أعلن والي تطاوين محسن بن علي انعقاد مجلس وزاري يوم الإربعاء 29 مارس لاستبدال تسمية بلدية شنني الدويرات بتطاوين الجنوبية، الأمر الذي أثار حفيظة متساكني كلّ من عمادة شنني والدويرات ودفعهم للاعتصام للمطالبة بالإبقاء على التسمية الأولى. وقد أطلق أوّل التحركات الاحتجاجية أهالي ولاد دباب وبئر الثلاثين وبني بركة والمسرب الذين عبّروا عن استنكارهم طوال الفترة الماضية من تسمية البلدية شنني الدويرات نسبة للعمادتين. وفي جلسة مع والي الجهة يوم الاثنين 27 مارس ندّدوا بمواصلة سياسة التهميش والإقصاء وعدم التزام السلطة التنفيذية المركزية بمبدأ التمييز الإيجابي. في المقابل عبّر أهالي شنني والدويرات عن تقيّدهم بالأمر الحكومي، مضيفين أنّ إحداث البلدية وتسميتها يعتبر استحقاقا لا يجوز التفريط فيه في هذه المرحلة، وأنّ قرار الوالي “ينمّ عن عدم توازن الثقة بين المناطق المعنيّة وتهاون مع القانون ومبدأ العدالة والمساواة بين الجميع”.

كما أنّ تغيير مقرّ البلدية في حدّ ذاته يطرح إشكالا بين مختلف الأطراف المنادية بحقّها في القرب وهو مبدأ أساسي يضاف إلى مبدأ التمييز الإيجابي وتعميم التغطية الحضرية الذي تلتزم به الدولة. وقد تمّ إحداث البلدية التي تجمع 7 عمادات وهي شنني الجديدة وشنني والدويرات والمسرب وراس الوادي وبئر الثلاثين وبني بركة-تونكت وفق أمر حكومي عدد 601 لسنة 2016 مؤرّخ في 26 ماي 2016 وتضمّ 7543 ساكن على مساحة 1863.88 كلم2.

لم يتمّ الانتهاء بعد من ضبط مختلف الحدود البلدية ونشرها رغم إعلان الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات اليوم الإثنين 3 ٱفريل عن 17 ديسمبر كموعد نهائي لإجراء الانتخابات البلدية. وساهمت تشكيات المتساكنين في تعطيل الانتهاء من تجسيم التقسيم الترابي والاستمرار في إحداث تغييرات متفرّقة عليه. ولذلك فإنّ إدماج المواطنين في عملية التغطية الحضرية لا يقف عند إحداث البلديات ورسم حدودها، بل نتحدّث اليوم عن تقسيم انتخابي لامركزي يخضع بالضرورة لمؤشّرات تنموية وديمغرافية وثقافية لم يشملها التقسيم الأخير بالاعتبار. هذا وتحتاج عملية التقسيم الترابي متّسعا من الوقت لتقريب الهياكل المحليّة من المواطنين وتشريكهم في القرار لضمان مشاركتهم السياسية ضمن الدوائر الانتخابية البلدية التي ينتمون إليها.

وقد أكّدت الهيئة العليا للانتخابات ضرورة التنسيق بين مختلف الوزارات: الداخلية والشؤون المحلية والمالية والتجهيز والإسكان والتهئية الترابية، والهياكل المعنية بالتقسيم الترابي: ديوان قيس الأراض ورسم الخرائط والمركز الوطني للاستشعار عن بعد، ثمّ تمكين الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات وكذلك محاكم القضاء الإداري من التقسيم النهائي. كما أوضح نبيل بفون، عضو الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات، في تصريح لنواة أنّه “من الممكن أن نواجه في هذا الحيّز الضيّق من الوقت بعض المشاكل في تحديد العناوين وبالتالي قد نجد صعوبة في توجيه الناخبين نحو دوائرهم الانتخابية” مضيفا “لقد أكّدنا سابقا على ضرورة الانتهاء من التقسيم الترابي قبل مدّة زمنية معقولة وذلك قصد الشروع في إعلام وتحسيس المواطنين بانتماءاتهم بصورة واضحة”. وإجابة على السؤال حول سبل التعاطي مع هذا التأخير، صرّح محدّثنا: “سنباشر من خلال لجان عمل مشتركة مع الحكومة بتفعيل التقسيم الترابي وإعلام المواطنين به وتحسيسهم قبل الانتخابات” دون أن يوضّح كيف ستعمل هذه اللجان في ترسيخ حسّ الانتماء بـ350 بلدية والحرص على مشاركة في الانتخابات البلدية رغم الأرقام التي لدى الهيئة حول عزوف المواطنين عن التصويت في انتخابات 2014.

ويبقى الحياد رهانا مفتوحا مع الإعلان عن موعد الانتخابات دون الانتهاء من تقسيم الدوائر الانتخابية البلدية. فقد شرعت الأحزاب الكبرى سلفا في تركيز قواعدها ضمن سباق العدّ التنازلي للانتخابات البلدية، ويعزّز عدم الانتهاء من تجسيم التقسيم الترابي والشروع في تنظيم الانتخابات حظوظ هذه الأحزاب كما يسمح باستباق النتائج على ضوء الخارطة السياسية.