وتمحور الجدال حول هذا الفصل في عدد من النقاط، أهمّها: ترشّح المتحزّبين لعضوية المحكمة، ترشّح أعضاء المجلس الدستوري السابق، ترشّح أعضاء الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين، جنسيّة المترشّحين.
جدال حول ترشّح المتحزّبين
بدأ الخلاف بداية هذا الأسبوع بعد أن طالب حزبيْ نداء تونس والنهضة بحذف شرط عدم الانتماء الحزبي منذ عشر سنوات للمترشّحين لعضوية الهيئة. وهو الشرط الذي أقرّته لجنة التشريع العام «بأغلبية أعضائها الحاضرين»، كما ورد في تقريرها المعروض على الجلسة العامّة. وقد قدّمت كتلة نداء تونس في نفس السياق مقترحًا بوجوبيّة أن يستقيل المترشّح من حزبه قبل ترشّحه للمحكمة. إلاّ أنّ كِلا المقترحين جوبها برفض المعارضة (الجبهة الشعبية، التيار الديمقراطي، المؤتمر من أجل الجمهورية وحركة الشعب) واحتجاجها، الذي وصل إلى حدّ انسحابها من الجلسة العامّة الصباحية ليوم أمس وإصدارها بيانًا مشتركًا ندّدت فيه بـ«الانقلاب على ما تمّ الاتفاق عليه داخل لجنة التشريع العامّ». وهو ما دفع محمّد الناصر، رئيس المجلس، إلى رفع الجلسة العامّة داعيا لجنة التوافقات للاجتماع مجدّدا.
وقد نجحت اللجنة في التوصّل إلى اتّفاق أقنع جُلّ الكتل، باستثناء نوّاب التيّار الديمقراطي. وتقضي الصيغة الجديدة بأن يُسمح بالترشّح لمن لم يتحمّل “مسؤولية حزبية مركزية أو جهوية أو محلّية، أو كان مرشّح حزب أو ائتلاف [في] انتخابات رئاسية أو تشريعية أو محلّية طيلة عشر سنوات قبل تعيينه”. وهو ما سيفتح الباب للمنخرطين والناشطين القاعديين أو القريبين من الأحزاب. وصوّت 125 نائبًا لصالح هذا التعديل، فيما رفضه 4 واحتفظ 4 آخرون بأصواتهم.
جدال حول ترشّح أعضاء المجلس الدستوري السابق
ثار “جدل واسع” داخل لجنة التشريع العامّ، وخارجها، إثر سماحها لأعضاء المجلس الدستوري في عهد بن علي، بالترشّح لعضوية المحكمة. إذ أخذت اللجنة بالرأي القائل بأنّ هذا المجلس «كان استشاريًا لدى رئيس الجمهورية ولا يملك أيّ سلطة قرار، كما أنّه لا يمكن أن نضع في قانون المحكمة الدستورية أيّ شروط إقصائية». على العكس من ذلك يرى نواب آخرون أنّ المجلس الدستوري السابق يتحمّل جزءًا من المسؤولية عن جرائم النظام السابق لأنّه «لم يكن حاميًا حقيقيا للدستور وسمح بانتهاكه أكثر من مرّة».
ورغم إصرار نوّاب التيّار الديمقراطي، تحديدًا النائبة سامية عبّو، في الجلسة العامّة المسائية على تضمين الفصل 7 تعديلاً ينصّ على “منع أعضاء المجلس الدستوري السابق ومن تجاوز سنّهم الخامسة وستّين” من الترشّح لعضوية المحكمة، فإنّ الأغلبية صوّتت ضدّه (115)، ولم ينل تأييد سوى 11 عضوًا، فيما احتفظ 15 آخرون بأصواتهم.
جدال حول ترشّح أعضاء الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين
وممّا لفت الانتباه هو عدم محافظة لجنة التشريع العامّ على نفس منطق «عدم وضع شروط اقصائيّة» لعضوية المحكمة عند بتّها في مسألة ترشيح أعضاء الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين. وهي الهيئة التي خوّلت لها الأحكام الانتقالية بالبتّ في الطعون في مشاريع القوانين في انتظار إنشاء المحكمة الدستورية، وقد تميّزت برفضها أكثر من مشروع قانون منذ إنشائها، ممّا جعلها عرضة لانتقادات من قبل لجنة التشريع العامّ وبعض النوّاب.
وحاولت كتلة حركة آفاق تصحيح هذا التمييز، عبر اقتراحها التراجع عن المنع الذي ذهبت إليه لجنة التشريع العامّ. بالمقابل، دافع نوّاب آخرون عن الإبقاء على المنع، متعلّلين بأنّ القانون الأساسي الُمحدِث للهيئة الوقتية ينصّ على منع أعضائها من الترشّح للمحكمة الدستورية.
إلاّ أنّ المفاجأة كانت أنّ جزءًا هامًا من المصوّتين في الجلسة العامّة المسائيّة لم يلتزموا بحذف شرط المنع بعد أن أقرّت لجنة التوافقات مقترح كتلة حركة آفاق. خلق هذا الأمر توتّرًا داخل كتلة حركة آفاق، وبين بعض أعضائها وأعضاء من كتلة نداء تونس. وصرّحت النائبة ريم محجوب، رئيسة كتلة حركة آفاق، لنواة بأنّ كتلتها تعتزم إعادة إثارة هذه المسألة في لجنة التوافقات والمطالبة بإعادة التصويت عليها.
جدال حول شرط الجنسية
شهدت الجلسة العامّة المسائيّة، وقبلها أشغال لجنة التشريع العامّ، جدالاً آخر تعلّق بشرط الجنسية لدى المترشّحين لعضوية المحكمة. إذ نصّ المشروع الأصلي على أن يكون المترشّح حاملا للجنسية التونسيّة، دون تفصيل. لكنّ نوّاب التيار الديمقراطي والمؤتمر من أجل الجمهورية طالبوا برفض ترشحات ذوي الجنسية المزدوجة، وكذلك من تجنّس، بغير رابطة الدم، منذ أقلّ من خمس سنوات. وحاجَج أصحاب الرأي المعارض بأنّ الحصول على الجنسية التونسية صعب أصلاً، وأنّ الدولة موقّعة على معاهدات تمنع هذا النوع من “التمييز” بين المواطنين الحاملين لنفس الجنسيّة. وقد صوّت أغلبية النواب لصالح الإبقاء على الصيغة الأصلية.
وانتهت الجلسة العامّة حوالي الخامسة مساءً بالمصادقة على الصيغة المعدّلة، والنهائية، للفصل السابع ، بأغلبية 125 نائبًا، مقابل رفض 4 واحتفاظ 5 بأصواتهم.
iThere are no comments
Add yours