(1)

عبدالحميد الجلاصي

بقلم عبدالله الــــــــزواري

منذ بضع سنوات شن المساجين الفلسطينيون في سجون الاحتلال إضرابا عن الطعام عرف ب معركة “الأمعاء الخاوية”، و سعيا لفك هذا الإضراب عمدت إدارة السجون الصهيونية إلى شي اللحم أمام غرف المضربين عساها بذلك تشق صفوفهم…

ذكرت هذا عندما عمدت إدارة السجون و الإصلاح في تونس إلى تفريق ( و هذا دأبها) أربعة مساجين من قيادات “النهضة” دخلوا في إضراب عن الطعام يوم 5 نوفمبر الماضي، يوم الإفراج عن مجموعة من رفاقهم تمت محاكمتهم معهم سنة 1992… و دخل هؤلاء في إضرابهم مطالبين بإطلاق سراحهم، رافضين أن يكونوا رهائن لدى السلطة السياسية تستعملهم في تحقيق أهدافها، معتبرين أن مدة سجنهم قد طالت أكثر من اللزوم( إن كان هناك لزوم) رغم براءتهم من تهم سعت السلطة لتلفيقها لهم و هي التي تعلم قبل غيرها سوء فعلها و براءة هؤلاء مما رموا به براءة الذئب من دم يوسف….

دخل السادة الهادي الغالي( مدى الحياة) و عبدالحميد الجلاصي ( مدى الحياة) و بوراوي مخلوف ( مدى الحياة) و محمد صالح قسومة ( اكثر من 50 سنة) في إضراب عن الطعام غداة الإفراج عن إخوانهم ، فما كان من الإدارة العامة للسجون و الإصلاح إلا أن عمدت إلى تفريقهم على سجون أخرى و هي التي ادعت إنهاء العمل بالعزل الانفرادي يوم 21 أفريل 2005…و من الجناح المضيق بسجن المهدية نقلت الإدارة السيد عبدالحميد الجلاصي إلى سجن المسعدين، كما نقلت السيد بوراوي مخلوف إلى سجن المنستير، و سعت العائلات المكلومة إلى زيارة ذويها، و تمكنت من زيارة عبدالحميد و بوراوي مرة أولى…لكن منذ يوم 11 نوفمبر لم تمكن حرم السيد عبدالحميد الجلاصي من رؤيته و الاطمئنان على صحته بدعوى رفضه الخروج إلى الزيارة، و هذه من أقبح ما تقدم الإدارة كجواب عن الحرمان من الزيارة، و ازداد انشغال العائلة من زيارة إلى أخرى و هي التي تتلقى نفس الإجابة كل مرة…

و في سعيها إلى معرفة أحوال زوجها و إعلام المهتمين بشأن المساجين و حقوق الإنسان عموما، اتصلت السيدة منية الجلاصي بممثل منظمة “مراقبة حقوق الإنسان” الذي أخبرها بعد ذلك بأنه كاتب الإدارة المعنية لكنه لم يتحصل على رد و وعدها بمعاودة مكاتبتها- الإدارة المعنية- بعد استمرار ” الحرمان من الزيارة” مما يعني تواصل الإضراب عن الطعام، كما اتصلت بفرع منظمة الصليب الأحمر بتونس، و هذا بناء على اتصال سابق بالمقر الرئيسي للمنظمة بجينيف و الذي أشار بالاتصال بالفرع… و إن كانت السيدة “رانية” مسؤولة الفرع قد تفضلت بالاستماع إلى حرم السيد عبدالحميد الجلاصي في مرة أولى فإنها بعد ذلك لم تعد موجودة في المقر، و هذا ما كان يجيب به المكلف بالهاتف في مقر فرع الصليب الأحمر بشارع باب بنات بالعاصمة، و للمرء أن يتساءل هنا هل كانت السيدة “رانيا” فعلا غير موجودة في موقع عملها؟ و إن كان هذا فهل تتغيب المسؤولة الأولى عن الفرع دون أن يقوم مقامها من ينوبها؟ أم كانت إجابة الهاتف محض اجتهاد من المكلف به؟ و هل من حقه أن يفعل ذلك. أم أنه مأمور بتبليغ هذه الإجابة؟ و حينئذ من كلفه بذلك؟ و بقطع النظر عن هذه الاحتمالات فإن السيدة “رانيا” في المكالمة الأولى قد أفادت مخاطبتها بأن سجن المسعدين غير مندرج في لائحة السجون الممكن للمنظمة الدولية زيارتها…

و تتواصل عملية طرق الأبواب…و لم يقع التغاضي عن ” الهيئة العليا لحقوق الإنسان و الحريات العامة” رغم اليقين من محدودية مجال تدخلها و مدى حرص مسؤوليها على متابعة ملفات انتهاكات حقوق الإنسان، فإن الأمر بلغ درجة من البيروقراطية لم تسبق إليها إي إدارة أخرى على تخلف الإدارة عموما، إذ لم يسمح لشقيق السيد عبد الحميد بالدخول إلى مقر الهيئة العليا، بل طلب منه من منعه من الدخول أخذ موعد من سكرتيرة المسؤول عن الهيئة لمقابلتها، أي مقابلة السكرتيرة و بسط المسألة على جنابها عساها بعد ذلك تبلغ رئيسها ما دار بينها و بين السائل الذي قد يحظى بعد ذلك بمقابلة السيد رئيس “الهيئة العليا لحقوق الإنسان و الحريات العامة”… و لعقوق الإنسان في بلادنا شؤون و فنون…

و تتواصل المأساة…و لا يعادل هول هذه المأساة إلا شدة إصرار هؤلاء الرجال على رفض الظلم و عدم الركون إليه بل و مقارعته و إن كان بجسد منهك حطمته الأمراض و رداءة التغذية و انعدام العلاج المناسب و الدواء المناسب في الوقت المناسب، و ليعلم أولائك الذين يجلسون قرب المدافئ أو قد تدثروا أغطية صوفية ناعمة يحتسون كأس شاي أو نقيع.. ثم يصموا آذاننا بالحديث عن حقوق الإنسان و التطورات المشهودة أو المصالحة و آفاقها و تشدد المتشددين و غير ذلك من الجعجعة، ليعلم هؤلاء أن هناك الآن رجال يلسعهم البرد من كل جانب و يعضهم الجوع عضا و قد قاربوا الشهر و بطونهم خاوية لم يدخلها غير الماء، لم يفعلوا ذلك انتصارا لأنفسهم أو نجاة بها أو بحثا عن حل فردي أو سعيا إلى مغنم قريب أو بعيد…بل فعلوا ذلك تذكيرا لنا بأن “الظلم إنما ينبت في مستنقعات الصمت” و قديما حفظنا ” الساكت عن الظلم شيطان أخرس”، هذا إن سكت أما إذا تكلم فهو شيطان ناطق و لا شك…. إن حياة هؤلاء الرجال في رقابنا يقينا، و يتحمل كل منا من المسؤولية قدر ما هو متاح له من إمكانات التحرك و الاتصال و العمل لنجدتهم و إنهاء معاناتهم، ومن لم يكن قادرا على إيقاد شمعة فليلعن الظلم ألف ألف مرة و لا يصمت…

اللهم هل بلغت…….

اللهم فاشهد…

عبدالله الــــــــزواري

جرجيس في 28 نوفمبر 2006

عناوين قد تصلح يوما:

الهيئة العليا لحقوق الإنسان و الحريات العامة:

الهاتف: 71792322-71796593

الفاكس: 71784038

العنوان:85 شارع الحرية

1002 تونس

المنظمة الدولية للصليب الأحمر:

المقر الرئيسي:

الهاتف:0041227346001

الفاكس:0041227332057

العنوان:19Avenue de la Paix

CH 1202

Génève

SUISSE

فرع تونس:

الهاتف:71960179-71960458 – 71960154

الفاكس: 71960156

العنوان: Galère du Lac Bloc A

Rue du lac de Constance

1053 Les Berges du Lac

Tunis