المقالات المنشورة بهذا القسم تعبّر عن رأي كاتبها فقط و لا تعبّر بالضرورة عن رأي نواة

investissement-etranger-tunisie

بقلم أحمـد بـن مصطفـى،

إن المتأمّل في السياسة الاقتصاديّة المتبعة منذ مطلع السبعينات، يدرك مدى الأهميّة التي توليها تونس للاستثمارات الخارجيّة كمحرك أساسي للتنميّة وذلك استنادا الى قناعة راسخة لدى معظم الطبقة السياسية الحاكمة والمعارضة بأنه لا مناص لتونس بحكم محدوديّة امكانياتها، من المراهنة على المستثمر الأجنبي وتحفيزه على بعث المشاريع وتوفير مواطن الشغل والاستفادة من الميزات التفاضليّة لتونس كوجهة استثماريّة مجديّة تمكّنه من تقليص كلفة الانتاج والحفاظ على قدرة تنافسيّة عاليّة في الأسواق العالميّة.

لكن الحصيلة الجمليّة لسياسة استقطاب الاستثمارات الخارجيّة ظلّت متواضعة بل أنها تكاد تكون سلبية قياسا بحجم الحوافز التي يبلغ معدلها حوالي 500 مليون دينار سنويا حسب تقرير صادر سنة 2014 عن البنك العالمي الذي أوصى بالتخلي عن نظام التحفيز نظرا لانعكاساته السلبيّة على المنافسة وخلقه لازدواجيّة قانونيّة مضرة بالصناعات الوطنيّة فضلا عن كونه مخل بقاعدة المساواة أمام القانون وحريّة المنافسة.

وعلى صعيد متصل قدرت كاتبة الدولة لدى وزير التنميّة والاستثمار والتعاون الدولي في حوار لها نشر بالعدد التاسع عشر لمجلة آخر خبر الاقتصاديّة لشهر أوت 2015 أن منظومة الحوافز الماليّة تكلّف الدولة 1,4 مليون دينار سنويا منهما 1,1 مليون دينار بعنوان الحوافز الماليّة.

كما كشف التقرير المشار اليه للبنك العالمي أن اصدار مجلّة موحدة للاستثمار سنة 1993 لم يحقق الغرض المنشود المعلن المتمثل في تبسيط الاجراءات واستعجال آجال بعث المشاريع و الرفع من نوعية الإستثمارات، لكن كثرة التعديلات المدخلة عليها (أكثر من 30 مرة) أدى الى تعدد الأنظمة وتضارب النصوص خاصة وأن النظام السابق حرص على احتكار بعض الأنشطة في القطاعات الاستثماريّة المربحة لصالح أفراد العائلة الرئاسيّة والمقربين منه الذين كانوا يسيطرون على حوالي ! من الدورة الاقتصاديّة للبلاد في المجالات الأكثر ربحية و مرد ودية.

مجلة تشجيع الإستثمارات الجديدة مقيدة بالشروط الإنفتاحية لصندوق النقد الدولي

وبعد الثورة، وفي ظل تفاقم الأزمة الماليّة والاقتصاديّة وتراجع الاستثمار الداخلي والخارجي، برزت من جديد الحاجة الى مراجعة جذريّة لمجلة الاستثمارات، إلا ان ذلك تم وفقا لمصالح الأطراف الخارجية الدافعة باتجاه الإنفتاح والتحرير الكلي لعمليّة الاستثمار وفتح المجال أمام المستثمرين الأجانب للنشاط والعمل دون قيود في كافة الميادين الانتاجيّة الصناعيّة والفلاحيّة والخدميّة.

وبالفعل التزمت الحكومات المتعاقبة بعد انتخابات المجلس الوطني التأسيسي، في إطار الاتفاقيات المبرمة مع صندوق النقد الدولي سنة 2013 ومع الاتحاد الأوروبي سنة 2014 بإصدار مجلة جديدة للاستثمار تنسجم من حيث مضامينها مع اتفاقيّة التبادل الحر الشاملة والمعمقة الجاري التفاوض بشأنها مع الاتحاد الأوروبي و الهادفة إلى توسيع إتفاقية التبادل الحر للسلع الصناعية المبرمة سنة 1995 لتشمل بقية القطاعات الإقتصادية الخدمية و الزراعية، وأصبحت هذه الخطوة من ضمن ما يسمى بالإصلاحات العاجلة المرتبطة بالقروض والتمويلات المشروطة الممنوحة لتونس من قبل صندوق النقد الدولي والمؤسسات الماليّة العالميّة.

غير أن مشروع مجلة الاستثمارات الذي أعدته حكومة المهدي جمعة بنفس هذا الاتجاه سحب لما أثاره من جدل وانتقادات ومخاوف من عديد الأطراف التونسيّة التي تعتبر أن الاقتصاد التونسي الهش والقطاعات الاقتصاديّة المستهدفة بالتحرير غير قادرة على مواجهة المنافسة الغربيّة غير المتكافئة لاسيما وأن الأمر يتعلق بتمكين الأجانب من حق النشاط والملكيّة الكاملة بما في ذلك للأراضي الزراعيّة والمشاريع الصناعيّة والخدميّة، ويخشى بالتالي أن يؤدي توسيع منطقة التبادل الحر للسلع الصناعيّة الى مزيد تكريس الهيمنة الأجنبيّة والغربيّة تحديدا على الأسواق المحليّة والاقتصاد التونسي دون أن تتمكن تونس في المقابل من الاستفادة من الأسواق الأوروبيّة.

ولهذه الأسباب أدخلت بعض التعديلات على المشروع الأخير لمجلة الاستثمار الصادر في ماي 2015 الذي ينص على أن ملكيّة الأراضي الفلاحيّة ممكنة حصريا للمستثمر التونسي لانجاز المشاريع الزراعيّة، لكن المستثمر الأجنبي يمكنه حيازة أراض فلاحيّة على سبيل التسويغ أو الاستغلال لإقامة مشاريع سياحيّة أو صحيّة وهو ما يفتح المجال عمليا لتحويل وجهة هذه الأراضي، وإن ظلت مصنفة كأرض زراعيّة.

لكن الفلسفة العامة للمشروع تصب باتجاه التحرير الكلي لعمليّة الاستثمار أمام المستثمر الأجنبي في كافة المجالات وحمايته من تأميم أملاكه وضمان حريّة تحويل رؤوس أمواله ومرابيحه والتمتع بالحوافز الماليّة والجبائيّة واللّجوء الى التحكيم الخارجي دون الزامه بالتقاضي أمام المحاكم التونسيّة عند الاقتضاء.

وهكذا يتضح أن تونس ما تزال تراهن بدرجة أولى على جلب الاستثمارات الخارجيّة، مهما كان حجمها أو طبيعتها لإحياء الاقتصاد التونسي وذلك رغم أن مشروع مجلّة الاستثمار يقر لأول مرة بتكافئ الفرص بين المستثمر التونسي والأجنبي في الاستفادة من منظومة الحوافز الماليّة والضريبيّة والتسهيلات الاداريّة.

لكن المنظومة الإنتاجية التونسية الصناعية و الفلاحية و الخدمية المكونة في غالبيتها العظمى من مؤسسات صغرى و متوسطة غيرقادرة فعليا على مواجهة المنافسة الأوروبية في الأسواق المحلية خاصة في ظل الإمتيازات الإستثنائية الممنوحة للمصدرين الأجانب بقانون المالية لسنة 2015، وهذا دون إعتبار المنافسة غير الشريفة لشبكات التهريب و الإقتصاد الموازي.

والجدير بالتذكير في هذا الصدد أن التراجع المسجّل بعد الثورة في إقبال المستثمرين الأجانب و التونسيين على تونس ومغادرة العديد منهم الى وجهات استثماريّة أخرى، لأسباب أمنيّة واقتصاديّة، دفع الحكومات المتعاقبة الى فتح المجال أمام المؤسسات العاملة بتونس في إطار ” الشركات المصدرة كليا ” الى تصريف P من منتوجها محليا وهو ما يعد انحرافا تاما عن الأغراض الأصليّة التي بعثت من أجلها هذه المنظومة التي كانت تهدف الى جلب التكنولوجيا والمشاريع ذات القيمة المضافة العالية وتوفير مواطن الشغل للعاملين التونسيين وهو ما يبرر حجم التسهيلات والحوافز الماليّة والضريبيّة المقدمة لها.

و هكذا يتضح أن المراهنة شبه الكلية على المستثمر الأجنبي محفوفة بالمخاطر خاصة في ظل الحصيلة الجملية السلبية لسياسة إستقطاب الإستثمارات الخارجية و إتفاقية التبادل الحر للسلع الصناعية التي أدت عمليا إلى مزيد إضعاف القطاعات الإنتاجية التونسية الى درجة تهديدها بالإندثار.

فشل سياسة إستقطاب الإستثمارات الخارجية و ضرورة مراجعتها

إن خيار تشجيع الإستثمارات الخارجية كان منطقيا ومبررا في عشرية السبعينات خاصة و أنه تزامن مع جهود كبيرة لبناء صناعات وطنية، وقد أعطى في مرحلة ما بعض النتائج الايجابيّة، غير أنه أصبح بحاجة الى المراجعة والتطوير منذ بداية الثمانيات وذلك في إطار تقييم وإصلاح تجربة التصنيع بتونس ضمن الاعداد للمخططين السادس والسابع للتنميّة.

وبالفعل جاءت مجلة التشجيع على الاستثمارات التي تم اعدادها مطلع الثمانيات بمقاربة جديدة تقتصر الحوافز والتشجيعات فقط لفائدة المشاريع التي تتماشى مع أولويات مخطط التنمية التي كانت تستهدف استقطاب الصناعات ذات القيمة المضافة العاليّة الموجهة للتصدير والمقامة في المناطق الداخليّة المحرومة المصنفة ذات أولويّة.كما تم التركيز على اصلاح وتحديث وترشيد المنظومة الصناعيّة الوطنيّة التي كانت تشكو من ضعف الانتاجيّة والقدرة التنافسيّة وعدم القدرة على التوظيف الأمثل لكامل الطاقات الانتاجيّة وذلك رغم الحماية القانونيّة التي كانت تحظى بها.ولتحقيق هذه الغاية تم تصنيف الحوافز الى درجتين تتعلق الأولى بالتشجيعات الشاملة لكافة المشاريع في حين تنحسر الثانية في المشاريع المصنفة ذات أولويّة الموجهة للتصدير واندماج المنظومة الانتاجيّة وحسن استغلالها وكذلك نقل التكنولوجيا وتحقيق التنمية الجهويّة.

غير أن هذه السياسة لم تتجسد على أرض الواقع ولم تجد طريقها للتنفيذ لأسباب عديدة من أهمها فقدان تونس التدريجي لاستقلاليّة قرارها في رسم سياساتها وتحديد خياراتها الاقتصاديّة وتزامن ذلك مع بروز الصعوبات الماليّة والاقتصاديّة التي أدّت الى خضوع تونس لأول مرة سنة 1986 للبرامج الاصلاحيّة لصندوق النقد الدولي والبنك العالمي وهو ما أدى الى التخلي عمليا عن انجاز هذه الإصلاحات والدخول في سياسة اقتصاديّة جديدة تشجع على الانفتاح الاقتصادي الكامل والتبادل الحر وخوصصة المنظومة الانتاجيّة في إطار الانخراط في منظومة اقتصاد السوق.

وهكذا تخلى النظام السابق بعد قدومه الى السلطة عن خيار بناء وإصلاح وحماية المنظومة الصناعيّة والإنتاجية والخدميّة الوطنيّة التي وجدت نفسها، وهي ما تزال في طور البناء و الهشاشة، في مواجهة المنافسة الأوروبيّة غير المتكافئة خاصة بعد إصدار مجلة الإستثمار لسنة 1993 و التوقيع على اتفاقيّة التبادل الحر للسلع الصناعيّة مع الاتحاد الأوروبي لسنة 1995 المتزامنة مع بروز ظاهرة الفساد في أعلى هرم السلطة وإتساع الاقتصاد الموازي والتهريب الذي أصبح يهيمن بدورة على أكثر من نصف الدورة الاقتصاديّة الوطنيّة مما إنعكس سلبا عن المنظومة الإنتاجية الوطنية.

هذا الى جانب سياسة الخصخصة غير المدروسة وتخلي الدولة عن دورها الاقتصادي التعديلي والإنتاجي مما فتح المجال لهيمنة الأطراف الخارجيّة على جانب هام من نسيجنا الصناعي الهش وكذلك على الأسواق التونسيّة عموما التي أضحت مفتوحة دون قيود أمام الصناعات والمنتجات الأجنبيّة سواء عبر اتفاقيات التبادل الحر أو عبر التهريب والتجارة الموازيّة.

ومع ذلك فإن الحكومة ماضية في مزيد تكريس سياسة الانفتاح وتوسيع التبادل الحر مع الاتحاد الأوروبي وذلك من خلال مشروع مجلة الاستثمار الجديد واتفاقيّة التبادل الحر الشامل والمعمق التي سترفع كافة القيود أمام المستثمرين الأجانب للإستثمار والعمل في كافة القطاعات الخدميّة والفلاحيّة الى جانب القطاع الصناعي، كما ستسمح لهم بحريّة التملّك العقّاري الى جانب تصريف وبيع منتجاتهم بتونس في غضون 2018 كما أكد على ذلك وزير الماليّة في أحاديثه الصحفيّة.

وهكذا ستصبح تونس بطاقاتها الانتاجيّة البشريّة وأسواقها تحت تصرف المستثمرين والصناعيين والمصدرين الأوروبيين المسموح لهم بالنشاط والعمل والبيع دون قيود إداريّة أو ديوانيّة في كافة المجالات الانتاجيّة والخدميّة، وفي المقابل، فإن المنظومة الانتاجيّة التونسيّة لن تكون قادرة بحكم هشاشتها على الاستفادة بنفس هذه الامتيازات لا داخل الأسواق المحلية ولا في السوق الأوروبيّة حتى وإن كانت متاحة لها من الناحيّة النظريّة بل أنها قد تجد نفسها مهددة بالإندثار في حالة المضي في تنفيذ هذه السياسات دون التحسب لمخاطرها وتبعاتها الكاريثيّة المتوقّعة.

سياسة الحوافز التونسية غير كافية لجلب الإستثمارات

و مهما يكن من أمر لا ينتظر في تقديري أن تؤدي هذه السياسة التحفيزيّة والانفتاحيّة المبالغ فيها إلى تحقيق الأهداف المعلنة المأمولة منها وهي إعادة إحياء الاقتصاد من خلال استعادة حركيّة الاستثمار الداخلي والخارجي و توجيهها نحو القطاعات ذات القيمة المضافة العالية ودفع القطاع الخاص التونسي والأجنبي الى الاقبال مجددا على تونس باعتبارها وجهة استثماريّة مجديّة لاسيما في ظل المتغيّرات الكبيرة التي شهدها المناخ الاقتصادي العالمي والتطوّر الحاصل في سياسة استقطاب الاستثمارات الخارجيّة والشروط الواجب توفرها في البلدان التي تتطلع لجلب هذه الاستثمارات ذات القيمة المضافة العاليّة وهي متوفرة حصريا في كوكبة محدودة من البلدان الصاعدة.

وفي هذا الصدد، يجدر التذكير بأن الهاجس الأكبر للمستثمرين والصناعيين الأوروبيين هو الحفاظ على قدرتهم التنافسيّة في الأسواق العالميّة من خلال تقليص كلفة الانتاج، ولتحقيق هذه الغاية تشكل الدول الصاعدة مثل الصين وكوريا الوجهة المفضلة باعتبار نجاحها في تطوير منظومات انتاجيّة صناعيّة مندمجة جاذبة للاستثمارات ذات القيمة المضافة العاليّة مثل الصناعات الالكترونيّة وصناعة السيارات.

أما تونس فإنها ظلّت تعتمد على ميزة تفاضليّة وحيدة وهي الأيادي العاملة غير المختصة ومنخفضة الكلفة الى جانب الحوافز الضريبيّة والديوانيّة التي لم تعد كافية لوحدها لجلب المستثمرين حتى بالنسبة للصناعات الخفيفة ذات القيمة المضافة المتدنيّة خاصة في ظل الظروف الأمنيّة والاقتصاديّة المتدهورة وتراجع مناخ الأعمال والاستثمار بتونس خلال السنوات الأخيرة.

كما أن الأزمة الإقتصادية العالمية المتواصلة منذ 2007 أدت إلى بروز موجة جديدة لعودة المستثمرين إلى ديارهم و التقوقع الإستثماري داخل حدود الوطن، ولعل ذلك يندرج في إطار ظهور مؤشرات عن تراجع العولمة الإقتصادية بفعل وصولها إلى طريق مسدود.

وهذا ما يفسر تخلف تونس اقتصاديّا وتراجع مكانتها كوجهة استثماريّة وفشل اندماجها الاقتصادي كمنتج في منظومة اقتصاد السوق والدورة الاقتصاديّة العالميّة وعدم قدرتها على الإستفادة من اتفاقيات التبادل الحر مع أوروبا بسبب إهمالها للقطاعات الإنتاجيّة في المجالات الحيويّة كالفلاحة والخدمات والصناعة التي تشكل العمود الفقري للتجارب التنمويّة الناجحة للبلدان الصاعدة التي يفترض أن تتحوّل الى نموذج يحتذى به بالنسبة لبلادنا إذا كانت فعلا تصبو لإعادة إحياء اقتصادها والقطع نهائيا مع التخلف وإدراك سبل التقدم والتنميّة الحقيقيّة.

وهذا ما يقتضي مراجعة جذريّة للسياسات الإستثمارية و الاقتصاديّة عموما بحكم ترابطها وكذلك الإتفاقيات الدوليّة والأطر القانونيّة المنظمة للنشاط الاقتصادي بتونس ولعلاقات التعاون والشراكة مع الاتحاد الأوروبي وخاصة منها مجلة الاستثمار واتفاقيّة التبادل الحر الشاملة والمعمقة.كما يفترض أن تعود تونس إلى سياسة التخطيط الاستراتيجي والمخططات التنمويّة الخماسيّة وأن تعتمد على كفاءاتها الوطنيّة في وضع هذه الاستراتيجيات والنصوص بما يراعي مصالحها العليا وأولوياتها التنمويّة.

واعتبارا لأهميّة هذه المحاور سنعود إليها لاحقا وسنحاول تقديم بعض المقترحات حول الخطوط العامّة لهذه الاستراتيجيّة الاقتصاديّة الجديدة المنشودة التي يفترض أن تعتمد أساسا على دفع الإستثمارات الداخلية و إعادة بناء المنظومة الإنتاجية و الصناعية الوطنية بالدرجة الأولى وذلك بالاستئناس بالتجربة التنمويّة الناجحة للبلدان الصاعدة.