أولى ردود الأفعال على مطالب المضربين صدرت عن لجنة متابعة أوضاع لاجئي الشوشة -المتكونة من المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان وأطباء العالم وميرسي كوربس- من خلال التوجه برسالة إلى الرأي العام، عبرت فيها عن قلقها “إزاء الظروف التي يتواجد فيها حاليا المهاجرون الذين وقع اخلاؤهم بالقوة من مخيم الشوشة منذ شهرين وتحديدا يوم 19 جوان 2017“.

وتشير الرسالة المذكورة إلى وضعية المهاجرين الذين يعانون من عدم الحصول على الخدمات الأساسية وخاصة الصحية، إذ ورد فيها “منذ أن تحملت المنظمة الدولية للهجرة والهلال الأحمر التونسي مسؤولية التكفل بـ35 شخصا…فان وضعيتهم لم تتغير بل ان العديد منهم أقر بأنهم لم يتمكنوا من عيادة الطبيب منذ عدة أسابيع في حين ان وضعيتهم تتطلب متابعة مستمرة“.

 

 

أوضاع صعبة منذ تركيز المخيم

تم تركيز مخيم الشوشة في 24 فيفري 2011 بقرار من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، على بعد 7 كيلومترات من معبر رأس جدير الحدودي بين تونس وليبيا. وتتسع طاقة استيعابه لحوالي 150 ألف لاجئ، وصل عددهم في مارس 2011 إلى 151 ألف، أغلبهم من أفريقيا جنوب الصحراء. ولم تمر سنة على بعث المخيم إلا وبدأت مؤشرات سوء الوضعية في الظهور، خاصة بعد زيارة وزيرة المرأة السابقة سهام بادي للمخيم في ماي 2012 وإقرارها بصعوبة الحالة التي يعيشها اللاجؤون خاصة الأطفال منهم، كما أعلنت آنذاك حملة لإقناعهم بالعودة إلى بلدانهم.

إضافة إلى هذا عانى مخيم الشوشة من أزمة انقطاع المياه الصالحة للشراب لمدة شهر في 9 جويلية 2013، كما نشب حريق في مطعم المخيم في نفس الشهر، وفي الأثناء تأجج غضب عدد من الأرتريين المسيحيين احتجاجا على العنصرية الدينية ضدهم في فيفري 2013. ومع وصول سنة 2017، قررت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين غلق المخيم وإحالة تنفيذ القرار إلى السلطات التونسية التي أغلقته يوم 19 جوان الماضي.

قلق في صفوف المجتمع المدني

قامت لجنة متابعة أوضاع لاجئي الشوشة –المشار إليها سابقا- بمراسلة الحكومة التونسية والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة من أجل حثهم على تسوية هذا الملف. في هذا السياق صرح رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان جمال مسلم لموقع نواة قائلا “إن الرابطة تستعد لزيارة مكان إقامة اللاجئين بدار الشباب بالمرسى وسوف يتضمن وفد الزيارة طبيبا لتفقد الحالة الصحية للمجموعة بعد أن مُنعوا من زيارة الطبيب منذ أسابيع“. وأضاف مسلم “سوف نتحقق من تطابق مكان إقامة اللاجئين مع المعايير الدولية ونطمئن على الوضع ميدانيا، وستكون الغاية من هذه الزيارة لفت انتباه للحكومة التونسية والمنظمات الدولية المعنية من أجل التدخل العاجل وإيجاد حلول جذرية للاجئين“.

في سياق متصل، قال المسؤول عن الاتصال في المنتدى التونسي للحقوق الإقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر لموقع نواة “إن الحكومة التونسية تتحمل جزءا من المسؤولية وليس كلها، وهذا الجزء يتعلق بالوضع اليومي للاجئين بما فيه الحفاظ على صحتهم وحمايتهم وضمان المستوى الإنساني للعيش في ظروف تحفظ كرامتهم، لكن على المنظمات الدولية والمجتمع المدني وحكومات الدول التي قادت الحرب في ليبيا أن تتحمل مسؤوليتها أيضا وأن تتدخل لإيجاد حلول“.

ويطالب المضربون عن الطعام بتمكينهم من تأشيرات دخول لدول أوروبية وكندا والولايات المتحدة أين سيتقدمون بمطالب لجوء اجتماعي واقتصادي في تلك الدول. وقد سبق أن أعادت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين توطين 3900 لاجئ بين 2011 و2017، تم توزيعهم بين دول من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية وكندا، وتشير إحصائيات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين إلى أنه تم توطين 2900 لاجئ سنة 2012 في نفس الدول المذكورة.

من جهتها أوضحت رئيسة مكتب منظمة الهجرة الدولية بتونس لورينا لاندو لموقع نواة أن “منظمة الهجرة الدولية تراقب الوضع عن كثب وقد نسقت جهودها مع المنظمات المعنية كالهلال الأحمر التونسي الذي يعنى بالمسائل الطبية والصحية، كما تهتم بوضعية المهاجرين اليومية من مأكل وملبس ورعاية عامة“. وقد أضافت لاندو مفسرة وضعية المهاجرين “إنهم متكونون من 35 فردا، فيهم ثلاثة فقط يحملون صفة لاجئ و32 آخرين تقدموا بمطالب لجوء، ويسعى جميعهم للحصول على لجوء في دول أوروبا وأمريكا الشمالية، وأغلب جنسياتهم من ساحل العاج والسينغال وليبيريا و نيجيريا“.

تظل إشكالية المهاجرين في تونس ممن بقوا دون ملجأ بعد غلق مخيم الشوشة عالقة لدى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين باعتبارها الجهة الأممية الرئيسية القادرة على تقييم الملفات وإعطاء اللجوء من عدمه. يأتي هذا في ظل صمت الإدارة التونسية إلى حد الآن فقد اكتفت فقط بالسماح للمهاجرين بالسكن في دار الشباب بالمرسى.