محمد عبو

لدى انعقاده يوم 23 مارس 2020، صادق مجلس الوزراء بإشراف رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ على جملة من القرارات من بينها مشروع أمر حكومي متعلّق بحذف وزارة الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة والسياسات العموميّة. ويُعتبر إحداث الوزارات وحذفها من صميم اختصاص رئيس الحكومة على معنى الفصل 92 من الدّستور.

إلا أنّ حذف وزارة بعد شهر من نيل الحكومة ثقة البرلمان وفي هذا الوقت الّذي تواجه فيه البلاد وباء كورونا، أضفى على الأمر فيه لُبسا لدى بعض المتابعين، خاصّة وأنّ القرار الصادر عن رئاسة الحكومة يتعلّق بحذف الوزارة، في حين أنّ الخطّة المُسندة في حكومة إلياس الفخفاخ ليست حقيبة وزاريّة وإنّما خطّة ”وزير دولة“ أُسندت لمحمّد عبّو القيادي بحزب التيّار الديمقراطي. وتُعدّ مكافحة الفساد من أهمّ المبادئ الّتي يقوم عليها هذا الحزب والتي بنى على أساسها حملته الانتخابيّة، حيث تمكّن بفضل شعار مكافحة الفساد من الحصول على 22 مقعدا في البرلمان في الانتخابات التشريعيّة وتكوين ثاني أكبر كُتلة نيابيّة بـ41 نائبا.

التيار الديمقراطي ومكافحة الفساد

تولّى محمّد عبّو في حكومة حمادي الجبالي منصب وزير لدى رئيس الحكومة مكلّف بالإصلاح الإداري عندما كان أمينا عامّا للمؤتمر من أجل الجمهوريّة، ولكن سرعان ما استقال من منصبه يوم 30 جوان 2012 بسبب محدوديّة الصلاحيات الموكولة له. وفي تصريح له على إذاعة اكسبراس أف أم في أفريل 2019، وضّح عبّو أنّ غياب جهاز صلب الوزارة يُمكّن من تفعيل دورها الرّقابي على البنوك العموميّة والديوانة والثروات الطبيعيّة سيحدّ حتما من نجاعتها.

ومنذ تكليف الحبيب الجملي بتشكيل الحكومة في 15 نوفمبر 2019، راهن حزب التيار الديمقراطي على حقيبة وزاريّة تهمّ الإصلاح الإداري يتمكّن بواسطتها من تجسيد برنامجه الانتخابي القائم أساسا على مكافحة الفساد وتكريس الشفافية. وانسحب التيار الديمقراطي من مفاوضات تشكيل الحكومة في 22 ديسمبر 2019 بالنظر إلى ”عدم ارتقاء التصور العامّ للحكومة إلى مستوى التحدّيات المطروحة“ وفق ما جاء في بيان الحزب، حيث لم تتمّ الاستجابة إلى مطلب الحزب بتمكينه من حقائب الإصلاح الإداري والعدل والداخليّة، بالإضافة إلى شبهات الفساد الّتي تحوم حول بعض الوزراء المُقتَرحين في الحكومة. ويبدو أنّ المذكّرة التعاقديّة لحكومة إلياس الفخفاخ التي نصّت على علويّة القانون وحياد الإدارة بالإضافة إلى التمشّي الّذي انتهجه الفخفاخ في البداية من خلال تحديد مسار المفاوضات كانا كفيلَيْن ببعث رسائل طمأنة إلى التيار الديمقراطي الّذي شارك في الحكومة من خلال ثلاث حقائب وزارية، هي خطة وزير دولة مكلف بالوظيفة العمومية التي أُسندت إلى محمّد عبّو ووزارة أملاك الدّولة التي كانت من نصيب غازي الشواشي ووزارة التربية التي عُيِّن على رأسها محمّد الحامدي.

إجراءات حذف وزارة الوظيفة العمومية

لدى تدخّله على موزاييك أف أم يوم 31 مارس 2020، وضح محمّد عبّو وزير الدّولة المكلف بالوظيفة العمومية أنّ هيكلة الحكومة الحاليّة لا تتضمّن حقيبة وزاريّة خاصّة بالوظيفة العموميّة، وإنّما خطّة وزير دولة مكلّف بالوظيفة العمومية والحوكمة ومكافحة الفساد. وأضاف أنّ الوزارة التي تمّ حذفها طبقا لقرار المجلس الوزاري هي وزارة ”الوظيفة العموميّة وتحديث الإدارة والسياسات العموميّة“ الّتي تمّ إحداثها في نوفمبر 2018 بمقتضى الأمر الحكومي عدد 972 لسنة 2018، والّتي تمّ تعيين كمال مُرجان على رأسها. وطبقا للإجراءات المعمول بها، يتمّ إلحاق ميزانيّة الوزارة ومصالحها برئاسة الحكومة.

وأكّد عبّو أنّه طبقا لمذكّرة داخليّة سيتمّ إلحاق هذه المصالح وغيرها بخطّة ”وزير دولة لدى رئيس الحكومة المكلّف بالوظيفة العمومية والحوكمة ومكافحة الفساد“. وذكر أنّ مشروع الأمر الحكومي المتعلّق بصلاحيات وزير الدّولة مازال تحت أنظار المحكمة الإداريّة لمزيد الفحص والتدقيق في انتظار عرضه على مجلس الوزراء للمصادقة عليه ودخوله حيّز النفاذ.

ومن بين المصالح الّتي كانت راجعة بالنّظر إلى رئاسة الحكومة وتمّ إلحاقها بوزارة الوظيفة العمومية نجد الهيئة العامّة للوظيفة العمومية وهيئة الرقابة العامّة للمصالح العمومية والهيئة العامة لمراقبة المصاريف العمومية، وغيرها من الهياكل ذات الصّلة بالتصرّف في المال العامّ وحوكمة موارد الدّولة.

أُحدثت أوّل خطّة وزاريّة تُعنى بالوظيفة العموميّة في حكومة حبيب الصّيد، حيث تمّ تعيين كمال العيادي وزيرا للوظيفة العمومية طبقا للأمر الحكومي عدد 271 لسنة 2016 المتعلّق بإحداث وزارة الوظيفة العمومية والحوكمة ومكافحة الفساد وإلحاق هياكل بها. ثمّ تولّى عبيد البريكي في حكومة يوسف الشاهد هذه الحقيبة بتاريخ 27 أوت 2016 إلى حين إلغائها في 2 مارس 2017 ”دون عرضها على مجلس وزاري“ وفق ما ذكره البريكي. ومن أهمّ الإنجازات الّتي تُحسب لوزارة الوظيفة العموميّة هي استكمال مناقشة مشروع القانون المتعلّق بحماية المبلّغين عن الفساد. وفي 12 نوفمبر 2018 في ظلّ تفاقم الأزمة بين نداء تونس وحكومة يوسف الشاهد، تمّ إجراء تحوير وزاري عُيّن خلاله كمال مُرجان وزيرا للوظيفة العمومية وتحديث الإدارة والسياسات العمومية بمقتضى الأمر الحكومي عدد 972 لسنة 2018.