأغنية التي نشرها ابني على يوتيوب منذ أسبوع تقريبا وحين دافع غسان عن نفسه خلال استنطاقه من تهمة تحريض الإرهابيين، قال له عون الشرطة إنه يوجد في قبلي إرهابيون وأن مضمون الأغنية يشجعهم ويشجع القصر على حرق منطقة الشرطة، كما قيل لغسان إنه ستُوجه له تهمة تهديد عون أمن وذلك حين استغرب الشاب اعتداء أحد أعوان الشرطة عليه بالضرب في المنطقة، رغم أنه يعرفه وسبق ان التقيا أكثر من مرة، وهو ما اعتبره الشرطي تهديدا“.


نواة في دقيقة: سجن وتهم خطيرة بسبب أغنية راب
08 أوت 2024

قبل الثورة أو بعدها، خلال العشرية أو زمن العلو الشاهق، حافظت السلطة في تونس على طريقة تعاملها مع الشباب المندفع التائق الى الحرية المعبر عن رفضه لواقع مرير عبر موسيقى الراب. غسان عون الله ونسيم النقيلي من شباب قبلي أتى عليهما الدور، بعد تصوير أغنية زاد إيقافهما في رواجها و انتشارها على نطاق واسع.


من جهته، وجهت الشرطة استدعاء لنسيم النقيلي، وهو الشاب الذي صوّر فيديو الأغنية، عن طريق غسان عون الله الذي أوصل له الاستدعاء لمنزله، حسب والدة نسيم والتي صرحت لنواة أن ابنها توجه لفرقة الأبحاث العدلية الاثنين الماضي حيث تم استنطاقه دون حضور محام، وعاد مرة أخرى لمواصلة البحث يوم الأربعاء الماضي، دون أن يصطحب محام، ليتم إيداعه السجن.

يصف بسام الطريفي رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان في تصريح لنواة، الوضع بالمخيف، ويقول ”المرسوم عدد 54 وغيره من القوانين الزجرية مسلط على كل من يعبر عن رأيه عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو المقالات او الفن. الوضع غير مطمئن بالمرة، ووضع حرية التعبير مخيف في سياق انتخابات والذي من المفترض أن تكون فيه حرية الرأي والتعبير مضمونة. إن الحديث عن قضايا عادلة، أو استنكار استسهال سلب الحرية والزج بالشباب في السجون، التي عبّر عنها الشابان غسان عون الله ونسيم النقيلي في الأغنية التي تسببت باعتقالهما، لا يجب أن يُجرم أو يقود أيّ كان إلى السجن“.


السلب الآلي للحرية نتيجة لترهيب القضاء، حوار مع أيوب الغدامسي
31 ماي 2024

نسق ماراطوني فرضته محاكمات الرأي والمرسوم 54 سيء الذكر على المحامين المنتصرين للحريات. نص يليق بأعتى الدكتاتوريات تعتمده السلطة لتقويض الحقوق و الحريات وفرض الرقابة الذاتية. في هذا السياق التقت نواة الأستاذ أيوب الغدامسي لتسليط الضوء على خلفيات هذه الردة الحقوقية الخطرة.


تذكر قضية الشابين غسان عون الله ونسيم النقيلي بقضية ثلاثة طلبة من ولاية نابل والذين أثارت النيابة العمومية دعوى ضدهم بسبب أغنية ساخرة بعنوان ”بابار الفيل“ في ماي العام الماضي، فيما يقضي رشاد طمبورة حكما بالسجن مدة عامين بتهمة إتيان أمر موحش ضد رئيس الجمهورية، وذلك بسبب غرافيتي وصف سعيد بالعنصري بعد خطابه في فيفري 2023 بخصوص المهاجرين. ولا تملك المنظمات الحقوقية إحصائيات عن عدد المحالين على المرسوم 54 منذ صدوره، بسبب التعبير عن آرائهم، لكن التقديرات تعدّهم بالعشرات.