تعيش تونس ظروفا اقتصادية واجتماعية صعبة، زاد في تعميقها التخبّط السياسي وتعثر الانتقال الديمقراطي (فشل الحكومات المتعاقبة، الأزمات السياسية، عدم استكمال الهيئات الدستورية، تأجيل الانتخابات البلدية) ممّا ألقى بظلاله على توازن المجتمع ودينامية مكوناته، حيث انحسرت الطبقة الوسطى “مفخرة دولة الإستقلال” مقابل توسّع قاعدة الهرم، ممّا يؤكّد ارتفاع نسب الفقر والفقر المدقع ونسبة البطالة وآليات التشغيل الهشّ ونسب الهجرة المرتفعة وصعود فئات جديدة من الأثرياء الجدد المستفيدين من ضعف الدولة وانهيارها أحيانا ومن طفرة الاقتصاد الموازي والتهريب والمُضاربة ممّا خلق وضعا اجتماعيا متّسما بالتوتر والضبابية وانعدام الآفاق.
محرقة الكاباس 2017: عندما يدفع الأساتذة الناجحون ضريبة املاءات صندوق النقد الدولي
أعتقد أن ملف الناجحين في الكاباس في دورتها الحالية سنة 2017 يندرج في سياق عام يرتبط بنقطتين أساسيتين وهما الاصلاح التربوي وسوق الشغل. هذا الملف صَاحَبه في بداياته تعتيم اعلامي لا نعتقد أنه كان بريئا وهو ما أقرّ به أحد الصحفيين المشتغلين بإحدى القنوات التي تسدد أجور موظفيها من أموال دافعي الضرائب وأقصد هنا التلفزة الوطنية التي مازالت مقيدة نوعا ما بسياسة التعليمات، كذلك ما جوبهنا به من صد لدى المسؤولين في وزارة التربية التي تنصلت بصفة جلية من مسؤولياتها وقَابلت من هم منتمون إليها (الأساتذة الناجحون في كاباس 2017) ببيان صادم حين نعتتهم بالمتجمهرين وكأنهم جسم دخيل عليها، وذلك رغم أننا اجتزنا مناظرة وطنية هي نسخة مطابقة للأصل من سابقاتها من الناحية العملية والاجرائية الصرفة.