بعد سنوات من الصراعات المتراكمة داخل أروقة المحاكم، قررت الجامعة العامة لأعوان العدلية وأملاك الدولة والملكية العقارية في شخص كاتبها العام هيثم المحجوبي الخروج للعلن وعقد ندوة صحفية الاثنين 10 فيفري تحت شعار مرفق العدالة في تونس: الانهيار ومقاربات الإصلاح بهدف إنقاذ العدالة مما وصفته ”بسياسات الفساد والمحسوبية والزبونية“.
في مكتب متواضع صغير بمقر الجامعة العامة لأعوان العدلية، يجلس كاتبها العام هيثم المحجوبي وحيدا محاطا بعدد من الصحفيين ليتلو أبرز النقاط التي وردت في الدعوة. دقائق قليلة قبل انطلاق الندوة الصحفية، أعلن المتحدث بمرارة أنه تلقى اتصالا هاتفيا من عائلته مفاده توجه فرقة أمنية إلى مسقط رأسه بجبناينة بحثا عنه مع إعلام العائلة بضرورة حضوره دون توضيح الأسباب، المحجوبي لم يقدم أي معلومات إضافية مرشحا أن يكون السبب في علاقة بعمله النقابي ومواصلة في سياسة استهداف النقابيين بالوزارة عبر الشكايات ومجالس التأديب الكيدية، وفق تعبيره، ليواصل فيما بعد الحديث عن الموضوع الذي عقد من اجله المؤتمر الصحفي.
جامعة أعوان العدلية: لا لضرب العمل النقابي
نقاط عديدة وردت على لسان المتحدث كان أولها في علاقة بمجالس التأديب التي لا تنقطع داخل وزارة العدل ومنشآتها، مجالس يؤكد المحجوبي أن أغلبها يرتكز على وشايات وتقارير مغلوطة وكيدية ترفع لسلط الإشراف وتستهدف مناضلي اتحاد الشغل ومن معهم، شكايات تصل أحيانا إلى قضايا عدلية تحت غطاء تهم وقوانين استعمارية مازالت سارية في تونس تحت مسمى تعطيل حرية العمل، وفق قوله، ليكون آخرها إحالة عدد من النقابيين على مجلس التأديب التابع للوزارة وهم كاتب عام الجامعة العامة لأعوان وزارة العدل وأملاك الدولة والملكية العقارية هيثم المحجوبي و كمال غيلوفي الكاتب العام للفرع الجامعي لأعوان العدلية و أملاك الدولة والملكية العقارية بأريانة وابراهيم شلفوح عضو الفرع الجامعي لأعوان العدلية واملاك الدولة والملكية العقارية بصفاقس. استهداف يأتي في إطار التضييق على الحق النقابي في تناقض واضح مع الدستور ومجلة الشغل، رغم احترام الهياكل النقابية للإجراءات المعمول بها واحترام ضوابط عملها النقابي، وفق تصريح المحجوبي.
![](https://cdn.nawaat.org/wp-content/uploads/2025/02/Syndicat-justice-2000px.jpg)
من جهة أخرى تطرق كاتب عام جامعة أعوان العدلية إلى ملف النقل التعسفية الصادرة خلال الفترة الأخيرة، مؤكدا وجود حوالي 200 قرار نقلة خلال السنة الفارطة دون أي تبرير أو توضيح ما خلق مزيدا من الأعباء الاجتماعية والمالية على الموظفين، لتتحول هذه النقل التي يطالب بها عدد آخر من الأعوان إلى نوع من أنواع العقوبات التي تؤثر سلبا على عمل منشآت الوزارة والخدمات داخلها.
الإجراءات التعسفية الصادرة عن المشرفين على وزارة العدل لا تتوقف عند النقل غير المبررة بل بلغت حد تعويض الكفاءات بطرق غير موضوعية في خططهم الوظيفية، ما خلق اضطرابا وتراجعا في سير عمل المحاكم وبقية المؤسسات الراجعة بالنظر إلى الوزارة وانعكس بشكل مباشر على الخدمات المقدمة للمواطنين.
في حوار خص به نواة وفي إجابة عن بعض التساؤلات والنقاط التي لم ترد خلال الندوة الصحفية ينفي المحجوبي أن يكون لهذه الإجراءات التي تستهدف الأعوان أي خلفية سياسية أو علاقة بنشاطهم أو موقفهم من السلطة الحالية إنما يندرج في إطار سوء التصرف من قبل عدد من المسؤولين بالوزارة مضيفا القول ‘’لو صدرت هذه القرارات ممضاة من السيدة وزيرة العدل.. فهذا حقها ‘’ مشددا على أن الطرف النقابي يطالب بالشفافية والتشاركية في اتخاذ القرارات بالوزارة لضمان السير السليم لمرفق العدالة وضمان حقوق العملة والمواطنين، وفق قوله.
![](https://cdn.nawaat.org/wp-content/uploads/2024/10/Ugtt-absence-feat.jpg)
اتحاد الشغل، صوت عال أم نضال صامت؟
23/10/2024
خلال الندوة الصحفية تطرق المحجوبي الى عدد من النقاط المرتبطة بعلاقة الطرف النقابي وسلط الاشراف بوزارة العدل، كان الهدف منها تسليط الضوء على تجاوزات المسيرين لمرفق العدالة التي طالت عددا كبيرا من الأعوان والموظفين عبر إجراءات تعسفية وقرارات ظالمة متصاعدة في حقهم. يشدّد المحجوبي على ان تجاوزات الإدارة في حق منظوريها من النقابيين تهدف إلى تكميم الأفواه وضرب العمل النقابي وفرض السيطرة المطلقة لسلطة الاشراف رغم الدعوات المتكررة للحوار قصد إصلاح ما يمكن إصلاحه والمطالبة برحيل المتسببين في هذه الأزمة قبل بلوغ مرحلة انهيار مرفق العدالة.
الصحفيون الذين حضروا الندوة الصحفية لاحظوا تردد المتحدث النقابي وحرصه على انتقاء كل كلمة قبل الإجابة على تساؤلاتهم، حتى أن أغلبهم استغرب عدم تعرض الندوة إلى عدة نقاط وردت في البلاغات المكتوبة والمنشورة للطرف النقابي وابتعاد المؤتمر الصحفي عما ورد في الدعوة الرسمية التي وجهت للمؤسسات الصحفية، خاصة فيما يتعلق بحضور نقابيين تحت العقوبة وتقديمهم شهادات انطلاقا مما عايشوه من عسف الإدارة. فهل أن مناخ الترهيب العام كبّل الكلمة النقابية الحرة؟ أم هي زيارة الشرطة لمنزل عائلة المحجوبي تزامنا مع الندوة الصحفية؟ أو كون المتحدث محل تتبعات قضائية، قد تزيد تصريحاته في تعقيد وضعيته أمام ”مهمة القضاء“؟ ام أن الانقسامات الحادة التي تعيشها منظمة حشاد ألقت بظلالها على الندوة الصحفية والمتحدث الوحيد فيها الذي كانت له الجرأة، على الأقل، في الحضور ومواجهة استفهامات الصحفيين التي بقيت أغلبها دون إجابة؟
iThere are no comments
Add yours