“تقرا ولا ما تقراش.. المستقبل ما ثماش”، أي سواء درست أم لم تدرس فليس ثمة مستقبل أو وظيفة مضمونة لك، كان هذا هو الشعار الانتخابي الذي تبنته معظم القوائم المتنافسة في انتخابات المجالس العلمية (الطلابية) بالجامعات التونسية، انعكاسًا لمشكلة البطالة المستفحلة في المجتمع التونسي.

وفي حديث مع “إسلام أون لاين.نت” الإثنين 19-12-2005، قال محمد الفوراتي الصحفي التونسي: “إن برامج القوائم المتنافسة في انتخابات المجالس العلمية التي شهدتها الجامعات التونسية الأسبوع الماضي تمحورت حول 3 قضايا، “جاء في مقدمتها بطالة أصحاب الشهادات بعد التخرج، يليها إصلاح مناهج التعليم بما يحقق مصالح الطلبة، وفي النهاية جاءت المطالب السياسية المتمثلة في حرية الصحافة والتعبير وحق التظاهر وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، ومن هنا جاء رفع شعار “تقرا ولا ما تقراش”.

وتقدر رسميًّا نسبة البطالة في تونس بحوالي 16% من إجمالي قوة العمل، في حين تقدرها مصادر مستقلة بما يناهز 25%. وترجع هذه المصادر المستقلة ارتفاع معدلات البطالة في الأعوام الأخيرة إلى أنها لم تَعُد تشمل بشكل أساسي الشباب حديثي التخرج فقط، بل أيضًا عشرات الآلاف من الكهول المطرودين من العمل (ما بين 10 آلاف و13 ألفا سنويًّا منذ عام 86/87) نتيجة تنفيذ برنامج الخصخصة وما ينتج عنه من تسريح آلاف العمال.

غير أن أوساطا طلابية ترجع تفاقم الظاهرة بين صفوف الشباب حديثي التخرج إلى ما تطلق عليه بـ”الحواجز الإسمنتية” التي تقيمها السلطات بحيث لا ينفذ منها إلى سوق الشغل إلا من هم “أصحاب الأكتاف” (الواسطة) الذين يشكلون أقلية، وهو ما يفسر أن الجامعة التونسية أصبح يطلق عليها “مؤسسة تخريج العاطلين عن العمل”، على سبيل التهكم بين الطلبة.

عزوف عن الدراسة

لطفي حجي نقيب الصحفيين التونسيين صرح من جانبه لـ”إسلام أون لاين.نت” بأن “بطالة أصحاب الشهادات أصبحت أمرًا يؤرق المجتمع التونسي والحاصلين على الأستاذية (الليسانس) قد بلغ عددهم قبل سنتين حوالي 40 ألفًا توظف الحكومة منهم حوالي 3000 كل سنة ليبقى في البطالة بشكل دائم حوالي 37 ألفًا”.

ويواكب هذه الظاهرة عزوف الطلبة والتلاميذ عن الدراسة مما يعكس اقتناعهم بعدم جدواها، وتظهر ذلك إحصائية لوزارة التعليم التونسية أفادت أن تغيب التلاميذ الذكور عن الحصص المدرسية تجاوز في العام الدراسي الماضي (2004 -2005) الـ3 ملايين ساعة قابلها ارتفاع نسبة الطالبات في الجامعة إلى 56%، مما يعكس، بحسب خبراء تربويين، إحباط الذكور وتبنيهم شعار: “تقرا وإلا ما تقراش.. المستقبل ما ثماش”.

وبالتوازي مع هذا الشعار، ابتكر الشباب المحبط مصطلحات في السياق نفسه غزت الشارع التونسي في السنوات القليلة الماضية كمصطلح الحرقان، وهو مصطلح يعني الهجرة بطريق غير قانونية والوصول إلى ضفاف المتوسط الشمالية إلى أحد البلاد الأوربية، حيث يحلم الشاب بمستقبل زاهر.

وبحسب معطيات رسمية، فقد لقي أكثر من 35 شابًّا تونسيًّا حتفهم غرقًا الصيف الماضي إثر محاولتهم الوصول لشواطئ أوربا عبر ما يُسمى بـ”قوارب الموت” فيما تعالت أصوات دول شمال المتوسط بالتحذير لدول المغرب العربي تطالبها بمنع هؤلاء المهاجرين.

وأسفرت نتائج الانتخابات الطلابية التونسية -ولأول مرة منذ أحداث 1991 التي شهدت مواجهة حاسمة مع حركة النهضة الإسلامية بتونس- عن فوز قائمة المستقلين بـ12 مقعدًا وهي القائمة المقربة من الإسلاميين. وحقق طلبة التجمع الدستوري (الحزب الحاكم) نجاحًا كبيرًا، حيث حصدوا 85% من مقاعد الطلبة بعدد يفوق الـ465 مقعدًا يليهم طلبة الاتحاد العام لطلبة تونس (مقرب من اليسار) بـ67 مقعدًا.

أحد الناشطين النقابيين من الطلبة طلب عدم ذكر اسمه قال لـ”إسلام أون لاين.نت” بأن النسبة الكبيرة التي حصل عليها طلبة التجمع لا تعكس حضورهم بالجامعة وإنما كان سببها ما أسماه بـ”التقسيم السيئ لمقاعد الجامعات والذي بموجبه وقعت المساواة في نسبة المقاعد بين الجامعات الكبرى والمعاهد الصغرى التي لا يوجد فيها أعداد كبيرة من الطلبة”.

المصدر موقع إسلام أون لاين