بسم الله الرحمان الرحيم

تندر اللقاءات والمقابلات الصحفية مع الرئيس التونسى بالرغم من وجوده فى سدة رئاسة البلاد التونسية منذ تسعة عشر عاما أو تزيد, ويعود ذلك على ما يبدو إلى كره الرئيس للصحافة والصحفيين فهم بالطبع مزعجين بأسئلتهم التى لاتترك شاردة ولا واردة وتتدخل فى ما لا يعنيها وخاصة أسرار الحكومة والأجهزة الأمنية , أو لأن نشاطاته الرآسية مضمونة التغطية من خلال القناة التى حجزها بإسم تغييره ورقم الحظ سبعة , الذى يكاد يلصقه بأي شيىء ما وسعه ذلك , أو لعله لا يملك الوقت الكافى للتصريحات الصحفية لأن طبعه يملى عليه العمل فى صمت وأن كل الوقت يكرسه لرعاية مواطنية عبر فتح أكثر من نصف مليون عين يوميا لمتابعة حتى الخلايا الجسمية للمواطنين , وخاصة من لديه حساسية تجاه رقم البلاد السحرى (وهو طبعا رقم سبعة) وكل ما يرمز له, أو لعل الرئيس لا يحسن إرتجال الأجوبة على مشاغبات الصحفيين الذين يأمنون العودة إلى قواعدهم سالمين وهذا الإحتمال أستبعده نظرا لأن هذه المهة ليست صعبة وهو من تركها طواعية , أو لعل سبب عدم الرغبة فى مقابلة الصحفيين خشيته نشرهم ما من شأنه تعكير صفو النظام العام … أو أو … وتبقى إحتمالات أخرى كثيرة لا يمكننا تسجيلها كلها , وأمام غياب هذه المقابلات قررنا أن نجرى مقابلة إفتراضية مع رئيس الجمهورية التونسية عسانا نقدم إجاباته للمواطنيين التونسيين والمراقبين الدوليين وكل مهتم بالشأن الوطنى ونسجل حضور غيابه الذى هو مبرر فى كل الأحوال لما لديه من عمل يومى شاق يغنيه عن الإلتفات إلى تضييع الوقت مع من يريد تبليغ الحقيقة المزعومة , فى حين أن الحقيقة لدي القصر الجمهورى محروسة ولا يسمح لأحد بأن يعبث بها..وفى ما يلى نص الحوار أو لنقل بأمانة مسودة سيناريو الحوار مع الرئيس وإحتمالات الإجابات التى نتمنى أن تشفى غليل تطلعاتكم , هذا ونلفت إنتباه كل السادة والسيدات إلى أن إجابات الرئيس كانت تتخللها كلمات بالعامية التونسية ونعتذر عن هذه الخصوصية وفى ما يلى نص الحوار :

سؤال : سيادة الرئيس مرحبا بكم فى ساحة الفضاء الإفتراضى؟
جواب : ” عسلامة ..أهلا وسهلا

سؤال : كيف يمكن أن نقدم السيد الرئيس إلى الجمهور العربى والدولى؟

الجواب : أنا ثانى رئيس لتونس منذ الإستقلال , جنرال , حاصل على شهادات معنوية وطنية ودولية كثيرة وعلى أكثر من دكتورا فخرية من أكثر من جامعة فى العالم مدفوعة الأجر من دون تقسيط , تسلقت سلم الوظيفة بسرعة حتى بلغت منصب وزيرا للداخلية ثم وزيرا أولا فرئيسا للبلاد.. خريج الكلية العسكرية الأمريكية وأحد المتطوعين لقيادة الجمهورية التونسية .. أقدمت على التغيير بتاريخ الشابع من نوفمبر 1987 وأرسلت الزعيم الحبيب بورقيبة إلى جوار قبره بمدينته المنستير فى إنتظار أن توافيه المنية بعد أن أشرف على الهلاك وأصبح يلوك فى الماء ويأكل عبر الحقن , وما أخشاه فعلا هو أن يُفعل بى ما فعلته بالزعيم , أسوس البلاد والعباد من غير سياسة ولا كياسة وهذا هو منهج التغيير الذى أرسيناه فى البلاد التونسية , نهجنا فى الحكم معروف ولا يحتاج إلى تفسير أو توضيح ولا حتى تأويل , العصا ” الزلاط ” للجميع

سؤال : وقعت فى الآونة الأخيرة مواجهات مسلحة وقد وردت روايات مختلفة حول ذلك فماهى حقيقة ما حدث ؟

جواب : الحقيقة أن وسائل الإعلام تبالغ فى نقل الأحداث , فكل القصة أن قواتنا الأمنية شاركت فى تفجير كمية من المتفجرات من آثار الحرب العالمية الأولى

سؤال : لكن الحكومة إعترفت بعد ذلك أن المواجهات وقعت مع مجموعة سلفية مسلحة ؟

جواب : لا هذا غير صحيح لا سلفية ولا تقدمية , ولكن هناك إجتهادات شخصية حول ما حدث من طرف أحد الوزراء وهى إحتهادات للإستهلاك الخارجى فقط , فكما تعلم نحن حراس البوابة الجنوبية والواجب يقتضى أن نستثمر هذه الأحداث لصالح البلاد بما يعود عليها بإستمرار مسيرة مشروع التغيير

سؤال : وردت أنباء عن إحتجاب حرمكم بعد الأحداث المذكورة ؟

جواب : أمر طبيعى , فهي تنقلت للخارج من أجل إتمام تربصاتها المهنية فى مجال إختصاصها

سؤال :
كيف تقيم الوضع السياسى والإقتصادى والإجتماعى فى تونس؟

جواب : ” الوضع حلو برشا “..من ناحية الوضع السياسى أشرفنا منذ تغيير السابع من نوفمبر على إحداث تنمية سياسية حقيقة قضت على كل الطفيليات الحزبية ومارسنا بفعالية عالية مقولة جارنا الزعيم معمر القذافى من تحزب خان وقد أضفنا عليها تحديث بسيط تقتضيه إجتهاداتنا الشخصية وهو إلا من تحزب لصالح مشروعنا الذى لا نسمح بالمرة أن نعرضه لأي أعراض من الزحام الحزبى أو الإحتكاك عبر علب التصويت والتى تسمى مجازا بصناديق الاقتراع

أما الناحية الإقتصادية فقد عقدنا شراكة مع عائلة الطرابلسية وزعنا من خلالها حظوظ الإستثمار وجنى العائدات المالية , وقد إعتمدنا فى هذه الخطة الإقتصادية تطبيق نظرية الإقتصاد العائلى بحكمة تستند إليها خياراتنا التنموية منذ التغيير , وكما تعلم فإن نظرتنا الإستشرافية أثبتت صوابها

سؤال : ولكن عذرا على المقاطعة , هناك بطالة وخاصة لدى الشباب أصحاب الشهادات الجامعية والمهنية , كما يوجد غلاء أسعار ومشاكل إجتماعية أخرى ؟

جواب :” خلينى إنكملك عاد ما إتقصش علي” و أما من الناحية الاجتماعية فقد أدرجنا بندا ثابتا فى كل المخططات الإقتصادية وهو إستيراد ” المعسل ” و “الشيشة” وكميات كبيرة من البن لتنشيط الفضاءات الوطنية لمقاومة البطالة وتصريف الوقت , أما البطالة التى تتحدث عنها فهى فى الحقيقة ليست بطالة وإنما هى زيادة في المنتوج الوطنى فى هذا الجانب , ونحن ننظر فى عروض التصدير التى تتقدم لنا من قبل قوارب الحياة لندفع بشبابنا إلى مزيد من الشجاعة فى مواجهة ” العملوجيا” الحديثة لتوفير العملة الصعبة , وأيضا لكي نحفز فيهم الشعور بالوطنية عبر إحياء الشعور بالحنين إلى الوطن بالغربة , أما عن بقية سؤالك فيبدو أنك غير مطلع على واقع البلاد ويكفيك أن تعرف أن ثمن الكيلوغرام من اللحم لم يتجاوز التسعيرة التى وضعتها الحكومة

سؤال : الكثير من الشخصيات التى ساندت مشروعكم وجدناهم بعد ذلك فى السجن كالطيب السحباني مثلا وغيره ؟

جواب : رجالات التغيير يتغيرون هم أيضا , ومن لم يحافظ على إمتيازات التغيير سيطاله التغيير لأن الأمر مرتبط كله بالتغيير إلا أن نغير التغيير , لأن تغيير التغيير سيجعلنا خارج حلقات التغيير . لذلك فإن السيد السحبانى مثلا خرج عن مربعات التغيير بعد أن غيرنا وضعه السكنى من بيت متواضع إلى قصر منيف فى قمرت يتجاوز المليار دينار تونسى إضافة إلى إمتيازات تغييرية أخرى كثيرة , ولما أصابه الطموح للعب خارج مربعات التغيير غيرناه بما هو أهل للتغيير . إن فلسفة التغيير تقوم على قاعدة سليمة وهي أنه من لا ينسجم مع مشروع التغيير يكون هدفا مشروعا للتغيير مهما كانت تضحياته لصالح التغيير

سؤال : صدرت فى شأنكم كتب بعضها يذم وأخرى تمدح فبماذا تعلّقون ؟

جواب : أما من مدح فشكرا له أن إعترف بالنعمة , أما من ذم فهو خارج مجالاتنا الأرضية والبحرية والجوية , وهو أيضا لا يعترف بالعملة التونسية كعملة صعبة وأملنا أن يتوب هؤلاء إلى الدينار , لأن الحياة تحتاج إلى التخلى عن المثالية والإستفادة من الفرص المتاحة ونحن نوفرها لمن أراد

سؤال : هناك مآخذ من أطراف داخلية وخارجية على التنمية السياسية التى تعتبر لديكم متوقفه فى تونس ؟

جواب : لم أفهم ولكن سأجيبك , نحن مع الأسف ليس لدينا حقول للديمقراطية نظرا لعدم وجود موارد مائية ترعى تلك النبتة المكلفة جدا على البلاد ولذلك نحن لدينا بدائل نموذجية لتلك النباتات الطفيلية , ومقاربتنا فى ذلك نموذجية بكل ما تحمله الكلمة من مبنى ونستطيع أن نلخصها بكلمة تونسية شعبية لا تخلو من خفة ظل ” سكر فمك وإلا إنكسرهولك ” وهذا ما يجعلنا نفخر بأننا نحيي الثراث الشعبى فى مسيرتنا الديمقراطية الوطنية

سؤال : تحدثت بعض الأوساط عن وجود مشكلات صحية لديكم..ماهى حقيقة ذلك ؟

جواب : أنا فى صحة جيدة والدليل أننى مترشح لرآسيات 2009 , ثم أن هذه الإشاعات تعبر عن غيرة لدى البعض من شخصى ويراد منها تعطيلى على تحقيق رقم قياسى آخر لتونس فى البقاء فى هذا القصر وأنا فى الحقيقة ” معناها ” مصر على إنتزاع الرقم القياسى من الزعيم الحبيب بورقيبة فى هذا الخصوص خاصة ونحن التوأم الرئاسى منذ إستقلال تونس إلى الآن

سؤال : هناك ملفات عالقة إلى الآن ومنها على الخصوص ملف الإسلاميين والنهضة تحديدا ؟

جواب : أين وجدت تلك الملفات عالقة ؟ فى الطريق السريعة أو الطريق الوطنية … أنت تردد عليّ مفردات أزلناها بالممحاة من البلاد منذ سنوات طويلة وهذه الملفات التى تتحدث عنها سلمناها لأهل الإختصاص فى البلاد , ثم نحن لا نتحدث مع الأموات ولن نسمح لهم أيضا بممارسة السياسة ولا تشكيل حزب ولا إصدار جريدة ولا المشى على الرصيف ولا شراء الخبز من المخابز ولا مشاهدة المقابلات الرياضية فى الملاعب ولا إرتياد المستشفيات ولا الدخول إلى الجامعات من أبوابها و لا المشي فى الطريق العام بحرية ولا ولا ولا … وإننى ما دمت على قيد الحياة لن أسمح لهم بممارسة هذه الفضيلة

سؤال : لكن سيدى الرئيس من تصفهم بالأموات هم أحياء بطريقة أو بأخرى كما أنهم متواجدون بكل الساحات حتى المقابر؟

جواب : تواجدهم فى المقابر يعود فيه الفضل إلى كرمنا تجاههم ومن لم ينل هذه الحضوة لدينا أقمنا لهم مبيتات خاصة ندفع عليها من مال الشعب التونسى كل مطلع شمس أما من أبق منهم فقد تنكر لجميل البلاد وأقام فى دول أخرى مخيرا العقوق على نيل الحقوق

سؤال : و ماذا عن ملف المساجين السياسيين , ولماذا تنكرون وجود سجناء رأي لديكم ؟

جواب : يوجد لدينا مساجين ولكن لا يوجد لدينا سياسيين , لأن الجمع بينهما لا يصح حتى لغويا فى قاموسنا السياسى, ثم ألا يكفيكم أن يكونوا سجناء حتى نمنحهم الصفة السياسية , ثم إن مقاربة التغيير لهذه المسألة تقوم على قاعدة أن السجين لا يكون سياسيا بالضرورة مهما كان

سؤال : وماذا عن العفو التشريعى العام الذى ينادى به الجميع ؟

جواب : خياراتنا ثابتة ولا توجد فيها هذه المفردات , وهو ما يقتضى منا مواصلة مشوارنا على نفس الخط وبنفس النسق , أما عن العفو فنحن فى كل مناسبات ذكرى التغيير والكثير من المناسبات الوطنية نطلق سراح الكثيرين وهو عفو منا , إلا إذا كنت أنت وغيرك لا تريدون الإعتراف بذلك . العفو التشريعى غير مشروع خاصة وأن التجربة قد أثبتت لنا أن الري قطرة قطرة في مثل هذه المواضيع نهج حكيم لن نستبدله بأي فكرة أخرى

سؤال : قضية الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان لم تنته فصولها وهي تتهمكم بأنكم تتآمرون عليها ؟

جواب : الرابطة أصبحت خطرا على الأمن الوطنى , ومسؤولياتنا تحتم علينا الربط والضبط فى هذا الموضوع , كما أن الرابطة شهدت تجاذبات داخلية ليس لنا علاقة بها

سؤال :ولكن هناك عناصر تنتمى إلى حزبكم تفتعل المشاكل , كما أن بوليس حضرتكم يحاصر الرابطة ؟

جواب : الأمن الوطنى فى خدمة الرابطة , أما العناصر التى تتحدث عنها فهي تتصرف بواعز ذاتى وليس بأوامر من طرفنا , وإن كانت فى توجهاتها تنسجم مع رؤية التغيير فى المسألة , وبصراحة نحن الذين أرسلناهم وأرجو أن تحتفظ بهذه الحقيقة ولا تنشرها

سؤال : ماهي الرسالة التى تودون توجيهها إلى المعارضة ؟

جواب : الرسالة مختصرة لمن أراد أن يعى الحقيقة , عين الشمس أقرب لهم من نيل الحدود الدنيا من مطالبهم , ثم أن مايسمي معارضة هي فى الحقيقة ترف سياسى زائد عن الحاجة الوطنية ومن أراد أن يمارس هذه الهواية هنا فعليه مساندة مشروع التغيير الذى نقوم عليه , ومن أراد أن يمارس هذه الهواية خارج هذا الإطار فعليه أن يدفع بدون حدود حتى من قوت أبنائه ناهيك عن أثمان أخرى مكلفة

سؤال : هناك قضية مرفوعة ضد النائب السابق لقنصلكم فى ستراسبورغ خالد بن سعيد المتهم فى قضية تعذيب , وهي ليست القضية الأولى التى ترفع ضد أحد المسؤولين فى الخارج بتهم تتعلق بالتعذيب , كما وقع للوزير عبد الله القلال , فماذا تقولون فى تهم التعذيب الموجهة إليكم ؟

جواب : التعذيب , هو الإسم القديم لرياضة فردية متروكة عملنا منذ التغيير على إحيائها لتصبح رياضة جماهيرية وهي بمثابة تأهيل بدنى قد يكون مرهق نوعا ما ولكنه فحص بدنى ضروري حتى وإن أدى بحياة بعض الممتحنين . إن الرياضيين الذين ذكرتهم هم أصحاب ميداليات تونسية فى إختصاصهم وأنا الذى سلمتهم تلك المداليات بنفسى, أما رفع القضايا خارج البلاد فى حقهم فهي ” غصرات ” مررنا منها بسلام

سؤال : هناك مواضيع كثيرة داخلية وخارجية لم تسعفنا هذه المقابلة فى التطرق إليها . هل لديكم كلمة أخيرة ؟

جواب : لا ظلم بعد اليوم , ولا رئاسة مدى الحياة . فليطمئن الشعب التونسى إلى عهودنا