بلغ إلى علم هيئة الحقيقة والكرامة تقديم مشروع قانون أساسي يتعلّق بالمصالحة في المجال المالي والاقتصادي تم عرضه في اجتماع مجلس الوزراء بتاريخ 14 جويلية 2015. ومن المتوقع أن يُعرض هذا المشروع الذي تم إعداده من قبل رئاسة الجمهورية على أنظار مجلس نوّاب الشعب للدّراسة والتصويت عليه. وينصّ المشروع على انشاء لجنة للتحكيم والمصالحة إضافة إلى صندوق وديعة.

إن رئاسة الجمهورية، وبحسب صلاحياتها الدستورية، يحقّ لها بالتأكيد تقديم مشروع قانون مثل المشروع موضوع الحال. ومع ذلك، تلاحظ هيئة الحقيقة والكرامة أنه لم يتم تشريكها في إعداد مشروع القانون ولم يتم تسليمها نسخة من مسودته في طور متقدم من الصياغة. فلم يتم التواصل مع الهيئة حول نص المشروع في حين إن الهيئة هي الطرف المعني بشكل أوّلي بكلّ ما يتعلّق بالعدالة الانتقالية. منطقيا، كان يجب أن تكون هيئة الحقيقة والكرامة شريكا أساسيا في مرحلة التفكير، ذلك إنها الجهة المخولة بموجب قانون تأسيسي.

يجب علينا أن ندرك جميعا بإن الثقافة التي تطبع هكذا تصرّف هي أبعد ما تكون عن مبادئ الشفافية، والحوكمة الرشيدة والتعاون بين المؤسسات. علاوة على ذلك، وإن افترضنا جدلا بأن المسار يحتاج إلى تعديل خاصة على مستوى الدوائر المتخصّصة، فيمكن التذكير هنا بأن الهيئة سبق وإن طرحت ذلك للنقاش وانخرطت فيه مع الهيئة الوقتية المشرفة على القضاء العدلي إضافة إلى وزارة العدل.

هذا وللعلم فإن لجنة التحكيم والمصالحة صلب الهيئة سبق وإن أعدت اجراءات عملها في انتظار اصدار أمر رئيس الحكومة لتحديد طرق تدخّل الدولة في طور التحكيم. وقد سبق وإن قدمت الهيئة مشروع أمر للحكومة منذ شهرين للغرض ذلك إن الدولة غالبا ما تكون هي الضحية في علاقة بملفات الفساد المالي.

ومن جانب آخر، فقد لاحظ المراقبون للساحة التونسية أن مرحلة عرض هذا المشروع على مجلس الوزراء قد سبقتها حملة معادية ضد الهيئة وذلك بغية تهيئة الرأي العام استنادا على “تسريبات” مؤطرة وتعليقات من ” مصادر عليمة”.

وإذ بدى للهيئة بأن السلطة التنفيذية تتصرّف بشكل متسرّع وغير مناسب، فهي متيقنة بإن الجهات التشريعية سوف تأخذ ما يلزم من الوقت ومن التدابير المناسبة للاستماع للهيئة وتبادل الآراء بشأن المخاطر الحقيقية التي تهدد العدالة الإنتقالية من ناحية والإنتقال الديمقراطي بشكل عام من خلال هذا القانون.

سهام بن سدرين